آلاف المتظاهرين في الجزائر في الذكرى الأولى لانطلاق الحراك
٢٢ فبراير ٢٠٢٠
تجمع آلاف الأشخاص في قلب العاصمة الجزائرية السبت في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق الحراك الشعبي غير المسبوق الذي يهز البلاد، كما خرجت تظاهرات مماثلة في مدن أخرى بمناطق مختلفة في الجزائر دون تسجيل تجاوزات تذكر.
إعلان
هتف آلاف المتظاهرين في الجزائر العاصمة اليوم (السبت 22 شباط/ فبراير 2020) وهم متجمعون أمام الجامعة المركزية المحاذية لساحة البريد المركزي "الشعب يريد إسقاط النظام" من غير أن تتدخل الشرطة.
وتم نشر قوات من الشرطة في محيط البريد المركزي الذي تحوّل إلى رمز لتجمعات الحراك في انتشار شبيه بالذي يواكب أيام الجمعة حين تجري التظاهرات الأسبوعية المستمرة منذ سنة في العاصمة.
وكتب على لافتة عريضة "لا للسلطة العسكرية، دولة مدنية لا عسكرية"، تنديدا بهيمنة القيادة العسكرية على السلطة المدنية منذ استقلال البلاد عام 1962.
وحسب وكالة الأنباء الألمانية فقد راح المتظاهرون يرددون الشعارات التقليدية التي باتت معروفة والتي أضيف لها الشعار الجديد "لم نأت لنحتفل بل لترحلوا"، ردا على قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بإعلان 22 شباط/ فبراير " يوما وطنيا للتلاحم بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية".
وبساحة الوئام الوطني (أول مايو سابقا)، لم تظهر علامات وجود تظاهرة للحراك باستثناء آليات مكافحة الشغب التابعة للشرطة والعشرات من أفرادها، وخرجت تظاهرات مماثلة في مدن أخرى بمناطق مختلفة في الجزائر دون تسجيل تجاوزات تذكر.
وعشية الذكرى، خرج الجزائريون الجمعة في مسيرات حاشدة في العاصمة والعديد من المدن، في رد كاسح على تصريحات أخيرة للرئيس عبد المجيد تبون المنتخب في كانون الأول/ديسمبر قال فيها "في الشارع بدأت الأمور تهدأ".
وبدأ الحراك الجزائري قبل عام، عندما خرج آلاف الجزائريين الذين كانوا يعدون غير مسيسين ومستسلمين للأمر الواقع، يوم الجمعة في 22 شباط/فبراير 2019 في مسيرات حاشدة، ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي كان مشلولا وعاجزا عن الكلام، لولاية خامسة.
وبعد أقل من ستة أسابيع من الاحتجاجات والمسيرات الأسبوعية، دفعت الأعداد المتزايدة قيادة الجيش، عماد النظام، إلى مطالبة بوتفليقة بالاستقالة وهو ما حصل في 2 نيسان/أبريل.
لكن الحراك المطالب بتغيير كامل للنظام ويرفض أن تتولى السلطات الحالية العملية، لم يتمكن من منع انتخاب عبد المجيد تبون الذي كان مقربا من بوتفليقة في كانون الأول/ديسمبر في اقتراع شهد مقاطعة قياسية زادت عن 60% من الناخبين.
م.م/ ص.ش (أ ف ب، د ب أ)
عام على حراك الجزائر.. مطالب تحققت وأخرى على قائمة الانتظار
منذ انطلاقه في 2019، بقي الحراك الشعبي في الجزائر في حالة مد وجزر. ورغم نجاحه في دفع عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة وتسببه في سجن عدد من كبار المسؤولين بتهمة الفساد، يواصل المحتجون حراكهم المستمر منذ عام.
صورة من: Reuters/R. Boudina
أول المطالب "لا للعهدة الخامسة"
كان لإعلان ترشح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وقع الصدمة في الجزائر، ما خلق حالة غليان، بدأ على مواقع التواصل الاجتماعي ثم انتقل إلى احتجاجات ميدانية عارمة. الاحتجاجات التي انطلقت منذ 22 شباط/ فبراير2019 عمت معظم مدن الجزائر للمطالبة في بادي الأمر بعدم ترشح الرئيس بوتفليقة. وعبر المتظاهرون عن رفضهم من خلال ترديد شعارات مختلفة، أبرزها "لا للعهدة الخامسة".
صورة من: Getty Images/R. Kramdi
تأجيل الانتخابات الرئاسية
مع تواصل الاحتجاجات أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 11 مارس/ آذار 2019 تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 18 من أبريل/ نيسان2019، كما أعلن عن عدوله عن الترشح لولاية خامسة ودعا إلى تشكيل حكومة جديدة. لم تثنِ هذه القرارات المتظاهرين عن مواصلة حراكهم ضد بوتفليقة، البالغ من العمر 82 عاماً، والذي يعاني من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها عام 2013، أقعدته على كرسي متحرك منذ أعوام.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Djarboub
إعادة السلطة للشعب
بعد دخول الاحتجاجات أسبوعها السادس، احتشد مئات الآلاف من الجزائرين في مختلف الولايات، في السّاحات الرّئيسية بالبلاد، مطالبين برحيل النّظام الحاكم وتفعيل المادة 07، التي تنص على أن الشّعب هو مصدر كل سلطة. من جهته أعلن رئيس أركان الجيش، أحمد قايد صالح، أن حل الأزمة في البلاد يكمن في تفعيل المادة 102، التي تنص على إعلان شغور منصب الرّئيس.
صورة من: Getty Images/AFP
رفع سفق المطالب
تواصلت الاحتجاجات، التي اتسمت بالسلمية واعتبرت الأكبر منذ تولي عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم عام 1999. لكن بعد أن أعلن بوتفليقة عن تشكيل حكومة جديدة في 31 مارس/ آذار 2019، احتفظ فيها بمنصب وزير الدفاع وتضمنت أسماء أخرى من النظام القديم، أبرزهم نائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح، شهدت العاصمة الجزائرية ومدن أخرى تظاهر الآلافِ من الجزائريين الذي رفعوا سقفَ مطالبِهم إلى "إسقاطِ النظام".
صورة من: AFP/Getty Images/R. Kramdi
بوتفليقة يستسلم لضغط الشارع
لكن استمرار الحراك الشعبي المطالب بإنهاء حكم الرئيس بوتفليقة ورحيل رموز نظامه، وإصرار قائد الجيش على رحيل بوتفليقة، من خلال تطبيق المواد 7 و8 و 102 من الدستور، زاد من تأزيم الوضع في الجزائر. وبعد أن أمضى نحو عشرين عاماً في الحكم، قدم عبد العزيز بوتفليقة استقالته في الثاني من نيسان/ أبريل 2019، مستسلما أمام ضغط الشارع.
صورة من: picture-alliance/K. Mohamed
مواصلة الحراك الشعبي
رغم دفع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى تقديم إستقالته، والتسبب في سجن عدد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال بتهمة الفساد، منهم سعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر لعبد العزيز بوتفليقة، يواصل المحتجون المطالبة بتفكيك النظام ورحيل رموزه. لكن الكثيرين يتساءلون عن الاتجاه الذي ينبغي أن تتخذه الحركة الاحتجاجية منذ انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون وبدء عمل حكومته.
صورة من: Imago Images/Zuma/B. Bensalem
كسب ودً المحتجين
بمجرد انتخابه في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019 في اقتراع رفضه الحراك، وقاطعه غالبية الجزائريين، وعد الرئيس عبد المجيد تبون بتعديل الدستور وشكل لجنة من الخبراء لإعداد مسودة ستعرض للاستفتاء الشعبي. وبدأ الرئيس الذي يحاول كسب ودَ المحتجين مشاورات مع شخصيات سياسية بعضها محسوب على الحراك من أجل الوصول إلى "دستور توافقي". إعداد: إيمان ملوك.