آلاف عمليات ترحيل للاجئين من ألمانيا تفشل بسبب البيروقراطية
٢٩ مارس ٢٠١٨
خمسة وستون ألف شخص لم يُرحلوا في السنة الماضية من ألمانيا، لأنهم لم يكونوا يتوفرون على وثائق سفر. عدم التوفر على جواز سفر، يشكل عقبة رئيسية، لكن كيف تتصرف السلطات في هذه الأحوال وما هو مصير من يتسبب في عرقلة الترحيل؟
إعلان
في عام 2014 حصل جون على رسالة تفيد بأن طلب لجوءه رُفض. والرجل البالغ من العمر اليوم 41 عاما ينحدر من نيجيريا ويعيش الآن منذ ثلاث سنوات في ألمانيا. لكن إدارة شؤون الأجانب تعتزم الآن ترحيل جون. ولكن بما أنه يقول بأن جواز سفره سُرق، فإن هذا لا يحصل، فبدون وثائق سفر ليس هناك عودة من بفاريا العليا إلى نيجيريا. ويقول رجل القانون لوتار بانتسير الذي يقدم المشورة القانونية لجون بأن "رخصة إقامته يتم تمديدها في كل شهر". وأضاف بانتسير:" يجب عليه التوجه في كل شهر إلى الإدارة لتمديد الإقامة".
وجون هو واحد من بين مئات الآلاف من الأجانب الذين يعيشون كطالبي لجوء مرفوضة طلباتهم في ألمانيا. هم لا يتعرضون للترحيل، لأنهم مرضى ولا يوجد طريق آمن في اتجاه بلدانهم الأصلية حيث تسود الحرب أو أنهم بدون هوية، أو كما هي الحال بالنسبة إلى جون لا يتوفرون على جواز سفر أو هوية شخصية.
"الأجوبة نادرة"
وتفيد وزارة الداخلية الألمانية بأنه وجب في السنة الماضية ترحيل 65.000 شخص، لكن تم تمديد إقامتهم(مؤقتا) بسبب عدم توفر الوثائق. وهذا العدد هو ضعف ذلك المسجل في السنة قبلها. وارتفاع العدد يعود جزئيا إلى قدوم العديد من اللاجئين في 2015 و 2016 ، كما يقول إرنست فالتر، رئيس نقابة الشرطة الاتحادية. والشرطة الاتحادية هي المسؤولة عن ترحيل الملزمين بالرحيل. ويقول فالتر في حديث مع DW:" إن هذا له ارتباط بكون الكثيرين يحاولون إخفاء هويتهم لتفادي مواجهة خطر الترحيل، ونحن كإدارة موجودون لضبط الوضع القانوني. فلا يمكن بالطبع أن يحصل الذي يتلف جواز سفره أو يخفي هويته على حق البقاء، فيما يتم إعادة الصادق".
وعليه فإنه من المهم توضيح البلد الأصل والهوية لدى طالبي اللجوء المرفوضين وإصدار جواز، كما يقول فالتر. والشرطة الاتحادية مخولة للقيام بذلك، لأنها تتوفر على اتصال بمؤسسات الشرطة في بلدان أخرى مثل المغرب. إلا أن وثيقة لوزارة الداخلية الألمانية تفيد بأن التعاون مع مؤسسات الشرطة الأجنبية تتم في الغالب في تعثر. ففي الهند يوجد "تعامل بطيء مع طلبات إصدار جوازات بديلة" وفي باكستان هناك "تعثر" وفي لبنان تبقى "الأجوبة على الطلبات جد نادرة".
الضغط من برلين
وتعتزم وزارة الداخليةالألمانية الرفع من مستوى الضغط على الدول التي لا تبدي تعاونا، ومن بين وسائل الضغط يمكن اعتماد "سياسة المساعدة الإنمائية، وقد تكون أيضا سياسة التأشيرات"، كما يقول المتحدث باسم الوزارة يوهانس ديمروت الذي أفاد أن هناك نية لاستنفاد "جميع الإمكانيات في العلاقة الثنائية". وفي نهاية الأمر تكون دول الأصل ملزمة باستقبال رعاياها.
إذن ألمانيا ستقلص المساعدة الإنمائية للدول التي لا تصدر جوازات لمن وجب عليه مغادرة ألمانيا؟ هذه الأفكار لا تجد الترحيب في وزارة التنمية، حيث يُراد التركيز أكثر على حوافز إيجابية، إذ يُراد توظيف مبلغ يصل إلى 500 مليون يورو سنويا لتمويل مواطن عمل وتكوين لصالح العائدين في العراق ونيجيريا وأفغانستان وبلدان أخرى. وبهذا الإجراء يريد وزير التنمية الألماني غيرد مولر إقناع 20.000 إلى 30.000 طالب لجوء سنويا باختيار درب العودة طواعية إلى بلدانهم.
التعاون واجب
ولا يعني أن كل أجنبي لا يتوفر على جواز سفر بأنه قام بإتلاف هذا الأخير. فغالبا ما يقوم المهربون بمصادرة الوثائق الشخصية من اللاجئين، كما يقول كلاوس أولريش برولس، مدير مجلس اللاجئين في كولونيا. كما أنه خوفا من الشرطة والجيش في الوطن يقوم البعض بإتلاف الوثائق في بداية مباشرة رحلة الهرب، مثلا في اريتريا.
ويقول برولس:" بالطبع يجب تقديم الجواز إذا كان الشخص يتوفر عليه لتوضيح الهوية منذ البداية، لكن الجواز لا يكفي لترحيل شخص ما، إذ هناك أسباب أخرى". ويحذر برولس طالبي اللجوء من الإبلاغ عن معلومات خاطئة حول الهوية الشخصية لدى السلطات الألمانية، فهذا قد تكون له انعكاسات سلبية لاحقا إذا اندمج الشخص فيما بعد وأصبح له حق الإقامة. "ثم يأتي الناس في الغالب إلى مؤسسات المشورة ويقولون بأنهم غيروا حرفا في الاسم أو تاريخ ميلادهم. وهذه إشكالية، لأن تحريف الهوية الشخصية في كثير من الحالات يمثل سببا في الاستثناء من حق الإقامة".
وفي حال ضياع جواز السفر، وجب على طالب اللجوء المساعدة في إصدار جواز جديد لتوضيح هويته. وفي حال عدم التزام الشخص بهذا الواجب في التعاون، فبإمكان السلطات أن تلجأ لمصادرة الهاتف النقال وتفتيش السكن أو فرض عقوبات. وفي حال جون صدر أمر جنائي " بسبب النقص في التعاون لإصدار الوثائق". ورغم أنه قدم استئنافا، إلا أن قرار المحكمة الإدارية صدر الأسبوع الماضي، وقضى بدفع 700 يورو غرامة، وهذا مبلغ مالي مرتفع بالنسبة إلى اللاجئ من نيجيريا الذي سبق وأن اتصل بالسفارة النيجيرية وطلب الحصول على جواز سفر جديد.
بيتر هيله/ م.أ.م
تجربة فريدة..تعليم اللاجئين الألمانية في الشارع
ليس من السهل تعلم لغة جديدة. لمعرفة الصعوبات التي يمر بها اللاجئون انضم فريق من تلفزيون الـ "DW" إلى فصل دراسي مُخَصص لطالبي اللجوء. ويجمع هذا الفصل بين تدريس اللغة نظريا وتطبيقا والإطلاع على جوانب الحياة في ألمانيا.
صورة من: DW/M. Hallam
لعل تعلم لغة جديدة والتمكن من أبجديتها يشكلان تحديات أمام طالبي اللجوء لأن أكثرهم بحاجة للمساعدة وبخاصة في المراحل الأولى من وصولهم إلى ألمانيا. إحدى الوسائل المساعدة المتبعة في إحدى المدارس تتمثل في التوجه إلى الشارع سعياً لتعلم اللغة عن طريق الحديث مع الناس.
صورة من: DW/M. Hallam
تهدف الدورات اللغوية الجديدة التي تقيمها مدرسة "ACB" إلى مساعدة القادمين الجدد على الاندماج بالمجتمع الألماني. تُرسل المدرسة طلابها في مهمات للبحث والاستقصاء في محاولة لدفعهم إلى التواصل مع الغرباء باستخدام اللغة الألمانية. المهمة الأولى: "عليهم أن يذهبوا إلى الأسواق والعثور على هذا الكشك ومعرفة أنواع الخضروات والفواكه التي تُباع في الكشك ".
صورة من: DW/M. Hallam
هل تعرف معنى الأناناس باللغة الألمانية؟ لاعذر لمن يجيدون الفرنسية أو الإيطالية، إذا كانت إجاباتهم خاطئة، إلا أن الطلاب الذين يتحدث أغلبيتهم اللغة العربية سيواجهون صعوبة أكثر. ولحسن الحظ فإن أعضاء فريق تلفزيون الـ "DW" كانوا حريصين على تحفيز المشاركين من خلال تسجيل نقاط إضافية للإجابات الصحيحة.
صورة من: DW/M. Hallam
تم تشجيع الطلاب على ترك هواتفهم ومحاولة سؤال الألمان وطلب مساعدتهم لمعرفة الوجهة المُرادة، وكان العثور على أحد المارة الذي يُتقن اللغتين العربية والألمانية من الأمور التي ساعدتهم إلى حد كبير. بسام (الذي يحمل الورقة بيده) أدلى بدلوه أيضا ونطق بعدة جُمَلٍ لم يُفْهَم معناها.
صورة من: DW/M. Hallam
يعتبر مكان ولادة "لودفيغ فان بيتهوفن"من أشهر الأماكن في مدينة "بون" وهو يقع بالقرب من السوق وسط المدينة، وقد تحول المنزل إلى ما يُشبه المتحف الصغير. رضوان وإبنه علي هما بالأصل من مدينة "حلب" ويعملان على إنجاز مهمتهما. تمكنا من العثور على التاريخ السحري لميلاد "بيتهوفن" وهو عام 1770.
صورة من: DW/M. Hallam
كانت نقاط المكافأة تُمْنَح للمجموعات الأسرع بإنجاز عملية البحث وقد أبقى المتنافسون عيونهم على الساعة لمعرفة زمن البحث. إستغرقت عملية البحث قرابة الساعتين قاموا خلالهما بزيارة أماكن يمكن أن يعاودوا زيارتها ثانية. ومن بين الأمور التي طُلِبَ منهم عملها معرفة وتدوين أوقات دوام مكتب رعاية الأجانب.
صورة من: DW/M. Hallam
"إنطلقوا إلى ساحة "فريدينزبلاتس"، تُشير التعليمات للفريق بأن يتوجه إلى ساحة رئيسية أخرى وسط مدينة "بون". ماهي المحطة الأخيرة للحافلة رقم "608"، ومتى ستصل الحافلة التالية؟ تتوقف الحافلة رقم "608" على مقربة من بناء "باولوس هايم" في مدينة "بون" وقد كان البناء سابقا مخصصاً للمسنين، غير أنه تحول الآن ليصبح مكاناً لإقامة اللاجئين.
صورة من: DW/M. Hallam
المحطة التالية هي مكتبة المدينة،حيث بإمكان الطلاب العثورعلى كتب باللغات العربية والفارسية والكردية كما بإمكانهم الإستفسار عن الإجراءات المطلوبة لإستعارة الكتب. وعند الدخول إلى المكتبة لفت إنتباه مراسلنا وجود مدرس الفصل الذي كان يمضي استراحته مع الطلاب، حيث كان أحد المشاركين يستعرض بفخر صور الفصل الدراسي الذي إلتقطها مؤخراً.
صورة من: DW/M. Hallam
عند إقتراب نهاية المهمة التي كُلِف بها الطلاب طُلِبَ منهم أن يجلسوا في مكان ما لتعبئة البطاقات البريدية. ذهبوا إلى مكتب البريد الرئيسي واشتروا طوابع بريدية وأرسلوا رسائل، وإحتفظوا بإيصالات شراء طوابع البريد. تم حل معضلة وسيلة أخرى من وسائل التواصل، غير أن إختيار الطابع المناسب للوجهة المحددة بقي تحدياً للمشاركين.
صورة من: DW/M. Hallam
كان هذا الدرس أطول من المعتاد- فبعض الفرق تحتاج إلى وقت أكثر من غيرها، أما من إستطاع أن يُنهي التحدي بوقت أقصر فهناك لعبة تخمين الكلمات بإنتظاره: حيث رسم شكلاً ما على اللوح وطُلبَ منهم كتابة الإسم المناسب لذلك الشكل "طبعاً الكلمات يجب أن تُكتب باللغة الألمانية". أظهرت هذه اللعبة فروقات لابأس بها بين قدرات الطلاب: فبعضهم لم يتمكن من المساهمة والبعض الآخر تمكن من تحديد الصيغة الصحيحة للأسماء.
صورة من: DW/M. Hallam
خصصت "آليف إريسوف رينكي" المُدرِسة في معهد ACB لتعليم اللغة الألمانية جوائز للفرق التي تُسجل أفضل النتائج في المهمة التي تهدف لتقصي الحقائق في وسط مدينة بون وضواحيها. لم يتمكن فريقنا من الحصول على إحدى المراتب الثلاث الأولى ولربما يكون ذلك بسبب المراسل الذي طُلِبَ منه أن يمتنع عن تقديم المساعدة للمشاركين.
صورة من: DW/M. Hallam
مفاجأة توجت نهاية اليوم: الجائزة من نصيب الطالب رضوان، رضوان هو أكبر المتنافسين سناً وقد تمكن من الفوز بالتحدي. الطالب رضوان كان يبتسم طوال فترة إجراء التمرين. كان الجميع يهتفون "صورة، صورة"، نيابة عن تلفزيون الـ "DW"وبعد أن أنجزنا مهمتنا طلبنا الإذن للمغادرة.