آليات تفعيل الديمقراطية العربية في بؤرة إهتمام "دافوس الشرق الأوسط"
٢٣ مايو ٢٠٠٦
إختتم المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع شرم الشيخ أعماله يوم أمس تحت عنوان "وعد لجيل جديد" وسط إجراءات أمنية مشددة بمشاركة نحو 1200 شخصية من مجالي السياسة والاقتصاد من شتى أنحاء العالم. وعالج المنتدى، الذي يطلق علية اسم "دافوس الشرق الأوسط" مجموعة من القضايا الاقتصادية المتعلقة بالإصلاح والاستثمار في حوارات وجلسات وندوات مختلفة، إضافة إلى حلقات نقاش تعالج موضوعات خاصة مثل "دولة القانون والديمقراطية" ومسألة "السلام والأمن والعلاقات الدولية". وكانت مصر قد تعرضت قبيل انعقاد المنتدى لانتقادات لاذعة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد قمع جهات الأمن المصرية لتظاهرات مؤيدة للإصلاح وصدور حكم بالسجن ضد المعارض أيمن نور. وفي معرض نقاش مسالة الديموقراطية في البلدان العربية وصف رئيس الوزراء اللبناني فؤاد سنيورة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني بأنه "أم النزاعات"، كما أنه في ذات الوقت "أم الحلول"، كما أفادنا بيتر فيليب، مراسل الدويتشه فيله الذي شارك في تغطية فعاليات منتدى شرم الشيخ.
الوضع السياسي أكبر عقبة أمام الديمقراطية
في معرض حديثه في هذا السياق أضاف سنيورة قائلا، إن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هو صاحب الحل والربط في المنطقة وهو، وليس الديموقراطية، الذي يتحكم باحتلال موضوع ما دون غيره بؤرة الاهتمام. كما أضاف: "هذا النزاع قد كلف الكثير من الجهد والمال وأدى إلى الكثير من الانقلابات في المنطقة في سبيل إجراء تغييرات جذرية فورية ودفع عجلة المفاوضات من أجل التوصل إلى حل للنزاع الذي يهيمن على طابع الديمقراطية في المنطقة." لكنه أشار إلى أن هنالك زيادة ملحوظة في الجهود المبذولة من أجل إحلال الديمقراطية حين قال: "أنا اعتقد أن التواصل بين الشعوب والعولمة قد أسهما بشكل كبير في هذه العملية وقد أدرك الناس من خلال هذين العاملين أكثر فأكثر مدى أهمية مشاركتهم في العمل على إحلال الديمقراطية." بعبارة أخرى يعتبر رئيس الوزراء اللبناني فؤاد سنيورة النزاع في الشرق الأوسط أكبر عقبة أمام إحلال الديموقراطية في المنطقة على حد قوله، فـ"كلما أسرعنا في التوصل إلى سلام شامل وعادل، كلما اقتربنا أكثر من ديموقراطية حقيقية".
"من الصعب تغيير ثقافتنا وتقاليدنا"
أما عبد المنعم سيد على، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فلا يعتقد أن هنالك علاقة فعلية بين النزاع في الشرق الأوسط وتطبيق الديمقراطية. "إذا قبلت بهذه الحجة فإن ذلك يعني أن إسرائيل تفرض على 300 مليون عربي طريقة عيشهم. وإن صح ذلك فإن هذه كارثة فعلية." كما يتابع مدير المركز قوله إن الأمر هنا على عكس ذلك تماما: "إذا نظرنا إلى البلدان العربية قاطبة سنجد أن أكثرها ديموقراطية الفلسطينيون ولبنان، وهما البلدان المتورطان بالنزاع واللذان يحملان جراحه منذ خمسة عقود من الزمن".
الديمقراطية بين مطرقة السلطة وسندان الأصولية
من جانبه يقول عبد المنعم سيد علي أن المشكلة تعود في الواقع إلى اختلاف الطموحات التي تسعى الأطراف المختلفة في العالم العربي على تحقيقها. "مسألة الديموقراطية ليست المشكلة الوحيدة في المنطقة، فهنالك بيروقراطيات عربية على اختلاف ألوانها تعتبر الدولة سلطة مطلقة يصل نفوذها حتى إلى طريقة عيش رعاياها. وهنالك الأصوليون الإسلاميون، الذي لا يولون أهمية تذكر للحريات الشخصية ويعتقدون أن بإمكانهم اتخاذ القرارات لغيرهم." ويتابع قائلا: "إحلال الديمقراطية في المنطقة لا علاقة له بحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بل إنه يتوقف حقيقة على المجتمع العربي بعينه فقط. وذلك عبر إيمانه بالقيم الديمقراطية وتوفر الشروط الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لذلك. مسألة القيم هنا في غاية الأهمية، فنحن نفتقر إلى ناشطين يعملون بشكل دؤوب من أجل إحلال الديمقراطية."
كما تشاطر عبد المنعم سيد على هذا الرأي المحامية المصرية منى ذو الفقار التي قالت في كلمة لها أمام المشاركين في المؤتمر إن افتقار العالم العربي إلى الديموقراطية ظاهرة يسهل شرحها حيث "لا تتوفر لدينا أي ثقافة ديموقراطية. فنحن مجتمع أبوي بحت: رئيس الدولة يعتبر رب الأسرة في آن واحد. هذه هي ثقافتنا ومن الصعب تغييرها أو تغير تقاليدنا." ولكنها أضافت قائلة إنه لا بد من إجراءات تغييرات وإصلاحات وإدخال قوانين وقواعد جديدة كفيلة بتحقيق المساواة بين الرجال والنساء وبإتاحة فرص حقيقة للشباب الذين لا يملكون فرصة لمقاومة إغراء الحركات المتطرفة."