أبو تحسين بعد مرور 15 سنة على سقوط نظام صدام غير نادم على ضرب صورة صدام بالنعال، ويقول لـ DW عربية: "إذا كان صدام حسين قد تلقى ضربة بنعلي فأنّ الفاسدين الآن بحاجة إلى معمل من النعل لأنهم خربوا العراق من جميع النواحي".
إعلان
لم ينس العراقيون تلك اللقطة الشهيرة لأبي تحسين وهو أمام مبنى اللجنة الأولمبية في شارع فلسطين، شرقي بغداد، عند الساعة التاسعة صباحا يوم التاسع من نيسان 2003 لحظة سقوط نظام صدام مرتديا (الدشداشة العراقية) ويضرب بنعله صورة كبيرة لصدام حسين كانت معلقة على المبنى ويردد بكلمات منها "قتل شبابنا قتل الملايين من عدنا...وقتل أولادنا".
يستذكر أبو تحسين تلك اللحظات التي لن ينساها قائلا لـDW عربية: "عند سماعنا أن نظام صدام قد سقط خرجت من البيت لأتفقد الأوضاع ومنطقة شارع فلسطين كانت قريبة على بيتي إلى أن وصلت مبنى اللجنة الاولمبية".
يُكمل الحديث "كان السلب والنهب بكل مكان وكان بمحاذاة اللجنة الأولمبية وزارة الزراعة وهي تتعرض للسرقة فأردت بتلك اللحظة إيصال صوتي للعالم"، مكملا الحديث "أخذت صورة صدام الكبيرة المعلقة على جدار المبنى وضربتها بنعلي بكل جرأة أمام الرأي العام العالمي والعربي".
ويضيف "عبرّت عما بداخلي بكل عفوية ولا أعلم من الذي صورني بوقتها خصوصا أن الوسائل الحديثة لم تكن موجودة بالعراق لأشتهر بين العراقيين بعد دخول الستلايت لمشاهدتهم لي".
ولا ينسى جواد كاظم المشهور بـأبي تحسين، اللحظات التي عاشها هو وعائلته أيام حكم صدام وسقوط نظامه. أبو تحسين يبلغ من العمر الآن 68 عاما، يقول لـDW عربية: "كانت فرحة كبيرة لا توصف بسقوط نظام صدام كانت فرحة جميع العراقيين لأننا تخلصنا من نظام ديكتاتوري غير موجود لا في الشرق ولا في الغرب".
ابو تحسين.." اللقطة الشهيرة بمثابة بيان أول لسقوط النظام"
جواد كاظم فخور لأنه أشتهر بهذه اللقطة الشهيرة في داخل وخارج العراق ويعدها بمثابة بيان أول لسقوط النظام كما اشتهر باسم أبو تحسين خصوصا بعد وفاة ابنه تحسين بعمر 23 عاما، بسبب معاناته من مرض نقص المغنيسيوم بجسمه بعد سنة من سقوط النظام.
يقول أبو تحسين: "بعد 15 عاما على سقوط النظام لو عاد الزمان إلى الوراء مرة أخرى لكررت ضرب الصورة بنعلي وغير نادم على ذلك أبدا لأننا تحررنا من الظلم والديكتاتورية".
يضيف "جاءني رجل وقال لي أترك الصورة لن تنفعك وقم بأخذ حقك من ممتلكات الدولة فهي لنا، فقلت له أنا عراقي شريف وغيور على ممتلكات بلدي ولن أقبل أبدا بسرقتها ونهبها".
كل عراقي كان ملاحقا من البعث
كان جواد يعيش هو وزوجته وأولاده التسعة ببغداد بأحد المشاتل التابعة لأمانة العاصمة ليبني فيها بيت ويعيش حياة بسيطة ويدير مطعم يسترزق منه وحتى الآن يدير أحد أبنائه هذا المطعم.
يقول أبو تحسين لـDW عربية: "بسبب أفكاري المائلة للشيوعية وانتمائي للحزب الشيوعي العراقي رسميا بعد إكمال خدمتي العسكرية وعدم انتمائي لحزب البعث تمت ملاحقتي وتعرضت للاضطهاد واعتقالات دامت لمدة سنة وشهر وكل عراقي لم ينتم لأفكار البعث كان ملاحقا منه".
يضيف "حتى البعثيون أنفسهم كانوا معرضين للمسائلة لأن كل بعثي كان مجبورا على كتابة تقارير عن ناسه وأهله".
تعرض أبو تحسين لاضطهادات عديدة أيام حكم صدام تسببت بإخفاقه عن إكمال دراسته بسبب انتمائه للحزب الشيوعي ليكمل فقط دراسة الابتدائية، وعن بعض أنواع الاضطهاد يتحدث جواد قائلا: "جاءت مفارز عسكرية إلى بيتي بالقوة لتعتبرني هاربا من الخدمة العسكرية رغم أني بوقتها كنت في الجبهة".
يستذكر لحظات الاعتقال: "لغة وأساليب التعذيب كانت معروفة لدى الجميع في ذلك الوقت أحيانا أرادوا انتزاع الشيوعية بالقوة عن طريق جلب نساء أصدقائنا وأقاربنا بممارسة الجنس معهم إذا لم نعترف بأن الشيوعية كفر والبراءة منها".
أبو تحسين: "جاءتني تهديدات عديدة من البعثيين لأنهم موجودون بكل مكان".
يقول أبو تحسين: "بعد سقوط النظام وضربي لصورة صدام بنعلي جاءتني تهديدات عديدة من البعثيين لأنهم موجودون بكل مكان".
إحتضن الكرد جواد كاظم ومنهم رئيس إقليم كردستان العراق السابق، مسعود بارزاني، وبهذا السياق يقول: "الأكراد هم الوحيدون الذين احتضنوني وقدموا لي الحماية وبوقتها مسعود بارزاني طلب مني الانتقال فورا لكردستان واختار المنطقة التي أريدها".
اختار أبو تحسين محافظة السليمانية للعيش فيها إلى الآن وبعد تقديمه طلب للأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني آنذاك ورئيس جمهورية العراق السابق، جلال طالباني، يقول جواد: "ذهبت فورا للسليمانية ووجدت بيتا مؤثثا بالكامل وبأرقى منطقة واخترت العيش فيها لأنها آمنة ومتحررة من جميع النواحي ولا أفكر بالعودة لبغداد رغم اشتياقي لها لأنها قليلة الآمان ولا أفكر بالهجرة خارج البلاد لأني أحب العراق كثيرا".
بعد استقراره بالسليمانية، وهو يعيش الآن على راتب تقاعدي كسجين سياسي يستلمه من بغداد، لم يصل أبو تحسين إي تهديد من أي نوع بحسب كلامه لـ DWعربية، وقد أهدى نعله لمتحف حلبجة سنة 2009، وهو موجود بالمتحف إلى الآن قائلا: "جاءتني عروض مغرية لشراء نعلي خصوصا من عائلات كويتية لكني رفضت لأني صاحب مبدأ وقررت أن أهديه لمتحف حلبجة".
الفاسدون الآن بحاجة إلى "معمل من النعل"
يرى أبو تحسين بعد مرور 15 سنة من سقوط النظام أن العراق الآن ظروفه سيئة بسبب وجود الكثير من الفاسدين ليقول لـ DW عربية: "إذا كان صدام حسين قد تلقى ضربة بنعلي فأنّ الفاسدين الآن بحاجة إلى معمل من النعل لأنهم خربوا العراق من جميع النواحي".
يُكمل الحديث "لا أعتب ابدأ على بعض العراقيين خصوصا الشباب إذا تحسروا على أيام نظام حكم صدام لأنهم أولا لم يعيشوا أو يتذكروا مرارة ذلك الزمن وما كنا نأكل أيام الحصار وثانيا لانتشار البطالة وعدم الاستقرار والأمان بسبب الكثير من الفاسدين الموجودين الآن في العراق".
يقول أبو تحسين: "التغيير بيد الشعب دائما ولا بد من المشاركة في الانتخابات المقبلة لاختيار الأفضل وتغيير الوجوه والمحاصصة"، مضيفا "حتى سقوط النظام تمنيت أن يكون بيد الشعب لأنّ القوات الأميركية هم احتلال لكن الشعب كان مستضعفا وليس بيده حيلة وفي أثناء ضربي لصورة صدام قلت شكرا لمن حرر العراق لكني لا أريد تواجدهم الدائم في العراق".
فرح عدنان - بغداد
بغداد 2018 - انتصرت حرية الفرد وانهزمت الدولة!
بعد 15 عاماً من سقوط نظام صدام حسين، تروي الصور للعالم قصة بغداد، التي شهدت عشرات التغيرات على مدى التاريخ. العراقيون اليوم أحرار في كل شيء تقريبا لكنّ الدولة العراقية غائبة تماماً، و هذا يجعل حياة الناس أصعب.
صورة من: M. Rauf
ساحة الفردوس
إنها الساحة التي شهدت عام 2003 اسقاط تمثال صدام حسين إيذانا بنهاية دولته. وبعد كل هذه السنين ما زالت ساحة الفردوس تفتقد لمسةَ أناقة وفخامة رسمية، وبقيت بدون هوية، مكتفية بمواجهة مسجد الشهيد الظاهر (الصورة). وأقيم تمثال عشوائي في ساحة الفردوس بعد اسقاط تمثال صدام حسين، لكنه رُفع وبقيت منصته المشوهة.
صورة من: M. Rauf
نهاية الديكتاتور وبداية التغيير
صبيحة التاسع من نيسان/ أبريل 2003 شهدت ساحة الفردوس اسقاط تمثال صدام حسين فانتهت بسقوطه الدولة الديكتاتورية، التي حاربت كل جيرانها وعاش في ظلها شعب العراق 13 عاماً من الحصار. هذا التغيير المصيري أحدث انقساماً في العراق وفي المنطقة والعالم، ما زالت آثاره ظاهرة حتى اليوم.
صورة من: picture alliance/AP Photo
حرية الكلمة وحرية الرأي
أعتاد العراقيون بعد سنوات من التغيير على حرية الرأي ويقولون اليوم كلمتهم من عشرات المنافذ الإعلامية العراقية متلفزة أو إلكترونية أو ورقية أو إذاعية. الصورة لمقهى في الكرادة اسمه" كهوة وكتاب" يجتمع فيه عشاق الكتاب والثقافة رجالاً ونساءً حتى ساعةٍ متأخرةٍ من الليل ويعيشون بعيداً عن أزمات العاصمة. ثقافة العراقيين باتت حرةً بعد زوال عقيدة الحزب الواحد وأقوال القائد الضرورة .
صورة من: DW/M. S. Almalaika
غياب الأمن والكهرباء أمراض مستدامة؟
يكاد غياب الأمن عن العاصمة يصبح أمراً معتاداً يعيش معه الناس ومع نتائجه الكارثية، فالحواجز الخرسانية تقطع أكثر من نصف شوارع العاصمة. هنا في الصورة حواجز في شارع بمنطقة الكرادة، المركز الثقافي المتجدد في بغداد. وتظهر الصورة أيضاً أسلاك شبكات الكهرباء البديلة، المرتبطة بمولدات محلية، تطفي نوعا من القبح على شوارع العاصمة، حيث ماتزال الكهرباء غائبة.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
المركز العراقي للسلام
محطات ثقافية غير رسمية تنتشر في بغداد بشكل شبه إسبوعي وتتجدد. منها المركز العراقي للسلام (هنا في الصورة مدخله)، ويمثل مساحة حرة للشباب لتعلم الموسيقى ولصناعة الإبداع ونشر ثقافة التسامح والمحبة، عبر مبادرة فردية دعمها صاحب البيت، الذي أجره لهم بسعر رمزي. وفي ظل غياب الدولة، ينشط الأفراد لترميم النسيج الاجتماعي والوطني.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
وسائل عراقية لمكافحة أزمة الكهرباء
تنتشر في كل مناطق العراق مولدات تيار كهربائي محلية. وعلى الناس أن ينتقلوا إلى خدمتها حال انقطاع التيار الرسمي، ولهذا يحتاجون إلى مفتاح تغيير التيار (الصورة)، وهو جزء من خدمات الشبكة البديلة، التي يعتمد عليها العراقيون في غياب الدولة؛ رغم أن الحديث يدور عن انفاق الحكومة 30 مليار دولار لاصلاح الشبكة، غير أنه لم ينتج عن تلك المليارات شيء.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
الحافلات الحمراء عملة نادرة !
شبكة الحافلات العامة، التي تنقل الركاب انهارت في عام 2003 ونُهبت أغلبُ مخازن ومرائب الحافلات بالعاصمة، ثم عادت الدولة لتشغل حافلات جديدة اقتصرت خدمتها على مناطق محدودة جداً في مركز بغداد. ويشكو العراقيون من سوء توقيتها وعدم انتظام سيرها في الشوارع المكتظة.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
شوارع مختقنة وسيارات فارهة في كل مكان
شوارع العاصمة بدون استثناء مختنقة على مدار اليوم، ويشكو الناس من تدفق السيارات دون حساب على شوارعهم، كما أنّ قوانين المرور غائبة، وعناصر شرطة المرور لا يجرؤن على محاسبة أي مخالف في أي مكان تقريباً. الملفت للنظر أنّ السيارات الأمريكية واليابانية الفارهة تجوب الشوارع بأعداد كثيرة، ما يدل على ارتفاع مستوى دخل الفرد . الصورة هنا في ساحة المستنصرية ببغداد.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
أطفال وسط الطريق والقمامة تحتل الأرصفة
يجري الاعتداء على الأرصفة وشُغلها بغير ما بُنيت لأجله. وتُرمى القمامة بشكل عشوائي في مناطق عدة من العاصمة. هنا في الصورة، أقام أحدهم منصة عالية مسيجة لعرض بضاعته فقطع الطريق، والفسحة التي تلي المنصة باتت مكبّ قمامة، فيما شغلت مظلة الحارس ما تبقى من الرصيف، ولم يبق للمشاة وللصغار إلا الشارع مساحة لحركتهم. الصورة في شارع النضال بقلب بغداد.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
عبد الكريم قاسم عاد ليتحدى قتلته
ما إن سقط نظام صدام حسين حتى سارع عشاق الزعيم الركن عبد الكريم قاسم إلى إقامة تمثال له بمنطقة "رأس القرية" التي شهدت محاولة اغتياله بمشاركة صدام حسين عام 1959. الزعيم الفقير عبد الكريم قاسم قتلته حكومة البعث الأولى عام 1963. والتمثال جرى نصبه وتشجير الحديقة المحيطة به بجهد شخصي من محبي هذه الشخصية، وغابت الدولة عن كل ذلك.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
موتور دفع المياه
في كل بيت ومبنى يوجد موتور لسحب ودفع المياه، والسبب هو ضعف تدفق الماء، القادم من شبكة التغذية الحكومية. المياه الحكومية تصل الناس ملوثة وغير صالحة للشرب، لذا يعتمد العراقيون على مياه الشرب المعبأة في قنانٍ بلاستيكية. ويدور حديث عن عدم ثقة الناس في المياه المعبأة أيضاً بسبب غياب الرقابة الصحية للدولة على المصانع. الصورة هنا في مدخل مبنى بشارع الرشيد.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
غسيل السيارات في غياب القانون
في شوارع العاصمة بغداد وباقي الطرق في كل أنحاء البلد تقريباً، أقام بعض المخالفين للقانون محطات غسيل السيارات، حيث يكسرون أنابيب شبكة المياه الوطنية ويقومون بتركيب مضخات ضغط عالٍ لاستخدامها في غسيل السيارات. ويجري هذا الأمر تحت أنظار الحكومة والدولة، بل ويقوم أغلب سائقي السيارات الحكومية بغسيل سياراتهم في هذه المحطات. الصورة هنا في منطقة الحبيبية ببغداد، قرب قناة الجيش.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
مول في الكرادة
عرف العراقيون المولات التجارية بعد عام 2003، وباتت متنفساً لهم للتسوق وتناول الطعام وقضاء وقت ممتع. وتنتشر في بغداد مولات أهلية تمثل نزوعاً استهلاكياً عالياً لدى الناس، وتمارس نشاطها التجاري والاجتماعي بعيداً عن سلطة الدولة، وهو أمر لم يكن ممكناً في عهد صدام حسين، الذي كانت دولته تسيطر على التجارة عبر نظام "الأسواق المركزية".
صورة من: DW/M. S. Almalaika
المسيحيون- حضور خجول يغلفه الخوف
ادى التخندق الطائفي والديني والأثني، الذي عمّ العراق منذ التغيير، إلى هجرة أغلب العراقيين وخاصة من المكونات الصغرى، التي يمثل المسيحيون أكبرها. الصورة لروضة أطفال ومدرسة مسيحية في منطقة الكرادة الشرقية مقابل مستشفى الراهبات، وهي من المظاهر المسيحية القليلة الباقية في العاصمة.
صورة من: DW/M. S. Almalaika
المدارس الأهلية في كل مكان
شاعت في العاصمة بغداد، بصفة خاصة، المدارس الأهلية، بسبب ضعف مستوى التعليم في المدارس الحكومية. ويتندر العراقيون على المدارس الحكومية بسبب غياب سلطة الدولة والفساد المستشري في أجهزتها. ويمتنع طلبة الصف السادس الإعدادي (الثانوي) لمدة 3 أشهر عن الحضور؛ ليتفرغوا للدراسة في المدارس الأهلية، التي تضمن لهم معدلاً عالياً يؤهلهم للقبول في الجامعات! هنا صورة لمدرسة أهلية في حي الشعب جنوب شرق العاصمة .
صورة من: DW/M. S. Almalaika
أسوار لحماية المصارف في قلب العاصمة !
الصورة في شارع الرشيد بقلب بغداد، حيث أقامت الدولة سياجاً معززاً بالأسلاك الشائكة وأبراج المراقبة لحماية مجمّع المصارف، الذي يضم البنك المركزي العراقي وفيه احتياطي الذهب والعملات الصعبة وبنك الرافدين، أكبر مصرف عراقي . الجدار الكبير قطع شارع الرشيد وحوله إلى ممر للباعة المتجولين وعربات الحمالين.البنك المركزي العراقي تعرّض لعمليات سطو مسلح كبرى متعددة. ملهم الملائكة - بغداد