"أتاتورك" يتسبب في إلغاء مباراة كأس السوبر التركية بالسعودية
٣٠ ديسمبر ٢٠٢٣
أدى خلاف بين الجهات السعودية المنظمة لنهائي كأس السوبر التركية وفريقي غلطة سراي وفنربهتشه إلى إلغاء المباراة التي كان من المقرر إقامتها في الرياض. تسبب الخلاف وإلغاء المباراة في سجال على مواقع التواصل الاجتماعي.
إعلان
ألغيت مباراة كأس السوبر التركية بين فريقي غلطة سرايوفنربهتشه التي كانت مقررة إقامتها في الرياض الجمعة (29/12/2023)، بعد خلافات حيال ارتداء قمصان تحمل رموزاً سياسية.
وقالت قناة السعودية الناقلة للمباراة إنّ "المباراة ألغيت رسمياً. الخبر الأكيد هو الإلغاء".
وفي بيان متأخّر ليل الجمعة السبت، شرح منظّمو موسم الرياض المسؤول عن تنظيم مباراة نهائي السوبر التركي أسباب إلغاء المباراة قائلين: "كنا نتطلّع لإقامة المباراة في موعدها وفقاً للوائح والأنظمة الدولية لكرة القدم التي تقتضي تقديم الرياضة دون أي شعارات خارج نطاقها الخاص خاصةً أنه تمت مناقشة ذلك مع الاتحاد التركي في إطار الاجتماعات التحضيرية للمباراة، حيث تم التأكيد على ضرورة التقيّد بما تقتضيه التنظيمات الخاصة بهذه المباراة وفقاً للوائح والأنظمة الدولية".
وأوضح المنظّمون أنه "تم الاتفاق على عزف النشيد الوطني للجمهورية التركية وإبراز العلم التركي في داخل الملعب وفي المدرجات تقديراً للمكانة التي نحملها للجمهورية التركية. وعلى الرغم من ذلك التوافق إلا أنه كان مؤسفاً عدم التزام الفريقين بما تم الاتفاق به، وهو ما أدى إلى عدم إقامة المباراة".
وقال الناديان والاتحاد التركي للعبة في بيان مشترك صدر عبر منصة (إكس) "تقرر تأجيل كأس السوبر 2023... لموعد لاحق نتيجة لقرار مشترك اتخذناه مع ناديينا، بسبب بعض المشكلات في تنظيمها". ولم يتضح موعد إقامة المباراة أو مكانها.
وذكرت تقارير إخبارية أن رغبة الناديين في أن يرتدي لاعبوهما قمصاناً تحمل صورة مصطفى كمال أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة خلال الإحماء قبل المباراة تسببت في إلغاء المباراة. وقالت وسائل إعلام تركية إن مسؤولين سعوديين رفضوا هذا الطلب دون أن تتضح الأسباب وإن الناديين رفضا في المقابل خوض المباراة على ملعب الأول بارك.
ونشرت صحيفة الرياضية التركية مقاطع فيديو تظهر حافلات الفريقين والجماهير تغادر ملعب "الأول بارك" حيث كان من المقرر إقامة اللقاء.
وأصدر الناديان والاتحاد التركيّ لكرة القدم بياناً مشتركاً لإعلان تأجيل اللقاء إلى "وقت لاحق".
وذكر البيان أنّ كأس السوبر 2023، التي كان من المقرر أن تقام الجمعة تم تأجيلها إلى تاريخ لاحق "نتيجة لقرار مشترك تم اتخاذه مع أنديتنا بسبب بعض الأخطاء في التنظيم". وتابع "نود أن نشكر اتحاد كرة القدم والاتحاد والمؤسسات ذات الصلة في البلد المضيف على الجهود التي بذلوها حتى الآن في تنظيم الكأس السوبر".
وأكّد مشجع لفريق فنربهتشه يعمل في السعودية فضّل عدم ذكر اسمه لحساسية المسألة منعه من دخول الملعب لارتدائه قميصاً يحمل وجه أتاتورك.
وقال الرجل البالغ 40 عاماً لوكالة فرانس برس "كرة القدم بالنسبة لنا في تركيا كرنفال كبير. نحمل أعلاماً ونغني أهازيج تمزج الرياضة بالسياسة". وتابع بغضب "هم (السعوديون) دعونا للعب هنا لذا يجب عليهم احترامنا".
وأثار إلغاء المباراة سجالاً حامياً على موقع إكس حيث اندفع السعوديون للدفاع عن قرار السلطات إلغاء المباراة. وكتب مستخدم يدعى فواز "من لا يحترم المملكة وقوانينها فليذهب غير مأسوف عليه. السيادة والقوانين خط أحمر"، مرفقاً علم بلاده بمنشوره.
ع.ح. ، ع.ج.م. (أ.ف.ب / رويترز)
تركيا والسعودية.. تاريخ طويل من المد والجزر وأشياء أخرى
على مدى قرنين من الزمن، مرت العلاقة بين السعوديين والأتراك بفترات مختلفة: حروب وقطيعة، برود وتباعد، استقرار وازدهار، انتكاسة وتوتر. مزيد من الضوء على هذا الموضوع في ملف الصور التالي.
حرب فتاكة
شهدت العلاقات بين آل سعود والعثمانيين تاريخ طويل من التوتر وصل حد الحرب. وعلى سبيل المثال شنت الدولة العثمانية وإبراهيم باشا، ابن محمد علي باشا والي مصر، بين عامي 1811 و1818 حرباً على الدولة السعودية الأولى انتهت بهزيمة السعوديين واندثار دولتهم الأولى وتدمير عاصمتها الدرعية.
صورة من: picture alliance/dpa/CPA Media Co. Ltd
عهد جديد
في الثالث من آب/ أغسطس 1929، شهدت العلاقات الحديثة بين تركيا والسعودية بداية جديدة، إذ اعترفت تركيا بالسعودية. وفي هذه الفترة بالذات، وقع البلدان اتفاقية سلام وصداقة مشتركة، ولكن بقيت تلك العلاقات تتسم بالبرود حتى ثمانينات القرن العشرين، رغم أن البلدين كان مناهضين للمعسكر الشيوعي/الشرقي في الحرب الباردة.
الثمانينات.. المصالح تقرب البعيد
كانت تركيا والسعودية أكثر الدول المتضررة من أزمة النفط التي تسببت فيها الحرب بين العراق وإيران، ما نتج عنه تقارب بين البلدين؛ ولأن تركيا كانت تستورد النفط من السعودية عبر العراق، فقد زار الرئيس التركي آنذاك "كنعان إيفرين" السعودية عام 1984. وفي نفس العام، زار رئيس الوزراء التركي "تورغوت أوزال" أيضاً السعودية. الغاية كانت البحث عن طرق جديدة لتمديدات النفط وبناء علاقات حيوية واستراتيجية بين الطرفين.
صورة من: picture alliance/UPI
التسعينات..الحيوية والفعالية في العلاقات
كان لاحتلال العراق للكويت في بداية التسعينات، دوراً فعالاً في إيصال العلاقات بين أنقرة والرياض إلى أعلى مستوى من الحيوية والفعالية. حيث دعم الرئيس التركي حينها تورغوت أوزال، الموقف السعودي المعارض لهذا الاحتلال. هذا الدعم، دفع بالسعودية إلى التعبير عن امتنانها لتركيا ليس فقط برسائل وإنما بتقديم مليار دولار لصالح الخزينة المالية للجيش التركي، بالإضافة إلى هبة نفطية بمقدار 1,2 مليار بدون أي مقابل.
صورة من: picture-alliance/ dpa
2003.. انتعاش بعد جمود في العلاقات
طرأت الكثير من التغيرات على الحكومات التركية وغاب الاستقرار عن أوضاعها في الجانب السياسي والاقتصادي مما جعل العلاقة بين تركيا والسعودية تعرف نوعاً من الجمود. لكن عام 2003، سيجد البلدان نفسيهما في حاجة إلى التعاون خاصة بعد الإطاحة بنظام صدام حسين في العراق، وظهور مستجدات سياسية واقتصادية في منطقة الشرق الأوسط.
صورة من: AP
زيارات وصفقات تسليح
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، زار الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز تركيا، لكن الأمر لم يتوقف هنا وإنما تكررت الزيارات بين البلدين وذلك لتقوية العلاقات من الجانبين العسكري والاقتصادي. حيث تم توريد بعض الأسلحة التركية إلى السعودية، كما اهتمت شركات تركية بتصليح وتحديث المعدات العسكرية السعودية وأيضاً التوقيع على عقود لطائرات بدون طيار والعربات المدرعة وغيرها.
صورة من: AP
الأزمة السورية.. اتفاق ثم اختلاف
عززت الثورة السورية التقارب بين الرياض وأنقرة. إذ سعى الطرفان إلى إسقاط نظام بشار الأسد. لكن هذا التقارب لم يستمر طويلاً. فقد افترقت الدروب وانشغلت السعودية بحرب اليمن، فيما سيطر على تركيا هاجس قيام دولة كردية في شمال سوريا.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Suleyman
حرب اليمن.. بداية الصراع العلني
توتر العلاقات برز أكثر في الأزمة اليمنية. إذ أنه بالرغم من أن تركيا وقفت إلى جانب السعودية في عملية "عاصفة الحزم"، إلا أن مصالح البلدين عادت لتفترق من جديد.
صورة من: Reuters/Saudi Press Agency
الأزمة القطرية.. تباين في التوجهات
في 5 يونيو/ حزيران 2017، أعلنت بعض الدول العربية ومنها السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر؛ مبررين ذلك بتدخلها في شؤونهم الداخلية ودعم الإرهاب. في تلك الأثناء التزمت تركيا الحياد لفترة، لكنها لم تلبث حتى أعربت عن وقوفها إلى جانب قطر. وصرح رجب طيب أردوغان في 9 يونيو/حزيران 2017 بأن تركيا ستستمر بدعم أشقائها القطريين، ولن تتركهم وحدهم.
صورة من: picture-alliance/abaca/K. Ozer
2017.. حرب إعلامية
كانت السنة الفائتة سنة استثمار سعودي كبير في تركيا. إلا أن هذا لم يمنع البلدين من شن حرب إعلامية على بعضهما. إذ شكل موقف تركيا من القدس مادة دسمة للإعلام السعودي. في حين انهارت "الهدنة" التي تبناها الإعلام التركي لزمن، وشن هو الآخر هجوماً إعلامياً على السعودية، على خلفية الأزمة مع قطر وصراع الرياض مع الإخوان المسلمين.
صورة من: picture alliance /dpa/Saudi Press Agency
2018.. عام تبديد الخلافات؟
بالرغم من أن التنافس بين السعودية وتركيا حول قيادة العالم الإسلامي قد يبدو جلياً للبعض، إلا أن وسائل الإعلام التركية قد أعلنت عن زيارة مرتقبة لولي العهد محمد بن سلمان إلى أنقرة، وهو ما جعل البعض ينتظر هذه الزيارة التي من الممكن أن تذيب أي خلاف يكون قد نشب مؤخراً ويعيد للعلاقات حيويتها من جديد. إعداد: مريم مرغيش