1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أجواء دمشق تنذر بالخطر بعد نحو ستة عقود من الاستقلال

بعد عقود طويلة على استقلال سورية يبدو مستقبل البلاد في خطر، فالوضع الداخلي متوتر بسبب غياب التعددية السياسية واستشراء الفساد إضافة لتزايد الضغوط الخارجية. تُرى هل فات الأوان لإنقاذ الوضع وتجنب سيناريو عراقي جديد.

أجواء دمشق معكرة رغم طقسها الجميل هذه الأيامصورة من: AP

مرت أمس ذكرى استقلال سورية عن فرنسا عام 1946 في وقت تزداد فيه التساؤلات حول مستقبل البلاد. ويبدو لزائر دمشق في الوهلة الأولى أن كل شيء على ما يرام في هذه العاصمة العريقة التي تضج الحركة. غير أن هذا الانطباع يتغير بعد قضاء استراحة في أحد مقاهيها القديمة التي تستقطب السياح والمثقفين والإعلاميين والطلاب بالدرجة الأولى. أول انطباع يخرج به المرء بعد بضعة أحاديث هنا وهناك هو الخوف على مستقبل سورية وتكرار ما حصل في العراق هناك بشكل أو بآخر.

الفساد وصل إلى مستويات مخيفة

العلم السوري

يعتقد الكثير من السوريين أن النظام السياسي الحالي في بلادهم لن يعمّر طويلاً. وعندما يسألهم المرء عن ذلك تختلف الإجابات. فمنهم من يرى أن الولايات المتحدة قررت التخلص منه في إطار خطتها لتشكيل ما تسميه الشرق الأوسط الكبير. وعلى هذا الأساس بدأت منذ سنوات بالعمل على تنظيم ودعم المعارضة السورية في الخارج بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين. ويرى البعض الأخر أن جمود الوضع السياسي في الداخل واستشراء الفساد الإداري الذي وصل إلى مستويات مفزعة أوصل بالوضع إلى نقطة اللاعودة وجعل الناس تنفر من الوضع بمن فيهم أولئك المقربين من النظام والمنضوين في صفوف حزب البعث الحاكم. ويتم التدليل على الاستشراء المذكور من خلال مسخ الإدارات الحكومية لتنفيذ عشرات القوانين التي أصدرها الرئيس بشار الأسد في مجال الإصلاح الاقتصادي. ويتحدث الشارع السوري عن مبالغ مالية لا تحتمل يجب على المواطن دفعها الحصول على وظيفة أو مراجعة دائرة من أجل إنهاء معاملة. ولا يُستثنى من ذلك قطاع القضاء والتعليم الذين أصبحا إلى حد كبير رهن المال والنفوذ والعلاقات الشخصية والمحسوبيات.

الآمال المعقودة على الرئيس لم تتحقق

الرئيس بشار الأسدصورة من: AP

عندما تسلم الرئيس الحالي الدكتور بشار الأسد سدة الحكم في عام 2000 بعد وفاة والده علق السوريون عليه آمالاُ كبيرة في نقل بلادهم إلى التعددية السياسية والنمو الاقتصادي. أما اليوم وبعد مضي نحو خمس سنوات على حكمه ما يزال الاقتصاد السوري ضعيف الأداء في وقت تستمر فيه مشكلة البطالة وخاصة في صفوف الشباب. كما أن مؤسسات القطاع العام ما تزال في وضع لا تحسد عليه بسبب الخسائر التي تتكبدها والهدر الذي تحمله لميزانية الدولة. أما القطاع الخاص فيعاني من البيروقراطية وانتشار الفساد الإداري الذي يحد من حركته وديناميكيته في مختلف المجالات. وعلى الصعيد السياسي يبدو الوضع أصعب بكثير مما هو عليه في المجال الاقتصادي. فالتعددية السياسية الموعودة ما زلت بعيدة المنال. كما أن حرية الإعلام ما تزال مفقودة في الوقت الذي درج فيه السوريون على استقاء المعلومات عن بلدهم من مصادر خارجية. وخلال حكم الأسد الابن جرت اعتقالات بحق ناشطين سياسيين يمكن تصنيفها في إطار التهور والمبالغة وعدم الذكاء السياسي. وينطبق ذلك بشكل خاص على اعتقالات بتهم كان ينبغي على المحاكم المختصة البت بها دون تدخل قوات الأمن والمخابرات.

هل فات الأوان ؟

القوات السورية تنسحب من لبنانصورة من: AP

اصدر الرئيس السوري خلال الأشهر القليلة الماضية عفواً عن المئات من المعتقلين كان آخرهم الإفراج عن أكثر من ثلاثمائة معتقل كردي. وتتحدث وسائل الإعلام عن عزمه إعادة الجنسية إلى عشرات الآلاف من المواطنين الأكراد قريباً بعدما نُزعت منهم خلال ستينات القرن الماضي. وقبل ذلك أصدر قرارات بزيادة رواتب موظفي الدولة في محاولة لتحسين مستوى معيشتهم. غير أن الكثيرين يعتقدون أن ما يتم حتى الآن يندرج في إطار خطوات تجميلية لا تمس جوهر المشاكل الرئيسية التي تواجه البلاد. ويعتقد هؤلاء أن الانسداد السياسي الذي وصلت إليه البلاد واستشراء الفساد في الإدارات الحكومية وعدم تحسن الوضع الاقتصادي بالشكل المأمول به إضافة للأخطاء التي ارتُكبت في لبنان تضع النظام في سورية أمام مأزق لا مخرج منه. ويعتقد البعض أن الإصلاحات السياسية المتوقعة مع انعقاد مؤتمر حزب البعث في حزيران/ يونيو القادم لن تكون في المستوى المطلوب. كما أنها لم تخفف كثيراً من خطورة الوضع على ضوء تزايد الضغوط الخارجية التي تمارسها واشنطن وباريس ومن ورائهما المجتمع الدول على دمشق. وقد نجحت هذه الضغوط حتى الآن في سحب القوات السورية من لبنان. وعلى ضوء تصريحات المسؤولين الأمريكان وفي مقدمتهم الرئيس بوش لا يبدو أنها ستتوقف عند الحدود اللبنانية. فقد سربت مصادر صحفية وفي مقدمتها جريدة الحياة اللندنية قبل أيام أن إدارة الرئيس بوش ترى أن الشرق الأوسط الكبير ينبغي أن يكون بدون شار الأسد ونظامه الذي تعتبره غير مناسب للمرحلة القادمة.

السيناريو العراقي غير وارد حالياً ولكن...

مجلس الشعب السوريصورة من: dpa

أياً تكن الأخطار التي تواجه سورية فإن تكرار السيناريو العراقي فيها أمر غير وارد حسب ما يجمع عليه السوريون بمعظم فئاتهم وأطيافهم في الوقت الحالي. فهم لا يريدون تدخلاً أجنبياً مباشراً في بلادهم وإنما إصلاحات سياسية سلمية تنطلق من الداخل وعلى أسس ديمقراطية. ومما يعنيه ذلك إلغاء القوانين العرقية واحتكار حزب البعث للسلطة وضمان حرية التعبير والسماح بتشكيل الأحزاب غير المتطرفة على قاعدة دستور وطني تقره مختلف القوى الوطنية. وفي حال نجاح الرئيس بشار الأسد في القيام بذلك اليوم قبل الغد وبشكل فعلي فسيكون بإمكانه إنقاذ بلده مما لا تحمد عقباه. وعندها سيجد معه كل القوى الوطنية التي يهمهم مستقبل سورية وبقائها في مأمن عن التدخل الأجنبي المباشر. غير أن المشكلة ستكون في حال عدم فهم النظام السياسي في سورية للدرس ولجوئه إلى التأجيل والتسويف. عندها سيصبح التدخل الخارجي والقيام بما لا تحمد عقباه على مطية قوى محلية وإقليمية أمراً وارداً. وهو أمر لا يريده عاقل لا لسورية ولا لأي بلد آخر بعدما حل بالعراق ما حل من خراب ودمار جراء حكم صدام والغزو الأمريكي- البريطاني له.

د. ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW