الجنود المسلمون في الجيش الألماني يفتقدون للرعاية الروحية
٢٧ يوليو ٢٠٢٠
برغم تزايد عدد المسلمين في الجيش الألماني، إلا أنهم لا يحظون بالرعاية الروحية كمسلمين أسوة بزملائهم من المسيحيين واليهود. الضابطة المسلمة ناريمان حموتي-راينكه، التي تضطر لحمل كفنها معها، تشعر بـ"بالتمييز وعدم المساواة".
إعلان
"مررت بمواقف جعلتني أقول: الآن جد الجد. قذائف وصواريخ حقيقية تنهال عليك"، تقول ناريمان حموتي-راينكه (41 عاماً) الضابط في الجيش الألماني . عندما تحكي عن مهماتها في الجيش الألماني تشعر بمدى الضغط الذي كانت تتعرض له على مدار أسابيع وشهور.
الملازم ناريمان مسلمة ألمانية. ولدت من أب وأم مغربيين بالقرب من هانوفر. التحضير لمهمة خارجية يلامس جانب شخصي وديني لدى ناريمان: "أحمل كفني معي. وتوجب علي كتابة نوع من دليل العمل لرئيسي في المهمة للتعامل مع الأمر في حالة موتي. وكان علي الاهتمام بتكليف شخص ينقل خبر وفاتي لوالدي".
عناية روحية للجنود المسيحيين واليهود
يتوجب على الجندي المسلم أو الجندية المسلمة التخطيط لأدق التفاصيل عند ذهابهم في مهمات تشكل خطراً على حياتهم. ويعود ذلك جزئياً إلى عدم وجود رعاية روحية في الجيش الألماني للمسلمين، على عكس المسيحيين وقريبا اليهود أيضاً. "أجد هذا تمييزاً وعدم معاملة على قدم المساواة" ، تقول ناريمان، التي ألفت كتاب " في خدمة ألمانيا"، عن عملها بالجيش الألماني، في حديثها لـDW.
في يناير/كانون الثاني الماضي التقت وزيرة الدفاع الألمانية أنغريت كرامب-كارنباور بممثلين رفيعي المستوى عن المسلمين واليهود. تحدثت الوزيرة الألمانية مع أحد الحاخامات عن الاتفاق حول وجود الحاخامات في الجيش الألماني. ثم التفت إلى رئيس "المجلس المركزي للمسلمين" أيمن مزيك وقالت له: "الخطوة التالية يجب أن تأتي. سنبدأ المحادثات بشأن الأئمة المسلمين في الجيش الألماني ونرى كيف نرتب ذلك".
"الرعاية الروحية للمسلمين قادمة".. ولكن متى؟
بعد نصف سنة من ذلك اللقاء سألت DW مزيك عما تم إنجازه، فأجاب: "لم يحدث شيء. يجب البدء وأخذ خطوة لتنظيم الرعاية الروحية للمسلمين".
منذ إعلان الحكومة الألمانية والمجلس المركزي لليهود الاتفاق على الرعاية الروحية لليهود في الجيش الألماني منذ أكثر من عام ونصف، والتي كانت خطوة تاريخية، تكلم الساسة الكثير. ثم تم التشاور في الحكومة واتخذ القرار ثم جاء دور البرلمان ومر القرار وأخيراً نوقش في "مجلس الولايات" وحصل على الموافقة النهائية.
بحضور الرئيس الاتحادي، فرانك شتاينمير، وقعت انغريت كرامب-كارنباور العقد مع جوزيف شوستر رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا.
يبلغ عدد منتسبي الجيش الألماني 185 ألفاً، منهم 53400 من البروتستانت وحوالي 41.000 من الكاثوليك. وتذهب التقديرات إلى وجود 300 من اليهود و3000 من المسلمين.
"3000 أو أكثر رقم كبير. كل جندي مهم. الآن هناك رعاية روحية لليهود، وهو أمر طال انتظاره"، تقول ناريمان.
متحدث باسم وزارة الدفاع قال في تصريح لـ DW: "يتزايد عدد المنتسبين للجيش من المسلمين والمسلمات. والجميع لهم الحق بالرعاية الروحية وفق معتقدهم الديني".
اشكالية تعدد الجهات الممثلة للمسلمين
بالأساس تحسب وزارة الدفاع حسابها لرعاية روحية لحوالي 1500 جندي، الأمر الذي تم الحديث عنه منذ وقت طويل. وفي النهاية فإن الحق بممارسة الشعائر الدينية راسخة دستورياً. ويتذكر الأسقف العسكري، زيغورد رينك، بأنه جرت مناقشات في عهد الوزيرة السابقة أورزلا فون دير لاين (2013-2019) وأخذ الأمر على محمل الجد، إلى أن جاءت الحملة الانتخابية لانتخابات 2017. تبحث وزارة الدفاع عن شريك للتحدث إليه وتتحفظ على مناقشة الأمر مع المجلس المركزي للمسلمين.
"بسبب الجمعيات الكثيرة الممثلة للمسلمين في ألمانيا فإن تطبيق الرعاية الروحية لن تكون في المستقبل المنظور"، يقول المتحدث باسم وزارة الدفاع.
عند الحاجة تقوم جهة مختصة في وزارة الدفاع بتنظيم الرعاية الروحية لأتباع الديانات والعقائد غير المسيحية واليهودية عند سقوط أحدهم في ميدان القتال أو التدريب كإحضار إمام مسلم على سبيل المثال.
هل بالضرورة أن يكون إماما؟
ضيف وحكاية - ناريمان راينكه: يعتبرني البعض عاراً على الجيش الألماني
26:00
يحتدم نقاش حول الجانب القانوني للراعية الروحية للمسلمين. الأسقف العسكري رينك تحدث عن إمكانية ألا يكون الراعي الروحي للمسلمين إماماً. يستغرب أيمن مزيك من الاقتراح، غير أنه يتصور إمكانية التعاون مع الكنائس في هذا المضمار.
ويضرب أيمن مزيك الولايات المتحدة كمثال عن وجود أئمة كرعاة روحيين في الجيش الأمريكي. وتعرف ناريمان جنديات أمريكيات مرتديات الحجاب.
ألمانيا تبحث عن طريق خاص بها. هل يحدث أي تطور في هذا الملف قبل الانتخابات البرلمانية في خريف 2021؟ الجواب هو: على الأرجح لن يحدث، بالنظر إلى أن ترتيب الرعاية الروحية للجنود اليهود استغرق أكثر من سنة ونصف مع وجود الإرادة عند جميع الأطراف.
"هذا ليس من العدل. هذا يعني بالنسبة لي أن الإسلام لم يصل إلى ألمانيا بعد، على الرغم من أننا نخدم بلدنا، بلدنا ألمانيا، ونضحي بحياتنا من أجله".
كريستوف شتغراك (خ.س)
ملف صور: المسلمون في أوروبا.. الانتشار والأعداد
ينتشر المسلمون في القارة الأوروبية دون استثناء أي بلد منها. غير أن بعض تجمعاتهم تستقر في دول بعينها نتيجة أسباب سياسية أو تاريخية أو بحثاً عن سبل العيش. المزيد في ملف الصور التالي:
صورة من: Getty Images/S. Gallup
فرنسا
تعد فرنسا البلد الذي يوجد فيه أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، إذ يقدر عددهم بحوالي 5 مليون مسلم. أغلب هؤلاء المسلمين ينتمون إلى دول المغرب العربي وشمال أفريقيا. عرفت أعداد المسلمين في فرنسا تزايداً ملحوظاً بعد الحرب العالمية الأولى، إذ كان البلد في حاجة إلى الأيدي العاملة.
صورة من: AP
ألمانيا
تعتبر ألمانيا من بين أهم الدول التي قصدها مسلمون منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويقدر عدد المسلمين في ألمانيا بحوالي 5 مليون شخص. وتتجاوز نسبة الأتراك الثلثين. كما أن عدد المسلمين بهذا البلد عرف تزايداً، خصوصاً ما بين عامي 2010 و2016، حيث قصدها حوالي مليون لاجئ. وحسب الدراسات فإن 86 بالمائة من اللاجئين الذين قصدوا ألمانيا مسلمون. ويضم البلد مئات المساجد وعشرات المراكز الدينية.
صورة من: Getty Images/M. Hitij
بريطانيا
يتمركز أغلب المسلمين في بريطانيا في العاصمة لندن. وتنقسم أصولهم بين قادمين من الهند، الشرق الأوسط وأفريقيا. أحدث دراسة في الموضوع أشارت إلى أن المملكة المتحدة لم يدخلها لاجئون مسلمون كثر بين 2010 و2016، إذ قدر عددهم بـ 60 ألف. وبشكل عام، فعدد المسلمين الذين وصلوا إلى المملكة منذ 2010 يناهز 43 بالمائة من المهاجرين لبريطانيا.
صورة من: Getty Images/D. Kitwood
إسبانيا
عاش جزء من إسبانيا تحت الحكم الإسلامي لفترة طويلة، وما تزال تحتفظ في بعض مدنها بآثار ذلك. حسب إحصاءات 2012، فإن أكثر من مليون و900 ألف شخص يعتنقون الدين الإسلامي في البلد. ينحدر أكثرية المسلمين هناك من الأصول الأمازيغية، خاصة من شمال المغرب وبعض البلدان الإفريقية. ويتوزع المسلمين على مدن عديدة أهمها: مدريد وكتالونيا والأندلس وفالنسيا ومورثيا وكانارياس..
صورة من: Fotolia/Mariusz Prusaczyk
إيطاليا
حسب إحصائية تعود لـ2016، فإن المغاربة المسلمين يقدرون بحوالي نصف مليون مسلم، ضمن أكثر من مليون و700 ألف شخص يعتنق الإسلام. المسلمون في إيطاليا يتركزون في الجهات الصناعية في شمال البلد، كما تضم العاصمة لوحدها أزيد من 100 ألف مسلم. وبالنسبة لدور العبادة، فتضم روما واحداً من أكبر المساجد في أوروبا فضلاً عن مساجد أخرى تنتشر في المدن والحواضر.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Lo Scalzo
هولندا
في العقود الأخيرة من القرن الماضي، استقطبت هولندا اليد العاملة من "بلدان مسلمة" كتركيا والمغرب. وتشير بيانات إلى أن عدد المسلمين في هولندا تجاوز 850 ألف مسلم في 2006. كما أشارت صحيفة AD الهولندية مؤخراً إلى أن الإسلام يعرف انتشاراً واسعاً داخل البلد، وعززت ذلك بأرقام تفيد تنامي الإسلام بامستردام على غرار الديانات الأخرى.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Johnson
بلجيكا
يقصد الكثير من المسلمين بلجيكا، ويتجاوز عددهم هنالك 700 ألف مسلم من أصول مغربية بالدرجة الأولى. يحتل الإسلام الرتبة الثانية ضمن الديانات المعتنقة في البلد. وحسب تقرير لجريدة الإيكومنست البلجيكية، في وقت سابق، فإن نصف أطفال المدارس الحكومية في بروكسيل من عائلات مسلمة. كما يوجد في العاصمة أكثر من 300 مسجد. تعترف بلجيكا بالدين الإسلامي وتخصص ميزانية لتدريس التربية الإسلامية، ودفع رواتب بعض الأئمة.
صورة من: DW/K. Hameed
الدانمارك
وصل الإسلام حديثاً إلى الدنمارك وذلك مع هجرة العمال المسلمين بدءاً من منتصف القرن العشرين. ويقدر عدد المسلمين حوالي 300 ألف مسلم، أي 5 بالمائة تقريباً من سكان الدنمارك. وينحدر أغلبهم من تركيا ودول عربية. كما يوجد من بين المسلمين ألبان وباكستانيون ودنماركيون
صورة من: picture-alliance/Scanpix Denmark/S. Bidstrup
اليونان
تقدر نسبة المسلمين في اليونان بحوالي 3 بالمائة من إجمالي السكان. وتعتبر اليونان من بين الدول الأولى التي عرفت الإسلام، إذ قدمت جيوش المسلمين إلى جزيرة "رودوس" أول مرة عام 654 ميلادي. يوجد خمس مجموعات سكانية مسلمة في البلد، تنقسم إلى: أتراك وبوماك وألبان وغيرهم إضافة إلى المهاجرين. يوجود الكثير من المساجد في البلد، ويرجع الكثير منها للعهد العثماني.
صورة من: Getty Images/M. Bicanski
بولندا
تعود بدايات المسلمين في بولندا إلى القرن الرابع عشر ميلادي. ويعتبر حالياً عدد المسلمين هناك قليلاً مقارنة بالبلدان الأوروبية الأخرى. توجد بعض الإشارات التي تقول أن عدد هؤلاء يصل إلى 31 ألف مسلم فقط، أي ما يقارب 1 بالمائة من مجموع عدد السكان. ويوجد أكبر تجمع إسلامي في مدينة بياوتسنوك. تشير بعض الإحصائيات إلى أن عدد المسلمين، عام 2050، سيصير ضعف العدد الذي يوجد عليه الآن. إعداد: مريم مرغيش