الديمقراطية في أوروبا الشرقية بعد 30 عاما على سقوط الشيوعية
١٩ أكتوبر ٢٠١٩في 1989 تغير الوضع في أوروبا وذلك عقب انهيار الشيوعية من برلين إلى موسكو. وهكذا لم تعد بلدان أوروبا الوسطى والشرقية تحت هيمنة الاتحاد السوفياتي. وانهارت الحدود في اتجاه الغرب، وفي السنوات التالية انفتحت الدول اجتماعيا واقتصاديا واجتاحت موجة من التفاؤل القارة.
والآن وبعد 30 عاما على ما يُسمّى "سنة التحول" في عام 1989 ترحب غالبية مواطني دول المعسكر الشرقي السابق بالتحول السياسي والاجتماعي. لكنهم غير مسرورين بالوضع السياسي والاقتصادي الراهن في بلدانهم. وهذا ما تظهره الدراسة المعروضة اليوم من "مركز بيو للأبحاث" بدعم من مؤسسة كوربر الألمانية.
الرفاهية تأتي بالسرور
"مستوى السرور يرتبط بالرفاهية الاقتصادية"، كما تقول نورا مولر مديرة السياسة الدولية ومديرة مكتب العاصمة برلين لجميعة كوربر للابداع والتفاهم. "هذه ليست مفاجئة كبيرة". ولذلك يحتل نظام تعدد الأحزاب وكذلك اقتصاد السوق الحر في بلدان مثل بولندا وليتوانيا مكانة مرموقة، إذ تمكنت من رفع مستوى رفاهية مواطنيها بقوة منذ 1989. وفي الدول التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي وتستفيد اقتصاديا يتحدث السكان بشكل خاص عن التحول بإيجابية. وغالبية سكان تلك البلدان تعتبر أن العضوية في الاتحاد الأوروبي جيدة، وهذا هو ملخص استطلاع للرأي بين نحو 19.000 شخص. وعلى الرغم من ذلك فإن الاعتراف بالأسس الديمقراطية ليس قويا. وتشرح نورا مولر هذا الأمر بالقول:" في دول الاتحاد الأوروبي التي تعاني من مشاكل اقتصادية ـ وهنا تظهر في دول مثلا بلغاريا ـ يكون الرضى ضعيفا".
شكوك في أوكرانيا
على المستوى الإقليمي توجد فوارق كبيرة بالنظر إلى الموقف من التطور السياسي والاقتصادي، فمن بين دول أوروبا الوسطى والشرقية هناك تأييد مرتفع في بولندا. هناك يرحب 85 في المائة بالتحول إلى نظام التعددية الحزبية واقتصاد السوق الحرة. وهذه الأعداد مسجلة أيضا في شرق ألمانيا. في المقابل التأييد أضعف للنظام الأساسي السياسي والاقتصادي في تشيكيا (نحو 80 في المائة) وفي سلوفاكيا (70 في المائة) وفي ليتوانيا (70 في المائة). وهذا التأييد يظهر ضعيفا للغاية في أوكرانيا حيث يرحب فقط نصف المستطلعة آراؤهم بالنظام السياسي والاقتصادي الجديد. وفي روسيا يرحب فقط 43 في المائة من المستطلعة آراؤهم بنظام التعددية الحزبية وفقط 38 في المائة باقتصاد السوق الحرة.
جاذبية الاتحاد الأوروبي
"الاتحاد الأوروبي له تأثير جذاب"، تقول مولر في هذا السياق: "من خلال أفق انضمام إلى الاتحاد الأوروبي يوجد دوما قدر من الدفع للقيام بالإصلاح. والنتائج تكشف أيضا أن سرور الناس يزداد عندما يتحسن وضعهم الاقتصادي بعد الانضمام ". والفتور يطرأ في المقابل في مجالات الحياة الأخرى: دولة القانون ونظام الصحة وكذلك "قيم العائلة" تطورت أقل في الفترة كلها، كما يعبر عن ذلك 40 في المائة من المستطلعة آراؤهم.
لا توجد قوالب في الذهن
ويتزامن الأسف على فقدان ما يُسمى القيم العائلية في بعض البلدان مع رفض لنماذج حياة بديلة. إذ يوجد كما كان عليه الحال في السابق فوارق كبيرة بين أوروبا الشرقية والغربية فيما يخص قبول المثلية. "وهذا لا يعني بأنه لا توجد في الدول الأوروبية الشرقية قوى تقدمية"، كما تؤكد مولر. "بل العكس هناك أيضا يوجد الكثير من الناس الذين يناضلون من أجل حقوق المثليين".
وبعيدا عن الانتماءات الجغرافية، فإن بعض المبادئ الديمقراطية تلقى التأييد أكثر من أخرى. "غالبية كبرى تعتبر أن نظام عدالة منصف والمساواة بين الجنسين مهمة جدا". والتأييد الأكبر يعبر عنه المُستطلعة آراؤهم حسب الدراسة تجاه دولة القانون وحرية التعبير والانتخابات الحرة.
وفي المجمل يستنتج مؤلفو الدراسة صورة إيجابية عن أوروبا بعد 30 عاما على انهيار الستار الحديدي. وعلى الأقل فإن المواطنين الأوروبيين في غالبية البلدان ليسوا متحمسين، لكنهم ينظرون بتفاؤل حذر إلى المستقبل. " في دول أوروبا الوسطى والشرقية يبقى الكثير من الناس إيجابيين فيما يتعلق بمستقبل علاقات بلدانهم بالأوروبيين الآخرين"، تقول مولر. فالناس متفائلون هناك لعدم حصول تغيرات كبيرة ونزاعات في المستقبل.
بيتر هيله/ كرستين كنيب/ م.أ.م