أحياء حلب الشرقية تدخل يومها الثاني من دون غارات جوية
١٩ أكتوبر ٢٠١٦
تعيش أحياء حلب الشرقية ساعات من توقف القصف الجوي، بعد إعلان موسكو وقف غاراتها وكذلك غارات حليفها النظام السوري على تلك الأحياء. والرئيس السوري يجدد تأكيده على مواصلة المعركة في حلب.
إعلان
دخلت الأحياء الشرقية في مدينة حلب السورية الأربعاء يومها الثاني من دون أن تتعرض لأي غارات غداة إعلان روسيا تعليق القصف الجوي على المنطقة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: "ليست هناك غارات جوية منذ صباح الثلاثاء حتى الآن" في الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب في شمال سوريا.
وجدد الرئيس السوري بشار الأسد تصريحاته بأن قواته ستعمل على تخليص مدينة حلب من "الإرهابيين" (وهو وصف يطلقه النظام السوري على المسلحين الذين يقاتلون ضد حكم الأسد)، بموجب "تفويضها الدستوري لحماية المدنيين"، جاء ذلك في حوار أجراه مع التلفزيون السويسري نشر اليوم الأربعاء (19 أكتوبر/ تشرين الأول 2016).
وأعلنت موسكو صباح الثلاثاء وقف غاراتها وغارات الجيش السوري على مدينة حلب، قبل يومين من هدنة إنسانية جاءت بمبادرة منها وتبدأ عند الساعة الثامنة صباحا من يوم الخميس بالتوقيت المحلي وتستمر ثماني ساعات.
وتهدف الهدنة، بحسب موسكو، لفتح الطريق أمام إجلاء مدنيين ومقاتلين من الأحياء الشرقية. وقال المتحدث باسم الدفاع المدني أو "الخوذ البيضاء" إبراهيم أبو الليث لوكالة فرانس برس "الحمد لله ليس هناك طيران حاليا، ولكن هناك قذائف وراجمة صواريخ". وأضاف أن "السكان لا يزالون خائفين لأنهم لا يثقون بالنظام وروسيا".
واستغل سكان الأحياء الشرقية الثلاثاء توقف القصف للخروج من منازلهم وشراء المواد الغذائية التي لا تنفك تتضاءل كمياتها في السوق. إلا أن الاشتباكات مستمرة على محاور عدة في المدينة وخصوصا المدينة القديمة، وفق عبد الرحمن الذي أشار إلى تبادل قصف، مدفعي من جانب قوات النظام وإطلاق الفصائل المعارضة للقذائف.
وتصاعد الضغط الدولي على روسيا، الحليفة الأبرز للرئيس السوري بشار الأسد، إثر هجوم بدأه الجيش السوري في 22 أيلول/سبتمبر للسيطرة على الأحياء الشرقية. وتزامن الهجوم مع غارات روسية كثيفة وأخرى سورية أوقعت مئات القتلى وألحقت دمارا كبيرا لم تسلم منه المستشفيات. ولم تنجح الجهود والمحادثات الدولية منذ ذلك الحين في إحياء وقف إطلاق النار، في وقت اتهم الغربيون روسيا بـ"جرائم حرب" في سوريا. ويلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء في برلين نظيره الفرنسي فرنسوا أولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وعلى جدول أعمالهم الأزمة السورية كلمف ثانٍ إلى جانب الوضع في أوكرانيا.
ف.ي/ح.ع.ح (د.ب.ا، رويترز، ا.ف.ب)
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري