1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"أخشى أن تكون روسيا في طريقها لخلق حقائق جديدة على أرض الواقع"

أجرى المقابلة: ديرك إيكهارد/ ترجمة: عماد م. غانم١٢ أغسطس ٢٠٠٨

الوسيط الأممي السابق في منطقة القوقاز ديتر بودن لم يفاجأ من الحرب بين روسيا وجورجيا، حسبما أكد في حديث لموقعنا، لكنه أضاف أنه مقتنع أن الفرصة ما تزال قائمة للوصول إلى حل وسط.

الوسيط الأممي السابق في منطقة القوقاز، ديتر بودنصورة من: picture-alliance/ dpa

دويتشه فيله: سيد بودن، لسنوات طويلة حاولت أن تتوسط وتمنع نشوب حرب جديدة في منطقة القوقاز. ولكن الصراع احتدم من جديد حول إقليم أوسيتيا الجنوبية الجورجي المطالب بالانفصال. هل شكل هذا الأمر مفاجأة بالنسبة لك؟

ديتر بودن: لم يشكل هذا الأمر مفاجأة لأي أحد. وفي الواقع، الوضع ساء هناك منذ سنوات، ووصلت المفاوضات منذ عام 2004 إلى طريق مسدود. ومنذ ذلك الوقت بدأ الطرفان في التسلح، حتى وصل الأمر إلى حرب حقيقية.

بدأت الحرب بتصميم جورجيا على استعادة أوسيتيا الجنوبية، فلماذا قررت جورجيا خوض هذه الحرب؟

ما تزال قضية من بدأ أولاً بإطلاق النار مثاراً للجدل. لكن عندما ينشأ التهديد العسكري في الكواليس، يتحول الأمر سريعاً ويصبح توقع النتائج صعباً. وإن أردنا البحث عن إجابة للسؤال: لماذا بدأت الحرب الآن، فلا يمكننا سوى التكهن. وهناك بعض الساسة في الحكومة الجورجية، الذين يحثون على هذا الأمر منذ وقت طويل. وربما ظن البعض أن بإمكانهم القيام بأي شيء، مختبئين تحت ظلال الألعاب الأولمبية. ولكن على الجانب الروسي أيضاً يوجد عدد كاف من المحرضين.

كنت رئيساً لبعثة الأمم المتحدة في جورجيا. هل تعتقد أن بعثات السلام والمفاوضات السابقة انتهت إلى الفشل؟

لقد فشلت هذه البعثات بسبب تعارض المواقف: فجورجيا تريد فرض سلطة الدولة على منطقتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا المتمردتين، اللتين ترغبان في الانفصال. صحيح أنه تم عقد العديد من جولات المباحثات، التي أسفرت على سبيل المثال عن إجراءات ومشروعات اقتصادية صغيرة، مولها الاتحاد الأوروبي، لدعم الثقة بين الطرفين. كما أننا وضعنا اللبنات الأساسية لطريق يمكن أن تقود إلى تنظيم هذا الصراع. لكن كلا الجانبين كانا يفتقران إلى الصبر وتحمل المسؤولية في عملية المفاوضات، وحتى روسيا لم تقدم الدعم الكافي لهذه اللبنات. والغرب استهان طويلاً بحجم الصراع في القوقاز ولم يدعم جهود المفاوضات بالشكل الكافي. ودائماً ما كنت ألاحظ هذا الأمر. في الواقع لم نجد في العواصم الغربية سنداً حقيقياً لعملنا.

سافر وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير إلى جورجيا من أجل التوسط. هل تأتي هذه المبادرة متأخرة؟

محاولة التوسط هذه جديرة بالتقدير، ولكنها أتت متأخرة كثيراً وبعد أن هيمن الجمود طويلاً على المفاوضات.

بودن يخشى أن تخلق روسيا حقائق جديدة على أرض الواقع من خلال آليتها العسكرية الهائلةصورة من: AP

وإذا أردت الخروج بمحصلة: فما الذي حققته في جورجيا بصفتك دبلوماسيا؟

كنت هناك في وقت، كان يمكن فيه العمل بصورة بناءة في مشاريع منفردة كعودة اللاجئين. وحينها تم وضع خطط لتنظيم الصراع أيضاً، وما زال من الممكن تطبقيها. وما كان ينقصنا هو الإرادة السياسية، من جميع الجوانب، لتطبيق هذه الخطط. ولكني أشعر أنني فشلت؛ فحين تندلع حرب، يضيع كل ما قمنا به حتى ذلك الوقت.

ما هي معالم خطة ممكنة لإنهاء الصراع؟

بالنسبة لصراع جورجيا مع أبخازيا، يوجد مقترح، يمكن أن يقود الطرفين إلى طاولة المفاوضات. وأساس ذلك أن تبقى جورجيا كدولة من دون المساس بها. وقد قمت شخصياً بوضع هذه الخطة عام 2001. وما تزال سارية المفعول إن تمسكت جميع الأطراف بمبدأ احترام السيادة.

تصر جورجيا على احترام سيادتها، لكن الأقاليم تريد الانفصال. هناك تعارض مبدأي في الإرادتين؟

هذا هو سقف المطالب، ولكن ينبغي تغييره من خلال المفاوضات. وفي المفاوضات يجب أن ينطلق المرء من قناعة مفادها أن هناك استعداد لحلول وسط. لذلك تعتمد هذه المفاوضات على الإرادة السياسية للمشاركين وعلى دعم المجتمع الدولي. وحتى روسيا، لا يمكن أن تكون لها مصلحة في جورجيا غير مستقرة. وليس من مصلحتها كذلك التخلي عن مبدأ احترام السيادة، وإلا بات وضع الشيشان كجزء من روسيا محط التساؤل. لذلك فمن الضروري وجود إمكانية لحل وسط.

تحت أي شروط يمكن لأوسيتيا الجنوبية أن تكون مستعدة للبقاء جزءاً من جورجيا؟

يجب سؤال الأوسيتين عن هذا الأمر. لقد سببت هذه الحرب أضراراً هائلة. نحن لا نعرف بعد ما جرى من فظائع في تسخينفالي، كما أن هذه الحرب ستزيد الأوضاع سوءاً. ولكن العلاقة بين الأوسيتين والجورجيين- من ناحية المبدأ- لم تهتز مثلما هو الحال في العلاقة بين الجورجيين والأبخازيين. لقد شعرت بذلك مراراً وتكراراً أثناء وجودي هناك. وإن افترضنا ذلك، فيجب أن يكون من الممكن إيجاد حل ما من خلال منح الأقاليم الراغبة في الانفصال حكماً ذاتياً واسعاً. ولكن ليس حكماً ذاتياً فلكلورياً مثلما كان الأمر في الحقبة السوفيتية، بل المزيد من الحقوق السياسية. وتوجد نماذج مشابهة، لكن يجب الحديث عن ذلك الاحتمال بجدية.

لاجئون جورجيونصورة من: AP

ما هو الدور الذي يمكن أن تمارسه المنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في إنهاء الصراع؟

تتحمل كلاهما مسؤولية كبيرة. فمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لديها تفويض بتشجيع المحادثات بين أطراف الصراع، والشيء نفسه ينطبق على بعثة الأمم المتحدة في أبخازيا. وبرأيي يجب ترك الأمور على حالها، لكن في الوقت نفسه يجب دعم هاتين المنظمتين.

لكن الأمم المتحدة فقدت القدرة على التصرف، فالولايات المتحدة تدعم جورجيا في مجلس الأمن، وروسيا تقدم الدعم لأوسيتيا الجنوبية.

أعرف هذه المواجهة، فأنا نفسي ذهبت مرات عدة إلى مجلس الأمن بخصوص النزاع مع أبخازيا. واتخذت هذه المواجهة أشكالا كبيرة بسبب المواجهة العسكرية، لكن ليس من مصلحة الولايات المتحدة وروسيا أن تتسع حلقة المواجهة. ففي النهاية، لدى كل من الطرفين ما يكفي من المشاكل الأخرى، التي تتطلب تعاون الجانبين، كالملف النووي الإيراني والإرهاب على سبيل المثال. لذلك أعتقد أن ما قيل في مجلس الأمن ليس الكلمة الأخيرة.

جورجيا على وشك خسارة الحرب، فهل ستنفصل أوسيتيا الجنوبية الآن، وربما أبخازيا بعد ذلك؟

أخشى أن تخلق روسيا بآليتها العسكرية الهائلة حقائق جديدة على الأرض لتحسين وضعها الحالي. ومن الناحية العسكرية سيتم تأمين أوسيتيا الجنوبية بشكل أفضل، ومن المحتمل أبخازيا أيضاً. ولكن لن يؤدي هذا في المستقبل إلى مزيد من التحسن، بل إلى زيادة أحقاد الجورجيين على الروس. ومن الممكن أن تسوء الأوضاع كثيراً، لذلك يجب أن توضع الهدنة على رأس الأولويات.

تطمح جورجيا إلى الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. هل كان من الممكن عدم اندلاع الحرب، إن وافق الحلف على انضمامها في قمة بوخارست 2008، كما أرادت الولايات المتحدة؟

تساورني شكوك كبيرة بخصوص هذا النقطة. وجورجيا لا تنضم إلى حلف شمال الأطلسي بهجوم مفاجئ. فمن أجل الحصول على عضوية كاملة في الحلف، يجب على جورجيا أن تنتظر لسنوات طويلة على كل حال. إضافة إلى ذلك فإن الحلف- لأسباب وجيهة- لا يقبل في عضويته دولاً لها صراعات ونزاعات مفتوحة. وإلا أصبحنا كلنا رهائن للمادة 15 من اتفاقية حلف شمال الأطلسي "ناتو"، والتي تلزم الدول الأعضاء بدعم كل دولة عضو، تتعرض إلى هجوم. وإن تصورنا أن هذا يمكن أن ينطبق على جورجيا، سنصاب بصدمة من دون شك.

ديتر بودن: سفير متفرغ، ورأس بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوربا في جورجيا بعد 1995/1996، ثم أصبح فيما بعد المبعوث الخاص للسكرتير العام للأمم المتحدة إلى أبخازيا. ورأس بعثة مراقبي الأمم المتحدة في جورجيا للفترة من 1999 حتى 2002.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW