1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أخلاقيات الإقتصاد في عصر عولمة الأسواق ورأس المال

إصرار "دويتشه بنك"، أكبر المصارف الألمانية، على تنفيذ خطته بتسريح عدد كبير من عامليه رغم الأرباح العالية التي يحققها يطرح أسئلة مبدئية لا مفر منها حول مسئولية الاقتصاد الأخلاقية في عصر عولمة الأسواق ورأس المال.

المقر الرئيسي للدويتشه بنك في فرانكفورتصورة من: AP

تتزايد حدة السجال الدائر في ألمانيا حول قرار إدارة "دويتشه بنك" بتنفيذ خطة تسريح ما يزيد عن 6 آلاف موظف رغم الارتفاع الكبير في نسبة أرباحه في السنوات الأخيرة. ويأتي هذا التطور الملفت للنظر ليتوافق مع التطور العام الذي يشهده الاقتصاد الألماني بصورة خاصة والعالمي بصورة عامة حيث تتبنى الشركات الكبرى إستراتيجيات عمل قائمة على خفض تكاليف الإنتاج على حساب خلق فرص عمل في وقت يصل فيه عدد العاطلين عن العمل إلى أرقام قياسية.

مفارقات عولمة رأس المال

اندماج البنوك يهب راس المال العالمي قوة جديدة ويحولها إلى لاعب دولي رئيسيصورة من: AP

وفي السياق نفسه أعلن جوزف أكرمان رئيس مجلس إدارة مصرف "دويتشه بنك" أن خطة التسريح هذه المثيرة للجدل تعود بالدرجة الأولى إلى إلى إضرار مصرفه إلى خفض نفقات وتكاليف خدماته كي يتمكن من الوصول إلى هدفه في رفع نسبة عوائد استثماراته إلى 25 %. وليس البنك الألماني وحيداً فيما يتعلق بإستراتيجية عمله التي ترتكز على تحقيق الأرباح، إذ أعلن المكتب الاتحادي للإحصاء أن أرباح الشركات الألمانية الأخرى وممتلكاتها نمت خلال العام الماضي بشكل سريع لم تشهده ألمانيا منذ إعادة وحدتها في عام 1989.

الصين تطبق خليط من الرأسمالية والشيوعيةصورة من: AP

وتكمن المفارقة الكبرى هنا في حقيقة أن الاقتصاد الألماني يضاهي من حيث قوة بنيته وقدرته التنافسية أقوى اقتصاديات دول العالم، كما تعتبر ألمانيا "بطلاً للعالم" في مجال التصدير مقارنة مع الدول الصناعية الكبرى، ولكن وفي الوقت نفسه تزداد نسبة العاطلين عن العمل. هذا التطور يطرح أسئلة لا مفر منها حول مسئولية الاقتصاد الأخلاقية والاجتماعية في ظل فقدان الدولة القومية المتزايد لنفوذها نتيجة للتسارع الملحوظ في وتيرة العولمة.

عولمة الاقتصاد نقيض الدولة القومية

رمز منظمة التجارة الدوليةصورة من: AP

وعلى الرغم من أن الدراسات الجديدة تخفف من هول هذا النقاش الدائر في الآونة الأخيرة حول الرأسمالية وتأثيرها السلبي على الاستثمارات المحلية، وتحاول توضيح المفارقة بين ارتفاع نسبة الصادرات من ناحية، وارتفاع نسبة البطالة من ناحية أخرى، إلا أنها لم تنجح في التقليل من موجة الاستياء والخوف التي تعم قطاعات كبيرة من المجتمع الألماني. فالقوة الاقتصادية والمالية التي تمثلها الشركات متعددة الجنسيات، خاصة مع اتجاه بعضها نحو الاندماج والتكتل في كيانات أكبر، تسمح لها بممارسة المزيد من الضغط على الحكومات، خاصة في العالم الثالث، والتأثير بذلك على سياساتها وقراراتها السيادية. وتعطي الإشارة إلى أن رأس مال شركة واحدة من الشركات العالمية العملاقة يفوق إجمالي الدخل القومي لعشر أو خمس عشرة دولة إفريقية مجتمعة دليلاًً واضحاً على درجة نفوذها على أرض الواقع.

تحدي العولمة وأخلاقيات الرأسمالية

صورة كاريكاتورية لرئيس الحزب الحاكم في ألمانيا مونتيفيرينغ مع ماركس ولينسن وانغلزصورة من: AP/SO

وفي غضون ذلك وصل الجدل الحاد حول أخلاقيات الرأسمالية إلى ذروته حين شن رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم في ألمانيا فرانز مونتيفيرنغ هجوماً لفظياً لم يسبق له مثيل على الطبقة الرأسمالية وعلى أرباب العمل واصفاً الكثير منهم بـ"الجراد" الذي يدمر فرص العمل وركائز حياة المواطنين. وبغض النظر عن غرض هذه الهجمة الدعائية، خاصة أنها لا تملك مصداقية كبيرة نظراً لأن المستشار الألماني الذي ينتمي إلى نفس الحزب هو صديق لأرباب العمل ويعمل بقوة على تمثيلهم وحماية مصالحهم في حلبة السياسة الدولية، إلا أنها لا تعطي أجوبة على تحديات العولمة الكبيرة، وخاصة التحدي الأكبر الذي يتمثل بكيفية تحقيق العدالة الاجتماعية في عصر العولمة.

لؤي المدهون

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW