1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أتراك لاجئون في اليونان: لم نعد نشعر بالأمان في بلدنا

٧ نوفمبر ٢٠٢١

يعتبر الاتحاد الأوروبي تركيا بلداً آمناً للمهاجرين، رغم هروب مواطنين أتراك من نظام أردوغان. الخطر يداهم حتى اللاجئين في تركيا أيضا، ولاجئون أتراك في اليونان يخشون من استخدامهم كورقة.

يعتبر الاتحاد الأوروبي تركيا بلداً ثالثاً آمناً للمهاجرين، رغم هروب مواطنين أتراك من نظام أردوغان.
يقول الصحفي التركي اللاجئ إلى اليونان راغب دوران: "يعلم أردوغان جيدا كيف يلعب بخوف أوروبا من المهاجرين. لقد أعلن ذلك أكثر من مرة: عليكم إعطائي المال، وإلا سأفتح الحدود على مصراعيها للمهاجرين وسأتركهم يعبرون إلى اليونان. بالنسبة له المهاجرون لا يعنون شيئا، هو يستغلهم لمصلحته العدوانية". صورة من: Murat Cetinmuhurdar/Turkish Presidency/AA/picture alliance

يجلس صباح الدين طوبراق في مطعمه الصغير قبالة البرج الدائري التاريخي في مدينة سالونيك اليونانية. قصة هذا البرج متعددة مثل أوجه المدينة نفسها، فقد شيد أولا كمعبد في العصور القديمة، ثم تحول إلى كنيسة وعند سيطرة العثمانيين أصبح مسجدا، واليوم صار كنيسة أرثوذوكسية. في الفترة العثمانية شيدت بجانبه منارة يمكن مشاهدتها عن بعد.

منذ خمسة أعوام هرب طوبراق من تركيا، فقد تم وضعه ضمن قائمة الذين لهم علاقة بحركة غولن، والعودة إلى بلاده أمر مستحيل الآن. فمنذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 يطارد نظام الرئيس أردوغان السياسيين المعارضين له. "شقيق زوجتي وأبن أخي يقبعون في السجن. تركيا ليست آمنة". يقول طوبراق لـDW.  طالما يشك نظام أردوغان في أن شخصا معارض له، ستكون هناك عواقب وخيمة، "يتصرفون مثل المافيا" يقول طوبراق.

في مدينة سالونيك يشعر طوبراق بالراحة، حتى رغم سوء العلاقة بين أثينا وأنقرة منذ عام ونصف. ويقول إنه أمر نادر ظهور روح العداوة من قبل اليونانيين، لكن بسبب توتر العلاقة بين البلدين الجارين، ظهرت حالة من عدم الأمان. "كثير من معارفي هنا بدأ يدب الخوف في داخلهم"، يتحدث طوبراق ويشرح السبب بالقول "لايعلمون ماذا سيحدث، وكيف يجب عليهم التصرف. لا يمكن للمرء الشعور بالأمان في مثل هذه الظروف. ولهذا غادر كثير منهم اليونان". الخوف من حدوث صراع عسكري غير موجود، لكن هناك إشاعات تتحدث عن احتمال توصل أنقرة وأثينا إلى اتفاق يسمح بتبادل اللاجئين، وربما أولئك الذين يشتبه بعلاقتهم بحركة غولن، سيتم تسليمهم إلى أنقرة.

منذ خمسة أعوام هرب طوبراق من تركيا، فقد تم وضعه ضمن قائمة الذين لهم علاقة بحركة غولن، والعودة إلى بلاده أمر مستحيل الآن.صورة من: Florian Schmitz/DW

منذ خمسة أعوام يعيش في اليونان أيضا الصحفي التركي راغب دوران، الذي يعمل في مجاله منذ 40 عاماً أغلبها كانت مع وسائل إعلام أجنبية. وكالة الأنبار الفرنسية وصحيفة ليبراسون الفرنسية، وسائل إعلام تخلق رأيا مختلفا عن الذي تحاول الحكومة في أنقرة فرضه. لكن الأمر تغير مع عام 2016، "لم أعد لاجئا سياسيا، بل أصبحت مراسلا أعمل من هنا"، يقول دوران لـDW.

منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016، أصبح من المستحيل العمل في مجال الصحافة في تركيا. "لقد قضوا تماما على الصحافة في تركيا"، يقول الصحفي القديم ويضحك، وكأنه قد اعتاد على سخافة الضغوط المستمرة في بلاده. ويضيف "نظام أردوغان يقمع أي معارضة، يقمع الصحفيين، العلماء، النقابيين، عموما المثقفين، ممن لا ينضمون إلى السلطة".

بعد وصوله إلى سالونيك علم أنه قد حكم عليه بالسجن لمدة 18 شهرا، الحكم الذي ألغي بعد ذلك. "حاليا هناك مجموعة من القضايا المرفوعة ضدي، لأنني اشتركت في حملة دعم صحيفة كردية. 56 صحفية وصحفي عملوا رمزيا ليوم واحد كرئيس تحرير لتلك الصحيفة". يقول دوران. "القضية المرفوعة ضدي لها دوافع سياسية وليس لها علاقة بالعدالة. مثل أغلب القضايا في تركيا التي تجرى تحت حجة اتهامات بالإرهاب". يشرح دوران ثم يضيف بالقول :"أكثر من 700 ألف مواطن يحاكمون للاشتباه بممارستهم بروبوغندا إرهابية". 

يقول دوران. "القضية المرفوعة ضدي لها دوافع سياسية وليس لها علاقة بالعدالة. مثل أغلب القضايا في تركيا التي تجرى تحت حجة اتهامات بالإرهاب". صورة من: Florian Schmitz/DW

لكن دعم أردوغان آخذ في التراجع، بما في ذلك داخل حزبه، حزب العدالة والتنمية. تركيا معزولة دوليا. كما أن جائحة كورونا أدخلت البلاد في أزمة عميقة. وليس المثقفون وحدهم من يتركون دولة أردوغان، حتى الليرة التركية تتأرجح من انخفاض إلى آخر. في الوقت ذاته، تخوض أثينا وأنقرة حربا باردة على ثروات المواد الخام في شرق بحر إيجة، في معركة سياسية تخاض فعليا على ظهور اللاجئين والمهاجرين.

رغم ذلك تبقى بروكسل والاتحاد الأوروبي على رأي مفاده أن تركيا دولة ثالثة آمنة للاجئين. ولهذا السبب تلجأ أثينا إلى تكتيكات قاسية وغالبا ما تكون غير قانونية محاولة منع المهاجرين من طلب اللجوء على الأراضي اليونانية. كلا البلدين يتهمان بعضهما باستخدام اللاجئين كسلاح دعائي.

حاليا يعيش في تركيا نحو  خمسة ملايين لاجئ ، رقم ليس له مثيل في بلد آخر بالعالم. وإضافة إلى المشاكل السياسية القائمة في تركيا، فقد ظهر شعور بعدم الرضا لاسباب من أبرزها أن "الناس في تركيا غير سعداء أبدا مع المهاجرين"، بحسب دوران. من خلال هذا الملف يحاول أردوغان الاستفادة داخليا على أساس فشل سياسة الاتحاد الأوروبي في ملف اللاجئين واعتمادها على تركيا، "يعلم أردوغان جيدا كيف يلعب بخوف أوروبا من المهاجرين. لقد أعلن ذلك أكثر من مرة: عليكم إعطائي المال، وإلا سأفتح الحدود على مصراعيها للمهاجرين وسأتركهم يعبرون إلى اليونان. بالنسبة له المهاجرون لا يعنون شيئا، هو يستغلهم لمصلحته العدوانية".

 استهداف دولة القانون

بيغوم باسداس تحاضر في مدرسة هيرتي في برلين للحوكمة وتجري أبحاثا حول الهجرة. انتقدت بيغوم منذ أعوام قرار الاتحاد الأوروبي الاعتراف بتركيا كدولة ثالثة آمنة، تقول لـ DW: "إن وضع حقوق الإنسان في تركيا يزداد سوءا بشكل سريع، سواء بالنسبة لمواطني البلاد أو المهاجرين واللاجئين". "تتجلى الهجمات على حقوق الإنسان وسيادة القانون بشكل خاص في القيود الهائلة المفروضة على حرية التعبير والتجمع". الانتقاد العلني للحكومة يؤدي إلى اعتقالات تعسفية وتهم جنائية ملفقة، دون اللجوء إلى نظام قضائي عادل ومستقل. اللاجئون غير آمنين في تركيا لأسباب أخرى: "طالبو اللجوء الذين لا يأتون من دول مجلس أوروبا لا يتمتعون بالحماية الدولية الكاملة بسبب القيود الجغرافية لاتفاقية جنيف".

بيغوم باسداس : "إن وضع حقوق الإنسان في تركيا يزداد سوءا بشكل سريع، سواء بالنسبة لمواطني البلاد أو المهاجرين واللاجئين". صورة من: privat

كثير من اللاجئين الأفغان لم يتم حتى تسجيلهم، بل يجدون أنفسهم في حالة ضبابية، لها تأثير سلبي على وضعهم القانوني خصوصا تجاه وضعية العمل. وتقول باسداس: "ذكرت منظمات حقوق الإنسان أن سوريين وأفغان يُرَحلون إلى بلدانهم الأصلية، على الرغم من أن حياتهم معرضة للخطر هناك".

بالنسبة للباحثة في شؤون الهجرة، فإن هناك أمرا جليا تماما: فشل سياسة الهجرة للاتحاد الأوروبي  يؤدي بشكل متزايد إلى المزيد من المواقف المناهضة للديمقراطية وكراهية الأجانب في تركيا. وتوضح باسداس: "يستهدف القادة السياسيون المهاجرين واللاجئين. لم يعودوا يعيشون في خوف من الترحيل فحسب، بل يواجهون خطر التعرض للهجوم والعداوة يوميا".

كما تحذر من عواقب استمرار الاتحاد الأوروبي نفسه في غض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان: "يؤدي هذا إلى قطيعة مع المبادئ الأساسية للاتحاد الأوروبي لحماية الناس ويؤدي إلى تعزيز الخطابات اليمينية المتطرفة في أوروبا أيضا".

فلوريان شمتس/ ع.خ

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW