أردوغان يتلقى تهانٍ بنبرات متفاوتة من عواصم دول العالم
٢٥ يونيو ٢٠١٨
فيما أعلن محرم اينجه الخصم الرئيسي لرجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية أنه "يقبل" هزيمته داعيا الرئيس التركي لأن يكون رئيسا لجميع الاتراك. ردود الفعل تُظهر إلى أي مدى تتسم شخصية أردوغان بإثارة الجدل.
إعلان
فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الإنتخابات الرئاسية، سلَّم به خصمه مرشح حزب الشعب الجمهوري اليوم (الاثنين 25 بيونيو/ حزيران 2018) في مؤتمر صحافي بأنقرة "أقبل بنتائج هذه الانتخابات"، وقد حل فيها في المرتبة الثانية بعدما خاض حملة نشطة استقطب فيها حشودا غفيرة من المؤيدين. وقال مخاطبا أروغان "توقف من الآن فصاعدا عن التصرف بصفتك الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (الحاكم)، يجب أن تكون رئيسا لـ81 مليون تركي".
وتمكن إينجه خلال حملته كمرشح لحزب المعارضة الرئيسي في تركيا، من فرض نفسه في موقع الخصم الرئيسي لأردوغان وحصل بحسب وكالة الأناضول الرسمية على حوالى 31% من الأصوات، بفارق كبير عن الرئيس التركي الذي فاز من الدورة الأولى.
وانتقد التعديل الدستوري الذي دفع أروغان باتجاهه والذي يعزز بصورة كبيرة الصلاحيات الرئاسية، وهو تعديل دخل حيز التنفيذ، معتبرا أن تركيا انتقلت إلى "نظام متسلط". وإن أقر بأنه حدد هدفا لنفسه إحراز "35% من الأصوات"، إلا أنه أشار إلى أن النتيجة التي حققها هي الأعلى لحزب الشعب الجمهوري "منذ 41 عاما". واعتبر من جهة أخرى أنه كان بإمكانه إرغام أردوغان على خوض دورة ثانية "لو حصل مرشحو المعارضة الآخرون على المزيد من الأصوات".
تهاني تعكس شخصية أردوغان المثيرة للجدل
ودوليا، تلقى أردوغان التهاني من عواصم مختلفة لكن نبرة تلك التهاني كانت متفاوتة وأحيانا متباينة في رسائلها إزاء مستقبل العلاقة مع تركيا أردوغان. ففي برلين، التي شهدهت العلاقات معها في الآونة الأخيرة توترا ملحوظا، صدر رد فعل متحفظ من الحكومة الألمانية على النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية في تركيا. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت اليوم الاثنين بالعاصمة الألمانية برلين: "سنفترض في البداية أن علاقات العمل بين كلا الحكومتين، الألمانية والتركية المستقبلية، سوف تكون بناءة ومثمرة في المستقبل أيضا".
وأضاف أن الحكومة الاتحادية علمت بنتائج الانتخابات، إلا أن النتيجة الرسمية النهائية لم تعلن حتى الآن، وقال: "بالطبع سوف تهنئ المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الرئيس التركي في الوقت المناسب كالمعتاد". ولكنه أشار إلى أنه يتم في البداية انتظار تقييم مراقبي العملية الانتخابية.
ومن جهته هنأ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس شتولتنبرغ اليوم الاثنين الرئيس إردوغان بعدما كشفت النتائج غير الرسمية عن فوزه في الانتخابات الرئاسية. وهنأ شتولتنبرغ الشعب التركي على المشاركة بأعداد كبيرة في الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وأكد الأمين العام لحلف الناتو على أهمية تركيا كحليف للناتو :"ليس فقط لموقعها الجغرافي الاستراتيجي متاخمة لروسيا والبحر الأسود ، بل أيضا لاشتراكها في الحدود مع العراق وسورية في الجنوب".
مسائيةDW : سياسة تجنيس لاجئين سوريين في تركيا.. ماذا وراءها؟
23:27
بيد أن فوز الرئيس أردوغان لقي ترحيبا بنبرة حارة من عواصم أخرى، مثل موسوكو وطهران وصوفيا. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شدد على أن "نتائج الانتخابات دليل واضح على النفوذ السياسي الكبير لأردوغان والدعم الواسع الذي تحظى به قيادته حول نهجها ازاء المسائل الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها تركيا ولتعزيز موقف البلاد على صعيد السياسة الخارجية".
وقدم الرئيس الايراني حسن روحاني "أصدق التهاني" لأردوغان. وعبر عن أمله في أن تتطور العلاقات الثنائية. وهنأ الرئيس الصربي الكسندر فوسيتش أردوغان قائلا إن بلغراد "ستستمر في ان تكون شريكا موثوقا لتركيا ولدورها كقائد مستعد للدفاع عن القيم والمبادئ في هذه الاوقات الصعبة جدا".
وهنأ رئيس الوزراء المجري المحافظ فيكتور أوربان أردوغان معتبرا ان "استقرار تركيا نبأ سارا" لأوروبا. ووجه أوربان برقية تهنئة الى الرئيس التركي قال فيها إن "قارتنا تواجه مشاكل أمنية خطيرة ومن الضروري تجاوزها من أجل تعاون فعال مع تركيا"
ح.ز/ م.س(أ.ف.ب، د.ب.أ)
تركيا والعالم العربي.. علاقات تتأرجح بين الصداقة والعداوة
تشترك تركيا مع الدول العربية في موضوع الدين الإسلامي، فضلاً عن القرب الجغرافي، وتقارب الرؤى في ملف النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، لكن علاقات تركيا مع العرب ليست وردية تماماً، خاصة في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Altan
الإمارات - التوتر الكبير
تمثل الطريقة التي رد بها أردوغان على وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، عندما وصفه بالمثير للشفقة، ردا على نشر الإماراتي تغريدة تتهم فخر الدين باشا بسرقة سكان المدينة النبوية، صورة عن الخلافات الجوهرية بين أنقرة وأبو ظبي. يختلف الجانبان على الإسلام السياسي، وعزل محمد مرسي، والأزمة الخليجية، كما تتهم وسائل إعلام تركية الإمارات بالمساهمة في تدبير الانقلاب الفاشل، وهو ما تنفيه أبو ظبي.
صورة من: picture alliance/Photoshot
السعودية - تنافس صامت تروّضه المصالح
يسود تنافس صامت بين تركيا والسعودية على زعامة العالم الإسلامي، كما يختلفان في ملفيْ الإسلام السياسي والأزمة الخليجية، زيادة على أن السعودية لا يروق لها استمرار علاقات طهران وأنقرة. إلّا أن الطرفين يحرصان على استمرار شراكتهما الاقتصادية، إذ توجد خطط برفع التبادل التجاري بينهما إلى 20 مليار دولار، كما يحرص الطرفان على الإشادة ببعضهما، كما لو أنهما يرغبان بتفادي الوصول إلى توتر سيؤثر سلبا عليهما معا.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/K. Ozer
قطر- الحليف الموثوق في الخليج
أظهر وقوف أردوغان مع قطر إبّان اندلاع أزمة الخليج قوة تحالف الطرفين. أردوغان دافع عن قطر في وجه اتهامات الإرهاب وأرسل إليها مساعدات غذائية في الأيام الأولى للأزمة. الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية متعددة بين الجانبين، خاصة وأن قطر زوّدت تركيا بالغاز بعد تدهور علاقة الأخيرة بروسيا. الجانبان تشاطرا الموقف ذاته في موضوع عزل محمد مرسي وكذا في سوريا، ولهما علاقات قوية مع تيارات الإسلام السياسي.
صورة من: picture alliance/dpa/abaca/Dha
الجزائر- الغاز يذيب الخلافات
تختلف وجهات النظر بين تركيا والجزائر بشأن الملف السوري، فالجزائر مازالت تحتفظ بعلاقاتها مع نظام بشار الأسد، إلّا أن الجزائر تحاول بالمقابل الإبقاء على علاقات ديبلوماسية مع غالبية القوى. من هنا تُفهم علاقتها مع تركيا التي تستفيد من استثمارات كبيرة في التراب الجزائري، منها أكبر مصنع للنسيج في إفريقيا، كما تأتي الجزائر على رأس الدول العربية في تزويد تركيا بالغاز المسال.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Images/Pool Presidential Press Service/K. Ozer
المغرب - علاقة هادئة دون تشنج
ظن متتبعون أن قرار المغرب برفع رسوم الاستيراد على سلع الملابس التركية سيؤثر سلبا على علاقة الجانبين المرتبطين باتفاقية للتبادل الحر، إلّا أن ذلك لم يحصل، فالاستثمار التركي لا يزال يتدفق على المغرب. حافظ أردوغان على علاقة مثمرة مع الرباط، خاصة مع اتخاذ هذه الأخيرة إجراءات ضد مدارس فتح الله غولن في ترابها، وهو ما تفاعلت معه أنقرة بمنع ندوة كانت مقرّرة للجماعة المغربية المعارضة، العدل والإحسان.
صورة من: picture alliance/AA
مصر - عداء بسبب الإخوان
العداء واضح بين أنقرة والقاهرة منذ عزل مرسي، إذ لا يزال أردوغان يقول إن عبد الفتاح السيسي صعد إلى الحكم عبر الانقلاب على الشرعية، واصفا إياه بـ"الطاغية"، بينما ترّد القاهرة أن أردوغان هو أكبر داعم لما تصفه بـ"إرهاب الإخوان". تنطلق أسباب العداء من رفض أردوغان للتدخل العسكري في الشأن السياسي، خاصة مع تاريخ بلاده مع الانقلابات العسكرية، فضلاً عن التقارب الإيديولوجي بين إسلاميي تركيا وإسلاميي مصر.
صورة من: picture-alliance/dpa
العراق- مد وجزر
توترت علاقتهما عام 2016 بعد وصف العراق استمرار وجود القوات التركية في شمال البلاد بالاحتلال، ووصل التوتر حدّ استدعاء السفيرين. لكن البلدين يدركان أن ما يجمعهما أكبر، خاصة تخوفهما من تنامي النفوذ الكردي، ورغبتهما تحقيق شراكة فعلية تستفيد من الحدود المشتركة بينهما. لذلك وقع تقارب جديد مؤخرا، من شأنه استمرار وصول السلع التركية إلى العراق، وتقوية التعاون المائي، واستمرار تصدير النفط العراقي إلى تركيا.