1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أردوغان يدير ظهره لأوروبا - فهل يجد ضالّته في الخليج؟

٢٠ يوليو ٢٠١٧

عقل تركيا مع أوروبا وقلبها مع الشرق الأوسط، بأحكام المصالح الاقتصادية والإرث التاريخي. أردوغان يبحث عن زعامة إسلامية "سنية" مبتعداً عن أوروبا الديمقراطية؟ أم أن حصان الاقتصاد الذي يقود العربة التركية سيسبق الجميع؟

Türkei | Erdogan feiert Jahrestag des Putschversuches
صورة من: picture-alliance/AA/B. E. Gurun

أبرز الإجراءات الألمانية الجديدة ضد تركيا

01:04

This browser does not support the video element.

تدفع علاقات تركيا مع أوروبا من جهة والشرق الأوسط من جهة أخرى بحكم الجغرافيا والتاريخ أنقرة إلى خلق توازنات في مصالحها الاقتصادية والسياسية. لكن علاقاتها مع القارة العجوز ليست في أفضل حالاتها، بعد توترات سياسية عقبت محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي.

شرق أوسطياً، يشوب الحذر العلاقات التركية مع دول في الخليج، بالخصوص مع السعودية والإمارات منذ مدة. وجاءت الأزمة بين دول خليجية وقطر لتزيد الطين بلة، بعد أن أوضحت أنقرة موقفها الداعم للدوحة وأرسلت قوات برية إلى هناك، كما بعثت بمئات الطائرات لنقل المواد الغذائية للدوحة بعد محاصرة الدول الخليجية المقاطعة لقطر اقتصاديا. تركيا تبحث عن دور لها في أوروبا ودور آخر في الشرق الأوسط، وهي مهمة ليست بالسهلة.

ولا يجزم البروفسور غونتر ماير الأستاذ في جامعة ماينز الخبير في شؤون الشرق الأوسط أن سياسات الاندفاع التركي نحو الشرق الأوسط  لها علاقة  بالأزمات المتتالية مع أوروبا. ويشير في لقاء مع DW عربية حول زيارة أردوغان إلى السعودية وقطر والكويت نهاية الأسبوع قائلا إن" أردوغان يحاول لعب دور الوساطة في الأزمة الخليجية، هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنه يفعل كل ما بوسعه لدعم النظام القائم في قطر". ويرى ماير أن زيارة أردوغان للسعودية تهدف إلى "الحفاظ على العلاقات الاقتصادية بين البلدين رغم الأزمة الخليجية".

الاقتصاد يقود العربة

وصل حجم الصادرات التركية إلى السعودية والإمارات العام الماضي إلى 8.6 مليار دولار وهو حوالي 20 ضعف حجم الصادرات التركية إلى قطر خلال نفس العام، حسب موقع وكالة بلومبيرغ. وهو ما يفسر المحاولات التركية لحفظ العلاقات المتوازنة مع السعودية والإمارات رغم الخلافات مع البلدين حول ملف الإخوان المسلمين في قطر. ونقل موقع بلومبيرغ عن انتوني سكنر مدير شركة "فيرسك مابلكروفت" المتخصصة بدراسات المخاطر، قوله "يحاول الرئيس التركي أردوغان فعل ما بوسعه للخروج من المأزق وخفض التوتر السياسي، فالتعاملات المالية والاقتصادية مع السعودية يجب أن لا تتضرر". إلا أن خلق توازن بين قوة العلاقات مع قطر والمصالح الاقتصادية مع السعودية، أمر صعب، حسب وجهة نظر البروفسور غونتر ماير.

ليس من السهل على أردوغان قيادة ما يطلق عليه الخبراء العالم الإسلامي "السني" بوجود السعودية ومصر، كما يرى محمد العربي والبروفسور غونتر ماير. صورة من: picture alliance/AA/K. Ozer

ولا يخفى على المراقبين المنافسة الخفية بين السعودية وتركيا لقيادة العالم الإسلامي "السنِّي"، الغائب عن مثلث التوازنات في الشرق الأوسط، ممثلاً بالضلع الإسرائيلي والضلع الإيراني. غير أن البروفسور ماير يستبعد نجاح تركيا بقيادة أردوغان في لعب هذا الدور. ويضيف الخبير الألماني بالقول لـDW عربية "إنه (أردوغان) يحاول أن يقوي نفوذه في العالم العربي والإسلامي وهذا صحيح، لكنه يعرف تماما أن صاحب القوة والقيادة في العالم الإسلامي السني والعربي هو الملك السعودي". وجهة نظر يتفق معها إلى حد ما، محمد العربي الباحث في العلوم السياسية في الإسكندرية "فتركيا ليست القوة السنية الوحيدة في الشرق الأوسط ، بل هناك السعودية ومصر، قوى قد تحد من التوجه لمثل هذه الزعامة".

ورغم أن تركيا كادت أن تلعب دوراً إيجابيا في العالم الإسلامي، كدولة بغالبية مسلمة ديمقراطية دمجت التوجهات التقليدية الإسلامية مع الديمقراطية بنمطها الغربي، غير أن "سياسات أردوغان وميله بشكل أكبر لدعم التيارات الإسلامية في العالم العربي، دفعت تركيا إلى أن تفقد هذه الجاذبية"، حسب الباحث المصري محمد العربي، حيث يضيف "انهار النموذج في تركيا قبل أن يفقد جاذبيته لدى العرب. هذا ما يحد اليوم من الدور التركي، فالزعامة والهيمنة تتطلب قوة ناعمة، وتركيا تفتقد هذه القوة الناعمة أو على الأقل فقدت الكثير منها". فيما  يرى البروفسور ماير أن "نقاط خلاف وصراعات مختلفة تلعب فيها تركيا أيضا دورا مهما كداعم للإخوان المسلمين. ومن خلال هذا الدور في دعم الإخوان يسعى أردوغان إلى توسيع نفوذه في العالم العربي والإسلامي".

هروب من المشاكل الداخلية؟

حتى بعد مرور عام على الانقلاب الفاشل لا يزال تأثيره واضحاً على السياسة الخارجية والداخلية. ويرى مراقبون أن التوجه التركي لإرسال قوات برية خارج حدودها، كتواجد قوات تركية في شمال العراق، قرب الموصل، والتدخل التركي في شمال سوريا، ثم إرسال مدرعات إلى قطر بعد تصاعد الأزمة بين الإمارة الصغيرة وشقيقاتها، يهدف إلى الهروب نحو الخارج بسبب مشاكل داخلية وموقف الجيش "الضعيف" بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، ضمن تكهنات غير واضحة من مخاوف حدوث انقلاب آخر.

بيد أن الخبير غونتر ماير ينفي تماما مثل هذه التصورات، قائلا إن الأمر لا يتعدى المصلحة التركية في شمال سوريا في دق إسفين في المشروع الكردي شمال سوريا (بين عفرين وكوباني). أما بالنسبة لتواجد قوات تركية في بعشيقة شمال العراق، فيهدف إلى تدريب قوات تركمانية وكردية وتحجيم تحركات حزب العمال الكردستاني المعارض ومنعه من القيام بعمليات داخل الأراضي التركية. وبالنسبة للوضع في قطر، فإن تركيا لديها مصالح سياسية واقتصادية مع الإمارة الخليجية، أي أن التواجد العسكري التركي في هذه البلدان نتيجة أبعاد إستراتيجية بعيدة المدى.

تركيا والخصام مع أوروبا

لا يمر لقاء يجمع أي مسؤول تركي مع آخر أوروبي حتى يكرر المسؤول التركي توجيه اللوم إلى أوروبا "لالتزامها الصمت خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، وانتظارها حتى وضوح معالم فشل الانقلاب، كي تعرب بعدها عن دعمها لأنقرة". وهي ادعاءات تنفيها أوروبا على لسان أي مسؤول أوروبي رفيع. ولم تتوقف تركيا  في توجيه الاتهام إلى برلين بالذات في سلسلة من التصريحات.

حضور تركيا العسكري بالمنطقة العربية متعدد المواقع والأهداف.

02:08

This browser does not support the video element.

وجاء الرد الألماني اليوم (20 تموز/ يوليو 2017) على لسان وزير الخارجية زيغمار غابرييل، الذي قال إن ألمانيا تعتزم انتهاج توجه جديد في سياستها الخارجية مع تركيا. كما كتبت صحيفة "تاغس تسايتونغ" منتقدة سياسة أردوغان في اعتقال الناشطين والصحفيين، وكتبت تقول "منذ المحاولة الانقلابية قبل عام يعيد الرئيس التركي، وبإيقاع سريع، بناء الدولة لتصبح ديكتاتورية إسلامية.

غير أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي يتركان الأمور تسير على هذا الحال حتى الآن وذلك عن طريق الاكتفاء بإطلاق التحذيرات المتحفظة. وهذه خيانة لعشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين والمؤمنين بالديمقراطية في تركيا. ومن يكتفي بمراقبة أفعال المستبد دون أن يفعل شيئاً يجعل نفسه شريكاً مع المستبد. يكفي!".

"المصالح الاقتصادية لها اليد الطولى"

وكما يبدو فإن حدة النقاش ليست في ألمانيا فقط بل في تركيا، كما يقول الدكتور سمير صالحة أستاذ العلوم السياسية بجامعة اسطنبول في لقاء مع DW عربية، ويضيف أنه "يجب أن تكون هناك مسارعة على مستوى القيادات السياسية في البلدين لإطلاق وتفعيل حوار مباشر سريع. فألمانيا شريك تجاري أول لتركيا على الجانب الأوروبي".

ويتساءل الدكتور صالحة، إن كان الجانب التركي سيعطي الأولوية للجانب الاقتصادي أم سيفعل ما تقوله القيادات في حزب العدالة والتنمية عن أن هناك استهداف للأمن القومي التركي، ويجب الرد عليه"، وهي ادعاءات غالبا ما يرددها الساسة الأتراك، بسبب المواقف الأوروبية الداعية للتسامح أكثر داخل البيت التركي وعدم الحد من الحريات المدنية على كافة مستوياتها.

غير أن الباحث في العلوم السياسية محمد العربي يشير إلى أن "تركيا تفتقد اليوم النظرة الإستراتيجية في تحركاتها. فقد تحولت تلك الإستراتيجية من الفعل والمناطق الواضحة إلى إستراتيجية سلبية تحاول بقدر الإمكان الإستفادة من التناقضات، ولكن لا تحاول بناء منطقة نفوذ إيجابية تكون لها جاذبية لدى شعوب تلك المناطق، سواء في المجال التركي المتاخم لروسيا أو في المجال العربي". 

كما يرى الباحث المصري أن المصالح الاقتصادية تفرض نفسها على ما يمكن تسميته التشويش الاستراتيجي. وهذا "ما شهدناه بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية. المصالح الاقتصادية لها اليد الطولى دائماً". ويضيف "تعاني دول المنطقة عموماً وتركيا خصوصاً من كيفية الموازنة بين استدامة وتعميق المصالح الإستراتيجية"، سواء في علاقاتها مع الغرب أو العالم العربي، وبين الطموحات التي تفرض تناقضات على هذا المصالح.

عباس الخشالي/ ع.ج/ خ.س 

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW