أردوغان يرحب بقرار ترامب ويرجئ حملة عسكرية ضد أكراد سوريا
٢١ ديسمبر ٢٠١٨
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة إن بلاده سترجئ عملية عسكرية ضد المسلحين الأكراد في سوريا، في الوقت الذي أبدى فيه ترحيبا "حذرا" بقرار واشنطن سحب قواتها من المنطقة، جاء ذلك في اتصال هاتفي بين ترامب وإردوغان.
إعلان
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة(21 كانون أول/ديسمبر 2018) إن بلاده سترجئ عملية عسكرية ضد المسلحين الأكراد بشمال شرق سوريا، في الوقت الذي أبدى فيه ترحيبا "حذرا" بقرار واشنطن سحب قواتها من المنطقة. وقال هذا الأسبوع إن الحملة قد تنطلق في أي وقت. لكنه أشار اليوم الجمعة إلى قرار ترامب واتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي كسببين للتأجيل.
وقال الرئيس التركي في خطاب بإسطنبول "كنا قررنا في الأسبوع الماضي القيام بتوغل عسكري شرقي نهر الفرات...تحدثنا هاتفيا مع الرئيس ترامب وحدثت اتصالات بين دبلوماسيين ومسؤولين بالأمن وأصدرت الولايات المتحدة بيانات، وقد دفعنا هذا إلى التريث لبعض الوقت". وأضاف أردوغان "أرجأنا عمليتنا العسكرية ضد (المقاتلين الأكراد) في شرقي نهر الفرات حتى نرى على الأرض نتيجة القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا" مؤكدا أنها ليست "فترة انتظار مفتوحة".
كما أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم الجمعة أيضا أن تركيا أرجأت عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا لتجنب الفوضى والنيران الصديقة في ظل انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة. وفي مقابلة مع التلفزيون الرسمي، قال الوزير إن التأجيل لا يعني تغييرا في الرأي بشأن العملية العسكرية المزمعة مضيفا أن خطة الانسحاب الأمريكي ستكون موضع بحث في اجتماع بواشنطن خلال يناير/ كانون الثاني.
الأكراد يخشون وقف القتال ضد داعش
من جهة أخرى، حذرت مسؤولة كردية الجمعة في باريس من أن قوات سوريا الديموقراطية، وهي تحالف يضم فصائل عربية وكردية، قد تضطر للتوقف عن قتال الجهاديين في المنطقة اذا اضطرت لإعادة نشر قواتها لمواجهة هجوم تركي محتمل. كما حذرت الهام أحمد الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديموقراطية، الذراع السياسية لقوات سوريا الديموقراطية، والتي حضرت إلى باريس مع المسؤول في المجلس رياض ضرار لبحث الوضع في المنطقة بعد قرار الرئيس الأميركي سحب قواته من سوريا، من "خروج الوضع عن السيطرة" بالنسبة للجهاديين المسجونين لدى الأكراد.
وقالت الهام أحمد للصحافيين "عندما لم يكن الأميركيون موجودين في المنطقة كنا نحارب الإرهاب، سنستمر في مهمتنا هذه لكن بمواجهة الإرهاب هذا سيكون أمرا صعباً لأن قواتنا ستضطر إلى الانسحاب من الجبهة في دير الزور لتأخذ أماكنها على الحدود مع تركيا".
لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال اليوم الجمعة إن بلاده ستتولى المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا مع سحب الولايات المتحدة قواتها من هناك، في أحدث تغير تسبب فيه التحول المفاجئ في سياسة واشنطن. وقال الرئيس التركي في خطاب بإسطنبول إن بلاده ستحشد قواتها لقتال ما تبقى من تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا وسوف تؤجل مؤقتا خططا لشن هجوم على المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا.
ح.ع.ح/ي.ب (أ.ف.ب/رويترز)
أطراف عسكرية متعددة في سوريا.. من هي وما أهدافها؟
تميزت الحرب في سوريا بديناميكية سريعة جداً وكثرة اللاعبين فيها، إن بشكل مباشر أو من وراء الكواليس. ماذا ربح أو خسر أهم الفاعلين العسكرييين بعد قرابة سبع سنوات من الصراع الدامي الذي دخلت فيه جماعات إرهابية على الخط؟
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Al-Bushy
جيش الأسد
خسر الجيش السوري الكثير من مواقعه وقُتل أو انشق الآلاف من جنوده. اليوم تتواجد جيوش وميليشيات تابعة لأكثر من ثمان دول على التراب السوري. بيّد أن جيش الأسد استفاد من الدعمين الروسي والإيراني في استعادة مناطق استراتيجية كان قد خسرها سابقاً كحلب وحمص ودير الزور، مما حدا بعدة أطراف كانت تشترط رحيل الأسد قبل الشروع بأي مفاوضات إلى البدء في تغيير مواقفها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Syrian Presidency
المقاتلون الأكراد
كسب الأكراد الكثير في السنتين المنصرمتين، وبدأ صوتهم بالارتفاع ونفوذهم بالتزايد، إذ سيطروا على مناطق غنية بالنفط في شمال شرق البلاد. كما يشكّلون ركيزة "قوات سوريا الديمقراطية" التي حرّرت الرقة بدعم التحالف الدولي، فضلاً عن إقامتهم "إدارة ذاتية" في مناطق سيطرتهم. بيدَ أن عملية غصن الزيتون التي أطلقها الجيش التركي في عفرين ضد المقاتلين الأكراد، أدت إلى خسارتهم عدة مساحات، فضلاً عن مقتل المئات بينهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Ronahi TV
المعارضة المسلّحة
ظهرت المعارضة المسلّحة السورية في البداية بديلاً محتملاً لنظام الأسد، إذ سيطرت على مساحة شاسعة من سوريا. غير أنها خسرت لاحقا الكثير منها. تعاني المعارضة من التشتت في المواقف الإيديولوجية، فضلاً عن تعدّد الداعمين وتنوّع أهدافهم. مما حدا بالبعض لإطلاق كلمة "معارضات" سورية عليها، كما تعرضت لضربة كبيرة بعد دخول التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"النصرة" على الخط واستيلائها أراضٍ كانت تحت سيطرتها.
صورة من: picture alliance/AA/A. Huseyin
الجيش الروسي
قبل أكثر من سنتين بدأ التدخل الجوي الروسي في سوريا. اليوم يتواجد آلاف الجنود الروس في أكثر من قاعدة عسكرية في سوريا، أهمها "قاعدة حميميم". سياسياً استطاعت موسكو فرض نفسها كلاعب سياسي أساسي في المشهد السوري لصالح نظام الأسد؛ فهي عرابة "محادثات أستانا" و"مؤتمر سوتشي" و"مناطق خفض التصعيد" مع كل من تركيا وإيران. كما تدعم تياراً في المعارضة يُدعى "منصة موسكو".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Golovkin
الجيش الأمريكي
تعوّدت واشنطن على تحقيق سريع لرهاناتها العسكرية في الشرق الأوسط كما حدث في العراق وأفغانستان، لكن لم يتكرر الأمر في سوريا؛ فالتحالف الذي قادته ضد "داعش" تأخر كثيراً في تحقيق أهدافه، كما أن تسليحها للمقاتلين الأكراد كان من أسباب توتر علاقتها بأنقرة. الرؤية الأمريكية لمستقبل دورها في سوريا غير واضحة، بيّد أن واشنطن ربحت على الأقل قواعد عسكرية لها داخل البلد..
صورة من: picture alliance/AP Images/M. Rourke
القوات الإيرانية
لم تتخلّ إيران عن حليفها الأسد في سوريا طوال سنوات الحرب، وأبدت تصميماً كبيراً على بقاء النظام، موفرة دعماً عسكرياً ومالياً وغيرها من أشكال الدعم، كما تتوّفر على ميليشيات مسلحة داخل البلد، يقودها قاسم سليماني ممّا أثر بشكل كبير في تطورات الحرب. ويبدو أن طهران حصدت ثمار جهودها، فنفوذها تعاظم داخل سوريا بشكل أثار حفيظة خصومها في المنطقة، خاصة تل أبيب والسعودية.
صورة من: picture alliance / AA
الجيش التركي
دعّم أردوغان المعارضة السورية كثيراً، لكن تداعيات الحرب أرهقت نظامه، إذ لم تتحقق رهاناته في سقوط بشار الأسد، كما عانت تركيا من هجمات نفذها "داعش" بترابها. غير أن القوات التركية تدخلت مؤخراً بقوة في شمال سوريا في إطار عملية "غصن الزيتون" الهادفة لقصم ظهر المقاتلين الأكراد، واستفاد أردوغان في العملية من قلق دولي لم يكن كافياً لثنيه عن الاستمرار، ضامناً بذلك توسيع مناطق تسيطر عليها أنقرة داخل سوريا.
صورة من: Getty Images
حزب الله
أحد أقوى الأطراف الشيعية في سوريا، قدم دعماً غير محدود للنظام السوري وشارك مبكراً في الحرب الدائرة منذ سنوات. أثر تدخل حزب الله العسكري لصالح الأسد سلباً على صورته في العالمين العربي والإسلامي. في المقابل، ساهم في الحفاظ على تحالفٍ استراتيجي مع طهران ودمشق وبشكل أقل موسكو، ممّا أكسبه نفوذاً جغرافياً في سوريا، خاصة مع سيطرته على المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
القوات الفرنسية
دخلت فرنسا في الأزمة السورية بقوة عبر تحرك ديبلوماسي ضد النظام السوري وعسكري ضد "داعش"، لكنها لم تحصد ثماراً كثيرة، فمواقفها ضد الأسد تبدو جد متذبذة، كما أن ضرباتها العسكرية لم تنجح، ليس فقط في إنهاء "داعش"، بل حتى في تجنب هجماته الإرهابية التي تعدّ فرنسا أكثر المتضررين منها خارج الشرق الأوسط، فضلا عن أنها لم تؤثر كثيرا في إنقاذ الوضع الإنساني داخل سوريا رغم ما تعلنه من جهود في ذلك.
صورة من: Reuters/C. Hartmann
جماعات إرهابية تدخل على الخط
وضع التحالف الدولي الجماعاتَ الإرهابية كهدف رئيسي في استراتيجيته العسكرية بسوريا، وتكبد "داعش" هزائم كبيرة في سوريا كما في العراق، ولاسيما في الرقة (عاصمة "خلافته" المزعومة) لكن خطره لم ينتهِ بعد. كما تراجعت جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) التي فكت ارتباطها مؤخرا بتنظيم القاعدة، لكنها لا تزال في إدلب وقامت مؤخرا بإسقاط مقاتلة روسية، ممّا جعل موسكو أن هدفها حاليا هو القضاء على هذه الجبهة.