انتقد مسؤولون في الاتحاد الأوروبي تركيا بشدة لاتهامها ألمانيا وهولندا بالفاشية، وقالوا إن هذه الاتهامات تبعد أنقرة أكثر عن مسعاها للانضمام إلى الاتحاد، رغم ذلك واصل أردوغان التصعيد، منددا بذهنية "فاشية" سارية في أوروبا.
إعلان
أعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر عن "صدمته" اليوم الأربعاء (15 مارس/شباط) إزاء تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي اتهم فيها هولندا وألمانيا بـ "النازية"، معتبرا أنها لا تتلاءم مع طموحات أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
من جهته قال رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، إنه لا يمكن لأحد أن يقارن بين الأحداث في روتردام والحقبة النازية في حين أن المدينة "دمرت" من قبل النازيين. وقال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي أمام البرلمان الأوروبي إن "روتردام... دمرها النازيون تماما ورئيس بلديتها الحالي من مواليد المغرب: إذا رأى أحد فاشية في هولندا فهو منفصل تماما عن الواقع".
وخلال النقاش جدد بعض المشرعين الدعوات لإنهاء مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي رسميا. وقال زعيم كتلة النواب الأوروبيين الليبراليين في البرلمان الأوروبي غي فرهوشتات، إن من الملائم أن ندين ما يحصل في تركيا، لكن "فلنتحل بالنزاهة، حضرة السيدين توسك ويونكر، من الضروري تجميد مفاوضات الانضمام الآن".
ورغم التوتر، اعتبرت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن تركيا يجب أن تبقى ضمن حلف شمال الأطلسي لكنها أشارت إلى أن على الحلفاء ألا "يتخلوا" مع ذلك عن المعارضين للسلطات التركية. إلا أن وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير ألمح إلى جدية حكومة بلاده في تهديدها بإمكانية فرض حظر سفر بالنسبة للساسة الأتراك، وقال: "إذا دعت الضرورة، سيتم التحرك في ألمانيا".
ورغم الإدانات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي واصل الرئيس التركي اليوم التصعيد الأزمة مع أوروبا، وندد بما اسماها ذهنية "فاشية" سارية في القارة. وحمل هولندا مسؤولية مجزرة سريبرينيتسا التي وقعت عام 1995.
كما وجه أردوغان نفسه بإلغاء اتفاقية الشراكة مع مدينة روتردام من جانب واحد، وقال "من المستحيل بالنسبة لنا أن يكون هناك توأمة مع مدن لمثل هؤلاء الناس"، حسبما أفادت وكالة أنباء دوغان التركية الخاصة اليوم.
من ناحية أخرى شنت عملية قرصنة واسعة النطاق لحسابات تويتر قام بها قراصنة يشتبه بأنهم أتراك عبر نشرهم رسالة تتضمن اتهاماته لألمانيا وهولندا بإتباع ممارسات "نازية". وطالت عملية القرصنة عدة حسابات على تويتر لهيئات دولية ورسمية ومنها حساب "منظمة العفو الدولية" ووزارة الاقتصاد الفرنسية و حتى هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في أمريكا الشمالية وكذلك حساب البرلمان الأوروبي.
وفي أقل من 140 حرفا ومع صليب معقوف نشر القراصنة رسالتهم التي تتضمن التصريحات النارية التي استخدمها المسؤولون الأتراك وفي مقدمهم أردوغان. والرسالة التالية تضمنت تسجيل فيديو فيه مقاطع من خطب أردوغان.
وقال ناطق بإسم تويتر "نحن مدركون للمشكلة التي حصلت هذا الصباح وطالت عدة حسابات، لقد حددنا المصدر سريعا".
ع.ج.م/ع.ج ( رويتر، أ ف ب، د ب أ)
العلاقات التركية الأوروبية ـ محطات من الاتفاق والاختلاف
العلاقات التركية الأوروبية، والتركية الألمانية على وجه الخصوص، لم تكن يوما في غاية التناغم، لكنها شهدت خلال السنة الماضية فترة تقارب مصالح، أعقبتها توترات بلغت أوجها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sagolj/Zivulovic/Kombo
أفضت أزمة تدفق اللاجئين على أوروبا إلى تقارب المصالح بين أنقرة وبروكسل، حيث عول الأوروبيون على أنقره في وقف هذا التدفق عبر أراضيها، فيما وجدت تركيا فرصتها في الاستفادة من هذه الفرصة التي قلما جاد بها الزمن.
صورة من: Getty Images/M. Cardy
يقضي الاتفاق باستقبال تركيا اللاجئين الذين يتم إعادتهم من اليونان مقابل استقبال أعضاء الاتحاد الأوروبي للاجئين سورين بطريقة قانونية، لكن هذا الاتفاق تضمن شروطا ما تزال خلافية منها إعفاء الموطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، وقيام تركيا بتعديل التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وهنا كانت العقد في المنشار أمام هذا الاتفاق.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
المستشارة أنغيلا ميركل، التي تتحمل بلادها العبء الأكبر لتدفق اللاجئين، تزعمت جهود تقريب وجهات النظر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
لكن العلاقات بين برلين وأنقرة توترت بعد تبني البرلمان الألماني قرارا يصنف مجازر الأرمن عام قبل مئة بأنها "إبادة جماعية".
صورة من: Getty Images/AFP/S. Gallup
وما تزال العلاقات بين تركيا وألمانيا فاترة إثر قرار البرلمان الألماني فضلا عن إحباط أنقرة مما اعتبرته تضامنا فاترا معها في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/ تموز، والذي بدأ على خلفيته فصلا جديدا من التوتر بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Bozoglu
فإثر حملة الاعتقالات وما أسمي بحملة "التطهير" التي نفذتها وتنفذها أنقرة على خلفية محاولة الانقلاب تلك وتكميم الأفواه، تصاعدت الانتقادات الأوروبية لأنقرة، ما أفضى مجددا إلى توترات في العلاقات وعرض الاتفاق بشأن اللاجئين للجمود وربما للفشل قريبا.
صورة من: picture-alliance/Zuma/T. Adanali
وكرد على محاولة الانقلاب رفضت أنقره تعديل قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل، كما أنها تسعى لاستصدار تشريع لإعادة العمل بعقوبة الإعدام التي كانت أنقره قد ألغتها بطلب من الاتحاد الأوروبي ضمن شروط مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد. وهذا ربما يشكل رصاصة الرحمة على هذه المفاوضات. (الصورة لأردوغان مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز)
صورة من: picture-alliance/epa/J. Warnand
وظهرت دعوات من داخل الاتحاد الأوروبي لوقف محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، حيث شككت النمسا في قدرة تركيا على الوفاء بالمعايير الأوروبية الخاصة بالديمقراطية. لكن الاقتراح النمساوي لم يحظ سوى بدعم ضئيل داخل الاتحاد رغم الاستياء داخل التكتل إزاء أنقره.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Atalay
في بداية سبتمبر/أيلول الماضي سعى الاتحاد الأوروبي مع تركيا لاختبار الأجواء لعودة التقارب بين الجانبين عقب التوتر منذ الانقلاب الفاشل، وقال وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبور "نحتاج لتقارب ونحتاج لتطبيع الوضع". وقد عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية التكتل مع وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا عمر جليك، كما زارت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F.Aktas
لكن التوتر عاد مجددا بين أنقره والاتحاد الأوروبي وبينها وبين برلين على خلفية تضييق أنقره على حرية الصحافة واعتقال صحفيين، وكذلك اعتقال نواب معارضين مؤيدين للأكراد. ووصل الأمر بأردوغان مؤخرا إلى اتهام برلين بـ "إيواء إرهابيين"، وهو ما رفضته برلين.