أردوغان يعد بإصلاحات ديموقراطية والمعارضة التركية تشكك
٢ مارس ٢٠٢١
كشف الرئيس رجب طيب أردوغان عن "خطة عمل" لتوسيع حقوق الإنسان في تركيا متعهدا بتعزيز حرية التعبير. ويتعرض أردوغان لانتقادات كثيرة من طرف الاتحاد الأوربي، خاصة بعد الإجراءات المشددة التي تلت الانقلاب الفاشل.
إعلان
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الثلاثاء (الثاني من مارس/آذار)، عن خطة لحقوق الإنسان تهدف إلى استرضاء الحلفاء الغربيين الذين ينتقدون سجل القمع في البلاد، جنبا إلى جنب مع هدف مستقبلي بصياغة دستور جديد للبلاد.
وقال أردوغان "الهدف النهائي لخطة عملنا هو (وضع) دستور جديد ومدني"، واصفا إياها "بالمسؤولية التاريخية". وأضاف "يجب ألا يحرم أحد من حرية التعبير عن آرائه".
وتتضمن الخطة المكونة من تسع نقاط، والتي من المقرر تنفيذها خلال العامين المقبلين، التعهد بتعزيز حكم القانون، وحماية حقوق المرأة والأقليات، وحرية التعبير والحق في محاكمة عادلة، من بين أمور أخرى. وينص الدستور التركي الحالي بالفعل على العديد من هذه الأهداف.
من جانبها شككت المعارضة في إعلان أردوغان. وكتب النائب عن حزب الشعب الجمهوري اونورسال اديغوزيل على تويتر ساخرا "عدّد أردوغان المواضيع التي كان حزبه حزب العدالة والتنمية مسؤولا عن تراجع تركيا بسببها. وكأنها اعترافات". وقبل الخطاب أعلن مصطفى ينار أوغلو النائب عن حزب الديموقراطية والتقدم المعارض "أيها الصحافيون الأعزاء بعد ثلاث ساعات لن تضطروا إلى اعتماد الرقابة الذاتية (...) ستمنحكم الحكومة حرية الصحافة".
وتأتي هذه الاعلانات قبل قمة بروكسل في 25 آذار/مارس التي سيبحث خلالها القادة الاوروبيون "خريطة طريق" حول مستقبل العلاقات مع تركيا. وتوترت العلاقات بين أنقرة والدول الغربية منذ 2016 خصوصا بسبب حملة التطهير التي أطلقها أردوغان في حق منتقديه ووسائل الإعلام المعارضة والمجتمع المدني بعد الانقلاب الفاشل.
وانتهكت تركيا على سبيل المثال الأحكام الملزمة الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بإطلاق سراح رجل الأعمال الخيرية عثمان كافالا والسياسي الموالي للأكراد صلاح الدين دميرتاش.
هـ.د/ف.ي (أ ف ب، د ب أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP