أردوغان يعلن فتح آيا صوفيا للصلاة وأثينا تحتج بشدة
١٠ يوليو ٢٠٢٠
كما كان متوقعا، حكم القضاء التركي لصالح الراغبين في إعادة آيا صوفيا إلى مسجد. وسيكون بمقدور المسلمين الصلاة فيها لأوّل مرة منذ 85 سنة، ما أثار حفيظة اليونان.
إعلان
أبطلت المحكمة الإدارية العليا في تركيا قراراً يعود إلى عام 1934، قضى حينها بتحويل مسجد آيا صوفيا إلى متحف. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة (17 يوليو/تموز 2020)، أن آيا صوفيا ستفتح أمام المسلمين لأداء الصلاة.
وحسب وكالة الأناضول، رفعت جمعية معنية بحماية الأوقاف التاريخية دعوة لإلغاء استمرار آيا صوفيا كمتحف، وأن تعود كما كانت قبل 1934، أي مسجدا. واستمعت المحكمة الإدارية العليا للأطراف المعنية قبل أن يصدر قرارها اليوم الجمعة.
وقال أردوغان في تصريحات لاحقة إن أول صلاة ستقام في آيا صوفيا ستقام في 24 يوليو/تموز، لكنه أكد أن المسجد سيظل مفتوحا للمسلمين والمسيحيين وكل الأجانب، مضيفاً أن تركيا مارست حقها السيادي في تحويله إلى مسجد وسوف تعتبر أي انتقاد لهذه الخطوة هجوما على استقلالها.
وجاءت ردود الأفعال عبر العالم، إذ اعتبرت وزارة الثقافة اليونانية، أنّ القرار التركي بخصوص آيا صوفيا "استفزاز للعالم المتحضر الذي يعترف بالقيمة الفريدة والطبيعة المسكونية لهذا المعلم الأثري".
وترتبط اليونان بروابط خاصة مع آيا صوفيا بما أن هذا المتحف كان أولا كنيسة شيدها البيزنطيون في القرن السادس وكانوا يتوجون أباطرتهم فيها.
وأبدى الاتحاد الأوروبي أسفه على القرار. وقال جوزيف بوريل كبير مسؤولي السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن "حكم مجلس الدولة التركي بإبطال أحد القرارات التاريخية لتركيا الحديثة وقرار الرئيس أردوغان بوضع هذا الأثر تحت إدارة رئاسة الشؤون الدينية مؤسفان".
كما عبرت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية عن أسفها لعدم إصغاء القضاء التركي إلى "مخاوف ملايين المسيحيين". ونقلت وكالة الأنباء الروسية "إنترفاكس" عن المتحدث باسم الكنيسة فلاديمير ليغويدا قوله "نلاحظ أنه لم يتم الإصغاء إلى مخاوف ملايين المسيحيين".
وكانت الولايات المتحدة قد طالبت من تركيا عدم المساس بوضع آيا صوفيا. وكتب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو على تويتر أن متحف آيا صوفيا "يجسد التزام السلطات التركية باحترام التقاليد الدينية والتاريخ الغني".
وأدرجت آيا صوفيا على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، وتعد واحدة من أهم الوجهات السياحية في إسطنبول، إذ يزورها ملايين السياح سنويا. وطالبت يونسكو سابقا من تركيا عدم تغيير وضع آيا صوفيا.
وبعد استيلاء العثمانيين على القسطنطينية في 1453، تمّ تحويلها إلى مسجد في 1453 ثم إلى متحف في 1935، بقرار من رئيس الجمهورية التركية الفتية حينذاك مصطفى كمال أتاتورك بهدف "إهدائها إلى الإنسانية"، في أعقاب التحوّل الكبير الذي طرأ على تركيا وانتقالها من امبراطورية خلافة إسلامية إلى دولة علمانية قومية.
تركيا والعالم العربي.. علاقات تتأرجح بين الصداقة والعداوة
تشترك تركيا مع الدول العربية في موضوع الدين الإسلامي، فضلاً عن القرب الجغرافي، وتقارب الرؤى في ملف النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، لكن علاقات تركيا مع العرب ليست وردية تماماً، خاصة في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Altan
الإمارات - التوتر الكبير
تمثل الطريقة التي رد بها أردوغان على وزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، عندما وصفه بالمثير للشفقة، ردا على نشر الإماراتي تغريدة تتهم فخر الدين باشا بسرقة سكان المدينة النبوية، صورة عن الخلافات الجوهرية بين أنقرة وأبو ظبي. يختلف الجانبان على الإسلام السياسي، وعزل محمد مرسي، والأزمة الخليجية، كما تتهم وسائل إعلام تركية الإمارات بالمساهمة في تدبير الانقلاب الفاشل، وهو ما تنفيه أبو ظبي.
صورة من: picture alliance/Photoshot
السعودية - تنافس صامت تروّضه المصالح
يسود تنافس صامت بين تركيا والسعودية على زعامة العالم الإسلامي، كما يختلفان في ملفيْ الإسلام السياسي والأزمة الخليجية، زيادة على أن السعودية لا يروق لها استمرار علاقات طهران وأنقرة. إلّا أن الطرفين يحرصان على استمرار شراكتهما الاقتصادية، إذ توجد خطط برفع التبادل التجاري بينهما إلى 20 مليار دولار، كما يحرص الطرفان على الإشادة ببعضهما، كما لو أنهما يرغبان بتفادي الوصول إلى توتر سيؤثر سلبا عليهما معا.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/K. Ozer
قطر- الحليف الموثوق في الخليج
أظهر وقوف أردوغان مع قطر إبّان اندلاع أزمة الخليج قوة تحالف الطرفين. أردوغان دافع عن قطر في وجه اتهامات الإرهاب وأرسل إليها مساعدات غذائية في الأيام الأولى للأزمة. الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية متعددة بين الجانبين، خاصة وأن قطر زوّدت تركيا بالغاز بعد تدهور علاقة الأخيرة بروسيا. الجانبان تشاطرا الموقف ذاته في موضوع عزل محمد مرسي وكذا في سوريا، ولهما علاقات قوية مع تيارات الإسلام السياسي.
صورة من: picture alliance/dpa/abaca/Dha
الجزائر- الغاز يذيب الخلافات
تختلف وجهات النظر بين تركيا والجزائر بشأن الملف السوري، فالجزائر مازالت تحتفظ بعلاقاتها مع نظام بشار الأسد، إلّا أن الجزائر تحاول بالمقابل الإبقاء على علاقات ديبلوماسية مع غالبية القوى. من هنا تُفهم علاقتها مع تركيا التي تستفيد من استثمارات كبيرة في التراب الجزائري، منها أكبر مصنع للنسيج في إفريقيا، كما تأتي الجزائر على رأس الدول العربية في تزويد تركيا بالغاز المسال.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP Images/Pool Presidential Press Service/K. Ozer
المغرب - علاقة هادئة دون تشنج
ظن متتبعون أن قرار المغرب برفع رسوم الاستيراد على سلع الملابس التركية سيؤثر سلبا على علاقة الجانبين المرتبطين باتفاقية للتبادل الحر، إلّا أن ذلك لم يحصل، فالاستثمار التركي لا يزال يتدفق على المغرب. حافظ أردوغان على علاقة مثمرة مع الرباط، خاصة مع اتخاذ هذه الأخيرة إجراءات ضد مدارس فتح الله غولن في ترابها، وهو ما تفاعلت معه أنقرة بمنع ندوة كانت مقرّرة للجماعة المغربية المعارضة، العدل والإحسان.
صورة من: picture alliance/AA
مصر - عداء بسبب الإخوان
العداء واضح بين أنقرة والقاهرة منذ عزل مرسي، إذ لا يزال أردوغان يقول إن عبد الفتاح السيسي صعد إلى الحكم عبر الانقلاب على الشرعية، واصفا إياه بـ"الطاغية"، بينما ترّد القاهرة أن أردوغان هو أكبر داعم لما تصفه بـ"إرهاب الإخوان". تنطلق أسباب العداء من رفض أردوغان للتدخل العسكري في الشأن السياسي، خاصة مع تاريخ بلاده مع الانقلابات العسكرية، فضلاً عن التقارب الإيديولوجي بين إسلاميي تركيا وإسلاميي مصر.
صورة من: picture-alliance/dpa
العراق- مد وجزر
توترت علاقتهما عام 2016 بعد وصف العراق استمرار وجود القوات التركية في شمال البلاد بالاحتلال، ووصل التوتر حدّ استدعاء السفيرين. لكن البلدين يدركان أن ما يجمعهما أكبر، خاصة تخوفهما من تنامي النفوذ الكردي، ورغبتهما تحقيق شراكة فعلية تستفيد من الحدود المشتركة بينهما. لذلك وقع تقارب جديد مؤخرا، من شأنه استمرار وصول السلع التركية إلى العراق، وتقوية التعاون المائي، واستمرار تصدير النفط العراقي إلى تركيا.