أردوغان يهدد مجددًا بتجميد انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو
١٩ يوليو ٢٠٢٢
رغم توقيعه مذكرة تفاهم مع السويد وفنلندا يعطي فيها الضوء الأخضر لانضمامهما إلى الناتو، حذر الرئيس التركي أردوغان البلدين الإسكندنافيين مجددًا بعرقلة عملية انضمام البلدين إلى الحلف إذا لم يلبيا الشروط التركية.
إعلان
هدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مجدّداً الإثنين (18 تموز/يوليو 2022) بـ"تجميد" عملية انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) إذا لم يمتثل البلدان لشروط أنقرة.
وخلال قمة للأطلسي في نهاية حزيران/يونيو في مدريد، دعا أردوغان البلدين الإسكندنافيين إلى "القيام بدورهما" في مكافحة الإرهاب واتهمهما بتقديم ملاذ آمن لنشطاء أكراد.
وقال أردوغان في ختام اجتماع حكومي الإثنين: "لقد اتخذنا موقفًا واضحًا جدًا بشأن استمرار توسيع الناتو ... وأودّ أن أذكّر مرة أخرى بأنّنا سنجمّد العملية إذا لم تتّخذ هاتان الدولتان الإجراءات اللازمة لتلبية شروطنا"، وأضاف: "نلاحظ خصوصًا أنّ السويد لا تُمثّل صورة جيّدة في هذه المسألة".
وردّاً على سؤال بشأن تصريح أردوغان، اكتفى المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس بالتذكير بأنّ أنقرة أعطت خلال قمّة مدريد الضوء الأخضر لبدء عملية انضمام البلدين الإسكندنافيين إلى الحلف.
وقال برايس: "لقد وقّعت تركيا وفنلندا والسويد مذكرة تفاهم ثلاثية في مدريد لبدء هذه العملية"، وأضاف أنّ "الولايات المتّحدة ستواصل العمل مع هذه الدول الثلاث لضمان أن تكون عملية الانضمام والمصادقة (عليها من قبل برلمانات دول الحلف جمعاء) - هنا وحول العالم - سريعة وفعّالة قدر الإمكان".
ويشارك أردوغان في طهران اليوم الثلاثاء (19 تموز/يوليو 2022) مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني إبراهيم رئيسي في قمة ثلاثية ستبحث مواضيع عدة من بينها آليات تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ أوكرانيا بسبب الغزو الروسي.
ويأمل أردوغان أن ينتزع من نظيريه الروسي والإيراني موافقتهما على عملية عسكرية تركية جديدة في شمال سوريا. ومنذ نهاية أيار/مايو تهدّد أنقرة بشنّ عملية جديدة في سوريا لإنشاء "منطقة أمنية" بطول 30 كيلومترًا على طول حدودها. لكنّ طهران وموسكو أعلنتا معارضتهما لمثل هكذا هجوم.
وروسيا وإيران وتركيا هي أطراف رئيسية في الحرب الدائرة في سوريا منذ 2011، وفي حين تدعم طهران وموسكو نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فإنّ أنقرة تدعم بالمقابل أطرافاً تعارضه.
م.ع.ح/ع.ج.م (أ ف ب)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP