بعد سنوات من توترالعلاقات، أبدت تركيا مرة أخرى رغبة جديدة في تقوية علاقاتها مع مصر ودول الخليج على أساس المصالح المتبادلة. كما جدد أردوغان انتقاداته للإدارة الأمريكية بسبب اعترافها بإبادة الأرمن ودعمها المقاتلين الأكراد.
إعلان
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء (01 يونيو/حزيران) إن بلاده تأمل في زيادة تعاونها مع مصر ودول الخليج إلى أقصى حد "على أساس نهج يحقق الفائدة للجميع"، بينما تعمل أنقرة على إصلاح علاقاتها مع القاهرة وبعض دول الخليج العربية بعد توتر دام سنوات.
وتوترت علاقات تركيا بمصر والسعودية بسبب قضايا عدة، من مواقف متعارضة تجاه الإسلام السياسي والصراع الليبي وشرق البحر المتوسط إلى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد فريق اغتيال سعودي في قنصلية المملكة بإسطنبول في أكتوبر تشرين الأول 2018، كما توترت العلاقات بسبب الدعم التركي لقطر في الأزمة الخليجية.
وسعت تركيا جاهدة في الشهور القليلة الماضية إلى إصلاح العلاقات مع القوى الإقليمية. وأرسلت وفدا إلى القاهرة لإجراء محادثات، وأجرى وزير خارجيتها جاويش داود أوغلو مباحثات في الرياض مع نظيره السعودي.
وقال أردوغان لقناة (تي.آر.تي) الإخبارية "لدينا إمكانات كبيرة للتعاون مع مصر في نطاق واسع من المجالات من شرق البحر المتوسط إلى ليبيا". وأضاف أنه "يحب" الشعب المصري "وبالتالي فإننا مصممون على استئناف هذه العملية".
وفي إطار هذه المساعي، عقد وفد تركي محادثات مع مسؤولين مصريين في القاهرة الأسبوع الماضي في أول اتصال مباشر بين القوتين الإقليميتين المتنافستين منذ سنوات، بعد خلاف نجم عن إطاحة الجيش المصري عام 2013 بالرئيس المنتخب محمد مرسي المتخب.
وفي إطار منفصل، خففت أنقرة حدة انتقادها لمقتل خاشقجي وسط مقاطعة سعودية غير رسمية للصادرات التركية. وقال جاويش أوغلو بعد محادثاته في مايو أيار مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن البلدين سيواصلان الحوار.
انتقادات لواشنطن
من ناحية أخرى وجه أردوغان، قبل أسبوعين من القمة المرتقبة بينه وبين نظيره الأمريكي جو بايدن، تحذيراً إلى الولايات المتحدة من أنّها تخاطر "بخسارة صديق قيّم" إذا ما سعت إلى "حشر" بلاده في الزاوية.
ورداً على سؤال عن العلاقات التركية-الأمريكية قال أردوغان إن "أولئك الذين يحشرون الجمهورية التركية في الزاوية سيفقدون صديقا قيّماً".
والعلاقات بين هاتين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي متوترة منذ 2016، وقد زادت تدهوراً منذ تولّي بايدن السلطة في كانون الثاني/يناير خلفاً لدونالد ترامب الذي بنى معه أردوغان روابط شخصية.
وفي هذا الصدد تساءل أردوغان في مقابلته التلفزيونية "ما سبب توتّراتنا (مع الولايات المتحدة)؟ إنّه ما يسمّى بالإبادة الجماعية للأرمن". وأضاف مخاطباً إدارة بايدن "أليست لديكم مشكلة أخرى تعالجونها سوى تأدية دور محامي أرمينيا؟".
وقال أردوغان "إذا كانت الولايات المتحدة حليفتنا فعلاً، فهل ينبغي أن تقف إلى جانب الإرهابيين أم إلى جانبنا؟ للأسف، إنّها تواصل دعم الإرهابيين"، وذلك في إشارة إلى الميليشيات الكردية في سوريا والتي تعتبرها تركيا "جماعات إرهابية".
ع.ا/ع.ج.م ( أ ف ب، رويترز)
العلاقة المصرية التركية ـ تجاذبات بين الدفء والقطيعة
عقب سنوات من تأزم العلاقت بين القاهرة وأنقرة أعلنت تركيا عودة الاتصالات الدبلوماسية بين البلدين "دون شروط". عبر التاريخ الحديت تراوحت العلاقات بين البلدين بالتجاذبات بين الدفء والقطيعة. نقدم أبرز هذه المحطات في صور.
عودة الاتصالات الدبلوماسية
أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو (الجمعة 12 كارس/ آذار)، بدء الاتصالات الدبلوماسية بين بلاده ومصر من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها، وعدم طرح البلدين أي شروط مسبقة من أجل ذلك. وأضاف:" لا يوجد أي شرط مسبق سواء من قبل المصريين أو من قبلنا حاليا، لكن ليس من السهل التحرك وكأن شيئا لم يكن بين ليلة وضحاها، في ظل انقطاع العلاقات لأعوام طويلة".
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/F. Aktas
تجاذبات سياسية وتوترات
العلاقات بين تركيا ومصر شهدت تجاذبات سياسية كبيرة منذ زمن، امتازت بين الدفء وبين الفتور والقطيعة، خاصة بعد تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة وانتقاد أردوغان المتكرر له. بيد أن أحدث الإشارات التصالحية كانت على لسان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في (السادس من أذار/ مارس 2021)، الذي ثمن احترام مصر للجرف القاري التركي مؤكدا أن تركيا ومصر لديهما قيم تاريخية وثقافية مشتركة.
التنقيب على الغاز في البحر المتوسط
سمم تنقيب تركيا عن الغاز في مناطق بحرية متنازع عليها مع اليونان وقبرص العلاقات بين هذه الأطراف، إذ عكست التحركات التركية في البحر المتوسط قلق وغضب أنقرة المتصاعدين من الشعور باستبعادها من تقاسم حقول الغاز في شرق المتوسط، وعمليات التنقيب.
صورة من: picture-alliance/dpa/Albatross Aerial Photgraphy
تعزيز العلاقات المصرية اليونانية
وفي أغسطس/آب 2020، وقعت مصر واليونان اتفاقية لترسيم حدودهما البحرية، لكنها حذفت منطقة مثيرة للجدل إلى الجنوب من جزيرة كاستيلوريزو، وهي أبعد موقع يوناني تقول تركيا إنه يقع داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة بحسب ما أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء. وعقدت قبرص واليونان ومصر وإسرائيل والأردن وإيطاليا والسلطة الفلسطينية „منتدى غاز شرق المتوسط" دون دعوة تركيا.
صورة من: Costas Baltas/Pool via AP/picture alliance
ليبيا ساحة للصراع بين تركيا ومصر
كانت ليبيا، التي تملك أكبر احتياطي من النفط في أفريقيا، ساحة للصراع التركي المصري. فليبيا التي عاشت انقساما بين سلطتين: حكومة الوفاق الوطني ومقرّها طرابلس، والمشير خليفة حفتر ومقره طبرق، شهدت صراعات عسكرية على الأرض بين الفرقاء دعمتها تركيا ومصر بالإضافة لروسيا والإمارات.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Turkia
تحذير من تدخل عسكري مصري مباشر
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد حذّر في(20 حزيران/ يونيو) 2020 من أنّ تقدّم القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي تسيطر على طرابلس والمدعومة من تركيا، نحو الشرق سيدفع بلاده إلى التدخّل العسكري المباشر في ليبيا، الأمر الذي اعتبرته تركيا "مغامرة عسكرية خطيرة".
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
أردوغان يرفع اشارة "رابعة"
شهدت العلاقات بين أنقرة والقاهرة توترا كبيرا بعد أن عزل الجيش الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في عام 2013، الأمر الذي واجهته القيادة السياسية التركية بنقد لاذع للغاية. فعقب عزل مرسي، تعمد أردوغان وصف ما حدث بـ"الانقلاب العسكري"، ووجه انتقادات لمن يسانده. كما أن وقوف تركيا لجانب قطر في الخلاف الخليجي ووقوف مصر مع السعودية ساهم في زيادة القطيعة.
صورة من: Stringer/AFP/Getty Images
أردوغان ومرسي ـ علاقات طيبة
وصلت العلاقة الدبلوماسية أوجها مع فوز الرئيس السابق محمد مرسي، في الانتخابات الرئاسية منتصف 2012، حيث شهد البلدان زيارات متبادلة بين مرسي وأردوغان.
صورة من: Reuters
فترة تميزت بالهدوء والاستقرار في العلاقات
تميزت العلاقات بين أنقرة والقاهرة بالهدوء في عصر السادات، وتوطدت خلال سنوات حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي زار تركيا عدة مرات والتقى بالرئيس التركي آنذاك سليمان دميرل أكثر من مرة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Foley
توتر في عهد عبد الناصر
في عهد عبد الناصر شهدت العلاقات التركية المصرية توترات كبيرة حيث طرد الرئيس المصري السفير التركي عام 1954، كما أن دعم عبد الناصر لليونان في أزمة جزيرة قبرص وترحيب أنقرة بانفصال سوريا عن مصر عام 1961، ساهم في تغذية التوتر. (إعداد: علاء جمعة).