أرمين لاشيت- الأوروبي العنيد المنفتح والطامح لتولي عرش ميركل
٢٠ أبريل ٢٠٢١
رغم انخفاض شعبيته بالاستطلاعات، ينهض رغم العراقيل وينهك خصومه ببطء بفضل قوة تحمله. يدعم اللاجئين ويدافع عن التعددية الثقافية ويصف نفسه بأنه "أوروبي بشغف". ويقال إنه حفيد شارلمان. لمحة عن أرمين لاشيت، خليفة ميركل المحتمل.
إعلان
بدا أرمين لاشيت على وشك الهزيمة في السباق لخلافة أنغيلا ميركل في منصب المستشارية، إذ تنخفض شعبيته لدى الرأي العام فيما تفسح إدارته غير المتسقة لأزمة كوفيد-19 المجال للسخرية.
وستكون قيادة الاتحاد المسيحي، الذي يضم كلاً من الحزب المسيحي الديموقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي، الحزب الشقيق البافاري الأصغر، أمام مهمة عسيرة في الانتخابات العامة في 26 أيلول/ سبتمبر، حيث يواجه الحزبان تململاً عاما في ظل غضب من إدارة متعثرة لأزمة فيروس كورونا في ألمانيا.
ولا تتخطى شعبية لاشيت نسبة 12 في المئة بين من يعتقدون من الألمان أنه سيكون مرشحاً جيداً لمنصب المستشار في استطلاع حديث أجرته صحيفة "هاندلسبلات" اليومية. لكن النهوض رغم الصعاب يبدو من اختصاص لاشيت، بحسب مجلة "دير شبيغل"، التي أشارت إلى تغلبه على عراقيل كثيرة من أجل انتخابه رئيساً للحزب مطلع العام.
"ينهك خصومه ببطء"
وأشارت المجلة إلى أن السياسي المعتدل البالغ من العمر 60 عاماً والمعروف بالبراغماتية يتمتع بقدرة خارقة على "الانتظار والتريث"، وذكرت أنه "لا يصوّب باتجاه خصومه ضربة قاضية سريعة، بل ينهكهم ببطء، على خط مستمر، بما يتمتع به من قدرة كبيرة على التحمل".
فقد تجاوز استطلاعات الرأي ليحقق أداء قوياً للحزب المسيحي الديمقراطي في الانتخابات الإقليمية العام الماضي في ولاية شمال الراين-ويستفاليا الأكثر اكتظاظاً بالسكان، حيث يشغل منصب رئيس وزراء الولاية.
واشتهر لاشيت بدعمه ميركل إبان تداعيات أزمة اللاجئين عام 2015، لكنه بدا وكأنه يرسم مساراً بعيداً عنها الشهر الماضي حينما تحدى نداءات المستشارة إلى زعماء ولايات ألمانيا الست عشرة لاتخاذ إجراءات إغلاق أكثر صرامة.
ودافع لاشيت عن المقاربة الفضفاضة لولايته للإجراءات على المستوى الوطني من أجل مكافحة الفيروس، داعياً إلى "مزيد من الحرية والمرونة".
كما تعرض لانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي لقوله إنه يحتاج إلى وقت "للتفكير" في كيفية التعامل مع الموجة الثالثة المستعرة في ألمانيا، واتهم بالتقلّب عندما دعا إلى "سد الفجوة" حتى يتم تطعيم المزيد من الناس. وأشارت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" إلى أنه يُنظر إليه على أنه "متردد ويتصرف أحياناً باندفاع".
مدافع عن التعددية الثقافية
وُلد لاشيت في مدينة آخن، مدينة المنتجعات الصحية في غرب ألمانيا، بالقرب من الحدود مع بلجيكا وهولندا. ويعتبر مدافعاً صلباً عن التعددية الثقافية، ويتمتع بسمعة طيبة لكونه أكثر تأييداً للهجرة من ميركل.
وهو أب لثلاثة أبناء ومن أشد المعجبين بشارلمان، ملك الفرنجة الذي يُنسب إليه الفضل في توحيد أوروبا واتخذ آخن مقراً لإمبراطوريته، فيما تحدثت عائلته أنه من نسل شارلمان فعلاً.
ويوصف بأنه كاثوليكي متدين، والتقى بزوجته -- وهي من منطقة والونيا الناطقة بالفرنسية -- وهي تغني في جوقة الكنيسة. لكن يظهر لاشيت أيضاً في صورة رجل الشارع البسيط، حيث أخبر أعضاء الحزب مطلع العام كيف أمّن والده نفقات الأُسرة من خلاله عمله في المناجم، وقال: "عندما تكون في المنجم، لا يهم من أين يأتي زميلك أو ما هي ديانته أو كيف يبدو. المهم هو: هل يمكنك الاعتماد عليه؟".
درس لاشيت القانون والعلوم السياسية في ميونيخ وبون قبل أن يعمل كصحافي في محطات الإذاعة والتلفزيون البافارية، وكمحرر لصحيفة كاثوليكية.
ويتحدث الفرنسية بطلاقة ويصف نفسه بأنه "أوروبي بشغف"، كما تم انتخابه لعضوية البوندستاغ في 1994 والبرلمان الأوروبي في 1999. وأصبح رئيساً لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في ولاية شمال الراين-وستفاليا عام 2012، وكان رئيساً لوزراء الولاية منذ عام 2017، حينما فاز بالانتخابات آتياً من الصفوف الخلفية ومخالفاً استطلاعات الرأي.
م.ع.ح/ص.ش (أ ف ب)
15 عاماً على دفة القيادة ـ محطات في مسيرة المستشارة ميركل
كأول امرأة في تاريخ بلادها تشغل أنغيلا ميركل منصب مستشارة ألمانيا منذ عام 2005. قادت أربع حكومات، وأدارت أزمات صعبة بحنكة سياسية وجدارة أبهرت العالم، وهي اليوم أشهر قادة العالم. محطات في مسيرة ميركل السياسية.
"تلميذة كول"
كان المستشار الألماني الأسبق، هيلموت كول، يطلق على أنغيلا ميركل، لقب "تلميذة". لم تخرج ميركل من عباءته إلا بعد فترة طويلة في عام 2001، عندما كان الحزب المسيحي الديمقراطي CDU في المعارضة، وكانت ميركل زعيمة الحزب، غير أن فرصتها الكبيرة لم تأت إلا عام 2005.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Altwein
بداية متعثرة
بفارق ضئيل فاز الاتحاد المسيحي الديموقراطي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي CSU على الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD بقيادة المستشار غيرهارد شرودر في انتخابات عام 2005. سجل الحزب المسيحي الديمقراطي بقيادة المرشحة لمنصب المستشارة، أنغيلا ميركل أسوأ نتيجة له منذ عام 1949. هذه الظروف كانت لا تبدو جيدة في بداية مشوار أي مستشار جديد، لكن ميركل سرعان ما ثبتت أقدامها بين كبار الساسة.
صورة من: dpa
أول مستشارة في تاريخ ألمانيا
في نهاية المطاف، أتفق التحالف الاتحاد المسيحي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي تشكيل تحالف كبير. شرودر هنأ المستشارة الجديدة أنغيلا ميركل، التي تم انتخابها في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2005 من قبل البرلمان الألماني كأول مستشارة امرأة في تاريخ ألمانيا، وأصغر سياسية، والأولى من ألمانيا الشرقية سابقا، وأول عالمة فزياء في هذا المنصب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/F. Reiss
الهيمنة على المشهد السياسي
تمكنت ميركل من الهيمنة على الساحة السياسة بسرعة. في قمة مجموعة الثماني في عام 2007، استقبلت رؤساء دول وحكومات أهم سبع دول صناعية وروسيا في منتجع هيليغيندام على بحر البلطيق، ومازحت الرئيس الأمريكي آنذاك، جورج بوش (إلى اليسار) والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. من الناحية الجيوسياسية، فقد كانت أجواء عالم السياسية في هذه الفترة أفضل بكثير مما هي عليه اليوم.
صورة من: AP
لعبة الألوان والسياسة
مظهر وأزياء المستشارة، ملفتة للنظر أيضاً، فهي دائما ما تطل بسترات ذات ألون معينة وعادة ما يظل لون البناطيل التي ترتديها غامق اللون، وما يتغير هو لون السترة فقط. بسبب تغير الألوان هذا، يعتقد الخبراء أنهم يستطيعون معرفة الحالة المزاجية للمستشارة أو الرسالة التي تحاول نقلها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/M. Schreiber
الأكثر شعبية داخل الاتحاد الأوروبي
في بداية الأزمة المالية، صعدت شعبية ميركل بسرعة وتحولت إلى رقم واحد بلا منازع في الاتحاد الأوروبي. هنا في خريف عام 2008، تظهر ميركل بابتسامة لطيفة أمام اثنين من مفتولي العضلات على المسرح الأوروبي، الرئيس الفرنسي آنذاك، نيكولا ساركوزي (في المقدمة) ورئيس الوزراء الإيطالي في ذلك الحين، سيلفيو برلسكوني.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Cerles
التعامل مع الأزمة المالية
عندما ازدادت ديون العديد من الدول الأوروبية، وأصبحت العملة الموحدة في خطر، وافقت ميركل على مساعدات مكثفة، لكنها في المقابل طالبت بإجراءات تقشفية في البلدان المعنية، ما أثار نقمة على ميركل هناك أعاد الذكريات المرة، خاصة في اليونان، حيث قارنت الصحف اليونانية تعاملها بالاحتلال النازي إبان الحرب العالمية الثانية.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Panagiotou
منبر الشعب
هي متحدثة متمكنة، حب الظهور لا يعنيها كثيراً، غالباً ما تبدو صلبة، وحازمة في سياستها، لكن أسلوبها الرصين والواقعي والمتواضع يروق للكثيرين، وإلا لما كانت ستستطيع أن تدير الأمور في بلادها كل هذه السنوات.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Gentsch
"ماما ميركل"
في مرحلة ما اطلق عليها لقب "ماما ميركل". وطبعا ليس المقصود الأم بل أم الأمة، إنه نوع من السخرية أو المحبة وهو تقليد قديم. إذ لم يعد هذا الوصف يستخدم من قبل الصغار اليوم. الأم تعطي الاهتمام والعناية، ما يبدد الخوف. أما الجانب السلبي لهذا الوصف، هو أن الأطفال يبقون دائماً أطفالًا ولا يحب الجميع هذا.
صورة من: picture-alliance/dpa/U. Anspach
"يمكننا فعل ذلك"
أكثر ما اشتهرت به أنغيلا ميركل، هو جملتها الشهيرة "يمكننا فعل ذلك"، التي قالتها إبان موجة اللاجئين.، عندما أبقت الحدود مفتوحة أمام اللاجئين والمهاجرين في عامي 2015 و2016. لذلك اعتبرها البعض بمثابة قديسة لكن البعض الآخر أنتقدها بشدة. الانقسام في تقييم سياستها تجاه اللاجئين ما يزال قائما حتى اليوم.
صورة من: Getty Images/S. Gallup
"شخصية العام" 2015
في عام 2015 ، أطلقت مجلة "تايم" على ميركل لقب "شخصية العام" وحتى "مستشارة العالم الحر"، بسبب قدرتها على الإدارة في المواقف الصعبة، بدءاً من تعاملها مع الأزمة المالية العالمية ومروراً بأزمة اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Time Magazine
ملهمة النساء
ميركل هي أول امرأة في المستشارية، لكنها لم تجعل من ذلك قضية سياسية كبرى لها، غير أنه بفضل دعمها كان لبعض النساء مسيرة مهنية بارزة في الحكومة الألمانية. من أبزر الأسماء النسائية البارزة في المشهد السياسي الحالي: أنغريت كرامب كارينباور (رئيسة الاتحاد الديمقراطي المسيحي ووزيرة الدفاع)، و أورزولا فون دير لاين (رئيسة المفوضية الأوروبية)، وجوليا كلوكنر (وزيرة الزراعة).
صورة من: picture-alliance/M. Schreiber
المصلحة الوطنية
ميركل متحفظة ولا تظهر آراءها السياسية أو الشخصية بشأن رؤساء الدول والحكومات، وفي أغلب الأحيان تعبر عن آراء غامضة للغاية. هي تحرص في تعاملها على ما تقتضيه المصلحة الوطنية.
صورة من: picture-alliance/C. Hartmann
الغرور ليس من صفاتها
تعلم كم يبلغ ثمن لتر من الحليب!. حتى بعد سنوات من توليها منصب المستشارة، لم يغر ذلك شيئاً من أنغيلا ميركل. هنا في عام 2014 زارت أحد المحلات التجارية في برلين مع ضيفها المسؤول الصيني لي كه تشيانغ. لكنها شوهدت أيضا وهي تتسوق وحدها، كربة منزل.
صورة من: picture alliance/dpa/L.Schulze
سر حركة اليد المقبوضة
اشتهرت ميركل بحركة اليد المقبوضة، ولا أحد يعلم ما الذي تخفيه تلك الحركة. هي نفسها تقول إن الحركة تساعدها في الحفاظ على الجزء العلوي من جسمها مستقيماً ولا توجد رسالة أخرى من وراءها. على أي حال، استخدم الحزب المسيحي الديمقراطي حركة اليد على هذا الملصق الضخم خلال الحملة الانتخابية الألمانية لعام 2013 للتعبير عن الثقة والهدوء.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Simon
حياة ميركل الخاصة
لا يُعرف سوى القليل عن حياة ميركل الخاصة. إنها لا تكشف الكثير عنها، وربما لا يهتم الناس بذلك. نعلم، على سبيل المثال، أن ميركل وزوجها يواخيم زاور، العالم الفيزيائي أيضاً (في الصورة) يقضيان كل سنة إجازة عيد الفصح في جزيرة إيشيا الإيطالية، لكن هذا لم يكن ممكنا هذا العام بسبب الجائحة.
صورة من: picture-alliance/ANSA/R. Olimpio
إدارة أزمة كورونا
لقد غير الوباء الكثير في ألمانيا، ليس فقط طقوس إجازة المستشارة. ولطالما تعرضت سياسة ميركل الجادة والموضوعية للانتقادات، لكن تعاملها مع الوباء قد سجل أيضاً أرقاماً قياسية جديدة في شعبيتها.
صورة من: Johanna Geron/Reuters
قرب الوداع
أعلنت ميركل قبل عامين عن عدم رغبتها الترشح لولاية خامسة في انتخابات خريف عام 2021، لكنها حتى ذلك الحين تريد البقاء في المنصب. في حالة استمرارها في المنصب، كانت ميركل ستقترب من الحكم لما يقرب من 16 عاماً وبمدة أقصر بقليل من هيلموت كول، صاحب الرقم القياسي السابق في المستشارية.