"أرى الدمار بكل مكان" - فتاة سورية أوكرانية تعيش بين حربين!
١٥ مارس ٢٠٢٢
قضت نحو نصف حياتها في ظل الحرب في سوريا، وكانت تخطط للانتقال إلى أوكرانيا، موطن والدتها، لكن اندلاع الحرب بأوكرانيا جعلها تشعر بأنه "لا مكان آمن" لها. هذه قصة السورية الأوكرانية فيكتوريا ناجي!
إعلان
قضت فيكتوريا ناجي، التي وُلدت لأب فلسطيني سوري وأم أوكرانية، نحو نصف حياتها في ظل الحرب. كبرت فيكتوريا، البالغة من العمر 24 عاماً والمقيمة في دمشق، خلال الحرب السورية التي تكمل اليوم الثلاثاء (15 آذار/مارس) عامها الحادي عشر بعد أن دمرت جانباً كبيراً من البلاد.
وحصلت فيكتوريا مؤخراً على شهادتها الجامعية في الفنون الجميلة من جامعة دمشق وكانت تخطط للسفر إلى أوكرانيا بحثاً عن فرص في موطن والدتها إلى أن نشبت الحرب هناك الشهر الماضي.
تقول فيكتوريا، الفلسطينية السورية الأوكرانية: "قلت لنفسي من الممكن أن أنتقل إلى أوكرانيا في المستقبل. الآن أصبح المستقبل مشوشاً كثيراً"، وأضافت: "بالنسبة لي، أرى الحرب في كل مكان. ليس هناك مكان آمن لي".
أدت الحرب في سوريا إلى مقتل مئات الآلاف وأجبرت أكثر من نصف سكانها على النزوح عن منازلهم منذ تفجرت إثر احتجاجات على حكم الرئيس بشار الأسد في آذار/مارس 2011. ودخلت روسيا الحرب في 2015 ونشرت قوتها الجوية في سوريا لمساندة الأسد. وقد تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/ فبراير الماضي في فرار أكثر من 2.8 مليون نسمة عبر الحدود الأوكرانية إلى الخارج وبقاء مئات الآلاف في مدن محاصرة.
تقول فيكتوريا ناجي إن أصدقاء وأقارب لها اضطروا للفرار من كييف إلى أماكن أكثر أمناً. وتضيف وهي تستعيد ذكرياتها السعيدة عن زياراتها لأوكرانيا: "أوكرانيا بلد جميل جداً. من المؤسف ما يحدث فيها. ومن المؤسف أن تكون هناك حرب في أي بلد. الحرب بشعة. أرجو ألا تزداد الأوضاع في أوكرانيا سوءاً".
تزوج والداها عام 1983 وتنقلا بين أوكرانيا وسوريا قبل أن يستقر بهما الحال في دمشق عام 1995. وكان جدها لأمها قد شارك في القتال خلال الحرب العالمية الثانية. أما عائلة الوالد فقد جاءت قبل عشرات السنين إلى سوريا. وحصلت على الجنسية السورية.
تقول فيكتوريا إنها عاشت في أمان نسبي منذ تفجر الأوضاع في سوريا، لأنها تقيم في منطقة خارج دمشق لم تتأثر بشدة بالصراع. ولذلك جاءت إحدى صديقاتها للإقامة معها بعد مقتل شقيقها في قصف. وقد تجمد الوضع إلى حد كبير على جبهات الصراع الرئيسية منذ عدة سنوات. غير أن شظف العيش وصعوبة الحياة ازدادا سوءاً أكثر من أي وقت مضى منذ نشوب الحرب.
وعن بداية الحرب تقول فيكتوريا: "المشكلة أننا كنا صغاراً عندما بدأت، كبرنا وأصبحنا نتعود عليها"، وتضيف: "أنا فنانة وأحب الموسيقى أيضاً، ولذلك فإن الأشياء الجميلة هي ما تشغلني، ورغم أنني لا أفهم لماذا تحصل كل هذه الحروب، إلا أنني أريد أن أفهم ذلك، لأن أوكرانيا قضيتي وسوريا أيضاً".
م.ع.ح/ ع.أ.ج ( رويترز)
11 عاما على الاحتجاجات بسوريا.. أوكرانيا تعيد المشاهد للأذهان!
تعيد مشاهد الدمار في أوكرانيا الذاكرة لما حل في سوريا على أيدي القوات الروسية التي هرعت للدفاع عن الأسد وسوت مدنا بالكامل بالأرض. وبعد 11 عاماً من انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام الأسد يبدو المشهد في البلدين متشابهاً.
صورة من: Moawia Atrash/ZUMA Wire/imago images
أوكرانيا والدرس السوري
في الذكرى 11 لحركة الاحتجاجات في سوريا، تشهد العديد من المدن الأوكرانية قصفاً مكثفاً من قبل القوات الروسية ما يعيد للأذهان ما حدث في غروزني الشيشانية وحلب السورية. مدينتان حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد. ويعيد ما يحدث في أوكرانيا إلى الذاكرة أيضاً تصريحات وزير الدفاع الروسي: "اختبرنا أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة في سوريا" ما يجعل غزو أوكرانيا تطبيقا لما جربه الجيش الروسي هناك.
صورة من: Izzeddin Kasim/AA/picture alliance
جذور الاحتجاجات وطريقة تعامل نظام الأسد
اندلعت شرارة الاحتجاجات في مارس/آذار عام 2011 على خلفية انتفاضات شعبية في عدة دول عربية لكن النظام السوري ومنذ اللحظة الأولى رفع لافتة كبيرة أمام العالم بأن ما يحدث هو مؤامرة خارجية يقف خلفها مثيرو الفتن والطائفية بهدف تدمير الدولة. لافتة كانت تحمل في طياتها الطريقة التي سيتعامل بها النظام على مدى سنوات مقبلة مع تلك الانتفاضة الشعبية.
صورة من: Muhammed Said/AA/picture alliance
احتجاجات تحولت إلى نزاع دامٍ!
مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه، قمع الأسد المتظاهرين السلميين بالقوة، لتتحول الاحتجاجات إلى نزاع مسلح شديد الدموية، سرعان ما تعددت جبهاته والضالعين فيه ما أدى لدمار شامل حل بالبلاد ودماء سالت على الأرض ورعب لم يأمن منه بشر ولا حجر ولا شجر.
صورة من: Ammar Safarjalani/Xinhua/picture alliance
البداية من درعا
قامت مجموعة من تلاميذ المدارس في بلدة درعا السورية جنوب دمشق، برسم رسائل معارضة للأسد على جدار محلي. وبعد ذلك بوقت قصير، ألقت أجهزة الأمن القبض عليهم وتعرضوا للضرب والتعذيب حسبما ورد. في 15 مارس/ آذار وجه ناشطون الدعوة إلى "يوم غضب سوري". وفي يوم الجمعة 18 مارس/ آذار، وطوال الأسبوع التالي، كانت درعا وقراها مسرحًا لمظاهرات حاشدة واشتباكات مع الأمن، أوقعت خلال الأسبوع 100-150 قتيل حسب المعارضة.
صورة من: dapd
رد شديد الوحشية
مع خروج السوريين إلى الشوارع للاحتجاج والمطالبة بمزيد من الحريات، كان رد نظام الأسد وقواته الأمنية سريعًا ووحشيًا - ليعاد تطبيق قواعد اللعبة في سحق المعارضة التي أرساها النظام الحاكم على مدى عقود. لكن عمليات القتل عام 2011 أثارت المزيد من الغضب ضد الأسد بدلاً من قمعه، وما بدأ كاحتجاجات سلمية تطورت إلى حركة معارضة مسلحة، مع تصاعد عنف النظام.
صورة من: dapd
التدخل الروسي يقلب الموازين
مع دخول الصراع السوري عامه الخامس بدأ الضغط يزداد بشكل كبير على نظام الأسد حتى أن البعض اعتقد أن سقوطه أصبح قريباً. كانت التنظيمات المسلحة المعارضة تكتسب قوة على الأرض كما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" في تصاعد. لكن الأسد هرع إلى حليفه الروسي طالباً العون، لتتدخل المقاتلات الروسية في خريف 2015 وتحيل المشهد في سوريا إلى جحيم ليبدأ النظام في استعادة السيطرة على رقعة واسعة من الأراضي في منتصف 2018.
صورة من: Russian Defense Ministry Press Service/AP/picture alliance
مشاهد متكررة .. والفاعل واحد
يستحضر الهجوم الروسي على أوكرانيا والدمار الهائل الذي ألحقه بالمدن الأوكرانية صور ما جرى في سوريا والشيشان، وفي الخلفية عشرات الاتهامات "المتكررة" بارتكاب الجيش الروسي لجرائم حرب واستخدام أسلحة محظورة، وهي اتهامات وجهتها منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش لروسيا في كل من سوريا وأوكرانيا.
صورة من: picture-alliance/AA/A. el Ali
المدنيون.. ضحايا العمليات الروسية في كل مكان
تنفي روسيا دائماً استهداف المدنيين. تكرر النفي في أفغانستان والشيشان وسوريا والآن في أوكرانيا. لكن الواقع يقول إن سلاح الجو الروسي تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين السوريين، إلى جانب ما قام به الجيش السوري وخصوصاً استهداف المناطق المدنية ببراميل المتفجرات. واليوم يتعرض المدنيون في أوكرانيا للقصف الروسي، لتدخل المستشفيات والمدارس وغيرها على خط النار كما حدث في سوريا من قبل.
صورة من: Reuters/S. Kitaz
ضحايا بالملايين
وفق منظمات أممية وأهلية، أودى النزاع السوري بحياة ما يقرب من 500 ألف شخص ودفع 6.6 ملايين آخرين إلى المنفى، وسجل المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل سبعين ألف شخص في عام 2014 وحده. وتحفل قطاعات واسعة من الأراضي السورية بآلاف الألغام والقذائف غير المنفجرة التي تمثل تهديداًَ يومياً مباشراً على أرواح من تبقي من السوريين داخل البلاد.
صورة من: AFP/Getty Images
مفاوضات..مفاوضات.. بلا فائدة
في بيان أصدره المبعوث الأممي لسوريا بمناسبة مرور 11 عامًا على انطلاق الاحتجاجات السورية، شدد (غير بيدرسون) على ضرورة الوصول لحل سياسي ينهي معاناة السوريين للخروج من مأزق يمتد نحو 11 عاماً. لكن المنصب الذي تعاقب عليه كثيرون لم يتمكن أي من شاغليه من الوصول لحل يخفف حتى من آلام الشعب السوري، فيما رسخ نظام الأسد القسوة والسلاح كمبادئ أساسية للتعامل مع الأمر.
صورة من: Violaine Martin/UN Geneva/dpa/picture alliance
هل انتصر الأسد؟ وعلى من؟
يرى رئيس النظام السوري أنه في النهاية انتصر في معاركه. صحيح أنه نجح في الاحتفاظ بمنصبه كرئيس يسيطر على مساحة واسعة من أراضي البلاد وقضى على المعارضة المسلحة وعلى جزء كبير من الجماعات الجهادية. لكن على الجانب الآخر، دُمرت البلاد بشكل شبه كامل وقتل عشرات الآلاف وفر الملايين من البلاد وارتكبت مذابح وانتهاكات ربما لم يشهد لها التاريخ مثيلاً في العصر الحديث نفذها حاكم ضد شعبه.
صورة من: Muzaffar Salman/AP Photo/picture-alliance