أزمة إيران.. هايكو ماس يحذر من حريق كبير في الشرق الأوسط
٧ يناير ٢٠٢٠أكد دبلوماسيون أوروبيون أن وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا عقدوا اجتماعا الثلاثاء في بروكسل لإجراء مباحثات بشأن الأزمات الحالية في منطقة الشرق الأوسط. وأجرى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بعد التشاور لقاءات مع نظيريه البريطاني والفرنسي بشأن الوضع في الشرق الأوسط، حيث أنه من المقرر أيضا تناول الاتفاق النووي مع إيران المعرض لخطر الانهيار حاليا. كما تجدر الإشارة إلى أن البرلمان العراقي قرر انسحاب جميع القوى الأجنبية من العراق، فهل هذا يعني بأن الحرب في العراق ضد تنظيم داعش الإرهابي قد انتهت؟ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس يجيب على هذا التساؤل في مقابلة مع إذاعة "دويتش لاند فونك" العامة الألمانية بالقول:
"هذا ما سنتناوله الآن مع الحكومة العراقية. وبالطبع لا أحد يريد التزاما عسكريا في العراق ضد إرادة البرلمان والحكومة العراقيين، ولهذا يجب بحث هذا الأمر الآن. فالكلمة الأخيرة تملكها الحكومة هناك. لكننا نأخذ هذا القرار البرلماني على محمل الجد، لكننا أيضا قلقون وعلينا بحث هذه الأمور الآن مع المسؤولين في العراق. لكن في المجمل سنقبل كل قرار يتم اتخاذه هناك".
الرئيس الأمريكي ترامب يهدد الآن الحكومة في بغداد بفرض عقوبات متشددة إذا ما أجبرت الوحدات الأمريكية على الانسحاب من البلاد. هل هذا رد فعل مواتي من واشنطن؟
"على الأقل أعتبر أنه غير مجدي في الوقت الحاضر. فبعد القرار الذي اتُخذ في البرلمان يجب علينا الآن العمل على أن يكون المجتمع الدولي مستعدا لمواصلة تقديم الدعم للعراق. لقد استثمرنا الكثير من الالتزام ليس فقط عسكريا، بل بتقديم المساعدة التنموية لتثبيت الاستقرار لبناء هذا البلد مجددا ولإيجاد البنية التحتية. وهناك خطر فقدان كل شيء إذا استمر الوضع على هذه الحال. أعتقد أن هذا لا ينجح مع توجيه تهديدات لإقناع العراق، بل بتقديم أدلة. وهي موجودة بكثرة. لكن الكلمة الأخيرة تبقى بالطبع للعراق".
إلى أي مدى سيمضي دونالد ترامب أو الحكومة في واشنطن لوضع بغداد تحت الضغط؟
"سنتابع بالطبع ذلك. الإجراءات التي صدرت في الأيام الأخيرة من الولايات المتحدة تبين مستوى عال من التصميم. وبالرغم من ذلك أعتقد أنه صحيح ما أعلنه الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني والمستشارة أنغيلا ميركل البارحة بأنه يجب ممارسة التأثير على جميع الأطراف لكي لا يتحول العراق إلى ساحة حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران. وهذا يعني أن الأوروبيين لهم في اتجاه كلا الطرفين قنوات حوار مفتوحة يجب توظيفها الآن وسنقدم مساهمتنا كي لا تحصل حرب بالوكالة لبلدان أخرى في العراق".
هل قلت للشركاء في واشنطن أن ردود الفعل من واشنطن غير مجدية؟
"تهاتفت مع نظيري الأمريكي مايك بومبيو. ولم يُجر فقط معي مكالمة هاتفية، بل تحادث مع النظراء الفرنسيين والبريطانيين. وعلى ما يبدو هو غير مسرور تماما بأننا لم نوافق مائة في المائة على تحرك الولايات المتحدة. لكن من المهم كما أعتبر أن يكون الأوروبيون هنا متحدون، لأنه فقط بذلك يمكن لأوروبا أن تلعب دورا في هذا الخلاف. وبما أنه في الحرب ضد الإرهاب الدولي في العراق ضد داعش تكون مصالحنا الأمنية معنية، وذلك بقوة فنحن نتحمل المسؤولية وهذا ما نحاول القيام به في كثير من الحوارات مع الزملاء من واشنطن وكذلك في طهران ومع دول الخليج القلقة جدا من هذا التطور. نحن نحاول القيام بهذه الأمور وأعتقد أنه من الضروري أن يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لتنسيق المواقف واتخاذ قرار أوروبي موحد".
لماذا استمر هذا طويلا؟
لا يمكن القول بأن هذا استمر طويلا. فالبارحة صدر بيان من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. والاتحاد الأوروبي مشارك. أعتقد أن التطورات تتغير كل يوم، وبالتالي سنكون مجبرين على تقييم هذه التطورات يوميا. والمهم سيكون الاجتماع في إطار موسع وعلاوة على ذلك أعتقد أنه من الضروري بعد قرار البرلمان العراقي أن تجتمع الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد داعش أن تجتمع الآن لبحث الوضع. وفي حلف الناتو تُعقد اليوم جلسة خاصة لمجلس الحلف. يجب علينا التنسيق واتخاذ قرار يبين كيف سنتعامل مع تصويت البرلمان العراقي، وسننظر كيف ستتصرف الحكومة العراقية في النهاية.
هل هذا واضح بأنه بدون وحدات أمريكية لن يبقى جنود ألمان في العراق؟
"هذا سيكون صعبا، لأن الولايات المتحدة الأمريكية تتولى عسكريا عدة مهام هناك لا يمكن أن تتحملها جهات أخرى بين عشية وضحاها. وفي الأخير يجب القول بأن البرلمان العراقي قرر أن تغادر جميع الوحدات الأجنبية البلاد. والآن سيرتبط الأمر بكيفية تنفيذ الحكومة العراقية لهذا القرار، وبعدها سننظر كيف ستكون الأسس للالتزام الأمريكي المقبل، لكن أيضا التزام الأوروبيين. ولذلك وجب تناول ذلك بسرعة داخل الاتحاد الأوروبي".
الآن يرتبط الأمر بالنسبة إلى الوحدات الأجنبية في العراق بضمان سلامتها. فمهمة الجنود الألمان تلقى الآن التجميد. فهل ينعم الجنود الألمان بحماية أقل، لأنهم ليسوا جزء من مهمة حلف الناتو في العراق؟
"لا يمكن الجزم في ذلك. لقد اتخذنا جميع التدابير كي يكون الجنود الألمان المرابطين في العراق وكذلك أولائك الموجودين في البلدان المجاورة مشاركين في مهمة مكافحة داعش مثل أولائك الذين يقومون بالمهام الاستطلاعية في الجو. وهذه المهمة لا يتم الآن تنفيذها وحتى مهمة التدريب وكذلك الحرب ضد داعش تُجمد الآن إلى حين توضيح الوضع في عين المكان كذلك سياسيا. لكن بالنسبة إلينا يحظى أمن جنودنا بأولوية قٌصوى، وهذا ما نتححق منه يوميا ونحن في كل لحظة قادرين على استخلاص الاستنتاجات الضرورية".
لقد سمعنا خلال نهاية الأسبوع بقصف صاروخي على قاعدة أمريكية في العراق. وشاهدنا صور المتظاهرين الغاضبين بعد مقتل الجنرال الايراني. فالكراهية ضد الولايات المتحدة الأمريكية قد تتحول بسرعة إلى الحلفاء. هل لا يجب سحب الجنود الألمان بسرعة من هذا الوضع الخطير، كما تطالب بذلك المعارضة في برلين؟
"أعتقد أن ذلك سيكون صعبا بهذه السرعة، لأننا في النهاية ليس وحدنا هناك. وإذا اتخذ كل واحد قرار ماذا سيفعل بجنوده، فإن هذا سيثير الكثير من الشكوك لآخرين موجودين هناك".
لكن ألمانيا مسؤولة عن جنودها؟
"بالتحديد. وهذا ما نفعله ونتحقق منه، ونحن نعتقد كما هو الحال بالنسبة إلى دول أخرى أن الأمن مضمون وأنه يجب مع الحكومة العراقية توضيح كيف ستستمر الحرب ضد داعش. المهم هو التنسيق مع الشركاء الدوليين. نحن نتعاون وهذا يعني أن المهام موزعة بين الأطراف المعنية. وهذا نظام منسق. وبالتالي فإنه من المهم أن يجتمع مجلس حلف الناتو وأن يجتمع التحالف الدولي ضد داعش لبحث هذا الموضوع. فإذا قام الآن كل شخص بما يعتبره شخصيا صحيحا، فإنه لن يكون ممكنا الحفاظ على هذا التفويض والالتزام. ولذلك من المهم تنسيق كل ما نقوم به دوليا. وآخر ما نريده جميعا هو حريق واسع في الشرق الأوسط".
ايران أعلنت أنها تتنصل من الاتفاقية النووية. هل هذه هي نهاية هذه الاتفاقية؟
"إنه أولا قرار يصعب أكثر الوضع الذي هو أصلا متأزما، لأنه لا أحد يريد أن تملك ايران أسلحة نووية. وما أعلنت عنه ايران الآن لا يتطابق مع الاتفاقية. ولهذا سنجتمع اليوم مع فرنسا وبريطانيا لاتخاذ قرار بشأن ذلك، وذلك معا لإصدار رد هذا الأسبوع. فلا يمكن قبول هذا الشيء بدون رد من جانبنا".
ماذا يعني هذا؟
"أن نتحقق من توضيح الحالات وأي أساليب تنجم عن ذلك ـ الاتفاقية تمنح إمكانيات معينة. هذا سنبحثه معا. وسنتحدث كما فعلنا ذلك دوما في السابق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والحصول على تقييمها. وعلى هذا الأساس عندما تجتمع الحقائق سيكون هناك رد فعل منسق بين ألمانيا وفرنسا وبريطانيا".
ما هو السيناريو الممكن؟ هل سينسحب الأوروبيون من الاتفاقية؟
" سنتحدث مجددا مع ايران. فما تم الإعلان عنه لا ينسجم مع الاتفاقية النووية. وإذا جرت هذه المحادثات سنتخذ على أساسها قرارا. هذا لم يعد سهلا وقد يكون الخطوة الأولى نحو نهاية الاتفاقية ما سيمثل خسارة كبيرة. ولذلك سنوازن بكل مسؤولية حتى في الوضع الراهن حتى لا يحصل تصعيد إضافي. لكن ما أعلنت عنه ايران الآن لن نقبله هكذا. نحن نريد التنسيق دوليا للرد على ذلك".
في النهاية سبق وأن قلت هذا، إذ صدر استياء من واشنطن على رد فعل الأوروبيين في الأيام الأخيرة ويتساءل الكثيرون أين يقف الأوروبيون في الحقيقة الذين يعتبرون طهران مثل السابق شريكا تفاوضيا مثلا حول هذه الاتفاقية النووية؟
"نحن نقف في الجانب الذي يعطي الدبلوماسية دوما الفرصة".
وهذا لا يعني بالضرورة إلى جانب الأمريكيين
"إذا ما تأملت فيما حصل في الأيام الأخيرة بعدما قٌتل سليماني يكون المرء حتميا مجبرا على التساؤل هل هذه تطورات كان مرغوبا فيها. أعتقد أنه ليس كذلك هي الحال. وبالتالي وجب علينا التعامل أولا مع هذه المعطيات وسنقدم مساهمتنا كي تستغل أوروبا كل فرصة لاستخدام الدبلوماسية. فآخر ما نريده جميعا وذلك من منطلق المصالح الأمنية لأوروبا هو أن يحصل حريق واسع في الشرق الأوسط، لأن ذلك سيغير الأمن في أوروبا بقوة وليس لما هو أحسن".
أجرت المقابلة كريستيانه كيس