أزمة اقتصادية خانقة في تونس ـ "الهدوء الذي يسبق العاصفة"؟
١٨ فبراير ٢٠٢٢
شرعت تونس في نقاشات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض لدعم موازنتها التي تعاني من عجز منذ عام 2011، بيد أن الصندوق يطالب ببرنامج إصلاحات اقتصادية، وهذا من شأنه أن يثقل كاهل التونسيين وقد تشعل شرارة ثورة شعبية جديدة.
إعلان
شرعت تونس في محادثات أولية من المرتقب أن تؤدي إلى مفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي تلجأ إليه البلاد للمرة الثالثة خلال السنوات العشر الفائتة للحصول على برنامج دعم مالي جديد لإنقاذ اقتصاد يعاني من الانكماش وارتفاع مؤشرات التضخم والدين العمومي والبطالة.
وتأمل تونس التي تعاني أسوأ أزمة مالية في التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في أبريل/ نيسان هذا العام مقابل تنفيذ إصلاحات تهدف لخفض الإنفاق.
وقال ممثل صندوق النقد الدولي في تونس جيروم فاشيه في مقابلة الشهر الماضي مع فرانس برس إن على البلد الساعي للحصول على مصادر تمويل دولية القيام "بإصلاحات عميقة جدا"، لا سيما خفض حجم قطاع الوظيفة العامة الذي يبلغ "أحد أعلى المستويات في العالم". وتخصّص أكثر من نصف النفقات العمومية لسداد رواتب 650 ألف موظف حكومي في بلد يضم 12 مليون نسمة.
وتخطط الحكومة لتجميد رفع أجور موظفي القطاع العام وهي خطوة يتوقع أن تلاقي رفضا من اتحاد الشغل ذي التأثير القوي. فبراير/ شباط
وقالت نائلة نويرة وزيرة الصناعة والطاقة التونسية اليوم الجمعة (18 فبراير/ شباط 2022)، إن تونس سترفع أسعار الكهرباء والمحروقات لخفض عجز الطاقة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وهي خطوة من بين حزمة إصلاحات اقتصادية لا تحظى بشعبية يطالب به المقرضون الدوليون مقابل برنامج إنقاذ مالي. بينما أعلنت الحكومة في وقت سابق اتخاذ هذه الخطوة بعد 2022.
أزمات سياسية واقتصادية
ومرت تونس منذ ثورة 2011 بأزمات سياسية متواصلة بلغت ذروتها مع جمع الرئيس قيس سعيّد مؤخرا السلطات التنفيذية بين يديه، ما زاد في تأزم الوضع الاقتصادي الذي يشهد انكماشا. وشهدت المؤشرات الاقتصادية تراجعا وتراكمت الأزمات في جلّ القطاعات تقريبا.
وكانت مطالب الثورة التونسية، التي انطلقت في نهاية العام 2010 ضد نظام زيد العابدين بن علي، تتلخص في شعار "شغل وحرية وكرامة وطنية".
لكن البلاد دخلت منعطفا سياسيا جديدا وتبيّن أن التخلص من عبء الفساد الاقتصادي أمر صعب، لا بل بالعكس وظفت الطبقة السياسية التي تولت الحكم منذ ذلك التاريخ جهودها وتركيزها للتناحر على السلطة.
وسعت الحكومات المتعاقبة "لضمان السلم الاجتماعي" عبر توظيف أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل في القطاع الحكومي وتضاعف حجم الموظفين تبعا لذلك ثلاث مرات خلال عشر سنوات ليصل إلى 650 ألفا، وهو "من أعلى المستويات في العالم"، وتشغّل الشركات الحكومية 150 ألفا آخرين، حسب صندوق النقد الدولي.
ولم تتم تنمية المناطق الداخلية المهمّشة ما زاد في غياب التوازن التنموي بين المناطق، وفق ما يقول مسؤول في "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية". وفاقمت تداعيات وباء كوفيد-19 في العام 2020 الأزمة وسجل الاقتصاد انكماشا بنسبة 9 بالمائة، واختلت الموازنة العامة للبلاد.
"الهدوء الذي يسبق العاصفة"
ونبه تقرير نشرته "مجموعة الأزمات الدولية" في كانون الثاني/يناير الفائت إلى أن تونس "بالكاد تتمكن من دفع رواتب الموظفين وسداد ديونها الخارجية".
وخلال السنوات الماضية، قدم الاتحاد الأوروبي ودول أخرى مساعدات الى تونس. ويقول المحلل الاقتصادي عز الدين سعيدان إن هذه الجهات "أدركت أنه يجب التدخل عبر ضخ السيولة بشكل مكثف لحماية النسيج الاقتصادي والشركات والتشغيل".
ودفع غلاء المعيشة وفقدان مواطن الشغل الى مزيد من الفقر بين الطبقة الوسطى، ويسعى الآلاف من الشباب التونسيين للهجرة نحو دول أوروبية.
ويمثّل هذا الوضع تحديا كبيرا للرئيس قيس سعيّد الذي يحكم البلاد بأوامر رئاسية وبحكومة بإشرافه، ما دفع بعض الخبراء إلى التحذير من أن الوضع يشبه "الهدوء الذي يسبق العاصفة. تنتظر البلاد فقط شرارة كما كان الأمر في العام 2010"، حسب تعبير المحلل الاقتصادي عز الدين سعيدان.
وفي هذا السياق كشفت نتائج استطلاع اليوم الجمعة، أن نحو 53 بالمئة من التونسيين غير راضين عن سير الأمور في البلاد. وحسب الاستطلاع، الذي تجريه "مؤسسة سيغما كونساي" مع جريدة "المغرب" اليومية والخاص بشهر شباط/فبراير، أن نسبة 68 بالمئة من فئة الشباب (ما بين 15 و25 عاما) ترى أن البلاد تسير في الطريق الخطأ، بينما قال 63 بالمئة من الذين تجاوزوا الستين عاما إنهم متفائلون.
ع.ج.م/و.ب (أ ف ب، رويترز، د ب أ)
تونس ـ محطات وعرة على طريق المخاض الديمقراطي المتعثر
في خطوة جديدة باتجاه تغيير مسار الانتقال الديمقراطي المتعثر في تونس، وبعد شهرين من إقالة الحكومة وتجميد البرلمان، أعلن الرئيس سعيّد إلغاء العمل بعدد من فصول الدستور. وذلك في أكبر أزمة سياسية بالبلاد منذ ثورة 2011.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد. اعداد: علاء جمعة/م.س