1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةفرنسا

أزمة الحكومة في ألمانيا وفرنسا وتبعاتها على الاتحاد الأوروبي

٦ ديسمبر ٢٠٢٤

أزمة حكومية في فرنسا، وانتخابات مبكرة في ألمانيا. أهم دولتان في الاتحاد الأوروبي منشغلتان بأوضاعها الداخلية، فيما يعاني التكتل من تحديات كبرى خاصة مع عودة دونالد ترامب المرتقبة إلى البيت الأبيض.

اليسار واليمين المتطرف يطالبان ماكرون بالاستقالة
اليسار واليمين المتطرف يطالبان ماكرون بالاستقالةصورة من: Dylan Martinez/Pool via AP/picture alliance

عند سقوط حكومته، قال رئيس الوزراء ميشيل بارنييه إن "الحكم في ظل هذا البرلمان أمر مستحيل"، وتابع: "أتمنى للفريق المقبل حظًا سعيدًا". هكذا وبعد 91 يومًا حُجبت الثقة عن حكومة  بارنييه ،  فكان منه إلا أن قدم استقالته إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، بعدما صوت 331 نائبا من التحالف اليساري  وحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف وحلفاؤه، دعما للمذكرة التي تتناول مسائل الميزانية. وكانت الحاجة إلى 289 صوتا فقط. ولا يتوفر بارنييه على غالبية برلمانية، فبعد الانتخابات التشريعية الفرنسية في تموز/يوليو الماضي، انقسمت الجمعية الوطنية في باريس إلى ثلاثة معسكرات متساوية في حجمها تقريبًا - يسار، وليبرالي محافظ، ويمين - ولا تريد هذه القوى تشكيل ائتلاف فيما بينها، ما يجعل تشكيل حكومة جديدة في  فرنسا في منتهى الصعوبة.

يرى محللون أن الأزمة الحالية في فرنسا سببها يكمن في دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل مفاجئ إلى إجراء انتخابات مبكرة، كان الهدف "الحقيقي" منها تعزيز مكانة حزبه الليبرالي. لكن يبدو أن عرش ماكرون بدأ يهتز بعدما طالب اليسار و"التجمع الوطني" على لسان زعيمته  مارين لوبان باستقالته. هي التي خسرت مرتين أمام ماكرون في انتخابات رئاسية سابقة وتريد الترشح من جديد في الانتخابات القادمة المقرر إجراؤها في نيسان/أبريل 2027.

ماكرون من جهته، نفى أية مسؤولية له عن الأزمة الحالية رافضا التنحي. واعتبر أن الأحزاب اليمينية المتطرفة واليسارية اتحدت في "جبهة معادية للجمهورية" لخلق "فوضى" من خلال الإطاحة ببارنييه. وقد وعد ماكرون بتعيين رئيس وزراء جديد، يكلف بتشكيل الحكومة في أسرع وقت. وهناك توقعات بأن يقوم بذلك نهاية الأسبوع، تزامنا مع احتفالات إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام بعد ترميمها، في حدث من المنتظر أن يشارك فيه زعماء العالم بما في ذلك الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب. 

ميشيل بارنييه: أقصر فترة رئاسية لرئيس وزراء في تاريخ فرنسا الحديث.صورة من: Aurelien Morissard/Xinhua/dpa/picture alliance

 

مديونية فرنسا في ارتفاع 

طلب ماكرون من  ميشيل بارنييه البقاء في منصبه إلى حين إقرار ميزانية التقشف للعام القادم والتي قدمها الأخير أمام البرلمان. بينما بلغ عجز الميزانية العامة في عام  2024، 6.1 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، أي ضعف مستوى المديونية التي تسمح به قواعد الاتحاد الأوروبي.

في الأسواق المالية، على الحكومة المقالة، كما على الحكومة القادمة، مواجهة جبل من الديون، تجاوز 100 بالمائة من معدل اجمالي الناتج المحلي. ومن شأن  الأزمة الحكومية الحالية أن تعصف بمستوى التصنيف الائتماني لفرنسا، ومن تمة رفع تكاليف الدين العام ما سيجعل البلاد غير قادرة على العمل في السياسة المالية.

وفي هذا الصدد يحذر نائب البرلمان الأوروبي والخبير المالي المنتمي للحزب الديمقراطي المسيحي الألماني ماركوس فيربر قائلًا إنَّ "فرنسا هي طفلة أوروبا المثيرة للقلق. والأسواق المالية متوترة جدًا وهي محقة في ذلك، وهذا ينعكس في ارتفاع العائدات على سندات الحكومة الفرنسية".

ويضيف أنَّ خطر امتداد هذه الأزمة إلى منطقة اليورو، بات "أكبر من ذي قبل" منذ أزمة الديون السيادية في اليونان وقبرص وإسبانيا وإيرلندا ما بين عامي 2009 و2015. وفي حوار مع DW، تشدد الخبيرة السياسية صوفي بورنشليغل من مركز الأبحاث الأوروبي "مركز جاك ديلور" في برلين، على ضرورة  "الإسراع في تشكيل   حكومة جديدة " ، وأن تعمل هذه "من أجل إقرار القوانين الأوروبية". 

"رئيسان ضعيفان" من دون أغلبية: الرئيس الفرنسي ماكرون (على اليسار) والمستشار الألماني أولاف شولتس، الذي سيطرح الأسبوع القادم التصويت على الثقة.صورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance

الأزمة في ألمانيا

إلى جانب فرنسا، التي تعد ثاني أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، تشهد ألمانيا أيضًا أزمة اقتصادية تعزز مخاوف بروكسل. ويتساءل دبلوماسيون أوروبيون عن "مَنْ يستطيع مساعدة فرنسا في الخروج من أزمتها السياسة المالية طالما  ألمانيا - أكبر دولة مانحة - تعاني من ركود ولا توجد لديها حكومة قادرة على العمل؟". وحتى بعد إجراء الانتخابات المبكرة في ألمانيا في شباط/فبراير القادم، قد يستغرق تشكيل ائتلاف قادر على الحكم عدة أسابيع.

ويبدو أنَّ القاطرة الفرنسية الألمانية، التي تحدد في العادة مسار الاتحاد الأوروبي، مركونة حاليا على رصيف القطارات المعطلة. وقد عبَّر عن ذلك في بروكسل دبلوماسي فرنسي لا يريد الكشف عن اسمه بقوله: "إذا لم تكن لدينا ميزانية ولم نكن قادرين على العمل في السياسة المالية، فلن يتعامل معنا أحد بجدية في الاتحاد الأوروبي أيضًا". بينما قالت متحدثة باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي في بروكسل إنَّ الآثار الاقتصادية الناجمة عن الأزمة الحكومية في فرنسا تم "احتواؤها إلى حد ما"، ولكن دون الخوض في التفاصيل.

أوروبا قوية؟

الأزمات التي تواجهها ألمانيا وفرنسا تأتي أيضا في وقت بات فيه الأوروبيون مقتنعون أكثر من أي وقت مضى، بأهمية "اتحاد أوروبي قوي وموحد" لمواجهة التحديات الاقتصادية الناجمة عن عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، اعتبارا من 20 كانون الثاني/يناير القادم. وسبق أن هدد ترامب بفرض رسوم جمركية عقابية وإنهاء الحرب الأوكرانية الروسية دون أن يحدد ما سيعني ذلك بالنسبة لأوروبا. عطفا على ذلك قد يعاود الانسحاب من معاهدة باريس للمناخ كما فعل في  ولايته الرئاسية الأولى.

وعلى الرغم من أنَّ  الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طالب في أكثر من مناسبة بـ "أوروبا ذات سيادة ومستقلة استراتيجيًا"، كانت آخرها في نيسان/إبريل في باريس، أثناء إلقاءه كلمة في جامعة السوربون، إلا أنه لم يقم بخطوات عملية لتحقيق ذلك. فلا زالت أوروبا معتمدة على حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية للدفاع عن نفسها. كما أن الاقتصاد الأوروبي يعتمد بشكل أساسي على المعاملات التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية والصين. وهذا يسري على فرنسا وألمانيا على حدٍّ سواء. وتبنت مفوضية الاتحاد الأوروبي الجديدة بقيادة أورسولا فون دير لاين هدف زيادة القدرة التنافسية وزيادة الاتفاقيات التجارية. لكن من دون وجود حكومتين قادريتن على العمل في كل من برلين وباريس، فمن الصعب تحقيق هذا الهدف الطموح.

أعده للعربية: رائد الباش

بيرند ريغرت مراسل مؤسسة DW في بروكسل، يركز في تغطيته على القصص الإنسانية والسياسة في الاتحاد الأوروبي
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW