1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أزمة الطاقة- هل ستعلن أوروبا "حالة الحرب الاقتصادية"؟

٢٥ يونيو ٢٠٢٢

يعتقد خبراء ومحللون أن الخطوة التالية في صراع الغرب مع بوتين هي المقاطعة الكاملة لمصادر الطاقة الروسية، خاصة وأنه من المتوقع أن يفرض بوتين حظراً على تصدير الغاز الطبيعي لأوروبا. فهل تعلن أوروبا "حالة الحرب الاقتصادية"؟

خط نورد ستريم للغاز - أرشيفية
حذرت وكالة الطاقة الدولية من احتمال أن يوقف بوتين ضخ الغاز تماماً إلى أوروبا خلال شهور.صورة من: Nord Stream AG/Russian Look/ZUMA Wire/picture alliance

مع استمرار الحرب الروسية ضد أوكرانيا، وإصرار الدول الغربية على مواصلة فرض العقوبات على موسكو لإجبارها على التراجع عن هذه الحرب، يرى محلل سياسي ألماني أن الخطوة التالية في الصراع بين الغرب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ستكون مقاطعة أوروبية للفحم والنفط والغاز الروسي.

نتيجة واحدة

ويعتقد المحلل السياسي الألماني أندرياس كلوت أن بوتين ربما يقوم بفرض حظر على تصدير الغاز الطبيعي لأوروبا وهو ما يصل إلى النتيجة نفسها في النهاية، بحسب ما جاء في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء.

ويشير التحليل إلى أنه ينبغي على دول الاتحاد الأوروبي الاعتراف بما واصل بعضها إنكاره، وهو أن "الرئيس بوتين باعتباره مستبداً وغير أخلاقي يعتبر كل شيء سلاحاً يمكن استخدامه في الحرب، بدءاً من الأسلحة النووية والكيماوية وحتى القمح والتضليل، وإلى جانب كل ذلك الطاقة التي تنتج روسيا كميات كبيرة منها"، بحسب ما ذكر التحليل.

 ويقول كلوت رئيس التحرير السابق لصحيفة هاندلسبلات الألمانية: إن بوتين بذل كل جهد ممكن طوال العقود الماضية لجعل دول الاتحاد الأوروبي تعتمد بأقصى صورة ممكنة على إمدادات الطاقة الروسية لكي يضع الغرب تحت رحمة موسكو. والآن يستغل بوتين نقطة الضعف تلك لدى أوروبا.

تراجع إمدادات الغاز الروسي مستمر

ومنذ نيسان/ أبريل الماضي أوقف الكرملين تدفق إمدادات الغاز الطبيعي إلى عدد متزايد من دول الاتحاد الأوروبي التي يعتبرها بوتين معادية، بدءاً من بولندا وبلغاريا ثم فنلندا وهولندا والدنمارك. والآن قلص بوتين تدفق الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب نورد ستريم. وتضررت دول تقع في نهاية خطوط نقل الغاز الروسي مثل إيطاليا من القرارات الروسية.

وحذرت وكالة الطاقة الدولية التي مقرها في باريس من احتمال أن يوقف بوتين ضخ الغاز تماماً إلى أوروبا خلال شهور. وبحسب التحليل فإنه من المحتمل أن يقوم بوتين بذلك لأنه ببساطة يستطيع فعله.

وخلال المئة يوم الأولى من الحرب الأوكرانية، حققت روسيا إيرادات لم تحققها من قبل من مبيعات الوقود الأحفوري (النفط والغاز الطبيعي) رغم العقوبات الغربية عليها. أحد أسباب ذلك، هو أن الدول غير الغربية مثل الصين والهند حلت محل الاتحاد الأوروبي كمشترين للنفط الروسي. والسبب الثاني هو ارتفاع أسعار الطاقة مما عوض عن انخفاض الكميات المصدرة إلى أوروبا.

استراتيجية بوتين

 ويقول كلوت إن بوتين كعادته يغطي سلوكه العدواني بالخداع، وأحياناً يلقي باللوم على المشترين لأنهم لا يدفعون ثمن مشترياتهم من الغاز بالروبل على سبيل المثال، رغم أنه بذلك ينتهك العقود، أو بالقول إن هناك أسبابا فنية وراء انخفاض الإمدادات. فقد انخفضت الكميات التي ينقلها خط نورد ستريم 1 إلى نحو 40 بالمائة من طاقته التشغيلية، بدعوى عدم توافر مكونات مهمة لازمة لتشغيل بعض محطات الضخ بحسب الجانب الروسي.

ووصف ماريو دراغي رئيس وزراء إيطاليا هذه المبررات الروسية بأنها "أكاذيب". وهدف بوتين واضح، وهو إجبار ألمانيا على استنزاف مخزوناتها التي اكتملت جزئياً قبل وصول موسم البرد في فصلي الخريف والشتاء.

ويرحب بوتين بأسعار الطاقة المرتفعة الناتجة عن هذا النقص، والتي تضر بالمستهلكين الغربيين وتثير توترات اجتماعية وقد تمثل اختباراً لصلابة الاتحاد الأوروبي.

وسيصبح بوتين مبتهجاً على نحو خاص إذا ما أدى نقص إمدادات الطاقة إلى توقف بعض الأنشطة الصناعية الأوروبية، وهو ما قد يحدث. فالعديد من الشركات الصناعية في قطاعات مثل الكيماويات والصلب والزجاج تحذر بالفعل من احتمال خفض إنتاجها إذا استمر نقص إمدادات الطاقة.

كيف تعاملت الدول الأوروبية مع الأزمة؟

وبالفعل قامت النمسا وهولندا والسويد والدنمارك  بتفعيل خطط الطوارئ في قطاع الطاقة. ورفعت ألمانيا درجة الاستنفار في القطاع إلى المستوى الثاني من بين ثلاثة مستويات للاستنفار. وفي المستوى الثالث ستفرض الحكومة سيطرتها الكاملة على عمليات توزيع الغاز الطبيعي في البلاد.

وتتجه ألمانيا ودول أخرى أوروبية نحو تبني نظام الحصص في إمدادات الغاز الطبيعي، وهي كلها مكونات اقتصاد الحرب. واضطرت النمسا إلى إعادة تشغيل محطة كهرباء تعمل بالفحم الملوث للبيئة.

وأعادت ألمانيا تشغيل مولدات الفحم. وهذا أمر مؤلم بالنسبة لدولة كانت تصر على التخلي عن استخدام محطات الفحم تماماً. كما أنه أمر مؤلم خاصة بالنسبة لمسؤولي حزب الخضر المشارك في الائتلاف الحاكم، والذين يديرون وزارتي الطاقة والتجارة ويضطرون إلى تطبيق هذا التراجع في سياسات الطاقة وحماية البيئة.

"المأزق الألماني" والاعتراف بالواقع

ويعتبر مأزق ألمانيا الحالي نتيجة سلبية لعقود من الأخطاء المتراكمة للسياسة الألمانية. ولم يقتصر الأمر على قيام الحكومات المتعاقبة التي تضم الأحزاب الرئيسية الأربعة في فترات مختلفة، بالاعتماد الشديد على أنابيب الغاز الطبيعي الروسي، وإنما أيضاً بالتسرع الشديد في الخروج من الطاقة النووية، حيث من المقرر وقف تشغيل آخر ثلاث محطات للطاقة نووية في كانون الأول/ ديسمبر المقبل. وكانت النتيجة أن الحكومات الألمانية جعلت نفسها رهينة لبوتين في مجال الطاقة.

هذه الأوضاع تجعل النقاش في ألمانيا أشد إرهاقاً، ففي حين تصر أحزاب يمين الوسط في المعارضة والحكومة على استمرار تشغيل محطات الطاقة النووية الثلاث القائمة، تتمسك أحزاب يسار الوسط والخضر بالتخلي عن الطاقة النووية. 

وتقول الطبيبة النفسية الألمانية إليزابيث كولبر روس: إن المواطنين يمرون بخمس مراحل في التعامل مع المأساة وهي الإنكار ثم الغضب فالمساومة فالاكتئاب وأخيراً الاعتراف أو القبول بالواقع. ومازال الألمان عالقين في المراحل الأربع الأولى حتى الآن.

والاعتراف بالواقع يعني الاستعداد لحرب اقتصادية ضد بوتين. ويعني شراء الوقود الأحفوري من دول أخرى واستخراج الغاز الصخري واستيراد كميات أكبر من الغاز المسال. كما يعني استمرار تشغيل المحطات النووية والتوسع في محطات طاقة الرياح.

 أخيراً، وقبل كل شيء، على الأوروبيين الاستعداد للحياة في ظل "اقتصاد الحرب" بما يعنيه ذلك من تضحية بالكثير من الرفاهية التي يعيشونها خلال الصيف، حتى تتمكن بلادهم من الاستعداد لمواجهة فصل الشتاء، فالأوربيون الغربيون أكثر حظاً حتى الآن من الأوكرانيين الذين يتعرضون لحرب عسكرية. ولكن الأوربيين الغربيين مقاتلون بالفعل في الحرب الاقتصادية ضد بوتين. وقد حان وقت التضحية.

ع.ح./ع.ج. (د ب أ)

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW