الكويت، الدولة الغنية المنتجة للبترول، تعد ضمن الدول الأشد حرا في العالم. وعلى الرغم من هذا، فإن أزمة المناخ يتم تجاهلها هناك بشكل كبير. فما هي الأسباب والمخاطر؟
إعلان
عندما يأتي الأمر لأزمة المناخ، يمكن وصف الكويت بـ ”أرض التفوق"، فالدولة الصغيرة الغنية الواقعة بين العراق والسعودية تعتبر من أكبر منتجي البترول في العالم وصاحبة أحد أعلى معدلات الانبعاثات للفرد الواحد.
في عام 2020، تسببت الكويت في إنبعاث أكثر من 20 طنا من غاز ثان أكسيد الكربون، وفقا لتقرير أور ورلد إن داتا، الصادر عن المجموعة غير الهادفة للربح والتي تحمل نفس الأسم، مقارنة بالكونغو على سبيل المثال والتي تسببت في انبعاث 0.03 طن فقط.
الهجرة لأسباب مناخية
06:05
وتشعر الكويتبآثار الاحتباس الحراري في أقصى صوره. ففي عام 2016 بمنطقة واقعة في شمال غرب البلاد، وصلت درجة الحرارة إلى 54 درجة مئوية، وهو ما يعتبر ثالث أعلى درجة حرارة تم تسجيلها على سطح الأرض والأعلى في التاريخ الحديث. كما وصلت الحرارة هناك أيضا إلى 50 درجة مئوية أو أعلى خلال 19 يوما من العام الماضي، وفقا لموقع أكيو ويزر لخدمة الأرصاد الجوية.
يمكن لموجات الحرارة الخانقة أن تجعل الدولة شبه غير صالحة للحياة، إذ سقطت الطيور ميتة من السماء وتعرضت أحصنة البحر للغليان بمياه الخليج حتى الموت، وفقا لوكالة أسوشيتد برس. ويمكن لارتفاع درجات حرارة مياه البحارأن تدفع بالكائنات البحرية للهجرة لمناطق أخرى، بما يهدد إنتاج الأسماك محليا.
أما بالنسبة للبشر المعرضين لتلك الحرارة الحارقة لفترات زمنية مطولة، يمكن للأمر أن يتسبب في الإصابة بالإجهاد الحراري أو مشاكل القلب والأوعية الدموية أو حتي الوفاة.
وبحثا عن ملجأ من درجات الحرارة الحارقة، يتجه الجميع للمراكز التجارية والمنازل والمكاتب المكيفة. ولكن الحاجة للتبريد الصناعي تعد أحد العوامل المتسببة في استخدام الكويت المرتفع للطاقة المتولدة من الوقود الحفري. ووجدت دراسة صادرة عام 2020 أن نحو 67 بالمئة من الكهرباء المستخدمة في المساكن تستهلك عبر أجهزة تكييف الهواء.
العامل الرئيسي الأخر خلف الأزمة هو الدعم الحكومي الضخم لتكلفة الكهرباء، بما يؤدي إلى غياب الحافز لدى السكان لخفض استهلاكهم.
ولكن لا يمتلك البعض رفاهية الهروب إلى الأماكن المغلقة. ففي الكويت يشكل المهاجرون نحو 70 بالمئة من السكان، وفقا لمنظمة العمل الدولية، ويعمل الكثير منهم في العراء بأعمال البناء والزراعة وخدمات التوصيل. وتوصلت دراسة إلى أن الذكور غير الكويتيين معرضين بشكل أكبر عن الكويتيين لخطر الموت بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
كما شهدت الكويت أيضا بشكل متكرر عواصف ترابية وفيضانات بما يؤثر على السكان الذي بدأو في ملاحظة الأمر، وفقا لتقرير صادر عن كلية لندن لعلوم الاقتصاد. ويشير التقرير إلى أن الكثيرين مازالو بلا دراية عن أسباب الأزمة، وخاصة الجيل الأكبر سنا ممن ”ينظرون في الغالب للظواهر المناخية باعتبارها عمل إلاهي ويقاومون الحلول المقترحة كاستخدام المواصلات العامة".
ويشعر دعاة حماية البيئة بالقلق بسبب غياب الاهتمام الملحوظ كذلك علي مستوى صناعة السياسات. وتعهدت كلا من السعودية والإمارات المجاورتين، والغنيتين بالبترول، بالوصول بالانبعاثات إلى مستوى صفر خلال العقود القادمة. إلا أن وعد الكويت خلال قمة غلاسكو العام الماضي يعتبر ”خجول نسبيا"، وهو سعي البلاد لتقليل الانبعاثات بمعدل 7.4 بالمئة بحلول عام 2035.
حتي الآن، تعتمد الكويت بشكل كامل على الوقود الحفري للحصول على الطاقة. وسيزيد الطلب على الطاقة بمعدل ثلاث مرات بحلول عام 2030، وفقا لوزارة الكهرباء والمياه. وقد يعود هذا إلى عدم الاستقرار في استخدام الكهرباء بالبلاد، فضلا عن ارتفاع درجات الحرارة الذي سيدفع المزيد من الأشخاص للتبريد الداخلي.
بدون تنويع مصادر طاقتها، لا تخاطر الكويت فقط باستمرار الإصراف استهلاكه، فالأهم هو المخاطرة بجعل مناطق منها غير صالحة للحياة.
بياترس كريستوفارو/ دينا البسنلي
ظروف مناخية مميتة حول العالم.. هل خرجت أزمة المناخ عن السيطرة؟
على مدار الأسابيع الماضية، انتشرت صورا تظهر حجم الدمار والخسائر البشرية والمادية جراء الطقس المدمر الذي ضرب العديد من دول العالم من ألمانيا إلى كندا ووصولا إلى الصين.. فهل خرجت "أزمة المناخ" عن السيطرة؟
صورة من: Noah Berger/AP Photo/picture alliance
فيضانات عارمة في أوروبا
خلفت الفيضانات غير المسبوقة في أوروبا دمارا كبيرا في بلدان غرب القارة فضلا عن مقتل ما لا يقل عن 209 أشخاص في ألمانيا وبلجيكا. وجاءت الفيضانات نتيجة هطول أمطار استمر لنحو يومين بما يعادل مقدار هطول أمطار لنحو شهرين. وخلال ساعات امتلأت الممرات المائية الضيقة لتتدفق مياه الفيضانات هادرة وتدمر في طريقها الكثير من المباني قديمة، فيما تقدر تكلفة إعادة بناء البنية التحتية المدمرة بمليارات اليورو.
صورة من: Thomas Lohnes/Getty Images
مواسم أمطار شديدة
تضررت مناطق كثيرة في الصين والهند جراء فيضانات قياسية فاقت قدرة السدود والمصارف وأغرقت شبكة مترو الأنفاق في تشنغتشو بوسط الصين. وأسفرت الفيضانات عن مقتل العشرات فيما كان مقدار تساقط الأمطار أكثر من معدلاتها الحالية. وتوقع علماء أن ظاهرة التغير المناخي ستزيد من خطر الأمطار والفيضانات إذ أنها تتسبب في زيادة معدل دفء الغلاف الجوي ليحتفظ بمزيد من الرطوبة ما يؤدي إلى زيادة عزارة الأمطار.
صورة من: AFP/Getty Images
موجات حرارة غير مسبوقة في كندا وأمريكا
باتت موجات الحر غير المسبوقة أمرا شائعا في عدد من ولايات أمريكا كواشنطن وأوريغون وكذلك مقاطعة "بريتيش كولومبيا" الكندية أواخر يونيو/ حزيران. وتسببت المستويات القياسية من الحرارة الناجمة عن "قبة حرارية" نادرة القوة حيث حُبس الهواء الساخن لأيام، في وفاة المئات. سجلت قرية ليتون الكندية درجة حرارة بلغت 49.6 درجة مئوية هي الأعلى على الإطلاق على مستوى البلاد.
صورة من: Ted S. Warren/AP/picture alliance
عواصف رعدية.. والسبب حرائق الغابات
انتهت موجة الحرارة في جنوبي ولاية أوريغون الأمريكية، لكن الظروف الجافة التي خلفتها زادت من خطر اندلاع موسم هو الأسوأ من مواسم حرائق الغابات في تلك المنطقة. وأدى حريق "أوريغون بوتليج" إلى إحراق مساحة تقترب من مساحة مدينة لوس أنجلوس في غضون أسبوعين ليصل الدخان إلى نيويورك. ووفقا لدراسة حديثة فإن هذا الطقس السيء كان من المستحيل حدوثه بشكل عملي لولا ظاهرة التغير المناخي الناجمة عن الأنشطة البشرية.
صورة من: National Wildfire Coordinating Group/Inciweb/ZUMA Wire/picture alliance
غابات الأمازون .. مصير مجهول
تعاني مناطق وسط البرازيل من أسوأ موسم جفاف منذ 100 عام، ما ضاعف من مخاطر حرائق الغابات وأيضا إزالة أشجار ونباتات غابات الأمازون المطيرة بوتيرة أكبر. وقال باحثون مؤخراً إن مساحات كبيرة من الغابات تحولت من امتصاص انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون المسببة لظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض المعروفة باسم "الاحتباس الحراري" لتصبح مصدرا لهذه الانبعاثات، ولتقترب غابات الأمازون بدورها من نقطة تحول كبيرة.
صورة من: Andre Penner/AP Photo/picture alliance
"على شفا الموت جوعا"
بعد سنوات من الجفاف الحاد يعاني قرابة 1.14 مليون شخص في مدغشقر من انعدام الأمن الغذائي إذ يضطر كثيرون إلى أكل الصبار وأوراق الأشجار وحتى الجراد في وضع يرقى إلى المجاعة. ويقول العلماء إن الوضع المتردي في مدغشقر يشكل أول مجاعة في التاريخ الحديث يكون سببها الرئيسي ظاهرة "التغير المناخي"، إذ لا يعود سبب هذه المجاعة إلى كوارث طبيعية أو صراع سياسي أو حتى تدمير المحاصيل جراء الجفاف.
صورة من: Laetitia Bezain/AP photo/picture alliance
نازحون بسبب المناخ
وصل عدد النازحين جراء الصراعات والكوارث الطبيعية في 2020 إلى أعلى معدل له في عشر سنوات إذ بلغ رقما قياسيا تجاوز عتبة 55 مليون شخص فروا إلى أماكن أخرى في بلادهم. كذلك اضطر قرابة 26 مليون شخص إلى عبور حدود بلادهم واللجوء إلى دول أخرى. ووفقا لتقرير نشرته منظمات تعنى بشؤون اللاجئين في مايو/ أيار، فإن ثلاثة أرباع من اضطروا إلى النزوح في بلادهم كانوا ضحايا الظروف المناخية القاسية. مارتن كويبلر/ م.ع