1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أزمة اليورو: مسألة ثقة أم اختلاف في السياسات الاقتصادية؟

٢٥ سبتمبر ٢٠١١

منذ دخول منطقة اليورو في أزمة ديون حادة والحديث يدور عن أسباب هذه الأزمة وسبل حلها. وبينما يعتبر البعض أن الحل يكمن في توحيد السياسات الاقتصادية في أوروبا، يرى آخرون أن إعادة بناء الثقة جزء لا يتجزأ من أي حل مقترح.

تحاول دول اليورو مساعدة أعضاءها المتعثرين بحزم إنقاذ مالية ودفعها لتبني سياسات تقشفيةصورة من: dapd

انعكست أزمة الديون التي تمر بها بعض دول منطقة العملة الأوروبية الموحد (اليورو) السبعة عشر على السياسات الأوروبية بشكل عام. وفيما تقف اليونان، التي تعاني من هذه الأزمة بشكل أكثر من غيرها، على شفا حفرة الإفلاس، تتسع هوة الخلاف بين الدول الأوروبية حول سبل التوصل إلى حل لهذه الأزمة. وحتى في أروقة السياسة الألمانية أوشكت هذه الأزمة على أن تعصف بالائتلاف الحاكم الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا ميركل، والمكون من حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي والحزب الديمقراطي الحر، وتركت أثارها على انتخابات الولايات، التي كانت آخرها ولاية برلين، وأداء الحزب الديمقراطي الحر الضعيف فيها.

الحزم مطلوب

هذه الأزمة وتداعياتها على أوروبا بشكل عام، وألمانيا بشكل خاص، ناقشها البرنامج الحواري "كوادريغا"، الذي تبثه قناة "دويتشه فيله عربية" ضمن سلسلة البرامج الحوارية تحت شعار "زمن التغيير". ويعتقد عامر غراوي، الباحث السوري في مجال العلوم السياسية في جامعة بوتسدام الألمانية، أن هذه الأزمة تثير علامات استفهام كثيرة حول الاتحاد الأوروبي ككيان سياسي واقتصادي، مضيفاً أن ألمانيا بالذات معنية بإنقاذ اليورو، لأن تكلفة إنقاذه ستكون أقل بكثير من تكلفة التخلي عنه.

أثارت مشاركة ألمانيا بمليارات اليورو في حزمة لإنقاذ اليونان سخط الشارع الألمانيصورة من: dapd

ومن بعض الحلول المطروحة حالياً للخروج من هذه الأزمة زيادة الصرامة في التعامل مع الدول التي تزيد فيها نسبة العجز في الميزانية عن تلك التي اتفق عليها في مدينة ماستريخت الهولندية عام 1996، والتي حددت هذه النسبة بثلاثة بالمائة. إضافة إلى ذلك يرى بعض الخبراء بأن تشكيل حكومة اقتصادية أوروبية موحدة تقوم بتوحيد السياسيات المالية والضريبية للدول الأعضاء سيخرج بالمنطقة من دوامة الانكماش الاقتصادي.

إلا أن الخبيرة الاقتصادية السورية سلام سعيد ترى بأن الحلول المطروحة حالياً للخروج من هذه الأزمة هي حلول سياسية وليست اقتصادية، تهدف في الغالب إلى إرضاء الشارع العام وضمان عدم خسارة الناخبين، مشيرة إلى أنه ليست من مصلحة القوى الاقتصادية المركزية في أوروبا، مثل ألمانيا، الانضمام إلى حكومة اقتصادية أوروبية، على سبيل المثال. وترى سعيد أنه من ناحية نظرية يمكن إخراج اليونان من منطقة اليورو حتى تقوم بتصحيح مشاكلها الاقتصادية، وفي خلال ذلك يتم تقديم دعم أوروبي لها على شكل مساعدات إدارية وتنموية، ومن ثم يتم إعادة استقبالها في منطقة اليورو من جديد.

"التأخر في حل الأزمة سيزيد من تدخل أطراف خارجية"

كما يحذر الصحفي الليبي والخبير في الشؤون الأوروبية علي أوحيدة من أن التأخر في حل أزمة اليورو سيزيد من تدخل الأطراف الخارجية فيها، مثل المصارف والحكومات الأخرى، معتبراً أن تدخلها عامل خطير سيزيد من تداعيات الأزمة.

وتلعب اليونان دوراً مركزياً في الأزمة الحالية، فهي تتعرض لانتقادات شديدة بسبب سياساتها غير التقشفية، وتزويرها في السابق لإحصاءات الناتج الاقتصادي وميزانية الدولة. وفي هذا الصدد تقترح سلام سعيد توعية الشارع الألماني والأوروبي بأهمية التضامن مع الدول الأخرى في منطقة اليورو، لاسيما وأن ألمانيا قد استفادت بشكل كبير من قيمة اليورو المنخفضة مقارنة بالمارك الألماني سابقاً في دفع عجلة صادراتها ومحافظتها على مركزها كأكبر مصدّر في العالم. ويتفق عامر غراوي مع تحليل الخبيرة الاقتصادية، إلا أنه يرى بأن على ألمانيا ربط الاقتصاد اليوناني باقتصادها، وذلك من خلال تشجيع الاستثمارات الألمانية في اليونان وإعطاء الأفضلية للصادرات اليونانية، على غرار ما قامت به الولايات المتحدة مع ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ضمن ما عرف آنذاك باسم "خطة مارشال".

سياسة التقشف الحكومية لمواجهة الأزمة تسببت في اضطرابات كبيرة في اليونانصورة من: DW

لكن الصحفي علي أوحيدة لا ينظر إلى الأزمة اليونانية على أنها أزمة ثقة، ويوضح بأن اليونان لديها نظام اقتصادي واجتماعي يختلف بشكل كبير عن النموذج الألماني، مثل سن التقاعد، الذي يبلغ في اليونان 55 عاماً، مقارنة بنظيره في ألمانيا الذي يبلغ 67 عاماً. ويتابع أوحيدة بالقول إنه سيكون من الصعب إقناع دافع الضرائب الألماني بدعم "التقاعد المبكر" للمواطن اليوناني. ويشير أوحيدة إلى أن جوهر الأزمة هو اختلاف النماذج الاقتصادية لدى الدول الأعضاء في منطقة اليورو، وأن السبيل إلى حل هو توحيد هذه النماذج.

أزمة مبالغ فيها والجيش عنصر مهم لحل مشكلة اليونان

ويرى الخبير الليبي في الشؤون الأوروبية أن أزمة اليونان مبالغ فيها، وأن المشكلة الحقيقية هي بين ألمانيا وشركائها، خاصة فرنسا، معتبراً أن الاتحاد الأوروبي قرر حل أزمة الديون عن طريق إدارة الأزمة على حساب الحد من العجز العام في الدول الأعضاء، مما يعني في حالة ألمانيا أنها ستكون قادرة على ضبط ديونها ولن تكون قادرة على ضمان نمو اقتصادي مستدام، وهذا سيدخل المنطقة في حلقة مفرغة، على اعتبار أن الجمود الاقتصادي يولد إيرادات أقل للحكومة، ما يدفعها لتبني سياسات تقشفية تولد ركوداً اقتصادياً أكبر.

يرى الصحفي الليبي علي أوحيدة أن الأزمة الحقيقية هي بين ألمانيا وشركائها الأوروبيينصورة من: dapd

ويرى الباحث عامر غراوي أن الدول الأوروبية لم تتطرق إلى الجيش اليوناني عند الحديث عن سياسات تقشفية هناك، فحجم هذا الجيش أكبر من حجم الجيش الألماني، وأن أي تقليصات فيه لن تنعكس سلباً على المجتمع، خاصة إذا ما تم التعامل مع سياسة التجنيد الإجباري السائدة في اليونان، والتي يمكن أن توفر على الحكومة مبالغ كبيرة.

ويقول الصحفي أوحيدة إن كل دولة تعاني من أزمة ديون قادرة على التعامل مع هذه الأزمة بأسلوبها الخاص، ودون فرض أسلوب معين عليها، مستشهداً بإيرلندا، التي تمكنت بعد عامين من إفلاسها من بلوغ نسبة العجز المتفق عليها في ماستريخت والبالغة ثلاثة بالمائة. ويرى الخبير الليبي بأن ألمانيا يجب ألا تلوم اليونان على ما فعلته، لأنها هي من قبلت بها عضواً في الاتحاد الأوروبي، وهذا سيزيد من صعوبة مهمة المستشارة ميركل وقد يعرضها لانقلاب سياسي داخلي من قبل الطبقة السياسية التقليدية التي تتمسك باليورو.

حلول متعددة طرحها ضيوف "كوادريغا"، معظمها يصب في خانة اتحاد أوروبي اقتصادي مهمته توحيد السياسات المالية والضريبية للدول الأعضاء، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات لبناء الثقة بين الدول ومواطني هذه الدول، وأتباع سياسة أكثر صرامة مستقبلاً عند تخطي أي دولة نسبة العجز المتفق عليها.

ياسر أبو معيلق

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW