1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أزمة تتصاعد- مقاومة خيالة نزلة السمان لتطوير منطقة الأهرامات

٢٤ أبريل ٢٠٢٥

فيما تسابق الحكومة الزمن لإنجاز مشروع تطوير منطقة أهرامات الجيزة، تصطدم مساعيها برفض السكان المحليين من الخيالة والجمالة، الذين يرون المشروع تهديدا لمصدر رزقهم الوحيد، مع إصرار الشركة المستثمرة على إبعادهم من المنطقة.

جمال لركوب السياح قرب أهرامات الجيزة 18.04.2025
يرى الخيالة والجمالة أن مشروع تطوير منطقة الأهرامات يهدد مصدر رزقهم الوحيدصورة من: Mahmoud el tabakh/DW

في أول أيام التشغيل التجريبي لمنظومة الأهرامات الجديدة (8 نيسان/ أبريل 2025)، فوجئ المتواجدون بمنطقة الأهرامات بقطعِ الخيالة والجمّالة، الطريق أمام حافلات السياح ومنع مرورهم، في محاولة أثارت استياءً حكومياً وجدلاً واسعاً.

ورغم تأكيد وزارة السياحة والآثار، في بيان لها، سلامة سير المنظومة وتدارك محاولات "بعض" الخيالة إعاقة حركة سير الحافلات، وإعادتهم إلى المكان المخصص لهم مرة أخرى، خرجت شركة أوراسكوم بيراميدز للمشروعات الترفيهية، القائمة على عملية تطوير وتشغيل منظومة الأهرامات الجديدة، لتُشدد على أن المشروع يرتكز في الأساس على نقل أصحاب الدواب إلى مكان آخر مُخصص لهم، يُعرف باسم "منطقة التريض" بتكليف من الحكومة.

ووجه بيان أوراسكوم، اتهاما صريحا للجهات المسؤولة عن مشكلة الخيالة؛ لتساهلها في عدم اتخاذ قرارات تنفيذية "حاسمة" ضدهم تحفظ سير المشروع، نزولاً عند ضغط ورغبة أصحاب الدواب، بل حملتها مسؤولية أي خطوات من شأنها إفشال المشروع مستقبلاً.

خلال جولة ميدانية لـ  DW عربية، بعد 10 أيام من البدء التجريبي للمشروع، لاحظنا عدم انتقال الخيالة إلى منطقة التريض أو الالتزام بالمسارات المُخصصة لهم والتي أكدت وزارة الآثار إعادتهم إليها، كما رصدنا تجمعهم في مناطق سير السياح، لاسيما بين الهرمين الشهيرين "خوفو وخفرع" بجوار تمركز الحافلات التابعة للمشروع الجديد.

عربات وخيول وجمال تنتظر السياح في منطقة نزلة السمان قرب أهرامات الجيزةصورة من: Mahmoud el tabakh/DW

لكن الخيالة وأصحاب الجمال والكارتات، يعتبرون قرار نقلهم إلى منطقة "التريض" البعيدة داخل الصحراء بمثابة "منفى" لهم. ووفق حديث DW عربية مع ثلاثة منهم، فإنه يصعب التزامهم بهذه الخطوة التي تعني القضاء على مصدر دخلهم الوحيد.

يقول أحدهم ويدعى محمد السيد، إنهم لا يمانعون تطوير منطقة الأهرامات، لكن الجهات القائمة على التطوير لم تضعهم في الحُسبان، وترغب الآن في نقلهم إلى منطقة بعيدة يصعب فيها أداء عملهم.

بمجرد التجول في المنطقة يُهرول أصحاب الخيول والجمال في اتجاهك، ويواصلون إلحاحهم وعروضهم من أجل ركوب دوابهم نظير مقابل مادي تدفعه إليهم يبدأ من 100 جنيه مصري للمواطن المحلي مُقابل جولة بين الأهرامات الثلاثة. وهو الأمر الذي حدث معنا، ومع آخرين من السائحين والزوار، وفق ما رصدته DWعربية.

السلوك السابق، "يُخيف السائحين، ويزيد المخاطر بجعلهم عُرضة للسرقة والإصابات الجسدية"، وفق حديث خالد طه، مُرشد سياحي لـ DWعربية، مشيرًا إلى تكرار شكاوى الوفود السياحية التي صاحبها خلال السنوات الأخيرة من أصحاب الدواب، فضلاً عن انتشار الرائحة الكريهة لروث الخيول والجمال بجانب الجبانات والمعابد في محيط الأهرامات، وهو أمر مُنفِر للسياح.

يرى خالد طه، المُصاحب لوفد سياحي روسي، أن نقل أصحاب الدواب إلى منطقة "التريض" واحد من أهم القرارات المُتخذة لتطوير المنطقة، ولا يعتبر ذلك مُقيداً لمصدر رزقهم، على أساس أن الراغبين من السياح في ركوب هذه الدواب سيسأل عن منطقتهم المخصصة ويتجه إليها.

في اليوم الأول لتشغيل مشروع تطوير منطقة الأهرامات قطع الخيالة والجمالة طريق حافلات السياح احتجاجا على المشروع الذي يرونها تهديد لمصدر رزقهم الوحيدصورة من: Mahmoud el tabakh/DW

الشركة المطورة للمشروع تتمسك بمنع الخيالة

في نظر شركة أوراسكوم بيراميدز، فإن منطقة الأهرامات عانت من الإهمال وسوء السمعةخلال السنوات الأخيرة بفعل أصحاب الدواب، ولا تُحَل المشكلة بنقلهم إلى منطقة "التريض" المخصصة لهم فقط، بل بمنع دخولهم إلى منطقة الأهرامات بالكامل، وهو ما عبر عنه صراحةً مالك الشركة رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس.

بعد يوم من التشغيل التجريبي للمنظومة الجديدة، نشر ساويرس عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"،تغريدة قال فيها إن "الحل في إلغاء الجمال والدواب من المنطقة الأثرية حفاظًا على الأهرامات وسمعة السياحة". ويرى ساويرس أن "الصالح العام أهم من ألفي شخص ظلوا سنين يسيئون لبلدهم".

يعود مشروع تطوير المنطقة الأثرية إلى عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عام 2009، وكان من المُخطط الانتهاء منه في عام 2012، إلا أنه توقف بسبب الأحداث السياسية التي مرت بهامصر، قبل أن يُستأنف العمل في المشروع عام 2016، بعدما استحوذت عليه شركة أوراسكوم بيراميدز.

وبموجب العقد بين أوراسكوم بيراميدز والحكومة المصرية، تنال الأخيرة 50 بالمئة من أرباح الشركة، بالإضافة إلى كامل إيرادات تذاكر الدخول إلى الأهرامات، في الوقت الذي ضخت فيه الشركة استثمارات قاربت من 1,5 مليار جنيه مصري، وفق ما أعلنه المهندس عمرو جزارين رئيس مجلس إدارة الشركة، في منشور عبر حسابه بمنصة فيسبوك، في 9 نيسان/ أبريل.

اعتمد مشروع التطوير على تقسيم المنطقة ومجالها الأثري إلى ثلاثة نطاقات، تشمل تطوير مداخل المنطقة الأثرية ونقل بوابتها الرئيسية إلى طريق الفيوم بدلاً من المدخل القديم "مينا هاوس، وتأهيل الطرق، وإنشاء مركز للزوار، ومنطقة للتريض خارج السور الأمني على مساحة 18 كم مخصصة لركوب الخيل والجمال، واستخدام سيارات كهربائية صديقة للبيئة لنقل السائحينبدلًا من سياراتهم الخاصة بهدف حماية لآثار من التلوث.

على نقيض فكرة منع أصحاب الدواب من دخول الأهرامات، يقول الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار المصري لـ DWعربية: إن القائمين على تطوير الأهرامات "تجاهلوا وجهة نظر المُجتمع المحلي والعاملين في المشروع، وهو ما يتطلب ضرورة مراعاة البعد الاجتماعي للخيالة والجمالة بتحديد أماكن قريبة لهم من مسار زيارة السياح للمنطقة تضمن كسب عيشهم، مع وضع قواعد صارمة ويونيفورم خاص لهم، للظهور بالشكل اللائق كونهم جزء أصيل من مشروع التطوير".

يصف أصحاب الخيول والجمال والكارتات منطقة التريض المخصصة لهم بالمنفى حيث 18 كيلومترا عن الأهراماتصورة من: Mahmoud el tabakh/DW

أما لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب، فقد أوصت في اجتماعها الأخير (14 نيسان/ أبريل)، بسرعة الانتهاء من تطوير منطقة التريض بـ "صورة حضارية"، مع إلزام أصحاب الدواب بالآداب المهنية وحسن التعامل مع السائحين، ومعاقبة المخالفين منهم بإلغاء تراخيصهم واستبعادهم.

إلا أن التوصيات الـ 12، الصادرة عن اللجنة البرلمانية،أغفلت تخوفات الخيالة وأصحاب الكرتات من منطقة التريض "البعيدة" كونها تعمل على "نفيهم والتسبب في خسائر مادية" لهم. وفي توضيحها، قالت رئيسة اللجنة النائبة نورا علي، لـ DWعربية: إن "بُعد منطقة التريض" كانت محل نقاش واسع في اجتماع اللجنة بحضور ممثلين عن وزارة السياحة وشركة أوراسكوم، حيث جرى التشديد على إعادة النظر في هذه المسألة حفاظًا على الدواب وعلى مصالح أصحابها. غير أنها أكدت في الوقت ذاته دعم النواب للقرارات الحكومية في إطار النهوض بالمنطقة الأثرية.

مشروع قومي لتطوير "نزلة السمان"

شياخة نزلة السمان في مُخطط الحكومة المصرية منطقة عشوائية أشبه بـ "قنبلة موقوتة" مُهددة للمعالم الأثرية المجاورة، ما يستدعى إزالتها وتطويرها. وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كشفت محافظة الجيزة، في بيان رسمي، عن تنفيذ المرحلة الأولى من تطويرها عبر تنفيذ إزلالات مع تعويض 230 مواطنًا من أهالي المنطقة.

وبدلاً من الإزالة الشاملة للمنطقة، كشفت الحكومة في اجتماعها 13( أبريل/ نيسان) - بعد أزمة خيالة الهرم - عن مُخطط جديد "بديل" يقوم على تطوير وتأهيل المنطقة بتحويلها إلى مقصد سياحي، يستوعب طلبات الأهالي والسائحين والطاقة الفندقية، بحيث تجري عملية التنفيذ بعد افتتاح المتحف المصري الكبير مُباشرةً.

وتقوم رؤيتهم على محورين أساسيين، الأول الإحياء العمراني بتأهيل وإعادة توظيف المباني والفيلات بما يتوافق مع الطبيعة السياحية للمنطقة، أما الثاني فيستهدف الحفاظ على القيمة الأثرية للموقع، من خلال تمكين الاكتشافات الأثرية على طول الطريق الصاعد، قبل البدء في التطوير.

اكتشاف مقبرة عمرها نحو 4000 عام قرب أهرامات الجيزة

01:24

This browser does not support the video element.

استياء المرشدين السياحيين

حالة من الغضب انتابت المرشدين السياحيين بسبب منظومة التطوير الجديدة في الأهرامات، لأنهم يرون أنها تقضي على وقت الزوار وتُرهقهم، تزامناً مع قرار الحكومة والشركة المنظمة بمنع دخول السيارات الخاصة وتشغيل أخرى عامة بديلة.

وبحسب ما تقوله سمر بيومي، مرشدة سياحية، لـ  DWعربية، رفقة وفد سياحي بمنطقة الأهرامات، فإن أزمة الخيالة في تصاعد كبير؛ لأن "الشركة المطورة ترغب في طردهم من المكان، لكنهم سيصطدمون بهؤلاء الأهالي المُتجذرين في المنطقة مُنذ مئات بل آلاف السنين، بل ترى أن وجود الخيالة والجمال جزء من ثقافة هضبة الجيزة الصحراوية، والتي يستمتع السياح بركوب الدواب فيها".

وفي الوقت الذي، تتهم فيه سمر بيومي، الحكومة بخدمة مصالح "المُستثمر" في المقام الأول دون النظر لأهالي المنطقة، وترفض اختزال مشاكل المنظومة الجديدة في الدواب والخيالة فقط، حيث أخذت في سرد مجموعة من المشكلات منها سوء حافلات النقل الموجودة "غير الصديقة للبيئة" التي تدفع السائح للنزول منها والصعود لأخرى عند جولته في مناطق التنزه السبع بالأهرامات، ما يضيع وقتهم ويمد زمن الجولة من ساعتين إلى 5 ساعات، وهو بمثابة تهديد للسياحة.

يتفق أنيكستي، وهو أحد الباحثين الأمريكيين المولعين بالحضارة المصرية القديمة مع الرأي السابق، فرغم إشادته بمنظومة التطوير من حيث الشكل، يراها "مُعقدة ومُقيدة بلا داعٍ"؛ كونها حولت زيارته البسيطة إلى عملية مُرهقة، ومنعته من استكشاف هضبة الجيزة "بحرية وبوتيرة مُريحة".

هذا الوضع، دفع الخبير الأثري عبد الرحيم ريحان، للتحذير من إمكانية حدوث صراع سياسي أو تحرش جنسي في ظل دفع السياح من جنسيات مُختلفة للصعود إلى نفس الحافلة، ويُهدد بإلغاء دور المرشد مستقبلاً، وإفقاد السائح مُتعة زيارة المنطقة تزامناً مع إجباره على مسارات محددة في الأتوبيس، وهو ما يستدعي التدخل العاجل لإحداث تغييرات في المنظومة.

أما نقيب المرشدين السابق حسن النحلة، فيعمل على جمع 5 آلاف تفويض لتقديم مذكرة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ لوقف ما يعتبره "عبثا" في منطقة الأهرامات.

محمود الطباخ- مصر

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW