وجه البطريرك اللبناني بطرس الراعي في عظته دعوة إلى المسؤولين في الدولة لنزع الفتيل مع السعودية بسبب تصريحات لوزير الإعلام جورج قرداحي بشأن الحرب على اليمن، والأخير يرد بأن استقالته من الحكومة غير واردة.
إعلان
دعا البطريرك الماروني اللبناني الكاردينال بطرس الراعي اليوم الأحد (31 أكتوبر/ تشرين الأول 2021) إلى اتخاذ خطوة حاسمة تنزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانية الخليجية، لكنه دون أن يحدد شكل هذه الخطوة.
ونقلت "الوكالة الوطنية للإعلام" عن الراعي قوله خلال ترؤسه قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، إن "الأزمة مع المملكة العربية السعودية خصوصاً ودول الخليج العربي عموما، هي متعددة الأسباب ومتراكمة، ومن شأنها أن تسيء إلى مصلحة لبنان ومصالح اللبنانيين". وأضاف: "نتطلع إلى أن يتخذ رئيس الجمهورية (ميشال عون) ورئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) وكل معني بالموضوع، خطوة حاسمة تنزع فتيل تفجير العلاقات اللبنانية الخليجية".
تأتي تصريحات البطريرك في وقت ترجح فيه بعض وسائل الإعلام المحلية من أن إقالة الإعلامي الشهير ووزير الإعلام الحالي جورج قرداحي باتت وشيكة، لكن الأخير كما نقلت عنه مواقع لبنانية أخرى الأحد نفى ذلك بوضوح.
بدوره قال قرداحي الأحد لقناة محلية إن استقالته "غير واردة" بعدما أثارت تصريحات له حول اليمن غضب السعودية، التي استدعت مع دول خليجية أخرى سفراءها من بيروت. وأضاف قرداحي لقناة "الجديد" المحلية إن "استقالتي من الحكومة غير واردة"، من دون أن ترد أي تفاصيل إضافية. ولم تتمكن وكالة فرانس برس من الوصول إلى الوزير.
وجورج قرداحي كان سبباً في الأزمة بين لبنان والسعودية سرعان ما امتدت إلى دول الخليج، بسبب مقابلة تلفزيونية بُثّت الاثنين وأجريت قبل توليه حقيبة الإعلام في الحكومة اللبنانية في أيلول/ سبتمبر الماضي، قال فيها إنّ المتمردين الحوثيين "يدافعون عن أنفسهم.. في وجه اعتداء خارجي" من السعودية والإمارات، معتبراً أن الحرب "عبثية". واعتبرت هذه التصريحات هجوما على السعودية والتحالف الذي تقودها في اليمن.
"أزمة لسيت مع لبنان ولكن في لبنان"
يذكر أن الإمارات سحبت أمس السبت دبلوماسيها من لبنان، وذلك "تضامناً" مع السعودية على خلفية هذه التصريحات. ولم تكن الإمارات وحدها من قامت بذلك. فبعد السعودية التي استعدت سفيرها في بيروت وطردت السفير اللبناني لديها في الرياض، حذت البحرين والكويت حذوها، وأمهلت كل منهما كبار المبعوثين الدبلوماسيين اللبنانين لديها 48 ساعة لمغادرة البلاد.
وحسب الجانب السعودي كما جاء على لسان وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، في تصريحات لقناة العربية الإخبارية السعودية أمس السبت "ليست هناك أزمة مع لبنان وإنما في لبنان بسبب هيمنة وكلاء إيران"، مؤكداً أن لبنان بحاجة إلى إصلاح شامل يعيد له سيادته وقوته ومكانته في العالم العربي.
وحول تفاصيل الحوار مع إيران، كشف عن أن "المحادثات ما زالت استكشافية ولم نصل إلى نتائج جوهرية بعد"، موضحاً أنه ستكون هناك جولات محادثات أخرى مع إيران في المستقبل.
صور قرداحي معلقة في شوارع صنعاء
في المقابل، ذكر مراسل الوكالة الفرنسية في صنعاء، أن المتمرّدين الحوثيين الذي يسيطرون على العاصمة اليمنية منذ 2014، علّقوا صور قرداحي في الشوارع تأييداً له. كما قرروا إعادة تسمية شارع الرياض التجاري باسم شارع جورج قرداحي، حسبما أفاد تجّار للفرنسية.
وعُلقت لافتات ضخمة على أعمدة الإنارة والكهرباء في عدّة شوارع تحمل صورة قرداحي، إلى جانبها عبارة "نعم جورج حرب اليمن عبثية". وأعربت الحكومة اللبنانية في بيان عن "رفضها" للتصريح، مشيرة إلى أنه "لا يعبر عن موقفها"، لكنّ قرداحي رفض "الاعتذار" عن "آرائه الشخصية"، قائلا "أنا لم أخطئ في حق أحد. ولم أتهجم على أحد. فلم أعتذر؟". وأثنى المتمرّدون الحوثيون على موقف الوزير اللبناني، داعين إلى مقاطعة المنتجات السعودية.
و.ب/ع.غ (أ ف ب، د ب أ)
في صور.. عام على جراح لم تندمل لدى اللبنانيين!
تحل الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت المروع وجراح اللبنانيين لم تندمل. انهيار اقتصادي متسارع فاقمته تداعيات مأساة المرفأ وتفشي فيروس كورونا، فيما تعجز القوى السياسية على التوافق وتشكيل حكومة تضمد جراح لبنان.
صورة من: Reuters/A. Taher
شرارة الاحتجاجات
إعلان الحكومة اللبنانية أواخر عام 2019 عزمها فرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات المراسلة الإلكترونية مثل واتساب، فجّرغضب لبنانيين لمسوا قبل أسابيع مؤشرات أزمة اقتصادية حادة، أبرز ملامحها كان انهيار سعر الليرة وأزمة الخبز فنزلوا إلى الشوارع تعبيراً عن رفضهم القرار ورغبتهم في إسقاط النظام. من هنا انطلقت شرارة الإحتجاجات مع توالي الأزمات على اللبنانيين، أسوؤها انفجار مرفأ بيروت.
صورة من: Marwan Bou Haidar/Zuma/picture alliance
استقالة حكومة الحريري
على الرغم من تراجع حكومة سعد الحريري عن فرض الرسم المالي، استمرت الاحتجاجات الشعبية. وخلال أيام بلغ الحراك الشعبي ذروته مع تظاهر مئات الآلاف في كل أنحاء البلاد مطالبين برحيل الطبقة الحاكمة التي لم يمسها تغيير جوهري منذ عقود والمتهمة بالفساد وبعدم الكفاءة. على وقع غضب الشارع، استقالت حكومة سعد الحريري في 2019.
صورة من: Imago-Images/ITAR-TASS
أزمة كورونا
في فبراير/ شباط 2020، سجل لبنان أول إصابة بفيروس كورونا. وتراكمت الأعباء تدريجياً على القطاع الصحي الذي أنهكه الوضع الاقتصادي المزري الذي تعيشه البلاد. وفي طل غياب الخطط الحكومية للتعامل مع الفيروس وتوالي الأزمات الاقتصادية والسياسية بدأ الوضع الوبائي للبلاد يتخذ منحنى أكثر سوءاً مع تفشي المتحور دلتا.
صورة من: Emma Freiha/Reuters
فشل حكومة دياب
في السابع من مارس/ آذار 2020 أعلنت الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب عن خطة إنعاش اقتصادي في لبنان وطلبت مساعدة صندوق النقد الدولي. بعد نحو أسبوعين انطلقت المفاوضات بين الطرفين، إلا أنها توقفت في صيف 2020 بعد عدة جلسات جراء خلافات بين الفرقاء اللبنانيين أنفسهم.
صورة من: Getty Images/AFP
انفجار مرفأ بيروت
في الرابع من أغسطس / آب 2020، دوى انفجار ضخم في بيروت دمر أحياء فيها وقتل أكثر من مئتي شخص. بعد ساعات قليلة على وقوعه، عزت السلطات الانفجار إلى كميات ضخمة من مادة نترات الأمونيوم مخزنة في العنبر رقم 12 بمرفأ بيروت منذ عام 2014. ألحق الانفجار، الذي يعد أحد أكبر الانفجارات غير النووية في العالم، دماراً ضخماً في المرفأ والأحياء القريبة منه، وأسفر عن مقتل 214 شخصاً وإصابة 6500 آخرين.
صورة من: Ahmad Terro/picture alliance
الانفجار يفاقم مآسي لبنان!
شكل الانفجار صدمة غير مسبوقة لللبنانيين، الذين أنهكتهم الأزمات المتتالية. بدأ سكان بيروت في اليوم التالي يبحثون عن المفقودين ويتفقدون منازلهم وأبنيتهم المتضررة، فيما انهمك عمال الإغاثة بالبحث عن ناجين محتملين تحت الأنقاض. ووصف محافظ بيروت مروان عبود وقتها الوقع بأنه "كارثي". وأعلنت حالة الطوارئ وبدأت المساعدة الدولية تتدفق إلى البلاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Naamani
ماكرون يمدّ يد الإنقاذ
في السادس من أغسطس/ آب زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت حيث تفقد المرفأ والأحياء المتضررة وسط حشد من اللبنانيين الغاضبين على طبقة سياسية متهمة بالفساد وسوء الإدارة. في ختام زيارته، دعا إلى "تغيير" في النظام. ثم رعى مؤتمراً دولياً لدعم لبنان، تعهد خلاله المجتمع الدولي بتقديم مساعدة طارئة بقيمة نحو 300 مليون دولار، على ألا تمر عبر مؤسسات الدولة.
صورة من: Reuters/G. Fuentes
استقالة حكومة دياب
في الثامن من أغسطس/ آب، تظاهر آلاف اللبنانيين ضد المسؤولين السياسيين الذين حمّلوهم مسؤولية مأساة انفجار مرفأ بيروت. وشهدت التظاهرات مواجهات عنيفة بين محتجين غاضبين والقوى الأمنية التي استخدمت الغاز المسيل للدموع بكثافة والرصاص المطاطي. وأعلن عدة وزراء تباعاً استقالتهم، إلى أن أعلن رئيس الحكومة حسان دياب في العاشر من آب/أغسطس استقالة حكومته.
صورة من: Reuters/H. Mckay
أزمة تليها أخرى!
على وقع الانهيار الاقتصادي المتسارع، بات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، بحسب الأمم المتحدة. كما فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار في السوق السوداء، فيما ارتفعت أسعار المواد والبضائع كافة، حتى أن أسعار مواد غذائية أساسية ارتفعت بأكثر من 70 في المئة خلال عامين. كما تشهد البلاد منذ أسابيع أزمة وقود وشحاً في الدواء وتقنيناً شديداً في الكهرباء يصل الى 22 ساعة.
صورة من: Reuters/A. Konstantinidis
إجهاض تشكيل حكومة جديدة
بعد تسعة اشهر من تكليفه، اعتذر سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة بعدما حالت الخلافات السياسية الحادة مع رئيس الجمهورية دون إتمامه المهمة وتم تكليف نجيب ميقاتي الذي ترأس حكومتين في 2005 و2011، بتشكيل حكومة جديدة. عادة ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهراً طويلة جراء الانقسامات السياسية. لكن الانهيار الاقتصادي، الذي فاقمه انفجار المرفأ وتفشي فيروس كورونا، عوامل تجعل تشكيلها أمراً ملحاً.
صورة من: Dalati Nohra/Lebanese Official Government/AP Photo/picture alliance
الدعم مقابل الاستقرار السياسي
منذ عام كامل، لم يعلن القضاء اللبناني عن تحقيق أي تقدّم في التحقيق بشأن انفجار مئات الأطنان من مادة نترات الأمونيوم المخزنة منذ سنوات في مرفأ بيروت من دون أي إجراءات وقاية. كما لا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، فيما يشترط المجتمع الدولي تسريع تشكيل حكومة تباشر بتنفيذ إصلاحات ملحة، مقابل تقديم الدعم المالي للبنان.
صورة من: Aziz Taher/REUTERS
لبنان في ذكرى أسوأ أزماته
في الذكرى الأولى لإنفجار مرفأ بيروت، ينظم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمرا دوليا من أجل مساعدة لبنان، وهو الثالث بالتعاون مع الأمم المتحدة. تسعى باريس من خلال هذا المؤتمر إلى جمع مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 350 مليون دولار من أجل شعب لبنان، الغارق في أزماته الاقتصادية والأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي، كما صنفها البنك الدولي. فهل تندمل جراح لبنان قريباً؟ إعداد: إيمان ملوك