ولاية راجستان في شمال الهند مشهورة بأغنياتها ورقصاتها المصنفة من منظمة اليونيسكو تراثاً ثقافياً غير مادي للبشرية. جائحة كورونا اضطرت إحدى الراقصات إلى التحول إلى تعليم الرقص عبر الإنترنت.
إعلان
عندما أدت جائحة كوفيد-19 إلى إقفال الحدود الهندية وإلى تطبيق تدابير الحجر، وجدت الراقصة الفولكلورية آشا سابيرا من دون مورد رزق، فاضطرت إلى أن تتحول إلى تعليم الرقص عبر الإنترنت لكي تكسب قوتها. وإذا كان فيروس كورونا المستجد دفع كثير من الأشخاص في العالم إلى الإفادة من الإمكانات التي توفرها شبكة الإنترنت لكي يواصلوا نشاطهم، فإنَ هذا الانتقال لم يخل من الصعوبات بالنسبة إلى قبيلة كالبيليا التي تعيش في ولاية راجاستان السياحية في شمال الهند، والمشهورة بأغنياتها ورقصاتها المصنفة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) تراثاً ثقافياً غير مادي للبشرية. وتتبع هذه قبيلة الفقيرة حياة البداوة بشكل واسع وتعيش في خيم أو في أكواخ من الطين لا يتوافر فيها التيار الكهربائي باستمرار وغالباً ما تفتقر إلى الاتصال بشبكة الإنترنت.
عندما بدأت آشا سابيرا، وهي أم عزباء في السادسة والعشرين، إعطاء دروس عبر تقنية الفيديو "زوم"، لم تكن لديها أية فكرة عن كيفية القيام بذلك. وقالت سابيرا التي بات لديها تلميذات من كل أنحاء العالم، من اليابان إلى البرازيل "كان لدينا الكثير من مشاكل الإنترنت. غالباً ما كنا نلغي الحصص الدراسية لأن الاتصال كان سيئاً جداً".
وتشبه رقصة كالبيليا تمّوجات الأفعى وتجتذب باستمرار الكثير من الفنانين العالميين والباحثين. وتنتمي سابيرا مع نحو عشر راقصات أخريات إلى منصة "كالبيليا وورلد" لتعليم الرقص عبر الإنترنت، وهي لاحظت أن هذه الشبكة أدت دوراً رئيسياً في تحوّل الراقصات إلى سيدات أعمال في المجال الرقمي.
وقالت عالمة الأنثروبولوجيا البلجيكية آيلا جونشير، وهي إحدى مؤسسات المشروع، إن الراقصات جميعاً "تحمسن كثيراً" عندما عرضت عليهن هذه الفكرة، لكنّهن "كنّ خائفات أيضاً".
ويعيش أبناء قبيلة كابيليا مدة طويلة على هامش المجتمع الهندي. فالمستعمر البريطاني صنّف هذه الفئة في القرن التاسع عشر "قبيلة إجرامية"، في حين كان يُنظَر إليهم بعد نيل الهند استقلالها على أنهم مجموعة من اللصوص والمومسات.
وعندما صدر قرار في العام 1972 بمنع عروض سحرة الأفاعي التي كانت مورد رزق رئيسياً للقبيلة، أصبح تركيزها على الرقص والغناء لكسب معيشتها. وتعلمت نساء كثر كآشا سابيرا هذا الفن من أمهاتهن وجداتهنّ.
ودفع نجاح الدروس عبر الإنترنت كثير من الراقصات الأخريات إلى خوض المحاولة، لكنّ النتائج لم تكن دائماً موفقة. فقد بدأت بينو سابيرا مثلاً بإعطاء دروس عبر شبكة إنستغرام، وطلبت من متابعيها دفع المبلغ الذين يجدونه مناسباً، لكنّ أيّاً منهم لم يفعل. وقالت بينو لوكالة فرانس برس "كان ذلك مؤسفاً. لقد أنفقت الكثير من المال لإعادة تعبئة اشتراك الإنترنت لديّ بغية إعطاء الدروس، ولكنّ كل ذلك لم يعد عليّ" بأي مردود.
وبفضل مساعدة أصدقاء بريطانيين، بدأت بإعطاء دروس عبر "زوم" لمجموعة صغيرة من التلميذات، وتتقاضى نحو 11 ألف روبية (125 يورو) شهرياً، أي ما يساوي نصف مدخولها ما قبل الجائحة. وبسبب تراجع مدخولها، باتت هذه المرأة البالغة الثالثة والعشرين، وهي أم لطفلين، شديدة القلق في شأن مستقبل مهنتها، إذ أن الهند تشهد تحوّلاً سريعاً. وقالت "أريد من كل قلبي أن تتابع ابنتاي دراستهما وأن تختارا طريقاً آخر، بعيداً من الرقص". وأضافت "كنت أعشق نمط الحياة هذا، لكني أجده الآن شديد الصعوبة. ليس فيه أي أمان".
خ.س/م.م (أ ف ب)
موظفة أمن مسلمة في ملهى.. عزيمة أنثى بمجتمع الهند الذكوري
تعمل الفتاة الهندية المسلمة مهرونيسا موظفة أمن في أحد أشهر الملاهي الليلية بالعاصمة نيودلهي. مهنة مهرونيسا غير مألوفة في مجتمع ذكوري كالمجتمع الهندي، فكيف استطاعت هذه الفتاة كسر العادات والتقاليد من أجل إعانة أسرتها؟
صورة من: Reuters/A. Abidi
العمل ليلاً
عندما يحين المساء، ويتحول " سوشل" من مطعم إلى ملهى ليلي، يبدأ عمل مهرونيسا. تقوم الفتاة الهندية البالغة من العمر 30 عاماً، بتفتيش حقائب اليد، مصادرة المخدرات، وتراقب دخول الزبائن للملهى. تعمل مهرونيسا موظفة أمن في واحد من أشهر الملاهي الليلية في العاصمة الهندية نيودلهي.
صورة من: Reuters/A. Abidi
العمل داخل الملهى الليلي
" سوشل" واحد من أكثر الملاهي الليلية شهرة في منطقة هوز خاس، أرقى أحياء العاصمة الهندية نيودلهي. يجذب الملهى الليلي بالأخص الشباب، والأثرياء الذين يريدون قضاء الليل في الرقص.
صورة من: Reuters/A. Abidi
امرأة وسط الرجال
يعد عمل مهرونيسا هذا بمثابة تحدٍ لها في مجتمع ذكوري. "قررنا توظيف امرأة، كي يشعرن النساء بالأمان أكثر"، يوضح مالك النادي الليلي "سوشل" رياز أملاني. لذلك سيكون لديهم إمكانية التوجه مباشرة إلى موظف أمن أنثى". وأضاف" بفضل مهرونيسا استطعنا أن نحقق الكثير من الأمان لزبائننا".
صورة من: Reuters/A. Abidi
شقيقتان
عند انقضاء الليل، تتوجه مهرونيسا مع شقيقتها الصغرى إلى أقرب موقف سيارات أجرة. تعمل شقيقتها الصغرى أيضاً في أحد الملاهي الليلية في منطقة هوز خاس. الشقيقتان تجنيان من عملهما معاً 30 ألف روبية في الشهر، أي ما يعادل 465 دولار تقريباً.
صورة من: Reuters/A. Abidi
الألوان بدل الأسود
خلال النهار تغير الشقيقتان ملابس عملهما السوداء ويرتدين ثوب الساري الهندي الملون. اشترت الشقيقتان ثياباً جديداةً بمناسبة عيد الفطر.
صورة من: Reuters/A. Abidi
تأمين رغيف الخبز
منذ أن فقد والدهما وظيفته، تكفلت مهرونيسا وشقيقتها مسؤولية إعالة جميع أفراد العائلة: الأب والأم والأخت وأطفالها الثلاثة يعيشون جميعهم داخل شقة صغيرة. لأن دخل موظفة الأمن لا يكفي للمزيد من المصاريف.
صورة من: Reuters/A. Abidi
ثقة الوالدين
تتذكر مهرونيسا أن عائلتها لم تقف أبداً إلى جانبها. وإلى اليوم لازال شقيقها غير مقتنع بوظيفتها. "لكن هذا لا يؤثر في نفسي"، تقول الفتاة البالغة من العمر 30 عاما. وتضيف: "لأن أمي وأبي يؤمنان بي ويثقان بي."
صورة من: Reuters/A. Abidi
دعم الأم
كافحت أم مهرونيسا في الماضي من أجل السماح لبناتها بالذهاب إلى المدرسة. إلا أن الأب لم يرى في ذلك ضرورة في تعليم البنات. لأن التفاوت القائم على الجنس لا زال عائقاً أمام تعليم البنات في جميع أنحاء الهند.
صورة من: Reuters/A. Abidi
كسرللعادات
من أجل مزاولة مهنتها، اضطرت مهرونيسا إلى كسر العديد من العادات والتقاليد. إذ أن النساء الهنديات ملزمات باتباع الطريق نفسه الذي حدده لهن المجتمع وهو الزواج وإنجاب الأطفال وطاعة الزوج. ورغم أن أقل من ثلث النساء في الهند يعملن، لا يسمح للبعض الآخر منهم حتى بتخطي عتبة البيت.
صورة من: Reuters/A. Abidi
التحلي بالقوة والشجاعة
حتى في صالة الألعاب الرياضية لا يتدرب من النساء سوى مهرونيسا وشقيقتها. ومع ذلك، فالشقيقتان يتوجهن يومياً للتدريب، وذلك من أجل لياقتهن البدنية وبقائهم قويات بما فيه الكفاية لمواجهة السكارى في النوادي الليلية، وطردهم في بعض الحالات، إذا لزم الأمر، "الاهتمام بسلامة الأشخاص، وبالأخص النساء، هي مسؤولية كبيرة"، تقول مهرونيسا.
صورة من: Reuters/A. Abidi
أفتخر بعملي
أثمر جهد مهرونيسا، إذ أن الزبائن معجبون بها وبعملها، خاصة الشابات منهم، إذ يشعرن بالأمان معها، كما تقول. "مهنة حارسة الأمن ليست بالمهمة السهلة"، تقول مهرونيسا. وتضيف "لكني فخورة جداً بما أقوم به." نينا نيبيرغال/ إيمان ملوك.