أزمة غير مسبوقة ـ هل تصمد قطر أمام زلزال الشقيقة الكبرى؟
٥ يونيو ٢٠١٧
ليست المرة الأولى، التي تتأزم فيها العلاقة بين قطر وبعض جيرانها من دول الخليج العربية، خصوصا السعودية؛ فالدوحة غالبا ما غردت خارج السرب. فما الجديد إذن؟ هل الجديد هو موقف الرئيس الأمريكي ترامب، أم أن للأزمة أسبابا أخرى؟
إعلان
كثيرة هي الأزمات التي عصفت بعلاقة بين قطر وبعض جيرانها من دول الخليج العربية، خصوصاً السعودية. لكن الأزمة الجديدة تختلف كثيراً عن سابقاتها. إذ تبدو منطقة الشرق الأوسط برمتها أمام أزمة دبلوماسية كبرى لا أحد يعرف إلى أين ستصل وكيف ستنتهي، خصوصاً بعد انضمام مصر للسعودية والإمارات والبحرين في حملتها على قطر.
كما يختلف الأمر عن أزمة 2014 يوم استدعت ثلاث دول خليجية سفراءها من الدوحة، يومها تدخلت الكويت وقامت بدور الوساطة لتعود المياه إلى مجاريها بين دول الخليج العربية. بيد أن مفعول الوساطة الكويتية لم يدم طويلاً، لأن الطرفين، قطر من جهة، والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى، بقيا على موقفيهما إلى أن انفجرت الأزمة مجدداً في هذه الأيام وبصورة أقوى من المرات السابقة.
قطع العلاقات وعزل قطر ـ ابحثوا عن ترامب!
فقد أعلنت السعودية ومصر والبحرين والإمارات واليمن قطع علاقاتها مع قطر، متهمة الدوحة "بدعم الإرهاب"، في أخطر قرار يأتي بعد 15 يوماً على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية وحملته على إيران. إذ يُنظر إلى اللهجة المتشددة أمام أكثر من 50 زعيماً مسلماً بشِأن طهران والإرهاب على أنها هي التي وضعت الأساس لهذه الأزمة الدبلوماسية.
وقال جان مارك ريكلي رئيس المخاطر العالمية والمرونة في مركز جنيف لسياسة الأمن "لدينا تحول في توازن القوى في الخليج الآن بسبب الرئاسة الجديدة: ترامب يعارض بقوة الإسلام السياسي وإيران". ويضيف الباحث: "إنه منحاز تماماً لأبوظبي والرياض اللتين لا تريدان أيضاً التوصل لحل وسط مع إيران أو الإسلام السياسي الذي ترعاه جماعة اِلإخوان المسلمين".
وجاء التبرير الرسمي السعودي لقطع العلاقات ليصب في هذا الاتجاه، إذ بررت الرياض خطوتها بـ "حماية أمنها الوطني من مخاطر الإرهاب والتطرف". كما اتهمت قطر بـ "احتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة منها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة"، وبدعم "نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران" في السعودية والبحرين.
تصعيد غير مسبوق: إيران والإخوان المسلمون
ويرى آدم بارون من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن "هذا يمثل بالتأكيد تصعيداً غير مسبوق في التوترات داخل دول مجلس التعاون الخليجي" الست. ويضيف بارون أن "قطر كانت تتبع منذ فترة طويلة نهجاً مستقلاً أثار استياء جاراتها"، لاسيما في ما يتعلق بعلاقتها الدوحة بجماعة الإخوان المسلمين.
وتقول الباحثة في مركز "تشاتام هاوس" البريطاني جين كيننمونت إن التوترات الجديدة ليست لها علاقة واضحة بـ "شيء جديد فعلته قطر". ولكن مع تعزيز العلاقات بين السعودية والإمارات ومع وجود إدارة ترامب، فإن التحرك ضد قطر يبدو أنه "محاولة لاقتناص فرصة"، بحسب الباحثة.
أما جيمس دورسي من كلية س.راجارتنام للدراسات الدولية في سنغافورة فيتحدث عن "حملة تقودها السعودية والإمارات لعزل قطر وبالتالي عزل إيران". وكتب في تقرير أن الحملة تهدف إلى إجبار الدول غير العربية إلى الاختيار بين الطرفين "وإقناع إدارة ترامب بالتعامل بشدة مع قطر بسبب رفضها الانضمام إلى الحملة السعودية ضد إيران وبسبب علاقاتها مع جماعات إسلامية ومسلحة".
ويرى اندرياس كريغ من قسم دراسات الدفاع في كلية كنغز كوليدج في لندن، إن ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان يجدان نفسيهما في موقع أقوى بعد دعوة ترامب للقضاء على التطرف الإسلاموي.
الرد القطري والحصار الاقتصادي
وجاء الرد القطري غاضباً، إذ اتهمت الدوحة الدول، التي أعلنت هذا الإجراء بالسعي إلى "فرض الوصاية" عليها، ورأت أن القرار "غير مبرر". وأكد بيان صادر عن الخارجية القطرية أن الإجراءات "لن تؤثر على سير الحياة الطبيعية للمواطنين والمقيمين في الدولة".
بيد أن مصادر إعلامية ذكرت أن بورصة الدوحة انخفضت على الفور بنسبة 8 بالمائة عند بدء المبادلات. كما ذكر موقع "الدوحة نيوز" الإلكتروني باللغة الإنكليزية أن سكاناً في العاصمة القطرية سارعوا إلى شراء مواد غذائية من المحال التجارية.
الصحفي السعودي المقرب من دوائر القرار في الرياض حسين شبكشي كتب في تغريدة على تويتر أن قطر تستشعر الحصار الاقتصادي بشكل سريع.
والآن وبعد هذه "المعركة" المفتوحة بين قطر وهذه الدول يأتي السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: هل تصمد قطر أمام هذا الزلزال الذي تقوده شقيقتها وجارتها الكبرى السعودية؟ وهل ينجو مجلس التعاون الخليجي من أخطر أزمة منذ إنشائه في 1981.
أ.ح/ع.غ (أ ف ب، رويترز)
الملكيات العربية.. بين التوارث السلمي للسلطة والانقلابات العائلية
في بادرة غير مسبوقة في العالم العربي تنازل أمير قطر الشيح حمد بن خليفة آل ثاني عن الحكم بشكل طوعي وسلس لابنه الشيخ تميم في سابقة فريدة من نوعها في الملكيات العربية، حيث عادة ما ينتظر الشباب حتى يتوفى الكهول أو يطاح بهم.
صورة من: picture-alliance/dpa
الشيخ حمد.. حالة استثنائية
الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (61 عاماً) يسجل سابقة في العالم العربي بتسليم السلطة سلمياً، رغم أنه كان قد ستولى على السلطة عام 1995 بعد الإطاحة بأبيه الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، الذي كان بدوره قد أنقلب على ابن عمه الشيخ أحمد عام 1972. وجاءت هذه الخطوة في الوقت الذي يتشبث فيه الحكام العرب، سواء كانوا من الملوك أو الأمراء أو الرؤساء، بالسلطة حتى الرمق الأخير من حياتهم، حتى لو كانوا على فراش الموت.
صورة من: picture-alliance/dpa
خطوة مثيرة للحسد
في دول الخليج التي يحكم معظمها كهول تجاوزوا الستينات والسبعينات والثمانينات من عمرهم ويرث عروش بعضهم أمراء من الفئة العمرية ذاتها، لاشك أن تولي الشيخ تميم (33 عاماً) الحكم بهذا الشكل من شأنه أن يثير حسد واهتمام الشبان من أفراد الأسر الحاكمة في مختلف أرجاء منطقة الخليج، خاصة الذين نفد صبرهم ترقباً لتولي المناصب العليا.
صورة من: picture-alliance/dpa
السعودية.. انتقال السلطة من كهل لآخر
تنتقل الخلافة بين أبناء الملك عبد العزيز آل سعود على أساس السن والخبرة ومكانته داخل العائلة، ما يجعل تولي المناصب العليا من نصيب الكهول الذين ينتظرون طويلاً وفاة من هم أعلى منهم في المنصب، فالملك الحالي عبد الله يبلغ 90 عاماً وخضع لعدة عمليات، لكنه لم يفكر في نقل السلطة بعد...
صورة من: picture-alliance/ZB
الملك فهد.. عشر سنوات على فراش المرض
الملك عبد الله نفسه كان قد أنتظر أكثر من عشر سنوات ولياً للعهد، قضاها أخيه الملك فهد على فراش المرض، بعد أن أُصيب بجلطة في عام 1995 حتى وفاته عام 2005...
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb
منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر
ولي العهد السعودي الحالي، الأمير سلمان بن عبد العزيز يبلغ من العمر 82 عاماً، مازال ينتظر نحب أخيه، وكان قبله قد توفى اثنان من ولاة العهد قبل أن يتسلموا العرش، وهم الأمير نايف والأمير سلطان. وحتى الرجل الثالث في الأسرة الملكة، الذي تشير التوقعات إلى أنه مرشح لمنصب ولي العهد، قبل أن يصبح ملكاً بعد عمر طويل، وهو الأمير مقرن، يناهز عمره السبعين عاماً.
صورة من: picture-alliance/dpa
السلطان قابوس.. لن تتكرر مأساة أبيه
وفي سلطنة عمان يحكم السلطان قابوس البالغ من العمر 72 عاماً البلاد منذ 43 عاماً، ولم يختر خليفة له بعد ومن غير المعروف من ستولى بعده العرش، في ظل أنباء عن عدم وجود ذرية له. السلطان قابوس كان قد وصل إلى الحكم بعد انقلابه على أبيه سعيد بن تيمور عام 1970، وبالتالي فليس هناك من خوف من أن تتكرر مأساة الأب للابن.
صورة من: Getty Images
الكويت.. نقل أو انتقال للسلطة بين آل الصباح
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد (84 عاماً) عمل وزيراً للخارجية لمدة 40 عاماً قبل أن يتولى السلطة عام 2006، بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد الصباح. نُقل إليه العرش بسبب مرض الشيخ سعد العبد الله الصباح، الذي لم يتول العرش سوى لأسبوعين فقط وهو على فراش المرض قبل تجريده من المنصب. أما ولي العهد الحالي الشيخ نواف الأحمد الصباح فيبلغ من العمر (75 عاماً). وتظهر من وقت لآخر تسريبات عن حالته الصحية.
صورة من: picture-alliance/dpa
البحرين.. الأولوية لحماية الملكية
ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة من مواليد 1950، تولى الحكم بعد وفاة والده عام 1999. كان قد تولى منصب ولي العهد عام 1964 وعمره كان حينها 14 عاماً...
صورة من: dapd
أما ولي عهد ملك البحرين وخليفته المنتظر فهو ولده الشيخ سلمان من مواليد 1969، ولا توجد مؤشرات على نقل السلطة إليه قريبا، لاسيما وأن مملكة البحرين شهدت ومازالت تشهد أحداثا سياسية كادت أن تعصف بالأسرة المالكة، لولا تدخل قوات درع الجزيرة.
صورة من: picture-alliance/ASA
الإمارات العربية.. ديمقراطية الشيوخ
الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (65 عاماً) تولى رئاسة الدولة عام 2004 بعد موت أبيه، حيث انتخبه المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات العربية المتحدة رئيساً للدولة، وفق دستور البلاد. ورغم أن نائب رئيس البلاد الحالي هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي، فإن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (52 عاماً)، شقيق الرئيس وولي عهد إمارة أبو ظبي هو المرشح لخلافته.
صورة من: Getty Images
الأسرة الهاشمية.. تاريخ من الانقلابات
الملك عبد الله (51 عاماً) تولى العرش بعد وفاة والده الملك حسين عام 1999. كان عمه الحسن ولياً للعهد لأكثر من ثلاثين عاماً قبل أن يعزله الملك حسين ليفسح الطريق لتولي ولده عبد الله العرش، فقام الأخير بعزل أخيه حمزة ليسمى فيما بعد نجله الحسين (من مواليد 1994) ولياً للعهد...
صورة من: picture alliance/dpa
الانقلابات داخل الأسرة الهاشمية لها تاريخ طويل فقد أُجبر الملك طلال على التنازل لولده حسين الذي تولى المنصب عام 1952 وهو في سن 17 عاماً. (الصورة للملك المتوفى حسين وأخيه الأمير حسن).
صورة من: picture-alliance/dpa
المغرب.. جيل ملكي شاب
تولى ملك المغرب محمد السادس (من مواليد 1963) العرش خلفاً لوالده المتوفي الحسن الثاني عام 1999. وحسب موسوعة ويكيبيديا يحمل الملك الشاب شهادة الدكتوراه ويتقن إلى جانب العربية اللغات الفرنسية والإسبانية والإنجليزية والأمازيغية. في عام 2003 رزق الملك وزوجته الحسناء للا سلمى مولوداً سُمي بـ"مولاي الحسن" وطبقاً للدستور المغربي فإن الأمير الصغير (في يسار الصورة) هو ولي العهد. الكاتب: عبده جميل المخلافي.