أسبوع ألمانيا الدامي- انهيارات نفسية أم "جهاد اكتئابي"؟
ملهم الملائكة ٢٦ يوليو ٢٠١٦
أسبوع دامٍ ضرب ألمانيا بشكل لا مثيل له منذ عقود، فالهجمات القاتلة تنطلق من كل مكان. بعض التحليلات تصف الفاعلين بالمكتئبين، فيما كشفت أدبيات إرهابية عن تكتيك جديد، يحرّك الهجمات في أوروبا، بات يعرف بـ"الجهاد الاكتئابي".
إعلان
كشف الإعلان الرسمي لوزير داخلية ولاية بافاريا يواخيم هيرمان أنّ منفذ الهجوم على المحتفلين بمهرجان الموسيقى في أنسباخ بحقيبة ملغومة بايع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وأنه علن على صفحات التواصل الاجتماعي عزمه الانتقام من الألمان قبل إقدامه على تفجير نفسه بمن حوله، والمرء لا يسعه إلا أن يتساءل كيف تحوّل طالب لجوء ضعيف الحيلة باحث عن الأمان إلى منتقم من البلد الذي آواه وحماه لمدة سنة تقريبا؟
هذا الهجوم الخطير وأسبابه يجب أن يُقرأ في ضوء الهجمات التي سبقته، وأولها هجوم شاب (يحتمل أنه من أفغانستان أو باكستان) بفأس وسكين على ركاب قطار في فورتسبوغ، ثم إطلاق شاب ألماني إيراني النار من مسدسه باتجاه الناس قرب مركز اولومبيا التجاري في مدينة ميونخ ببافاريا، ما سبب مقتل 9 أشخاص وجرح 16 و انتحار القاتل، تلى ذلك هجوم طالب لجوء سوري في مدينة رويتنلغن بولاية بادن فورتمبيرغ بساطور على سيدة حامل ما أدى إلى مصرعها و جرح رجل وامرأة قبل أن تسيطر الشرطة عليه.
"داعش": "علاج الاكتئاب هو الجهاد"!
في حديثه إلى DWعربية سلط جاسم محمد، الباحث في شؤون مكافحة الإرهاب، الضوء على تكتيك جديد أطلقه تنظيم "داعش" منذ عامين لتحريك عناصر تعمل لصالحه في الغرب دون أن تكون من "الذئاب المنفردة" وليس من الضرورة أن تكون قد مارست نشاطا إرهابيا في مناطق نفوذ التنظيمات التي تصف نفسها ب" الجهادية". ونقل جاسم محمد نداء وجهه احد مقاتلي "داعش" ويكني نفسه بأبي البراء الهندي خاطب من خلاله من أسماهم "إخوانه في الغرب"، زاعما معرفته بأنهم يشعرون بالاكتئاب، ونصحهم بأن "علاج الاكتئاب هو الجهاد" وحثهم على ذلك.
ومنذ إطلاق هذا النداء تكاثرت في أوروبا العمليات الإرهابية – حسب جاسم محمد- بدءا من الهجمات في فرنسا وبروكسل مرورا بأسبوع ألمانيا الدامي، ومن غير المنتظر أن تنتهي " غزوات القتل الدامية" في القريب العاجل، حسب الخبير في شئون الإرهاب.
ويؤكد الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب جاسم محمد أن تنظيم "داعش" "غيَّر إستراتيجيته، فترك الجماعات المتطرفة في أوروبا لأنها تحت المراقبة وتحوم دائما حولها الشبهات، واتجه نحو الأفراد الذين لا توجد لديهم ارتباطات اسلاموية أو نشاطات، ولم يكونوا تحت رادار الاستخبارات وأجهزة الأمن الأوروبية. وبهذا يخاطب التنظيم الشباب الذين يعانون من الاكتئاب والمشاكل النفسية، وأصحاب السوابق الجنائية ومدمني المخدرات، وهذا ما كان واضحا في عمليات الدهس في نيس بفرنسا وهجمة قطار فورتسبورغ والهجوم الانتحاري في مدينة أنسباخ".
تضع هذه الحقائق تحديات خطيرة أمام أجهزة الأمن الألمانية، فهي مطالبة بمراقبة تحركات عدد غير محدود من الأشخاص. والى ذلك اعتبر جاسم محمد أنّ الأجهزة الأمنية تعرف نحو 500 شخص في مراكز الإيواء يُحتمل أن يكونوا أهدافا لتنظيم "داعش"، ويمكن أن يتحولوا في أي لحظة إلى جند للتنظيم أو مقاتلين عنده، وهي مراتب مختلفة تنظيميا.
خبير ألماني-"المكتئبون عادة يستهدفون أنفسهم بالعنف"
إزاء كل هذه التطورات التكتيكية، ذهبت كثير من الآراء إلى أنّ حالة من الاكتئاب ربما سادت بعض من نفذوا الهجمات الدموية، ولكن علماء ومختصين في شؤون الاكتئاب وثقافة العنف وظاهرة الانتحار نفوا أنّ الاكتئاب وحده يمكن أن يكون سببا للهجمات الدموية غير المتوقعة من البعض، والى ذلك تحدث إلى DWعربية الباحث النفسي المتخصص في قضايا الانتحار غيورغ فيندلر شارحا تصوره عن الهجوم الدموي في ميونخ، والذي نفذه شاب ليس لاجئا حديثا، بل ولد قبل 18 عاما في ألمانيا وترعرع فيها، " عليّ أن أوضّح بدءاً أن وصف مكتئب يدل على ما يبدو عليه الإنسان بالنسبة للآخرين، ولذا أقول هنا إن الشرطة كانت حذرة جداً في وصف المعتدي بهذا الوصف". ويضيف "علامات اكتئاب" لا تعني قط أنّ المصاب يعاني من مرض نفسي، وحتى إذا كان يعاني من الاكتئاب، فإن من يعانون من هذه الحالة لا يشهرون أسلحة ويقتلون الناس بها بشكل عشوائي. المكتئبون عادة يستهدفون أنفسهم بالعنف. من هنا لا يمكن الافتراض أنّ الاكتئاب كان سبب الهجوم" .
"غالبية اللاجئين الذين يمارسون العنف هم شبان في حالة أزمة"
من جانب آخر وفي معرض شرحه لظاهرة العنف عموما في أوساط اللاجئين وفي حوار سابق مع DWعربية أوضح الدكتور نبيل يعقوب الذي عمل لمدة عشر سنوات في مركز لإيواء اللاجئين شرق ألمانيا كما كان عضوا في مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أنّ "غالبية اللاجئين الذين يمارسون العنف هم رجال شبان في حالة أزمة من الناحية النفسية وينتظرون بين يوم وآخر الحسم في مصير بقائهم أو رحيلهم عن ألمانيا، وهو ما يفسر ردود أفعالهم العنيفة".
هجمات إرهابية هزت أوروبا
منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر على برجي التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001، شهدت أوروبا سلسلة من الهجمات الإرهابية ضربتها بالعمق واستهدفت عدة عواصم ومدن أوروبية باستخدام وسائل هجوم مختلفة.
صورة من: Reuters/K. Coombs
قالت خدمة الإسعاف في لندن إن 18 مصاباً نُقلوا إلى مستشفيات بعد إبلاغ شهود عن انفجار في قطار ركاب بمحطة في غرب المدينة، "ولا يُعتقد أن أيا منهم يعاني من إصابة خطيرة أو تشكل خطراً على حياته".
صورة من: Getty Images/AFP/D. Leal-Olivas
وفيما قالت الشرطة البريطانية إن اعتداء لندن نُفذ بواسطة عبوة ناسفة يدوية الصنع، دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى عقد اجتماع للجنة الطوارئ الأمنية "كوبرا" لمناقشة "الحادث الإرهابي" في محطة لمترو انفاق.
صورة من: Reuters/Sylvain Pennec
قتل 13 شخصا في "هجوم ارهابي" استهدف جادة لا رامبلا التي يقصدها عدد كبير من السياح في برشلونة الخميس (17 أب/أغسطس 2017)، بعد أن صدم سائق شاحنة صغيرة حشدا ما اوقع ايضا عشرات الجرحى، بحسب السلطات الاقليمية.
صورة من: Imago/E-Press Photo.com
أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الاعتداء في برشلونة، فيما صرح رئيس وزراء إقليم كتالونيا الإسباني، كارلس بوتشدمون، أن السلطات الإسبانية ألقت القبض على اثنين من المشتبه في ارتكابهما الهجوم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Duran
وأثار الاعتداء موجة تنديد دولية وتضامنا كبيرا مع إسبانيا التي لم تتعرض في الاعوام الاخيرة لاعتداءات مماثلة ضربت العديد من العواصم الاوروبية. وندد القصر الملكي الاسباني ورئيس الوزراء ماريانو راخوي بالاعتداء. وأعرب بابا الفاتيكان فرنسيس الأول عن مواساته لضحايا حادث الدهس الإرهابي، فيما أكد الأزهر في بيان رفضه "لكل العمليات الإجرامية التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية في أي مكان من العالم".
صورة من: Reuters
مساء الأحد 4 يونيو/حزيران) قاد مهاجمون يشتبه بأنهم متشددون شاحنة صغيرة بسرعة كبيرة ودهسوا مارة على جسر لندن قبل أن يطعنوا آخرين في شوارع قريبة مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة نحو 50 آخرين، قبل أن تقتل الشرطة المهاجمين المفترضين الثلاثة.
صورة من: Reuters/H. McKay
تعرض حفل غنائي للمغنية الأمريكية أريانا غراندي مساء يوم الاثنين (22 أيار/ مايو 2017) في مانشستر لهجوم انتحاري صنفته الشرطة حتى الآن على أنها شُنت على "خلفية إرهابية" في بهو بالقاعة عقب انتهاء الحفلة.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/London News Pictures/J. Goodman
أدى الهجوم إلى مقتل أكثر من 20 شخصاً، حسب إحصاءات أولية، وإلى إصابة نحو 60 شخصاً. وقالت الشرطة إن أطفالاً بين قتلى الهجوم ومن المرجح ارتفاع عدد القتلى بسبب الاصابات الخطيرة بين الجرحى.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/London News Pictures/J. Goodman
أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم الذي نفذه لاجئ أفغاني مسلح بفأس في إحدى قطارات ألمانيا، ليصبح رقما في القائمة الطويلة للأعمال الإرهابية التي نفذتها مجموعات وتنظيمات إسلامية إرهابية.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Hildenbrand
وقال "داعش" من خلال وكالته "أعماق" إن اللاجئ الأفغاني "نفذ العملية استجابة لنداءات استهداف دول التحالف" التي تقاتل "داعش".
صورة من: picture-alliance/dpa/Amak
وتبنى تنظيم "داعش" المتطرف قبلها بأيام قليلة الهجوم الذي نفذه تونسي بشاحنة دهس بواسطتها جمعاً كبيراً من الناس في مدينة نيس في جنوب فرنسا ما تسبب بمقتل 84 شخصاً وأثار صدمة في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. Goldsmith
هزت هجمات إرهابية دامية بروكسل (22 آذار/ مارس 2016)، إذ أودى انفجاران في مطارها الدولي إلى مقتل 13 شخصاً على الأقل، وانفجار آخر في إحدى محطات المترو ما دفع بعدة عواصم أوروبية إلى تعزيز الإجراءات الأمنية.
صورة من: picture-alliance/AP/APTN
في شباط/فبراير 2015، فتح شاب من أصول فلسطينية النار على جلسة نقاش حول التيارات الإسلامية و حرية التعبير، تزامنا مع هجوم ثان استهدف كنيسا يهوديا.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Sabroe
مجلة "شارلي إبيدو" الفرنسية تعرضت في مقرها بباريس لهجوم في شهر كانون ثان/ يناير 2015 من قبل إسلاميين، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا، كما قتل منفذا العملية لاحقا.
صورة من: M. Bureau/AFP/Getty Images
في شهر أيار/ مايو 2014 قام جهادي فرنسي عائد من سوريا بهجوم مسلح على المتحف اليهودي في العاصمة البلجيكية بروكسل، أسفر عن مقتل أربعة أشخاص.
صورة من: picture-alliance/dpa
في آذار/مارس 2011 قام الباني بقتل جنديين أمريكيين، وجرح اثنين آخرين عند فتحه النار على حافلة كانت تقل جنودا أمريكيين بمطار فرانكفورت في ألمانيا.
صورة من: AP
في كانون الأول /ديسمبر 2010 وقع انفجار في العاصمة السويدية ستوكهولم، أوقع قتيلا وجريحين، حسب مصادر أمنية رجحت بأن القتيل كان منفذ العملية.
صورة من: AFP/Getty Images/J. Nackstrand
أصدرت محكمة دوسلدورف في آذار/ مارس 2010 أحكاما بين خمس سنوات و12 سنة بحق عناصر ما عرف بـ"خلية زاورلاند"، أدينوا بالتخطيط لشن هجمات إرهابية في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Uli Deck/Ronald Wittek/Federico Gambarini
تعرض الرسام الدنماركي كورت فيسترغارد لمحاولة اغتيال فاشلة عام 2010، وذلك بعد أربع سنوات من نشره رسومات للنبي محمد في صحيفة يولاند بوستن.
صورة من: AP
في عام 2006 وضعت حقيبتين مليئتين بالمتفجرات في قطارين، انطلقا من محطة قطارات مدينة كولونيا الألمانية (غرب). لحسن الحظ حال خطأ تقني دون انفجارهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/BKA
عام 2005، قام أربعة بريطانيين من أصل باكستاني باستهداف محطات الإنفاق وأحد الباصات في العاصمة لندن، ما أسفر عن مقتل 56 شخصا وجرح ما لا يقل عن 700 شخص.
صورة من: AP
في 11 آذار/مارس 2004، قتل 191 شخصا وجرح 1500 آخرين في إنفجارات استهدفت أربعة قطارات في العاصمة الاسبانية مدريد، وتبنى الهجوم تنظيم القاعدة . اعداد: علاء جمعة/ زمن البدري
صورة من: AP
22 صورة1 | 22
وإذا أراد الباحث في هذا الموضوع أن يربط هذه التحليلات ببعضها فسيصل بسهولة إلى أنّ كما هائلا من التحديات يواجه أجهزة الأمن ومراكز إيواء اللاجئين وأجهزة القضاء في ألمانيا في المرحلة المقبلة، رغم أنّ تدفق اللاجئين على البلد قد تناقص لكنه لم ينقطع قط.