أسقف الجيش الألماني: يجب توفير رعاية روحية للجنود المسلمين
٢٨ فبراير ٢٠٢١
في حوار مع DW ينتقد أسقف الجيش الألماني، الجدل حول تزويد الجيش بطائرات مسيرة قتالية. كما يتحدث عن أهمية أمن الجنود وتأمين الرعاية الروحية لهم. ويرى أن هذه الرعاية من حق الجنود المسلمين أيضا ويعمل من أجل تأمينها لهم.
إعلان
منذ سنوات عديدة هناك خلاف وجدل بين أطراف الائتلاف الحكومي في ألمانيا (الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي) حول توفير طائرات مسيرة (درون) مزودة بالأسلحة للجيش الألماني. الأسقف الكاثوليكي في الجيش الألماني، فرانتس يوزيف أوفربيك، يدلي بدلوه في هذه القضية وينتقد هذا الجدل، كما ينتقد وضع تسليح الجيش وقد عبر عن قلقه حول ذلك في حوار مع دويتشه فيله DW.
DW: السيد الأسقف، منذ سنوات عديدة هناك جدل وخلاف بين أطراف الائتلاف الحكومي حول تزويد الجيش الألماني بطائرات مسيرة قتالية مسلحة. كيف تنظر إلى هذا الجدل من الناحية الأخلاقية؟
الأسقف فرانتس يوزيف أوفربيك: كل مهمة عسكرية هي مسؤولية. فمن سيستخدم هذا السلاح يجب أن يعرف أن الخطر سيزداد ويصعب عليه أن ينأى بنفسه عن المسؤولية حين يكون هناك قتلى بدون قصد. لذلك فإن لدى أي استخدام الدرون يجب أن يكون المسؤول الأخير عن إعطاء الأمر معروفا دائما. مع الأسف أصبح الجدل حول المسؤولية محور خلاف سياسي. وهذا يقلقني لأنه يقلل من شأن حقيقة أن مثل هذه الأدوات (الدرون) يمكن أن تساعد في حماية جندياتنا وجنودنا أيضا.
ومن منظور آخر، وبالنظر إلى العدوان السياسي والعسكري من قبل دول كبرى، فإن الاستخدام المحتمل لهذه الطائرات المسيرة يمكن أن يكون مسألة استراتيجية لا يجب التقليل من شأنها. وبناء على ذلك فإنني غالبا ما أجد النقاش السياسي غير متناسب مع تعقيدات الموضوع.
قبل فترة كان هناك صراع عسكري بين أذربيجان وأرمينيا راح ضحيته آلاف القتلى من الطرفين. خبراء الدفاع تابعوا هذه الحرب بدقة شديدة، لأنه يبدو أن الطائرات المسيرة قد حسمتها. هل يقلقك ذلك؟
لقد قرأت وتابعت عبر الانترنت ما جرى هناك بقلق كبير. ربما نقف الآن أمام نقطة تحول فيما يتعلق باستخدام الوسائل العسكرية. ونعرف منذ أعوام أن استخدام الطائرات المسيرة يزداد أهمية. لكن من الناحية الأخلاقية يجب ألا يصل الأمر إلى خوض حروب بدون بشر. وبالضبط هذا ما يحدث الآن، أي نزع الطابع البشري عن الصراع، لكن يجب ألا يتم تجاوز هذا الحد. إذ يجب أن تكون هناك مسؤولية شخصية دائما للذين يستخدمون أدوات قتالية لم نعهدها من قبل.
هناك تقارير دورية عن نقص في تسليح الجيش الألماني، حيث هناك مروحيات لا تستطيع الطيران، وسفن وطائرات حربية غير جاهزة للاستخدام أو غير متوفرة نهائيا. وفي النهاية أنت كأسقف عسكري مسؤول عن الرعاية الروحية للجنود الذي يعانون نتيجة ذلك...
هذا يشغلني جدا. فكما هناك حاجة لمستوى من الفعالية للمهام العسكرية المحتملة للحفاظ على السلام أو لتحقيق السلام، هناك حاجة للأدوات التي يمكن أن تعزز سلامة الجنود وتدعم كفاءة أعمالهم أيضا. وهذا لا يتم بشكل كاف منذ سنوات، وهو ما تؤكده كل الجهات باستمرار. وإذا لم يتم تجاوز ذلك، فإنه لا يسبب القلق فقط، وإنما أكثر من ذلك، إذ أصبح الأمر يأخذ بعدا وجوديا بالنسبة لكثير من الجنود. وألاحظ ذلك في المحادثات الشخصية التي أجريها معهم، وما يخبرني به رعاتنا الروحيون. وبالنسبة للساسة عليهم التحلي باليقظة واتخاذ قرارات حاسمة.
السيد الأسقف، هناك رعاية روحية عسكرية من قبل الكنائس الكبيرة (الكاثوليكية والبروتستانتية) منذ نحو 65 عاما. وقريبا سيكون هناك حاخامات عسكريون أيضا لتقديم الرعاية الروحية. ونظرا لوجود آلاف الجنود المسلمين في الجيش الألماني، تزداد المطالب بتوفير رعاية روحية لهم أيضا..
إنه من واجب الدولة والجيش الاهتمام وتحقيق ذلك. حوالي نصف الجنديات والجنود مسيحيون، وإلى جانبهم هناك مجموعات من أتباع ديانات أخرى، وعملا بمبدأ الحرية الدينية، لهم نفس الحق في توفير الرعاية الروحية لهم. ولأسباب هيكلية أمكن تحقيق ذلك بسهولة بالنسبة للرعاية الروحية اليهودية، وسنرى ما يمكن فعله بالنسبة للرعاية الروحية الإسلامية.
لماذا؟ يبدو أن هناك حاجة للرعاية الروحية بالنسبة للطرفين.
كلمة "الرعاية الروحية" لا أحبذ استخدامها في هذا السياق، لأنها تشير إلى سياق مسيحي تقليدي، ولا يمكن فهمها بدون فهم الأشكال التقليدية للعقيدة المسيحية سواء أكانت كاثوليكية أو بروتستانتية. والآن على المجتمع الديني اليهودي تفسير هذه الكلمة بنفسه ولنفسه. وهذا يختلف عما هو في المسيحية.
وماذا بالنسبة للجنديات والجنود المسلمين؟
حين كان يحتاج أحد هؤلاء إلى رعاية روحية، استخدمنا حتى الآن كل الإمكانيات المتاحة، لتوفير الرعاية الروحية له من طائفته الدينية. وكان من الحكمة، سواء من قبل وزيرة الدفاع السابقة أورزولا فون دير لاين، أو الحالية أنغريت كرامب كارنباور، البحث عن الإمكانيات المتاحة حتى بدون أن تكون هناك مرجعية محددة من قبل الدولة، تشمل كل المسلمين في ألمانيا. ومن خلال مثل هذه العروض يمكن التعود على انفتاح العلاقة بين "الرعاية الروحية الإسلامية" وهياكل الدولة. وأنا منفتح على ذلك ومستعد لدعمه.
الأسقف فرانتس يوزيف أوفربيك (56 عاما) هو أسقف الكاثوليك في مدينة إيسن منذ عام 2009 وأسقف الجيش الألماني للكاثوليك منذ عام 2011، وقد زار الجنود الألمان المنتشرين في أفغانستان ومناطق أخرى خارج ألمانيا.
أجرى الحوار كريستوف شتراك (ع.ج.)
في صور: الطائرات الحربية الألمانية ـ جدل لا ينتهي
لم تكن ألمانيا موفقة دائما في صفقات اقتناء الطائرات الحربية. وتسعى وزارة الدفاع الألمانية الآن لشراء طائرات عسكرية أمريكية لحل هذه المشكلة. ولكن الخلافات اندلعت مجددا بين المعنيين بهذا الملف.
صورة من: picture-alliance/dpa/Luftwaffe
البحث عن بديل لتورنادو
منذ أربعين عاماً يستخدم الجيش الألماني المقاتلة "تورنادو"، وهي مقاتلة متعددة المهام وجاهزة لاستخدامات متخصصة في الوقت نفسه. مثل هذه المقاتلات لديها القدرة على رصد وحدات الرادار المعادية، كما أنها تساعد القوات بفضل قدرتها على حمل الأسلحة النووية الأمريكية المخزنة في ألمانيا. ولكن أجَل استعمال هذه الطائرات سينتهي على أقصى تقدير اعتباراً من عام 2030.
صورة من: picture-alliance/dpa/Luftwaffe
نموذج أوروبي؟
يسعى الشركاء الآخرون لألمانيا في حلف الناتو للتخلص من مقاتلات تورنادو بحلول عام 2024. غير أن ألمانيا تفضل الاحتفاظ بالمقاتلة لمدة أطول، لكنها تريد اعتباراً من 2025 البدء في استبدال بعضها. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو البديل المناسب؟ الساسة الألمان يفضلون إيجاد حل أوروبي مثل المقاتلة "يوروفايتر".
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/N. Economou
ألمانيا لن تستغني عن التكنولوجيا الأمريكية
تعمل المقاتلة "يوروفايتر" ضمن أسطول السلاح الجوي الألماني بالفعل. وتخطط وزيرة الدفاع الألمانية لاستبدال مقاتلات تورنادو بثلاثة وتسعين مقاتلة من طراز يوروفايتر. غير أن الخيار الأوروبي لا يكفي الوزيرة أنغريت كرامب كارنباور، فهي تريد أيضاً شراء 45 مقاتلة من طراز إف-18 الأمريكية من انتاج شركة "بوينغ"، وتصف هذه الطائرة الحربية التي بدأ انتاجها عام 1970 بأنها تمثل "تقنية لمرحلة عبور ".
صورة من: picture.alliance/Günther Ortmann
التأهب لحرب نووية محتملة!
أثيرت من جديد مسألة التسلح النووي. وزارة الدفاع الألمانية أكدت أن حصول المقاتلة الأمريكية إف-18 على الاعتمادات الرسمية المطلوبة من الهيئات الأمريكية سيكون أسرع بكثير من يوروفايتر. لكن شركة إيرباص المنتجة ليوروفايتر على قناعة بحصولها على شهادة الاعتماد الخاصة بالقدرة على حمل أسلحة نووية بحلول 2030.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Matthews
جدل جديد حول المظلة النووية لألمانيا
هنا في القاعدة العسكرية الأمريكية بوشل بولاية راينلاند- بفالتس يتم على الأرجح تخزين أسلحة نووية أمريكية. ورغم الاحتجاجات، إلا أن وزارة الدفاع الألمانية لا تريد التخلي عن المظلة النووية الأمريكية، ففي حالة الطوارئ سيتعين على الطيارين الألمان نقل هذه الأسلحة النووية إلى هدفها. مثل هذه المشاركة تسمح لألمانيا أن تلعب دوراً مؤثراً في الخطط النووية لحلف الناتو، إلا ان الأصوات المنتقدة تتعالى.
صورة من: Getty Images/T. Lohnes
تنافس أوروبي أمريكي
الخلاف على شراء المقاتلات الحربية الأمريكية له تاريخ طويل في الجيش الألماني. فبعد فترة وجيزة من تأسيسه في 1955، كانت هناك نقاشات حادة حول إمكانية شراء مقاتلات أمريكية أو الاستعانة بنموذج أوروبي مشترك مع الفرنسيين. وزير الدفاع في ذلك الوقت فرانس جوزيف شتراوس (يقف في الصورة عام 1961 على متن طائرة حربية إيطالية من طراز فياتG91) كان يفضل التعاون مع فرنسا.
صورة من: picture-alliance/AP
اقتناء غير موفق للمقاتلة "ستارفايت"
في نهاية الأمر حصلت قيادات في قوات الطيران بالجيش الألماني على نموذجها المفضل وهو المقاتلة الأمريكية ستارفايتر من انتاج شركة لوكهيد. غير أن هذه المقاتلة ثبت لاحقاً أنها مليئة بالأعطال، حيث وقعت العديد من الحوادث في الفترة بين 1962 و1984. وعلى الرغم من عدم مشاركة هذه المقاتلة في أي عمليات حربية، إلا أن حوادث تحطمها أسفرت عن مقتل أكثر من مائة طيار ألماني.
صورة من: imago/StockTrek Images/T. Ziegenthaler
المقاتلة الألمانية الفرنسية "الفا جيت"
جاء التعاون الألماني الفرنسي بعد ذلك بفترة، حيث طور الجانبان المقاتلة "ألفا جيت" التي تعرضت بسرعة لانتقادات بسبب تكاليفها الهائلة وعيوبها الفنية. ورغم ذلك استخدمها الجيش الألماني في الفترة مما بين 1979 وبداية التسعينات.
صورة من: picture-alliance/dpa
المحاولة التالية: المقاتلة ييغر 90
طورت ألمانيا بالتعاون مع بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا المطاردة ييغر 90 في 1983. لكن المطالب بأداء مهام إضافية والتأخير في الإنتاج جعل من ييغر 90 أكبر عملية تسليح مكلفة في تاريخ الدولة الألمانية. فقد كلفت الطائرة الواحدة حوالي 33 مليون يورو.
صورة من: Imago Images
المقاتلة يوروفايتر ..بديل لكنه أعلى كلفة
بعد سنوات من التأخير بدأت في أبريل/ نيسان 2004 مرحلة التطوير الجديد لمقاتلة يوروفايتر. وبدلاً من 33 مليون يورو للمقاتلة الواحدة وصلت التكلفة إلى 93.5 مليون يورو، وانخفض العدد من إجمالي لـ250 طائرة إلى 140 طائرة فقط، حربية من هذا النوع كان الجيش الألماني يريد استخدامها. أما فرنسا ففضلت الاعتماد على مقاتلاتها من طراز رافال من انتاج شركة داسو.
صورة من: picture-alliance/dpa/O. Berg
جيل جديد يحل المشاكل المتراكمة؟
تسعى ألمانيا وإسبانيا وفرنسا إلى تطوير جيل جديد من المقاتلات تحت مسمي Future Combat Air System (FCAS) حتى عام 2040. الشركتان المتنافستان داسو وإيرباص ستشاركان معاً في تطوير هذه المقاتلات، لكن حتى الآن لا يتوفر سوى اتفاق إطاري ومخططات على الورق. الشيء المؤكد هو أن هذا المشروع سيكون بدوره باهظ التكلفة. إعداد: أندرياس نول/ س.ح