1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أسلحة ألمانية لإسرائيل.. التزام مبدئي وتبعات قانونية محتملة

١٦ أكتوبر ٢٠٢٤

يبدو أن الحكومة الألمانية توقفت عن الموافقة على تصدير أسلحة جديدة إلى إسرائيل، حتى مع إصرارها على عدم وجود حظر على ذلك، فيما يعتقد مراقبون أن الحكومة أصبحت خائفة من التبعات القانونية.

دبابة ميركافا في إسرائيل
تظهر البيانات الجديدة انخفاض الصادرات الألمانية من الأسلحة إلى إسرائيل بشكل كبير العام الجاري مقارنة بالعام الماضيصورة من: Aris Messinis/AFP/Getty Images

مع استمرار حرب  غزة، أُطلقت حملات على منصات التواصل الاجتماعي لتعليق تصدير الأسلحة إلى إسرائيل في موقف لاقى قبولا من بعض الدول التي قامت بوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة.

لكن القرار في ألمانيا، التي تعد ثاني أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، يواجه الكثير من التحديات القانونية. ويرجع الخبراء ذلك إلى كون ألمانيا حليفة وثيقة لإسرائيل، مستشهدة بمسؤوليتها التاريخية عن قتل ستة ملايين يهودي في الهولوكوست خلال الحقبة النازية.

وانطلاقا من ذلك، يؤكد الساسة في ألمانيا على أن أمن إسرائيل وحماية حياة اليهود جزء أساسي من وجود ألمانيا الحالية وأن أمن إسرائيل "مصلحة وطنية عليا" لألمانيا.

وعقب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، زادت صادرات الأسلحة الألمانية بشكل كبير إلى إسرائيل حيث بلغت قيمتها 326 مليون يورو عام 2023 مقارنة بـ 32.3 مليون يورو عام 2022، بحسب البيانات الحكومية.

ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

بيد أنه مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وامتدادها إلى لبنان، ازدادت الدعوات لوقف تصدير الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل؛ إذ قالت منظمات حقوقية إن استمرار تصدير الأسلحة قد يعد بمثابة انتهاك للقانون الدولي.

 

شدد المستشار أولاف شولتس على أنه مازال يدعم حق إسرائيل "في الدفاع عن نفسها".صورة من: Michael Sohn/AP/picture alliance

انخفاض تصدير الأسلحة إلى إسرائيل

وتظهر البيانات الجديدة أن الصادرات الألمانية من الأسلحة إلى إسرائيل قد انخفضت بشكل كبير العام الجاري إلى ما يعادل  14,5 مليون يورو حتى سبتمبر/ أيلول بعد أن بلغت 326 مليون يورو العام الماضي.

بيد أن الحكومة الألمانية تقول إنها لم تفرض حظرا على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، حيث شدد المستشار أولاف شولتس على أنه مازال يدعم حق إسرائيل "في الدفاع عن نفسها"، لكن مراقبين يقولون إن الاستراتيجية الألمانية في هذا الصدد قد طرأت عليها بعض التغييرات.

وشملت التغييرات عدم تصدير "المزيد من أسلحة الحرب" التي تُعرف باسم "الأسلحة الحربية"، لكن مع المضي قدما في باقي الصادرات العسكرية الأخرى.

ووعد المستشار الألماني أولاف شولتس إسرائيل بتقديم المزيد من شحنات الأسلحة في معركتها ضد حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة وحزب الله في لبنان. وخلال بيان حكومي حول القمة الأوروبية المقبلة في بروكسل، قال شولتس في برلين اليوم الأربعاء (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2024): "هناك شحنات وستكون هناك دائما شحنات إضافية.  يمكن لإسرائيل الاعتماد على ذلك".

وأشار السياسي المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى أن "ميليشيا حماس الإرهابية هاجمت إسرائيل قبل أكثر من عام". وأكد شولتس أنه يتعين على ألمانيا إبقاء إسرائيل " في وضع يتيح لها القدرة على الدفاع عن أراضيها". وأضاف: "يمكن لإسرائيل الاعتماد على تضامننا - الآن وفي المستقبل".

وفي الوقت نفسه، أكد المستشار على أنه لا تزال هناك حاجة إلى توفير المساعدات الإنسانية لسكان غزة، وعلى ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي في حرب الشرق الأوسط.

وفي ذلك، قالت وزارة الاقتصاد: تمت الموافقة على تصدير معدات وتقنيات عسكرية إلى إسرائيل بقيمة ثلاثة ملايين يورو في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما في يوليو/ تموز الماضي تم إرسال معدات عسكرية بقيمة 35 ألف يورو فقط.

ورغم ذلك، تصر وزارة الاقتصاد على أن هذه الأرقام لا تحمل في طياتها أي إشارة على أن الحكومة قد غيرت موقفها. وفي تصريح لـ DW، قال الناطق باسم الوزارة: "لا يوجد حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، ولن يكون هناك حظر".

ماذا بعد قرار العدل الدولية بشأن دعم ألمانيا لإسرائيل؟

12:26

This browser does not support the video element.

"الامتثال للقانون الإنساني الدولي"

وأضاف المتحدث أن جميع طلبات تصدير الأسلحة "يتم تقييمها استنادا إلى حيثياتها"، قائلا: "تأخذ الحكومة الفيدرالية في الاعتبار الامتثال للقانون الإنساني الدولي. ويأخذ هذا النهج في الاعتبار دائما الوضع الحالي، بما في ذلك الهجمات على إسرائيل من قبل حماس وحزب الله وكذلك مسار العملية في غزة".

وبعد واشنطن، كانت برلين أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل بين عامي 2019 و2023، حيث استحوذت على 30 بالمائة من الواردات، وفق "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام". وقال المعهد إن ألمانيا كانت مسؤولة العام الماضي عن 47 بالمائة من إجمالي واردات إسرائيل من الأسلحة التقليدية، بعد الولايات المتحدة التي تخطت نسبتها عتبة الـ 50 بالمئة.

يُعتقد أن قاذفة ماتادور المضادة للدبابات المصنوعة في ألمانيا (والتي يحملها هنا جندي بريطاني في الصورة) قد استخدمتها قوات الدفاع الإسرائيلية في غزةصورة من: Andrew Chittock/StockTrek Images/IMAGO

وكشفت البيانات التي صدرت عن المعهد ونشرتها مجموعة "فورينزيك أركيتكتشر" البحثية عن أن 53 بالمائة من تراخيص التصدير التي منحتها ألمانيا بين عامي 2003 و2023 بقيمة 3,3 مليار يورو، تندرج تحت فئة "الأسلحة الحربية" بينما كانت بقية التراخيص معدات عسكرية أخرى.

واضطرت الحكومة الألمانية إلى الدفاع عن دعمها العسكري لإسرائيل داخل أروقة المحاكم الدولية منذ تفجر الصراع.

ففي أبريل/ نيسان الماضي، طلبت نيكاراغوا من محكمة العدل الدولية بأن تأمر برلين بوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل والعدول عن قرارها بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وفي ردهم، أبلغ ممثلو ألمانيا محكمة العدل الدولية أن "98 بالمائة من التراخيص الممنوحة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول لا تتعلق بأسلحة حربية، بل بمعدات عسكرية أخرى".

ونفت رئيسة الوفد القانوني الألماني تانيا فون أوسلار-غلايشن، اتهامات نيكاراغوا وأوضحت أن أغلب ما تورّده بلادها إلى إسرائيل هو معدات تسلح عامة وليس أسلحة يمكن أن يتم استخدامها بشكل مباشر في الأعمال القتالية.

رسائل مختلطة

ويبدو أن محصلة ذلك تشير إلى أن تصرفات الحكومة وتصريحاتها تتسم بالتناقض إلى حد ما. في هذا السياق قال ماكس موتشلر،ـ الباحث البارز في مركز بون الدولي لدراسات الصراعات، إن "المعلومات التي توفرها الحكومة الألمانية غامضة للغاية عندما يتعلق الأمر بتصدير الأسلحة، لذا فإن الأمر بات متروكا للتأويل".

وأضاف الخبير الألماني بالقول: "من يقول إن الحكومة فرضت حظرا، يمكنه الاستشهاد بأرقام الأسلحة الحربية. في المقابل، يمكن للأصوات التي تقول إن عمليات التسليم مستمرة، يمكنه الاستشهاد بعمليات التسليم الأخرى وتصريحات الحكومة. إنها سياسة معلوماتية سيئة حقاً".

ويعتقد مراقبون أن الحكومة ربما أصبحت بالفعل أكثر حذرا وحرصا عندما يتعلق الأمر بالموافقة على تراخيص جديدة لتصدير الأسلحة في ضوء تقارير تفيد بمزاعم بوقوع جرائم حرب ارتكبها الجيش الإسرائيلي أو بسبب دعاوي قضائية.

وقالت مصادر على دراية بهذه الدعاوي، في مقابلة مع DW إن المخاوف بشأن الوضع في غزة والتهديدات القانونية المحتملة لألمانيا جعلت الحكومة تتوقف مؤقتا. وتحدثت المصادر شريطة على الإفصاح عن هويتها.

بيد أن موتشلر يقدم تفسيرا آخر، ويقول: "لقد تمت الموافقة على العديد من صادرات الأسلحة في عام 2023، بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وحتى ديسمبر/ كانون الأول، لذا يمكن القول بأن كل ما طُرح على الطاولة آنذاك وطلبته إسرائيل بسرعة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، تمت الموافقة عليه بحيث لم يتبق الكثير من تراخيص التصدير للموافقة عليها في النصف الأول من العام الجاري".

وأضاف أنه يبدو قد تمت الموافقة على التراخيص القديمة لتصدير الأسلحة بسرعة قبل نهاية العام الماضي، فيما أصبحت ألمانيا أكثر ترددا في الموافقة على تراخيص جديدة خوفا من القضايا القانونية. لكن مراقبين يشيرون إلى أن الدعم الرئيسي من قبل الحكومة الألمانية لإسرائيل لم يتغير.

غياب الضغط الكافي

وفي حوار مع DW، قال أندرياس كريغ، الأستاذ الألماني المشارك في قسم الدراسات الدفاعية بكلية "كينجز كوليدج" اللندنية، إن الحكومة الألمانية تظل على الأرجح الدولة الأكثر تأييدا لإسرائيل في العالم.

وأضاف بالقول: "ما زالت الحكومة ماضية قدما في هذا الدعم وما زالت تصطف إلى جانب إسرائيل وما زالت ترغب في الاستمرار في تصدير الأسلحة".

ويشك الباحث في أن الحكومة الألمانية ربما ترجئ الموافقة على التراخيص الجديدة انتظار المشورات القانونية، قائلا: "أعتقد أنه ليس قرارا سياسيا؛ اعتقد أنه قرار قانوني بحت في هذه المرحلة".

وسلط الباحث الضوء على أن مبعث قلقه يكمن في الافتقار إلى الضغط السياسي أو الضغط العام بشكل واسع النطاق لدفع الحكومة الألمانية إلى أن تكون أكثر شفافية بشأن دعمها العسكري لإسرائيل.

وفي ذلك، قال كريغ: "المشهد الإعلامي والخطاب العام في ألمانيا يبدوا أنهما إلى جانب إسرائيل بشكل حصري. هناك أصوات قليلة جدا - إن وجدت - تدين ما تفعله إسرائيل في غزة، لذا أعتقد أن الحكومة الألمانية تمتلك مساحة أكبر مقارنة بالحكومة البريطانية. وفي هذا السياق، لا يتعين على الألمان أن يتسموا بشفافية كبيرة حيال ما يفعلونه".

أعده للعربية: محمد فرحان

نُشر هذه الموضوع لأول مرة في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وتم تحديثه في 16 أكتوبر/ تشرين الأول لتعكس أحدث التطورات.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW