"أطباء بلا حدود" تحذر من استمرار القتل وخطر الموت في الفاشر
عارف جابو أ ف ب
١ نوفمبر ٢٠٢٥
حذرت منظمة "أطباء بلا حدود" من استمرار القتل الجماعي في الفاشر ومنع السكان من الفرار إلى مناطق آمنة. وصور الأقمار الصناعية تشير إلى ارتكاب مجازر، وأن جزءا كبيرا من سكان المدينة "قتلوا أو أسروا أو يختبئون".
استطاع بعض سكان الفاشر الهروب إلى مدينة الطويلة المقريبة فيما لم يستطع آخرون الخروج أو أنهم يخشون المغامرة بالخروج خشية قتلهمصورة من: Mohammed Jammal/UNICEF/AP Photo/picture alliance
إعلان
أعربت منظمة "أطباء بلا حدود" عن خشيتها من أن يكون "عدد كبير من الأشخاص" لا يزالون "معرّضين لخطر الموت" في مدينة الفاشر السودانية التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع، في 26 تشرين الأول/أكتوبر الفائت بعد حصار دام 18 شهرا، ونزح مذّاك الآلاف من سكان المدينة الواقعة في غرب السودان وحيث تتزايد الأنباء والشهادات عن مقتل مدنيين في أعمال عنف تستهدفهم.
ودانت "أطباء بلا حدود" في بيان نشرته اليوم السبت (الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2025) الفظائع الجماعية والمجازر المروعة" التي شهدتها الفاشر والمناطق المحيطة بها هذا الأسبوع، "سواء تلك التي ارتُكبت عشوائيا أو تلك التي استهدفت تحديدا مجموعات عرقية".
وتخوفت المنظمة غير الحكومية من أن يكون "عدد كبير من الأشخاص" "لا يزالون "معرّضين لخطر الموت المحدق"، ومن أن قوات الدعم السريع وحلفاءها "يمنعونهم من الوصول إلى مناطق أكثر أمانا"، كبلدة طويلة المجاورة التي استعدت فيها فرق أطباء بلا حدود لاستيعاب أي تدفق هائل للنازحين والجرحى.
لكنّ المسؤول عن عمليات الطوارئ في "أطباء بلا حدود" ميشال أوليفييه لاشاريتيه لاحظ أن "عدد من وصلوا إلى طويلة منخفض جدا"، وسأل "أين البقية الذين عاشوا المجاعة والعنف طوال أشهر في الفاشر؟". وأضاف "استنادا إلى ما يرويه لنا المصابون، فإن الإجابة الأرجح وإن كانت مُرعبة، هي أنهم يُقتلون ويُحتجزون ويُطاردون عند محاولتهم الفرار".
وتخشى المنظمات الإنسانية حصول فظائع بدوافع عرقية، كتلك التي ارتكبتها في دارفور في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ميلشيات الجنجويد العربية التي انبثقت منها قوات الدعم السريع.
وأبلغ عدد من شهود العيان منظمة أطباء بلا حدود أن مجموعة من 500 مدني، إلى جانب جنود من القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة المتحالفة مع الجيش، حاولوا الفرار في 26 تشرين الأول/أكتوبر، لكنّ قوات الدعم السريع وحلفاءهاقتلت أو أسرت معظمهم.
وأخبر ناجون منظمة أطباء بلا حدود أن الناس فُصلوا بحسب جنسهم أو أعمارهم أو أصولهم العرقية، وأن الكثيرين ما زالوا محتجزين للحصول على فدية. وأفاد أحد الناجين عن "مشاهد مروعة" لمقاتلين يدهسون سجناء بسياراتهم.
استمرار القتل الجماعي
وفي سياق متصل، قال باحثون في جامعة ييل الأمريكية إن صورا جديدة التُقطت بالأقمار الصناعية تُظهر مؤشرات على استمرار عمليات القتل الجماعي داخل مدينة الفاشر ومحيطها في غرب السودان، بعد أيام من سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
إعلان
وقال مختبر الأبحاث الإنسانية بجامعة ييل في تقرير نشر أمس الجمعة إن الصور الجديدة تُظهر مؤشرات على أن جزءا كبيرا من سكان المدينة "قُتلوا أو أُسروا أو يختبئون". وحدّد الباحثون ما لا يقل عن 31 موقعا تحتوي على أجسام يُرجّح أنها لجثث بشرية بين الاثنين والجمعة، في أحياء سكنية وحرم جامعي ومواقع عسكرية. وأضاف التقرير أن "مؤشرات استمرار القتل الجماعي واضحة للعيان".
ووفق الأمم المتحدة، فرّ أكثر من 65 ألف شخص من الفاشر، بينما لا يزال عشرات الآلاف محاصرين، من أصل نحو 260 ألفا كانوا في المدينة قبل الهجوم الأخير. وأعلنت قوات الدعم السريع الخميس توقيف عدد من عناصرها المتهمين بارتكاب انتهاكات، لكن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر شكك في جدية التزامها بالتحقيق.
ويواجه الجيش وقوات الدعم السريع اتهامات بارتكاب جرائم وأعمال عنف خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية في الوقت الراهن، وفقًا للأمم المتحدة.
تحرير: ابتسام فوزي
الفاشر.. مركز الانتهاكات الأكثر عنفًا في النزاع السوداني
تُعد الأزمة الإنسانية في السودان من بين الأسوأ عالميًا، حيث يعاني المدنيون أوضاعًا مأساوية، وتتزايد التقارير الصادمة عن إعدامات وانتهاكات جسيمة ارتكبتها قوات الدعم السريع بعد سيطرتها على الفاشر في دارفور وبارا بكردفان.
صورة من: Muhnnad Adam/AP Photo/dpa/picture alliance
نزوح جماعي
غادر نحو 26 ألف شخص مدينة الفاشر في الأيام الأخيرة، مضطرين للفرار من القتال وسط حالة من الرعب. تنقّل المدنيون بين نقاط التفتيش المسلحة، معرضين للابتزاز، والاعتقالات التعسفية، والاحتجاز، والنهب، والمضايقات، فضلاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أثناء محاولتهم الوصول إلى برّ الأمان. وفقا لشهادات الوافدين إلى بلدة طويلة، الواقعة على بُعد نحو 50 كيلومترًا من الفاشر.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
قوات الدعم السريع متهمة بإعدامات وانتهاكات مروعة
أفادت تقارير بوقوع إعدامات ميدانية بحق مدنيين حاولوا الفرار، وسط مؤشرات على دوافع قبلية وراء بعض عمليات القتل، إضافة إلى استهداف أشخاص لم يعودوا يشاركون في الأعمال العدائية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو مقلقة تُظهر عشرات الرجال العزّل يتعرضون لإطلاق النار أو جثثهم ملقاة على الأرض، بينما يظهر مقاتلو قوات الدعم السريع حولهم وهم يتهمونهم بالانتماء إلى القوات المسلحة السودانية.
صورة من: STR/AFP/Getty Images
الفاشر تتحول إلى مركز للمواجهات الأعنف في دارفور
أعلن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن القيادة ولجنة الأمن في الفاشر قررت مغادرة المدينة بعد الدمار والقتل الممنهج الذي تعرض له المدنيون، موضحًا أنه وافق على مغادرتهم إلى مكان آمن حفاظًا على ما تبقى من الأرواح والممتلكات.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
التجويع كسلاح حرب
مئات الآلاف من المدنيين ظلّوا محاصرين في هذه المدينة لأكثر من 500 يوم، حيث منعتهم قوات الدعم السريع من الوصول إلى الغذاء، ما يُعد استخدامًا للتجويع كسلاح حرب. وخلال الفترة بين 2 و4 تشرين الأول/أكتوبر، نزح نحو 770 شخصًا من المدينة إلى منطقة طويلة بسبب تزايد انعدام الأمن.
صورة من: UNICEF/Xinhua/IMAGO
انتهاكات جسيمة
قالت نقابة أطباء السودان إن نحو 177 ألف شخص ما زالوا محاصرين داخل مدينة الفاشر، معتبرة أن ما تشهده المدينة من أحداث يرقى إلى "إبادة جماعية وتطهير عرقي ممنهج وجرائم حرب مكتملة الأركان".كما حددت اللجنة "مقتل خمسة من متطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني في مدينة بارا شمال كردفان.
صورة من: Rapid Support Forces (RSF)/AFP
انهيار الوضع الأمني في بارا
في شمال كردفان، أفاد الناجون بتكرار أنماط مماثلة من العنف وانتهاكات حقوق الإنسان عقب سقوط مدينة بارا مؤخراً، ما أسفر عن نزوح آلاف السكان داخل الولاية. هناك قلق بالغ إزاء احتمال حصار مدينة الأبيض، التي تأوي عشرات الآلاف من النازحين داخلياً، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة.
صورة من: AFP/Getty Images
طويلة عانت من تفشي الكوليرا
بلدة طويلة بولاية شمال دارفور عانت من تفشي سريع للكوليرا، حيث سُجِّل أكثر من 1.180 إصابة، منها نحو300 طفل، وما لا يقل عن 20 وفاة منذ ظهور أول حالة في21 يونيو/ حزيران 2025. البلدة التي تستضيف أكثر من 500 ألف نازح فرّوا جراء النزاع العنيف منذ أبريل/ نيسان، واجهت وضعاً إنسانياً هشاً للغاية تطلب تدخلاً عاجلاً.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
الخوف من الانتهاكات الجنسية
من بين الانتهاكات الجسيمة المبلغ عنها والتي تهدد سلامة المدنيين، انتشار الاعتداءات الجنسية ضد النساء والفتيات على يد الجماعات المسلحة، سواء أثناء الهجمات أو خلال فرارهن. وكان المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام قد وثق استخدام العنف الجنسي كأسلوب من أساليب الحرب، وقد وثّق المركز 51 حادثة اعتداء جنسي ضد النساء والفتيات في محليتي وشاطئ بحرينتي وقارسيلا بوسط دارفور.
صورة من: AFP
تقديم الإسعافات لعشرات الجرحى في طويلة
ذكرت منظمة أطباء بلا حدود أن فرقها الطبية العاملة على بُعد نحو 60 كيلومترًا من الفاشر في مدينة طويلة، اساقبلت، عشرات المرضى الفارين من المدينة إلى مستشفى طويلة المكتظ. خلال ليلة 26–27 أكتوبر/تشرين الأول وصل نحو ألف شخص من الفاشر على متن شاحنات إلى مدخل المدينة، حيث أقامت الفرق نقطة صحية ميدانية لتقديم الرعاية الطارئة وإحالة الحالات الحرجة مباشرة إلى المستشفى.
صورة من: Mohammed Jamal/REUTERS
غوتيريش يشدد على حماية المدنيين
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لا يتوانى عن تجديد دعواته إلى وقف القتال فورًا في الفاشر، مع التأكيد على حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بأمان وباستمرار. كما شدد على توفير ممر آمن لأي مدنيين يريدون مغادرة المنطقة طوعًا.