أطباء بلا حدود: قتل، تعذيب وعنف جنسي بحق المدنيين بالسودان
٢٢ يوليو ٢٠٢٤
أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن النزاع في السودان يتسبب بعواقب "كارثية" وانتهاكات يرتكبها الطرفان المتحاربان، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بحق المدنيين، تشمل العنف العشوائي والقتل والتعذيب والعنف الجنسي.
إعلان
قالت منظمة أطباء بلا حدود، الاثنين (22 يوليو/تموز 2024)، إن المدنيين في السودان يعانون من مستويات عنف مروعة ويواجهون هجمات متكررة وانتهاكات وذلك بعد مرور أكثر من عام على بدء الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
ويقول التقرير الصادر بعنوان "حرب على الإنسان - التكلفة الإنسانية للنزاع والعنف في السودان" إن الحرب "أدّت إلى تداعي حماية المدنيين، إذ تواجه المجتمعات المحلية العنف العشوائي والقتل والتعذيب والعنف الجنسي وسط هجمات مستمرة على العاملين في المجال الصحي والمرافق الطبية".
ويضيف تقرير أطباء بلا حدود أن "كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وأنصارهما يمارسون عنفا مروعا على الناس في جميع أنحاء البلاد"، مشيرا الى "خسائر كارثية في الأرواح منذ بدء القتال".
ووسط صعوبة تقدير عدد ضحايا هذه الحرب، يكشف التقرير أن المنظمة، التي تعمل في ثماني ولايات في السودان، عالجت "في مستشفى واحد فقط من المستشفيات التي تدعمها، وهو مستشفى النو في أم درمان بولاية الخرطوم 6776 مريضا من الإصابات الناجمة عن العنف بين 15 آب/أغسطس 2023 و30 نيسان/أبريل 2024، أي بمعدل 26 شخصا في اليوم".
وتشير المنظمة الى أنها عالجت آلاف المرضى من "إصابات مرتبطة بالنزاع في جميع أنحاء البلاد، معظمها ناجمة عن الانفجارات والطلقات النارية والطعن". كما عالجت في مستشفى "بشائر التعليمي" في الخرطوم 4393 شخصا من "إصابات بالغة" ما بين أيار/مايو 2023 ونيسان/ أبريل 2024.
وقالت المديرة العامة لأطباء بلا حدود فيكي هوكنز إن "الأطراف المتحاربة في السودان تعكس مستوى مروعا من العنف ضد الناس منذ بداية الحرب".
وأضافت أن "العواقب المترتبة على أكثر من عام من النزاع المتواصل على شعب السودان كارثية، فقد تعرضوا لعنف رهيب وما زالوا يموتون بسبب القتال، ونجوا من هجمات متكررة وانتهاكات واستغلال على أيدي كل من الجيش وقوات الدعم السريع".
وحضت هوكنز "جميع الأطراف المتحاربة على وقف جميع أشكال العنف والانتهاكات الموجهة ضد شعب السودان، فالصراع الحالي له تأثير كارثي على حياة الناس وصحتهم ورفاهيتهم". كما دعت "جميع الأطراف المتحاربة الى تسهيل توسعة نطاق المساعدات الإنسانية، وقبل كل شيء وقف هذه الحرب العبثية".
ويشير التقرير الى أن 70 بالمئة من المستشفيات خرجت فعليا من الخدمة، وأن هناك اعتداءات متكررة على مرافق تقدم أطباء بلا حدود الخدمة من خلالها. كما يكشف أن 30 بالمئة من جرحى الحرب الذين تمت معالجتهم في مستشفى النو في أم درمان في مارس/ آذار الماضي هم من النساء، والأطفال تحت سن 10 سنوات.
ويشهد السودان حربا منذ أبريل/ نيسان 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو. وفي حين لم تتّضح بعد الحصيلة الفعلية للنزاع، تفيد تقديرات بأنها تصل إلى "150 ألفا" وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو.
ونزح نحو عشرة ملايين شخص داخل البلاد أو لجأوا إلى البلدان المجاورة منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة. ودمرت المعارك إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد، وخرج أكثر من ثلاثة أرباع المرافق الصحية عن الخدمة.
ف.ي/أ.ح (رويترز، ا ف ب)
السودان.. انقلاب عسكري يعصف بالانتقال الديمقراطي
منذ اندلاع الثورة السودانية في ربيع 2019 شهد السودان تجاذبات بين القوى المدنية والعسكر. الرهان كان على المرحلة الانتقالية التي شهدت بدورها صراعات قوية تبدو أن ذروتها سجِّلت في ليلة انقض فيها العسكر على مكتسبات الثورة.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
اعتقالات بالجملة
منذ فجر الاثنين 2021.10.25، تتوالى تقارير إعلامية من السودان تفيد باعتقال الجيش لعددٍ من الوزراء وسياسيين بارزين من بينهم قيادات "قوى الحرية والتغيير" المظلة المدنية التي قادت انتفاضة شعبية أطاحت بنظام الجنرال عمر حسن البشير 2019.04.11. رئيس الوزراء عبد اللّه حمدوك ذُكر في البداية إنه وضع تحت الإقامة الجبرية، وأكدت وزارة الثقافة والاعلام أنه نُقل بدوره إلى مكان مجهول بسبب "رفضه تأييد الانقلاب".
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
متمردون سابقون
قائمة المعتقلين حسب وسائل الإعلام تطول تباعا لتشمل أيضا ياسر عرمان، نائب الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان وفق ما نشر حسابه على تويتر. وكانت جماعته المتمردة قد وقعت اتفاق سلام في 2020 مع السلطات الانتقالية متعهدة بالاندماج في الجيش. وعمل ياسر عرمان مؤخرا كمستشار لعبد الله حمدوك.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/N. El-Mofty
إعلاميون وصحفيون
الاعتقالات طالت أيضا إعلاميين وصحفيين، فقد اقتحمت قوات عسكرية مقر الإذاعة والتلفزيون في أم درمان، واحتجزت عدداً من العاملين. فيما تمّ قطع الانترنت، في وقت تواترت فيه تقارير عن توجه عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي إلى تعليق العمل بالوثيقة الدستورية التي تنظم المرحلة الانتقالية في البلاد.
صورة من: Hussein Malla/AP Photo/picture alliance
إعلان طلاق
رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن الاثنين(2021.10.25) فرض حالة الطوارئ في السودان وحل مجلسي السيادة والوزراء. كما أعلن تعليق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، وتجميد عمل لجنة إزالة التمكين، وإنهاء عمل ولاة السودان، مشيرا إلى التمسك باتفاق جوبا للسلام. وزارة الإعلام السودانية وصفت إجراءات البرهان بأنها "انقلاب عسكري".
صورة من: picture-alliance/AA
غضب وإنزال أمني
على الفور خرج العشرات من المدنيين لشوارع الخرطوم وتم إحراق الإطارات، كما تم نشرت قوات الدعم السريع في شوارع العاصمة الخرطوم.
صورة من: REUTERS
دعوات للخروج إلى الشارع
مباشرة بعد الاعتقالات دعت القوى الثورية وعلى رأسها "تجمع المهنيين السودانيين" المعارض، في حسابه على فيسبوك، إلى "الخروج للشوارع واحتلالها وإغلاق كل الطرق بالمتاريس، والإضراب العام عن العمل وعدم التعاون مع الانقلابيين، والعصيان المدني في مواجهتهم". رئيس الوزراء حمدوك بدوره طالب بـ "احتلال الشوارع دفاعاً عن الثورة". ذات الدعوات أطلقها أيضا حزبا "الأمة" و"الشيوعي".
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP via Getty Images
ردود فعل دولية
اجتمعت القوى الدولية بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أن ما حدث في السودان فجر الاثنين انقلاب "مخالف للإعلان الدستوري والتطلعات الديمقراطية للشعب السوداني، وغير مقبول على الإطلاق"، كما جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان الذي هدّد بوقف المساعدات إلى السودان.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Arboleda
قلق على مستقبل السودان
قلق بالغ على مستقبل السودان شددت عليه تصريحات مسؤولين من الأمم المتحدة ودول غربية وسط مطالبات حثيثة إلى إعادة العملية الانتقالية إلى مسارها الصحيح. الاتحاد الأوروبي دعا إلى الإفراج عن قادة السودان المدنيين وشدد على وجوب "تجنّب العنف وسفك الدماء"، من جهته دعا الإتحاد الأفريقي إلى "الاستئناف الفوري للمشاورات بين المدنيين والعسكريين في إطار الإعلان السياسي والإعلان الدستوري".
صورة من: Giscard Kusema
انقلاب بعد انقلاب
الانقلاب الجديد جاء بعد أربعة أسابيع عن محاولة انقلاب فاشلة لم تفهم تفاصيله بعد. وبعد يومين من تظاهرات حاشدة نزل فيها عشرات الآلاف من السودانيين إلى شوارع المدن، دعماً لانتقال كامل للحكم إلى المدنيين، فيما كان أنصار العسكر يواصلون اعتصاماً أمام القصر الجمهوري وسط العاصمة الخرطوم منذ السبت الماضي، في مؤشر على الانقسام المهيمن على المشهد.
صورة من: picture-alliance/Photoshot
مآل الثورة؟
المشهد اليوم يوحي بنهاية اتفاق 2019، حين وقّع العسكريون والمدنيون الذين كانوا يقودون الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بالرئيس البشير، اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا. وبموجبه، تم تشكيل سلطة تنفيذية من الطرفين، على أن يتم تسليم الحكم لسلطة مدنية إثر انتخابات حرة. غير أن الشروخ اتسعت بين فريق يسعى إلى عودة العسكر إلى الحكم وفريق آخر يريدها "مدنية..مدنية". و.ب