أطباق ألمانية ونكهة شرقية - كشك برليني بيد امرأة تونسية
٢٦ مارس ٢٠١٧
تركت عملها في شركة سيمنس وقررت أن تقتحم مجالا يحتكره عادة الرجال، هذا ما فعلته منبوية، السيدة التونسية التي تعيش في برلين منذ أربعة عقود، تحدثنا منوبية عن نجاح مشروعها الذي مزجت فيه بين المذاق الألماني والنكهة الشرقية.
صورة من: DW/C.Chebbi
إعلان
"نعم يا عزيزي، لحظة واحدة وسأقدم لك الشقراء التي تريدها، ما ذا تريد، شقراء قصيرة القامة أم طويلة القامة؟"، هكذا كانت تخاطب منوبية المرأة التونسية زبائنها من الرجال واصفة قنينات البيرة بالشقراوات. لقد كانت المرأة التونسية البالغة من العمر 69 عاما في حركة دؤوبة في فضاء محلها التجاري الضيق. وما أن تقدم الطلبات لزبائنها من المأكولات أو المشروبات إلا وكانت تبادلهم عبارات دعابة وبلهجة برلينية.
هنا في هذا الحي الذي تدير فيه كشكها منذ 37 عاما، باتت منوبية أشهر من نار على علم. وما أن يمر شخص بالقرب من محلها إلا وبادلها التحية. تنعت عموما منوبية بتسمية محلها الذي يحمل اسم "مانو". هناك من البرلينيين والسياح من يأتون خصيصا إلى كشكها لتلذذ المرق الغجري الذي تحضره بنفسها منذ حوالي 4 عقود.
وحول الشهرة التي حظيت بها قالت لنا بفخر واعتزاز إن "السياح يعثرون على كشكي من خلال كتيب سياحي يصنف أفضل أكشاك النقانق في برلين، ومن يأتي إلى هنا ينصح معارفه بما نقدمه من خدمات، وهذا سر شهرة محلي." كانت السيدة منوبية تتحدث إلينا سعيدة وفخورة بما تقوم به من عمل في محلها التجاري، وكانت تخاطبنا بلهجة تونسية اختلطت بها عبارات برلينية دون غياب النكتة التونسية المرحة.
ابتسامة منوبية التي لا تفارقه أثناء استقبالها للزبائنصورة من: DW/C.Chebbi
"الشجاعة والاندماج سر نجاحي"
"جئت إلى ألماني وأنا في عز شبابي مع شابات تونسيات للعمل في مصنع سيمنس في برلين، لقد كان العمل قاسيا ومملا، كنا نقوم بلحم أجزاء من قطع الغيار ببعضها البعض." هكذا تتذكر منوبية أولى أيامها في برلين. كان ذلك في عام 1969، إلا أنها عقب فترة وجيزة تركت ضجيج المصنع وأسست بنفسها هذا الحلم كما تصفه: " قبل 37 عاما استأجرت قطعة الأرض هذه من شركة السكك الحديدية لأضع عليها هذه الحاوية ومنذ ذلك التاريخ وأنا هنا أتمتع باستقلاليتي".
منوبية لم تفقد عملها، بل أرادت أن تؤسس حياتها كما يحلو لها وذلك بالرغم من عدم إتقانها اللغة الألمانية آنذاك، وقد حاولت أن تتجاوز كل العقبات وأن تتأقلم مع نمط الحياة الألمانية. لم يكن الأمر سهلا على امرأة شرقية قادمة من مجتمع محافظ، لكن الإرادة كانت أقوى، ما جعلها اليوم تقول "لم أندم على قراراتي"، وتضيف: "أحب هذه المهنة، ليس لأنها تدر علي بالمال، بل لأنني أعمل لحسابي الخاص، وأنا ربة العمل هنا، وبالمال الذي أحصل عليه أعيش حياة كريمة، بل وتمكنت من مساعدة أهلي في تونس."
الاندماج سر النجاح
وحول صعوبة القيام بمثل هذه الأعمال التي تتطلب أيضا جهدا عضليا كبيرا فأجابتنا المرأة التونسية ضاحكة:" أنا أيضا امرأة قوية، لقد تعودت على هذا العمل. أهم شيء في مثل هذه الأعمال الانضباط واحترام الوقت ناهيك عن إظهار روح الدعابة مع الزبائن، وإلا فقد المرء زبائنه." ثم تشير إلى أن سوق العمل في ألمانيا بات يشهد منافسة قوية، ما يزيد من صعوبة الحصول المرء على عمل بأجر مقبول.
وترى منوبية أن الاندماج في المجتمع الألماني سر نجاحها وسعادتها، قائلة "أتمنى أن تتمكن المرأة العربية في ألمانيا من دخول معترك الحياة على طريقتها، فالشجاعة والاحتكاك المباشر بالشارع الألماني أمر ضروري جدا" في أي نجاح.
الكشك مفتوح منذ 37 عاما في برلينصورة من: DW/C.Chebbi
أكلات ألمانية بنكهة شرقية
منير شاب تونسي يتردد يوميا رفقة صديقه بعد الانتهاء من العمل على كشك "مانو" ليتجاذبا معها أطراف الحديث، ويقول منير الذي يعرف منوبية منذ ما يزيد عن 13 عاما :" أنا أحترم هذه المرأة كثيرا، لقد تمكنت لوحدها وبشجاعتها النادرة من القيام بهذا العمل، إنه عمل ترفضه مجتمعاتنا الشرقية، لكن منوبية أرادت ألا تكون تحت رحمة هذه الصورة النمطية التي يكرسها الرجال". ولا يرى منير مانعا من بيعها للمأكولات الألمانية والمشروبات الروحية. وحول طريقة استقطاب والمحافظة على زبائنها يقول الشاب منير الأربعيني :" لا شك أن روح منوبية الخفيفة ومرقها الغجري المميز جعلاها تظل في كشكها طيلة هذه السنوات".
إنجو واحد من أقدم زبائنها الألمان، يجذبه مذاق النقانق بالمرق الغجري اللذيذ، "أعرف مانو منذ سنوات عديدة. آتي إلى هنا حيث أتلذذ بما تعده من أكلات سريعة ولذيذة، والمصحوبة دائما بابتسامتها الجميلة، إنها امرأة قوية"، يقول إنجو. فزبائن منوبية هم بالدرجة الأولى من الألمان، كيف لا وهي تقدم لهم أكلات ألمانية بحتة بنكهة شرقية.
برلين: شكري الشابي
تجربة فريدة..تعليم اللاجئين الألمانية في الشارع
ليس من السهل تعلم لغة جديدة. لمعرفة الصعوبات التي يمر بها اللاجئون انضم فريق من تلفزيون الـ "DW" إلى فصل دراسي مُخَصص لطالبي اللجوء. ويجمع هذا الفصل بين تدريس اللغة نظريا وتطبيقا والإطلاع على جوانب الحياة في ألمانيا.
صورة من: DW/M. Hallam
لعل تعلم لغة جديدة والتمكن من أبجديتها يشكلان تحديات أمام طالبي اللجوء لأن أكثرهم بحاجة للمساعدة وبخاصة في المراحل الأولى من وصولهم إلى ألمانيا. إحدى الوسائل المساعدة المتبعة في إحدى المدارس تتمثل في التوجه إلى الشارع سعياً لتعلم اللغة عن طريق الحديث مع الناس.
صورة من: DW/M. Hallam
تهدف الدورات اللغوية الجديدة التي تقيمها مدرسة "ACB" إلى مساعدة القادمين الجدد على الاندماج بالمجتمع الألماني. تُرسل المدرسة طلابها في مهمات للبحث والاستقصاء في محاولة لدفعهم إلى التواصل مع الغرباء باستخدام اللغة الألمانية. المهمة الأولى: "عليهم أن يذهبوا إلى الأسواق والعثور على هذا الكشك ومعرفة أنواع الخضروات والفواكه التي تُباع في الكشك ".
صورة من: DW/M. Hallam
هل تعرف معنى الأناناس باللغة الألمانية؟ لاعذر لمن يجيدون الفرنسية أو الإيطالية، إذا كانت إجاباتهم خاطئة، إلا أن الطلاب الذين يتحدث أغلبيتهم اللغة العربية سيواجهون صعوبة أكثر. ولحسن الحظ فإن أعضاء فريق تلفزيون الـ "DW" كانوا حريصين على تحفيز المشاركين من خلال تسجيل نقاط إضافية للإجابات الصحيحة.
صورة من: DW/M. Hallam
تم تشجيع الطلاب على ترك هواتفهم ومحاولة سؤال الألمان وطلب مساعدتهم لمعرفة الوجهة المُرادة، وكان العثور على أحد المارة الذي يُتقن اللغتين العربية والألمانية من الأمور التي ساعدتهم إلى حد كبير. بسام (الذي يحمل الورقة بيده) أدلى بدلوه أيضا ونطق بعدة جُمَلٍ لم يُفْهَم معناها.
صورة من: DW/M. Hallam
يعتبر مكان ولادة "لودفيغ فان بيتهوفن"من أشهر الأماكن في مدينة "بون" وهو يقع بالقرب من السوق وسط المدينة، وقد تحول المنزل إلى ما يُشبه المتحف الصغير. رضوان وإبنه علي هما بالأصل من مدينة "حلب" ويعملان على إنجاز مهمتهما. تمكنا من العثور على التاريخ السحري لميلاد "بيتهوفن" وهو عام 1770.
صورة من: DW/M. Hallam
كانت نقاط المكافأة تُمْنَح للمجموعات الأسرع بإنجاز عملية البحث وقد أبقى المتنافسون عيونهم على الساعة لمعرفة زمن البحث. إستغرقت عملية البحث قرابة الساعتين قاموا خلالهما بزيارة أماكن يمكن أن يعاودوا زيارتها ثانية. ومن بين الأمور التي طُلِبَ منهم عملها معرفة وتدوين أوقات دوام مكتب رعاية الأجانب.
صورة من: DW/M. Hallam
"إنطلقوا إلى ساحة "فريدينزبلاتس"، تُشير التعليمات للفريق بأن يتوجه إلى ساحة رئيسية أخرى وسط مدينة "بون". ماهي المحطة الأخيرة للحافلة رقم "608"، ومتى ستصل الحافلة التالية؟ تتوقف الحافلة رقم "608" على مقربة من بناء "باولوس هايم" في مدينة "بون" وقد كان البناء سابقا مخصصاً للمسنين، غير أنه تحول الآن ليصبح مكاناً لإقامة اللاجئين.
صورة من: DW/M. Hallam
المحطة التالية هي مكتبة المدينة،حيث بإمكان الطلاب العثورعلى كتب باللغات العربية والفارسية والكردية كما بإمكانهم الإستفسار عن الإجراءات المطلوبة لإستعارة الكتب. وعند الدخول إلى المكتبة لفت إنتباه مراسلنا وجود مدرس الفصل الذي كان يمضي استراحته مع الطلاب، حيث كان أحد المشاركين يستعرض بفخر صور الفصل الدراسي الذي إلتقطها مؤخراً.
صورة من: DW/M. Hallam
عند إقتراب نهاية المهمة التي كُلِف بها الطلاب طُلِبَ منهم أن يجلسوا في مكان ما لتعبئة البطاقات البريدية. ذهبوا إلى مكتب البريد الرئيسي واشتروا طوابع بريدية وأرسلوا رسائل، وإحتفظوا بإيصالات شراء طوابع البريد. تم حل معضلة وسيلة أخرى من وسائل التواصل، غير أن إختيار الطابع المناسب للوجهة المحددة بقي تحدياً للمشاركين.
صورة من: DW/M. Hallam
كان هذا الدرس أطول من المعتاد- فبعض الفرق تحتاج إلى وقت أكثر من غيرها، أما من إستطاع أن يُنهي التحدي بوقت أقصر فهناك لعبة تخمين الكلمات بإنتظاره: حيث رسم شكلاً ما على اللوح وطُلبَ منهم كتابة الإسم المناسب لذلك الشكل "طبعاً الكلمات يجب أن تُكتب باللغة الألمانية". أظهرت هذه اللعبة فروقات لابأس بها بين قدرات الطلاب: فبعضهم لم يتمكن من المساهمة والبعض الآخر تمكن من تحديد الصيغة الصحيحة للأسماء.
صورة من: DW/M. Hallam
خصصت "آليف إريسوف رينكي" المُدرِسة في معهد ACB لتعليم اللغة الألمانية جوائز للفرق التي تُسجل أفضل النتائج في المهمة التي تهدف لتقصي الحقائق في وسط مدينة بون وضواحيها. لم يتمكن فريقنا من الحصول على إحدى المراتب الثلاث الأولى ولربما يكون ذلك بسبب المراسل الذي طُلِبَ منه أن يمتنع عن تقديم المساعدة للمشاركين.
صورة من: DW/M. Hallam
مفاجأة توجت نهاية اليوم: الجائزة من نصيب الطالب رضوان، رضوان هو أكبر المتنافسين سناً وقد تمكن من الفوز بالتحدي. الطالب رضوان كان يبتسم طوال فترة إجراء التمرين. كان الجميع يهتفون "صورة، صورة"، نيابة عن تلفزيون الـ "DW"وبعد أن أنجزنا مهمتنا طلبنا الإذن للمغادرة.