في فيلمه "أطلس السحاب" تتضح جرأة المخرج الألماني توم تيكوير أكثر من أي وقت مضى في عالم السينما، إذ قدم فيلماً جديداً بكل معنى الكلمة، وأدخل عليه إطارات فنية وصرعات سردية، مازجاً بين الواقع والخيال. كما وظف في فيلمه الجديد شهرة نجوم هولوود، الذين قام كل منهم بأدوار مختلفة في الفيلم. ومن الممثلين الذين شاركوا في التمثيل نذكر توم هانكس وهالي بيري وسوزان ساراندون وهوغ غرانت وغيرهم، إضافة إلى الأخوين لانا وآندي واشوويسكي مبتكري "ماتريكس"، اللذان شاركا في الإخراج.

في تورونتو يقف توم تيكوير موجهاً عينيه إلى ليل سماء المدينة، ويتمتم: "لا يتغير شيئاً" وهو يقصد بكلامه أسئلة الصحفيين الذين لم يفارقوه طيلة النهار. ويعتبر البعض أن مشاركة مجموعة من نجوم السينما ليس إلا طبخة هولووودية بهدف استقطاب الجمهور إلى دور السينما ولتعويض ما أنفق على الفيلم من تكاليف وصلت إلى المائة مليون دولار.

لكن توم تيكوير يعزو ذلك إلى سبب آخر، حيث يقول: "لقد شعرت أن هناك حاجة كبيرة للأصالة في شكلية السرد". ويضيف: "عدا عن أن بعض الجمهور يشعر أيضاً بالملل في دور السينما في يومنا هذا". لكن رواية دافيد ميتشل التي أُخذ عنها سيناريو الفيلم وتحمل العنوان نفسه "أطلس السحاب"، لا تبعث الملل في قارئها، حيث تتجزأ هذه الرواية إلى ست قصص مختلفة تتحدث عن الظلم والتمرد في ستة أزمنة مختلفة من القرن التاسع عشر.

مادة غير صالحة لأن تكون فيلماً

تلقت الرواية الحكم بشكل سريع من نقاد السينما بأنها غير صالحة لأن تكون فيلماً، وتوم تيكوير يعترف بأن الأمر كان في البداية تحدياً له، حيث يقول: "أن تحويل الرواية إلى فيلم كان أمراً غير سهل وخاصة عندما تقدم من خلال السيناريو ترجمة سينمائية معقولة إلى حد ما وترضي أذواق الجمهور".

كما أن فكرة إعطاء أبطال الفيلم أدواراً مختلفةً داخل الفيلم الواحد، هو ما أقنع فريق الإخراج لأن يتولى المهمة، إذ يأخذ الممثل في كل قصة من القصص التي تجسدها أجزاء الرواية دوراً جديداً. وعلى ضوء ذلك تكون أدوار توم هانكس على سبيل المثال على الشكل التالي: مرة يكون طبيباً غارقاً في عالم الإجرام، ويصبح بعدها كاتباً ينتمي إلى العصابات الايرلندية ومرة أخرى مبشراً للثقافة التافهة المبشرة بفناء العالم.

مديح يبشر بالنجاح

بالنسبة إلى توم هانكس كان الفيلم أيضاً تحدياً كبيراً، وخاصة أنه عمل إلى جانب زملاء له لم يشاركهم إلى الآن أي عمل سينمائي آخر، حسبما ذكر النجم الكبير في تورونتو. وأضاف هانكس في مقابلة مع DW: "كل هذا كان تحدياً وجذاباً وخاصة أن العمل تم في مدينة تعرف كيف تصنع الأفلام"، في إشارة إلى برلين واستوديو بابلسبيرغ في بوتسدام، حيث تم هنا -إلى جانب اسكتلندا ومايوركا- إنتاج الجزء الأكبر من الفيلم. وكانت النتيجة النهائية هي إنتاجَ عمل سينمائي يدوم قرابة ثلاث ساعات ويروي قصص مثيرة ومن أزمان مختلفة وهذا ما يجعله يستقطب الجمهور إلى دور السينما.

في وسط المسرح يجلس المخرج توم تيكلور على كرسيه فوق السجاد الأحمر ومن حوله قرابة الألفي شخصاً من الجمهور الذين يصفقون له بحماسة كبيرة. وعلى ما يبدو أن تورونتو أعجبت بالعرض الأول لفيلم "أطلس السحاب"، ما يؤكد للمخرج الألماني نجاح عمله ويمنحه الشجاعة في متابعة كفاحه من أجل صناعة الأفلام السينمائية الجريئة، رغم أن فيلم "أطلس السحاب" كان مهدداً بالفشل المادي بسبب تكلفة إنتاجه التي وصلت إلى مئة مليون دولار. وهذه ميزانية كبيرة إلى حد ما.

في انتظار بدء العرض في دور السينما

"كان خوفي الأكبر يتمثل في عدم فهم الفيلم كما أردت"، يقول توم تيكلور مضيفاً: "لكن ما أن يتأمل المرء في نفسه ويفكر بالنتيجة، أعتبر أن الفيلم قد تكلل بالنجاح". للوهلة الأولى ليس هناك أي مبرر للخوف وخاصة بعد النجاح الذي حصل عليه فيلم "أطلس السحاب" في العرض الأول في مهرجان تورونتو، لكن العرض الأول في المهرجان أمام نقاد ونجوم السينما يختلف عن العرض في دور السينما. فنظرة نقاد الفيلم إلى العمل السينمائي مبنية على أسس مختلفة عن نظرة الجمهور.