1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
نزاعاتسوريا

أعمال العنف في مناطق الدروز في سوريا.. ما الذي حدث؟

كاثرين شير | عمر البم
٥ مايو ٢٠٢٥

بدأ التوتر والعنف بتسجيل صوتي منسوب لرجل درزي يتضمن إساءات بحق النبي محمد، وانتهى بمقتل أكثر من 80 شخصاً وغارات إسرائيلية جديدة على سوريا. ماذا وراء أسباب العنف في المناطق ذات الأغلبية الدرزية في سوريا؟

يبلغ عدد الدروز في سوريا نحو 700 ألف شخص
رجل درزي محاط بمسلحين دروز في حوار مع قوات الأمن التابعة لدمشقصورة من: Omar Sanadiki/AP/picture alliance

بدأ الأمر بمقطع صوتي غامض إلى حد ما. في هذا المقطع، يُزعم أن أحد أفراد الأقلية الدرزية في سوريا يُسمع وهو يسيء إلى  الإسلام  والنبي محمد.  لكن الشخص الذي يُفترض أنه قام بذلك، وهو رجل الدين مروان كيوان، أصر على أنه ليس له علاقة بالأمر. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "من قام بذلك هو شخص شرير ويريد إثارة الفتنة بين مكونات الشعب السوري".

العديد من قادة المجتمع الدرزي وأفراد من تلك الأقلية قالوا إنهم يرفضون الإهانات التي سُمعت في المقطع الصوتي، والتي اعتبرها العديد من المسلمين السوريين تجديفاً. ولكن بحلول ذلك الوقت كان الأوان قد فات، كما كتب الباحث البريطاني-العراقي أيمن جواد التميمي، الذي يعرف كيوان، على صفحته في Substack: "أدى تداول المقطع إلى دعوات للتعبئة للدفاع عن شرف النبي محمد، وترافق مع تلك الدعوات مشاعر موجهة ضد المجتمع الدرزي بشكل عام".

يبلغ عدد الدروز في سوريا نحو 700 ألف شخصصورة من: Yamam Al Shaar/REUTERS

بدأت مجموعات مسلحة مجهولة بمهاجمة بلدة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية بالقرب من العاصمة السورية دمشق. يقول المراقبون إن بعض المهاجمين قد يكونون مرتبطين بقوات الأمن التابعة للحكومة السورية الجديدة المؤقتة، ولكن من المرجح أيضاً أن يكون هناك مدنيون مسلحون غاضبون. ويشير المراقبون إلى أن هذا يبرز مرة أخرى كيف أن الحكومة الجديدة في سوريا لا تملك بعد السيلطرة الكاملة على الأمن.

نتيجة لذلك، انخرط بالقتال مسلحون دروز. بين الثلاثاء والخميس، انتشر العنف إلى عدة مناطق ذات أغلبية درزية، بما في ذلك بلدتي جرمانا وصحنايا، وكلاهما بالقرب من دمشق، وصولاً إلى محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية.

"في المنزل .. خائفون"

"في الأيام القليلة الماضية كان هناك نوع من الحصار، لا خروج ولا دخول"، يقول محمد شوبك، الذي يعيش في صحنايا، لـ DW : "بقينا في المنزل خائفين". وتابع شوبك قائلاً إن الرجال المسلحين (الدروز) كانوا يمتلكون سيارات ورشاشات. ويعتقد أنهم حصلوا عليها من الثكنات العسكرية عندما سقط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024. وقال المسلحون إنهم يريدون منع قوات الحكومة السورية من دخول البلدة. "كان الوضع سيئاً خلال الاشتباكات"، تابع شوبك. "لكن قبل نصف ساعة من دخول قوات الأمن، اختفى جميع المسلحين. هرب الجميع نحو بساتين الزيتون". وتقول السلطات المحلية إن القتال أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصاً. وبعد ذلك، هدأت الأوضاع بعد أن وافق قادة الطائفة الدرزية في صحنايا على السماح لقوات الحكومة السورية بدخول مناطقهم، وفي بعض الحالات، قام السكان بتسليم أسلحتهم.

قوات أمن تابعة للداخلية السورية في مدينة جرمانا بالقرب من دمشق صورة من: Syrian Interior Ministry Facebook Page/AFP

من هم الدروز؟

 الدروز هم عرب من الناحية العرقية وأحدى الأقليات الدينية العديدة في  سوريا.  ويشكلون حوالي 3% من السكان، ويقدر عددهم بحوالي 700 ألف شخص. ويعيش الدروز بشكل رئيسي في جنوب غرب البلاد.

دين الدروز توحيدي تفرع بشكل أساسي عن الإسلام الشيعي منذ قرون، ولكن فيه عناصر من المسيحية والبوذية والهندوسية، من بين أمور أخرى.  منذ سقوط نظام الأسد، باشرت الحكومة السورية الجديدة بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام، والتي أطاحت بالنظام بمحادثات مستمرة مع المجتمع الدرزي حول كيفية اندماجه في الحكومة الانتقالية والجيش السوري.

ماذا يريد الدروز؟

 "المجتمع الدرزي منقسم على أسس دينية وعسكرية وقبلية"، كتب عمر أوزكيزيلجيك، زميل غير مقيم في مشروع استراتيجية سوريا Syria Strategy Project في المجلس الأطلسي Atlantic Council، في وقت سابق من هذا الشهر. "القيادة الدينية للدروز السوريين في يد ثلاث شخصيات. وتتنافس مجموعات مسلحة في المجتع الدرزي على النفوذ". 

أحد نقاط التفاوض الأكثر إثارة للجدل كانت كيفية دمج الميليشيات الدرزية في جيش وطني جديد. يصر البعض على الاستقلال، على الأقل حتى يمكن إجراء الانتخابات، بينما تصر دمشق على أن الدولة يجب أن تحتكر السلاح لمنع عودة العنف. وفي الوقت نفسه، فإن ميليشيات درزية كبيرة أخرى تبدو أكثر انفتاحاً على العمل مع دمشق. ففي يوم الخميس الماضي، أصدر خمسة من قادة الدروز البارزين بياناً يشير إلى أنهم مستعدون للقيام بذلك.

التدهور والانقسام

يوم الخميس، أصدر أبرز القادة الدينيين للدروز، الشيخ حكمت الهجري، بيانًا يدعو فيه إلى قوات حفظ سلام دولية "لحماية سريعة للسكان الأبرياء والعزل" من "العصابات المتطرفة" التي يعتقد أنها مرتبطة بالحكومة السورية الجديدة.

يشير منتقدو الهجري إلى أن هذا الشيخ، الذي دعم نظام الأسد حتى حوالي عام 2020، هو مجرد واحد من القادة الدينيين للمجتمع الدرزي. ولا يتفق معه بالضرورة القادة الدينيون الآخرون.

رفضت وزارة الخارجية السورية دعوة الهجري. وقالت في بيان: "أي دعوة للتدخل الأجنبي - تحت أي ذريعة أو شعار - تؤدي فقط إلى مزيد من التدهور والانقسام".

ماذا تفعل إسرائيل؟

 في وقت مبكر من صباح الجمعة، قصفت الطائرات الإسرائيلية  منطقة بجوار القصر الرئاسي في دمشق. كما أغارت إسرائيل على سوريا يوم الأربعاء، مع اندلاع أعمال العنف في المناطق الدرزية. و قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن ضربة الجمعة كانت "رسالة واضحة للنظام السوري" بأن إسرائيل "لن تسمح بنشر قوات جنوب دمشق أو أي تهديد للمجتمع الدرزي". يشار إلى أن عدد دروز إسرائيل  يصل إلى حوالي 130 ألف شخص.

وعلى الرغم من أن الحكومة السورية قالت مرارًا إنها لا تريد القتال مع إسرائيل،  إلا أن الأخيرة تطالب بأن تكون ثلاث محافظات جنوب دمشق "منزوعة السلاح". كما وسعت إسرائيل وجودها على الأرض في سوريا، متجاوزة المنطقة العازلة بين البلدين، وتشير التقارير إلى أنها طردت السوريين من تلك المناطق. 

 يتفق الخبراء على أن تدخل إسرائيل  يزيد من سوء الوضع بالنسبة للدروز وقد يزعزع استقرار الانتقال السياسي الهش في سوريا.  عندما تقول إسرائيل - وهي دولة ينظر إليها معظم السوريين بشكل سلبي - إنها تريد "حماية" المجتمع الدرزي في سوريا، فإن ذلك يعزز، كما يجادل البعض، الآراء الشعبوية حول الدروز القائلة إن الطائفة غير مخلصة للبلاد.

كتب المحللون في مجموعة الأزمات في إحاطة في آذار/ مارس: "إذا استمرت إسرائيل في هذا النهج … فإنها تخاطر بدفع سوريا نحو أحد السيناريوهات التي تقول إنها تريد تجنبها". كتب شيرا إفرون، مدير الأبحاث في منتدى السياسة الإسرائيلية في نيويورك Israel Policy Forum، وداني سيتريونوفيتش، زميل أبحاث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب Tel Aviv University's Institute for National Security Studies، في مجلة الشؤون الخارجية الأسبوع الماضي: "إسرائيل تتجاوز حدودها". "إذا استسلم قادة إسرائيل للرغبة في تصعيد توغلاتهم في سوريا، فقد يخلقون عدواً جديداً في حين لا عدو لهم هناك في الوقت الحالي".

ورفضت غالبية المجتمع الدرزي وقادته بالفعل "حماية" إسرائيل، وكانت هناك احتجاجات شعبية ضد إسرائيل. كما قال فابريس بالانش، المتخصص في الشؤون السورية والمحاضر في جامعة لوميير في ليون، لقناة France24 الفرنسية هذا الأسبوع، "أن يُعتبر الشخص مهرطقاً شيء، ولكن أن يُنظر إليه على أنه مرتبط بإسرائيل في سوريا هو أسوأ بكثير".

 أعده للعربية: عباس الخشالي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW