أغلبية الألمان مع انتخابات مبكرة وشولتس مستعد لمناقشة موعدها
٨ نوفمبر ٢٠٢٤
فيما يتواصل ضغط المعارضة عليه، أبدى المستشار الألماني شولتس انفتاحه لمناقشة موعد طرح الثقة بالحكومة والانتخابات المبكرة، فيما أظهر استطلاع أن أكثر من نصف الألمان راضون عن انهيار الائتلاف وثلثيهم مع انتخابات في أقرب مهلة.
إعلان
صرّح المستشار الألماني أولاف شولتس أنه منفتح على مناقشة موعد تنظيم انتخابات مبكرة في ألمانيا، في وقت يواجه ضغوطا لتسريع المسار الآيل إلى استحقاق انتخابي بعد انهيار الائتلاف الحكومي الذي يترأسه.
ومن المفترض أن يبدأ هذا المسار في 15 كانون الثاني/ يناير مع طرح الثقة بالحكومة على التصويت، لكن الزعيم الاشتراكي الديموقراطي أعرب عن استعداده لتكليف البرلمانيين "تقديم جواب حول الوقت المناسب لطرح الثقة فيالبرلمان الاتحادي- البوندستاغ"، مقرا بأنه "لا بدّ من إجراء انتخابات جديدة على وجه السرعة".
وعلى هامش قمّة لقادة الاتحاد الأوروبي في بودابست، دعا شولتس اليوم الجمعة (8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024) إلى "نقاش هادئ" لحل الأزمة السياسية في بلده.
وصرّح شولتس بأنه "سيكون من الجيّد التوصّل إلى اتفاق بين المجموعات الديموقراطية في البوندستاغ نستند إليه لتمرير القوانين هذه السنة". ولفت إلى أن "موعد الانتخابات ليس (قرارا) سياسيا بحتا"، مع التشديد على ضرورة أن تتيح المهلة الزمنية "ما يكفي من الوقت لتنظيم انتخابات عادلة وديموقراطية".
وتأتي تصريحات شولتس هذه بعد تزايد ضغط المعارضة، التي حذر زعيمها فريدريش ميرتس، رئيس "الاتحاد المسيحي الديموقراطي" من أنه لن يتعاون مع المستشارقبل أن يعلن على وجه السرعة تصويتا على الثقة للسماح بتنظيم انتخابات في أقرب مهلة ممكنة. واتهم ميرتس المستشار بالمماطلة بسبب رفضه إجراء تصويت سريع على الثقة في الحكومة.
وقال ميرتس، في برلين اليوم الجمعة إن إرجاء التصويت للعام المقبل أمر غير مسؤول، متهما شولتس، بإعطاء الأولوية لمصالحه الحزبية، وطالبه بربط بيانه الحكومي المقرر في البرلمان الأربعاء المقبل بالتصويت على الثقة.
صراع السلطة بين شولتس والمعارضة
02:28
وأبلغ ميرتس الكتلة البرلمانية عنمحادثته مع شولتس أمس الخميس، وقال: "لم ير المستشار نفسه في وضع يسمح له بإعطائي تفسيرا معقولا لسبب طرحه التصويت على الثقة خلال شهرين وليس الأسبوع المقبل"، مضيفا أنه يفترض أن المستشار يحاول حاليا إجراء عمليات تصويت في البرلمان يمكنه استغلالها في الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
إعلان
أستطلاع: أعلبية الألمان مع انتخابات مبكرة
وكشف استطلاع نشرت نتائجه الجمعة أن ثلثي الألمان يتطلعون لانتخابات جديدة في أقرب مهلة، ما يدعّم موقف المعارضة التي تكثّف دعواتها إلى تنظيم استحقاق انتخابي. وأعرب 59 % من الأشخاص المشمولين بالاستطلاع الذي أجراه معهد "إفراتيست ديماب" عن رضاهم عن انهيار الائتلاف، بين الاشتراكيين الديموقراطيين بزعامة شولتس والخضر، والحزب الديموقراطي الحرّ، والذي كان يتولّى الحكم منذ أواخر 2021 وكانت شعبيته قيد التراجع.
وكتبت رئيسة تحرير صحيفة "بيلد" الأوسع انتشارا في ألمانيا "حضرة المستشار، افسح المجال!". وتوجّهت مباشرة إلى الزعيم الاشتراكي-الديموقراطي كاتبة على الصفحة الأولى "أظنّ أنك تفكّر فعلا أنك الوحيد القادر على قيادة ألمانيا. وقد تكون حتّى على صواب. لكن، نحن الألمان، لم نعد نعتقد ذلك منذ فترة طويلة. وليست +بيلد+ من تقول ذلك بل كلّ استطلاع آراء أجري منذ نيسان/أبريل 2022".
وفي سياق متصل كشف استطلاع للرأي أن غالبية الألمان يريدون أن يكون وزير دفاعهم بوريس بيستوريوس مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمنصب المستشار في الانتخابات المبكرة. وفي الاستطلاع الذي أجراه معهد "فورزا" لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من محطة "آر تي إل" التلفزيونية، ذكر 57 بالمائة من الألمان أنهم يدعمون وزير الدفاع الحالي. وفي المقابل، بلغت نسبة دعم المستشار أولاف شولتس، المنتمي لنفس الحزب، 13 بالمائة فقط.
ومن بين أنصار الحزب الاشتراكي الديمقراطي أيد 58 بالمائة بيستوريوس أيضا، بينما بلغت نسبة تأييد شولتس بين أنصار الحزب 30 بالمائة فقط. وكان الوضع مماثلا تقريبا بالنسبة لأنصار الأحزاب الأخرى، حيث فضل 66 بالمائة من مؤيدي حزب الخضر بيستوريوس كمرشح لمنصب المستشار، وبلغت نسبة تأييده 70 بالمائة بين أنصار التحالف المسيحي، و71 بالمائة بين أنصار الحزب الديمقراطي الحر. ولم تكن هناك بيانات عن مؤيدي حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي وحزب "تحالف سارا فاغنكنشت". وقد شمل الاستطلاع 1181 ألمانيا في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
ع.ج/ ع.ج.م (أ ف ب، د ب أ)
بالصور- أولاف شولتس الاشتراكي "الرصين" يصبح مستشارا لألمانيا
من كان يتصور أن الرجل الذي لم يستطع الفوز برئاسة حزبه الاشتراكي قادر على أن يعيد المستشارية للحزب بعد 16 عاماً تحت حكم المحافظين بقيادة ميركل؟! أولاف شولتس فعلها! ومبدأه هو: الرصانة والإصرار! هنا لمحة عن حياته.
صورة من: HANNIBAL HANSCHKE/REUTERS
أولاف الشاب
ولد أولاف شولتس في أوسنابروك في 14 حزيران/ يونيو 1958، وكان والده تاجراً ووالدته ربّة منزل. وانضم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 1975 في سن السابعة عشرة. آنذاك كان شعره طويلاً، كما كان يعرف بارتداء جواكت صوفية ويشارك في عدد كبير من المظاهرات السلمية.
صورة من: Gladstone/Wikipedia
تحولات
شق أولاف شولتس طريقه في درب السياسة بإصرار ودأب. وتغير الرجل بشكل ملحوظ في مسيرته. شغل منصب نائب رئيس منظمة الشباب في الحزب وقاد حملة في الثمانينيات من أجل "اشتراكية راديكالية للتغلب على الاقتصاد الرأسمالي". في الصورة شولتس يعرض أمام الكاميرا دفتر عضويته بالحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD).
صورة من: Bodo Marks/dpa/picture alliance
نضوج في مجال الاقتصاد!
بالتوازي مع نشاطه الحزبي، كان شولتس يتابع دراساته في القانون. وأسس عام 1985، مكتب محاماة متخصصاً في قانون العمل في هامبورغ. ومن خلال عمله تعلم شولتس، آليات عمل الاقتصاد والشركات الخاصة، ما ترك آثراً على شخصيته.
صورة من: Thilo Rückeis/dpa/picture-alliance
البداية الفعلية مع شرودر
انطلقت مسيرته فعلياً عندما وصل الاشتراكي الديمقراطي غيرهارد شرودر إلى المستشارية في انتخابات 1998. وانتُخب شولتس عام 1998 عضواً في البوندستاغ (البرلمان الألماني) وأصبح أميناً عاماً للحزب في 2002. وفي عام 2005، انقسم اليسار الألماني بسبب تحرير سوق العمل، وهو ما سرّع هزيمة شرودر أمام أنغيلا ميركل. لكن شولتس أعاد المستشارية إلى الاشتراكيين بعد 16 عاماً من حكم المحافظين بقيادة ميركل.
صورة من: Roland Weihrauch/dpa/dpaweb/picture-alliance
"رجل آلي"!
يلقي خطبه بنبرة رتيبة أكسبته لقب "شولتسومات" (أي شولتس الآلي)، ما يثير انزعاجه. وقال في معرض الدفاع عن نفسه: إنه "يضحك أكثر مما يعتقد الناس". وصرّح قبل فترة قصيرة لجريدة "دي تسايت" الألمانية: "أنا رصين وبراغماتي وحازم. لكن ما دفعني إلى العمل السياسي، هو المشاعر"، داعياً إلى "مجتمع عادل".
صورة من: Bernd Thissen/dpa/picture alliance
"نسخة متحورة" من ميركل!
في 2018 ومع توليه وزاره المالية، أصبح شولتس نائباً لميركل. ويقال إن عينه كانت على المستشارية منذ ذلك الوقت. ويستلهم شولتس من أسلوب ميركل، حتى أنه يقلّدها في الإيماءات، خصوصاً إيماءة يدها الشهيرة، إلى درجة أن صحيفة "تاغس تسايتونغ" اليسارية وصفته بأنه نسخة "متحوّرة" من ميركل!
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Niefeld
لمعان في زمن كورونا
في 2018، خلف شولتس، المسيحي الديموقراطي فولفغانغ شويبله، وتولى وزارة المالية وواصل النهج المالي الصارم لهذا الأخير. لكن بعد بدء جائحة كورونا لم يتردد شولتس في الخروج عن بنود الميزانية معتمداً السخاء في الإنفاق، وشعاره أن ألمانيا بإمكانها مواجهة الوباء من الناحية المالية. وبذلك عرف كيف يستفيد من الجائحة لوضع نفسه في قلب المشهد ومقدمته.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Brandt
المنقذ!
خسر شولتس معركته على رئاسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في عام 2019، لأنه لم ينجح في كسب قلوب أنصار الحزب، فقد رغب الحزب آنذاك في قيادة ذات توجهات يسارية صريحة. ورغم ذلك ظل الحصان الوحيد الذي يمكن لحزبه الرهان عليه للفوز بالمستشارية. وبخلاف التوقعات وقتها، تمكن من الفوز بسبب الطريقة الرصينة التي خاض بها حملته الانتخابية.
صورة من: Hannibal Hanschke/REUTERS
حياته الخاصة
أولاف شولتس (63 عاما) متزوج منذ عام 1998 من السياسية الاشتراكية الديمقراطية بريتا إرنست (60 عاما). ويقول عنها إنها "حب حياته". ويقيم الزوجان في بوتسدام بالقرب من برلين. وتشغل زوجته منصب وزيرة التعليم في ولاية براندنبورغ. وليس لديهما أطفال. ولشولتس شقيقان هما ينس (62 عاما) وهو طبيب كبير والآخر إنغو (60 عاما) وهو صاحب شركة متخصصة في تقنية المعلومات.
صورة من: dapd
فضائح!
تعرض شولتس للعديد من الهزات في مسيرته السياسية، ومنها مزاعم متعلقة بفضائح مالية كبيرة مثل فضيحتي "وايركارد" و"كوم إكس". لكن حتى لجان التحقيق البرلمانية لم تتمكن من إثبات أي شيء عليه. كما أنه تعرض لانتقادات كبيرة بسبب أعمال الشغب التي شهدتها مدينة هامبورغ في 2017 عندما كان رئيسا لحكومتها. لكن كل ذلك لم يجعل ثقته بنفسه تهتز.
صورة من: Michele Tantussi/AP Photo/picture alliance
ملفات شائكة
تنتظر شولتس ملفات سياسية شائكة، ناهيك عن إدارة حكومة ائتلافية غير مسبوقة من ثلاثة أحزاب (مع الخضر والليبرالي). وصحيح أن الانسجام كان كبيراً أثناء محادثات تشكيل الائتلاف الحكومي، غير أن الخلافات ستظهر لاحقاً بالتأكيد، خصوصاً وأن الحزب الليبرالي المحافظ جزء من حكومة "إشارة المرور" وبيده وزارات مهمة مثل المالية والنقل. إعداد: محيي الدين حسين / ص.ش