يتضمن مشروع قانون أمريكي جديد، خطة لفرض ضرائب كبيرة على التحويلات المالية إلى الخارج. تأثير هذه الضرائب سيكون كبيرا على المهاجرين وعلى عائلاتهم واقتصاديات بلدانهم الأصلية، بما في ذلك على دول أفريقية وكذلك دول عربية.
تساهم التحويلات المالية إلى أفريقيا في دعم الاقتصادات بأكملها ومساعدة الأسر والعائلاتصورة من: SEYLLOU/AFP
إعلان
صارت خطط ترامب الضريبية، تستهدف الجميع، فحتى إرسال الأموال من الولايات المتحدة إلى الأقارب في الوطن الأم ستتعرض للعرقلة. ويرى إينوك أيكنز، الخبير الاقتصادي المتخصص في الشؤون الأفريقية، "يمكنني أن أضرب المثال بنفسي، كشخص ينحدر من قرية نموذجية يسكنها الكثير من الناس وعائلة تعتمد على مساعدتي".
نشأ إينوك، الباحث في معهد الدراسات الأمنية ومقره الآن في بريتوريا، جنوب أفريقيا، في بلدة أغونا كوانياكو الصغيرة، على بُعد حوالي 70 كيلومترا (43 ميلا) من العاصمة الغانية أكرا.
تتيح له وظيفته توفير مصدر مساعدة للعديد من أفراد عائلته في غانا، سواء لتغطية تكاليف علاج والدته أو تعليم أبناء أقاربه.
قال: "في كل مرة تحدث مشكلة عائلية، يتصلون بي، ويتعين عليّ إيجاد طريقة سريعة لإرسال الأموال إليهم لحل أزمة طارئة. غالبًا ما تكون هذه النفقات مرتبطة بأمور حيوية، مثل الطعام والسكن والرسوم المدرسية أو لتغطية النفقات الطبية".
إينوك راندي أيكينز لديه تجربة شخصية حول أهمية التحويلات الماليةصورة من: privat
تأثير عالمي
إينوك واحد من ملايين الأفارقة حول العالم، الذين يرسلون تحويلات مالية إلى بلدانهم الأصلية أو مناطقهم.
إعلان
وتبرز أهمية هذه التحويلات المالية بسبب مشروع قانون الضرائب الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي أقره مجلس النواب في 22 مايو. يتضمن هذا الإجراء ضريبة بنسبة 3.5% على التحويلات المالية التي يقوم بها أي شخص ليس مواطنا أمريكيا. كانت الخطة الأصلية أن تكون الضريبة 5%، ولكن تم تخفيضها قبل التصويت.
أثار مشروع القانون انتقادات شديدة في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية. ومن المرجح أن يؤثر سلبا ومباشرا على المهاجرين من المكسيك وأمريكا الوسطى والجنوبية. كما سيتأثر الأفارقة أيضا بشكل كبير، وفقًا لإينوك أيكينز، الذي قال "لا يمكننا أن نملي عليهم كيفية إدارة شؤونهم المالية، لكن هذا سيكون له تأثير هائل على الاقتصادات الإفريقية".
تُظهر بيانات البنك الدولي أن تدفقات التحويلات المالية إلى أفريقيا تجاوزت 92 مليار دولار (81 مليار يورو) في عام 2024، حيث استحوذت الولايات المتحدة وحدها على ما لا يقل عن 12 مليار دولار.
ووفقا للبنك الدولي، تعد الولايات المتحدة أيضا أكبر بلد منشأ لجميع التحويلات المالية في العالم، حيث تجاوزت 656 مليار دولار في عام 2023.
وتقول مونيكا دي بول، الباحثة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي في واشنطن العاصمة، إن هناك نقصا في البيانات الموثوقة حول التحويلات المالية لأن الكثير منها لا يُرسل عبر معاملات مسجلة.
وأوضحت في تصريحات لـ DW: "كل يرسل الأموال إلى وطنه بطريقته الخاصة، أحيانا يكون الأمر مخفيا، كأن يأتي أحد أفراد الأسرة للزيارة، ثم يحصل على مبلغ من المال ويعود به إلى الوطن. وهذه الأنواع من المعاملات ببساطة غير مسجلة". ومع ذلك، تؤكد المتحدثة بأن البيانات المتاحة، مهما كانت، تُؤكد أهمية الولايات المتحدة كمصدر للتحويلات المالية لأفريقيا".
مشروع قانون ترامب الذي أقره مجلس النواب، يتجه الآن إلى مجلس الشيوخ للتداول حولهصورة من: AP/picture alliance
أهمية التحويلات المالية لإفريقيا
تُعتبر التحويلات المالية مهمة في جميع أنحاء أفريقيا لثلاثة أسباب رئيسية. أولا، لأنها تُمثل جزءا كبيرا من دخل العديد من اقتصادات القارة، وكثير منها من بين أفقر اقتصادات العالم.
تُشير آخر الإحصائيات إلى أن التحويلات المالية السنوية تفوق الآن كلا من المساعدات والاستثمار الأجنبي المباشر كدخل في القارة.
يقول أيكينز إن التحويلات المالية تُمثل "أكبر تدفق مالي خارجي إلى أفريقيا" في الوقت الحالي. وأضاف: "لا توجد اختناقات أو مشاكل إدارية، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تُقدم مساعدة بقيمة 100 مليون دولار تقريبًا إلى دولة أو مؤسسة أفريقية، فإن أكثر من نصفها يُصرف إداريا قبل أن يصل إلى الناس".
ثم إن الفئات ذات الدخل المنخفض عادة ما تكون الأكثر اعتمادا على التحويلات المالية من الأقارب أو الأصدقاء العاملين في الخارج.
وقالت مونيكا دي بول: "إنه أمر مُضرٌ للغاية. في كثير من الأحيان، تأتي هذه التدفقات من ذوي الدخل المحدود في الولايات المتحدة إلى بلدانهم الأصلية وعائلاتهم التي تعاني هي الأخرى من ضائقة مالية".
ستتأثر بعض الدول الأفريقية أكثر من غيرها. فبينما تُسجِّل الاقتصادات الكبرى في القارة، مثل مصر ونيجيريا والمغرب، أعلى مستوى إجمالي للتحويلات المالية من الخارج، فإن بعض الاقتصادات تعتمد عليها بشكل خاص، وفقا لأيكينز.
تُشير إحصائيات البنك الدولي إلى أن نسبة التحويلات المالية الواردة من الناتج المحلي الإجمالي تبلغ حوالي 20% في ليسوتو وجزر القمر والصومال وغامبيا وليبيريا.
مشاكل مالية
تنتقد مونيكا دي بول ضريبة التحويلات المالية، وتعتقد أن المهاجرين سيجدون طرقا للتهرب من الضريبة. وتقول: "إذا كان الأشخاص الذين يرسلون الأموال إلى أوطانهم يستخدمون الطرق القانونية، فسيحاولون الآن طرقا أخرى لتجنب الضريبة".
وتشير إلى أن فرض ضرائب على التحويلات المالية أمر نادر عالميا، وتعتقد أن هذه السياسة جزء من حملة إدارة ترامب ضد الهجرة غير الشرعية.
وتقول بول: "سيكون التأثير هو الضغط على المهاجرين، والضغط على المقيمين حاليا في الولايات المتحدة، وتعطيل الآليات التي لا يعتمدون عليها في إعالة أنفسهم فحسب، بل يعتمدون عليها أيضا في إعالة أفراد أسرهم". وتضيف: "الخلاصة هي أن التحويلات المالية مشكلة مالية، فهي تسحب المال من جيوب الناس".
منزل عائلة إينوك راندي أيكينز في بلدة أغونا كوانياكو، غاناصورة من: Enoch Randy Aikins
لن تُفرض ضرائب على تحويلات إينوك المالية لأنها لا تأتي من الولايات المتحدة. ومع ذلك، يستطيع أن يتخيل بوضوح العواقب الواقعية المترتبة على شخص في قرية مثل تلك التي نشأ فيها، ويعتمد على قريب يرسل له المال من الولايات المتحدة.
عندما يتلقى طلبا للحصول على المال، تكون الحاجة إليه ملحة، ويعتقد أن المهاجرين سيلجأون بشكل متزايد إلى العملات المشفرة وغيرها من الوسائل لإرسال الأموال إلى وجهتها؛ "سيكون للضريبة تأثير هائل على كيفية إرسال الناس الأموال إلى عائلاتهم في الوطن".
أعدته للعربية: ماجدة بوعزة
ترامب في ولايته الثانية.. قرارات صادمة وتصريحات غير دبلوماسية
هذه هي الولاية الثانية لدونالد ترامب، لكنه عازم على أن تكون فارقة في تاريخ بلاده، مجموعة من القرارات المثيرة للجدل، بلغت حد خلق صراع مع حلفائه و"انتهاك" مسلمات في السياسة الداخلية والخارجية لبلاده.
صورة من: Brendan Smialowski/AFP
ريفييرا "الشرق الأوسط"
خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بداية فبراير/شباط، أعلن ترامب عن رؤيته "المذهلة" لقطاع غزّة المدمر نتيجة الحرب. خطة ترامب تقضي بـ"السيطرة" على القطاع الفلسطيني وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". فاجأت هذه التصريحات الصحافيين الحاضرين وأثارت موجة غضب دولية وعربية، خصوصا أن ترامب طالب بتهجير الفلسطينيين قسريا إلى أماكن أخرى.
صورة من: Chip Somodevilla/Getty Images
حرب تجارية شاملة
أعلن ترامب عن حرب تجارية شاملة، وقودها رسوم جمركية، قام بفرضها على الكثير من الدول، ما أثار انتقادات كبيرة خصوصا من الحلفاء الأوروبيين، بينما كانت التداعيات أكبر مع الصين التي أعلنت بدورها عن إجراءات ضد المنتجات الأمريكية. لكن ترامب لم يتوقف عند هذا الحد، بل تباهى بأنّ عشرات الدول اتصلت "تقبل مؤخرته" على حد تعبيره، طالبة التفاوض.
صورة من: Nathan Howard/REUTERS
مهاجمة القيادة الأوكرانية
من أكبر المشاهد إثارة للجدل، مشهد التنابز اللفظي بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، حين شن الرئيس الأمريكي ونائبه جاي دي فانس هجوما لاذعا على زيلينسكي خلال اجتماع انتشرت مشاهده على نطاق واسع، إذ طالباه أن يكون أكثر امتنانا لدور أمريكا في الحرب مع روسيا وخصوصا توفير الأسلحة، كما اتهماه أنه لا يريد مفاوضات سلام جادة. وتعاطف الكثيرون مع زيلينسكي، وخاصة في أوروبا.
صورة من: Saul Loeb/AFP/Getty Images
تناغم وتقارب مع بوتين
في الوقت نفسه، انخرط ترامب في محادثات مع موسكو، متجاوزا الأوروبيين، وأجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي "لطاما كانت تربطه به علاقة جيدة" والذي يعتبره "ذكيا". وأكد ترامب على استمرار الاتصالات مع بوتين، وتحدث عنه بكثير من الإيجابية عكس سلفه جو بايدن، وظهر ترامب باحثا عن خطب ود بوتين بأي طريقة.
صورة من: Maxim Shipenkov/Alex Brandon/AP Photo
مهاجمة الاتحاد الأوروبي
من جانب آخر، هاجم ترامب مراراً الاتحاد الأوروبي، وقال إن سبب إنشائه هو "استغلال" الولايات المتحدة، متّهما الأوروبيين بأنهم "انتهازيون"، كما دعاهم إلى استثمار 5% من ناتجهم الاقتصادي في الدفاع في المستقبل. أدت هجومات ترامب المتكررة إلى حذر كبير وسط الأوروبيين الذين أكد عدد من قادتهم عن ضرورة التفكير في علاقة مختلفة مع الولايات المتحدة.
صورة من: Spencer Platt/Getty Images
طموح توسعي
أعلن ترامب مرارا رغبته في جعل كندا "الولاية الأمريكيّة الحادية والخمسين"، واصفا الحدود مع الجارة الشماليّة للولايات المتحدة بأنها "خطّ مصطنع"، ما خلق أزمة بينه وبين كندا. ولم يتوقّف الرئيس الأمريكي عند هذا الحدّ، بل قال أيضا "نحن بحاجة" إلى غرينلاند التابعة للسيادة النرويجية، كما أعلن أنه يرغب باستعادة قناة بنما.
صورة من: Alex Brandon/AP/picture alliance
سياسة هجرة صارمة
باشر ترامب تنفيذ سياسة صارمة للغاية لترحيل المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة، وطرد أكثر من 200 شخص إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور، وشن حربا ضد عصابات المخدرات المكسيكية التي وصفها بأنها منظمات إرهابية أجنبية، لكن ترامب واجه أحكاما قضائية وقفت ضد عددا من مخططاته ومن ذلك تشديد الهجرة.
صورة من: Alex Brandon/AP/dpa/picture alliance
الانسحاب من معاهدات وهيئات دولية
مباشرة بعد بدء فترته الرئاسية، سحب ترامب بلاده من منظمة الصحة العالمية التي سبق أن وجه لها انتقادات كبيرة بسبب طريقة مواجهتها لفيروس كورونا، وأعلن عن عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إصدارها أمر قبض على نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت، كما انسحب من اتفاقية باريس للمناخ، بسبب رفضه انخراط بلاده في سياسة خفض الغازات الدفيئة المسببة لتغير المناخ.
صورة من: Thomas Müller/dpa/picture alliance
العفو عن مثيري الشغب في الكونغرس
كما قام ترامب بالعفو عن مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في مطلع العام 2021 احتجاجا على عدم انتخابه، كما أقر الرئيس الأمريكي تخفيضات هائلة في ميزانية المساعدات الخارجية، بذريعة مكافحة الهدر والبرامج التي تعزز التنوع والمساواة والشمول، ومن ذلك وقف المساعدات الموجهة إلى بلدان فقيرة كاليمن وأفغانستان.
صورة من: Roberto Schmidt/AFP/Getty Images
مناهضة الأقليات الجنسية
خلال حملته الانتخابية، وعد ترامب بـ"وضع حدّ لـ"جنون التحوّل الجنسي". وأعلن في حفل تنصيبه أنه "اعتبارا من هذا اليوم ستكون السياسة الرسميّة لحكومة الولايات المتحدة الاعتراف بوجود جنسَين فقط؛ الذكر والأنثى". ووقّع لاحقا أوامر تنفيذيّة تمنع المتحوّلين جنسيا من الخدمة في الجيش أو ممارسة الرياضات النسائيّة.
صورة من: Andrew Caballero-Reynolds/AFP
مواجهة داعمي الفلسطينيين
دخلت إدارة ترامب في نزاع مع بعض الجامعات الكبري مثل هارفارد موجهة اتهامات لها بالتساهل مع "معاداة السامية" لسماحها بإقامة تظاهرات في الأحرام الجامعية، تنتقد إسرائيل على خلفية حرب غزة، وبدأت إجراءات ترحيل طلبة فلسطينيين أو مؤيدين للفلسطينيين للتهم ذاتها، وتعد قضية محمود خليل ومحسن مهداوي من أبرز هذه القضايا، إذ استندت واشطنن على بند قانوني غامض يتيح ترحيل من "يهددون السياسة الخارجية الأمريكية".
صورة من: Ben Curtis/AP/dpa/picture alliance
تقليض حجم القطاع الحكومي
أوكل ترامب لصديقه الميلياردير إيلون ماسك الإشراف على هيئة مستحدثة مهمتها خفض التكاليف الفدرالية وتقليص حجم القطاع الحكومي. من أكبر ضحايا هذه السياسة كانت مؤسسات إعلامية كمؤسسة "صوت أمريكا" وشبكة "الشرق الأوسط للإرسال" التي سرحت جل موظفيها، ما أثار مخاوف كبيرة من استغلال روسيا والصين للوضع بحكم أن هذه المؤسسات موجهة للخارج.