لعله من نافلة القول أنه بفقدان العين لا يفقد الإنسان بصره فحسب، بل وأيضا جزءا من مظهره الخارجي. لكن إلى جانب الجهود العلمية لإيجاد حلول تعيد للإنسان بصره المفقود، سارت جهود موازية لإيجاد حلول لإعادة مظهر الإنسان الذي فقد عينه إلى ما كان عليه: إنها صناعة العيون الزجاجية، التي تتميز بها ألمانيا منذ عقود طويلة.

صناعة ألمانية قديمة/ جديدة

صناعة العيون الزجاجية ليست حديثة العهد ولكنها قديمة تطورت مع مرور الزمن. وفي مقابلة مع موقعنا قال فولفغانغ تريستر صاحب مشغل صناعة العيون الزجاجية الذي أسس في مدينة كولن غرب ألمانيا منذ 1923: "إن أفضل العيون الزجاجية في العالم تأتي من ألمانيا". ورغم اعتراف تريستر بأن الفرنسيين كانوا أول من طور هذه الصناعة في أوروبا في القرن الثامن عشر، إلا أنه يوضح أن الألمان تلقوا هذه الصناعة في منطقة تورينغين وطوروها هناك إلى درجة تفوقوا بها على الفرنسيين. واستطاع الألمان في بداية القرن الماضي أن يسيطروا على هذه الصناعة عالميا، حيث توجه الخبراء الألمان آنذاك إلى شتى أنحاء العالم لتركيب هذه العيون. ومع الحرب العالمية الأولى وما رافقها من فقدان الكثيرين لعيونهم زاد الطلب بشكل كبير على مشاغل العيون الزجاجية في ألمانيا، وهو الأمر الذي ساعد هذه المشاغل على تطوير صناعتها بشكل أفضل.

أسباب عديدة تسبب فقأ العين

إلا أن الحروب ليست السبب الوحيد الذي يؤدي إلى فقدان الناس لعيونهم، ويقول فوفلغانغ تريستر إن الكثير من الناس تفقأ عيونهم أثناء العمل كما أن لعب الأطفال يمكن أن يؤدي إلى ذلك أيضا. فضلا عن ذلك تمر على تريستر حالات غريبة لفقأ العيون كأن يكون أحدهم في سوق للمواد الغذائية وتنفجر زجاجة مياه معدنية في يده فجأة، أو أن تفقأ عين آخر وهو في مدينة الملاهي مستمتعا بلعبة قطار الموت في المدينة الترفيهية بسبب زيادة ضغط الدم في منطقة الرأس.

مظهر جمالي وليس للإبصار

ومن الأخطاء الشائعة عند الناس حول العيون الزجاجية تصور أنها عبارة عن كرات من الزجاج والحقيقة هي أنها ليست كروية وإنما على شكل قشرة توضع في منطقة العين ويمكن أن تركب على كرة إذا أزيلت العين المفقوئة بالكامل، كما أن البعض يظن أنه يمكن الإبصار من خلال العين الزجاجية، والصواب هو أن العين الزجاجية لا تصلح للإبصار، ولكن العلماء يعملون على تطور عيون اصطناعية يمكن أن تعيد لمن فقد عينه القدرة على الإبصار.

يذكر أن صناعة العيون الزجاجية تطورت إلى الحد الذي أصبح معه المرء لا يلاحظ إن البعض لديهم عيون زجاجية، فمثلا هناك الكثيرين الذين لا يعرفون أن شخصيات شهيرة، مثل رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون أو الممثل الأمريكي الشهير بيتر فالك الذي مثل شخصية المحقق كولومبو، لديهم عيون زجاجية متقنة الصنع.