لا تعود الأزياء والموديلات الكلاسيكية وحدها للرواج، وإنما الفلسفة والأفكار أيضا يمكن أن تعود بعد رحيل أصحابها. إذ تشهد بريطانيا إعادة إحياء لأفكار مؤسس الشيوعية كارل ماركس بعد مررو أكثر من قرنين على رحيله.
إعلان
أن تعود بضاعة أو موديل ما من الألبسة أو قصات الشعر إلى الرواج من جديد بعد مضي عقود عليها ونسيانها، ليس بالأمر النادر، لكن الغريب هو عودة أفكار وفلسفة كارل ماركس الشيوعية بعد وفاته بأكثر من قرنين وانهيار الأنظمة الشيوعية في شرق أوروبا، إلى الرواج في بريطانيا حيث أعرق ملكيات أوروبا ومهد الثورة الصناعية والرأسمالية. وقال وزير المالية في حكومة الظل التي شكلها حزب العمال البريطاني اليوم الإثنين (28 أيلول/ سبتمبر) إن الحزب المعارض سيجبر الشركات متعددة الجنسيات مثل ستاربكس وغوغل على دفع "نصيبها العادل من الضرائب" ضمن خطة لإصلاح المالية العامة للبلاد.
وقال جون ماكدونيل في كلمة أمام المؤتمر السنوي للحزب في برايتون بجنوب انكلترا "سنجبر أناسا مثل ستاربكس وفودافون وأمازون وغوغل والآخرين جميعا على دفع نصيبهم العادل من الضرائب." وأضاف أن حزب العمال إذا فاز بالسلطة سيطلق "رؤية راديكالية" للمؤسسات الوطنية التي تدير الاقتصاد ومن بينها بنك انكلترا المركزي وسيرغم الشركات متعددة الجنسيات على دفع "حصتها العادلة من الضرائب" للمساعدة في إصلاح المالية العامة.
الحركة العمالية: محطات نضالية وتاريخ لا ينسى!
ماذا بقي من الحركة العمالية التي بدأت في القرن التاسع عشر، وكيف تطورت النقابات وثقافة النضال والاحتجاج عبر التاريخ؟ هذه الأسئلة وغيرها تعكسها الصور التالية من معرض خاص نظم حول هذا الموضوع في مدينة مانهايم الألمانية.
صورة من: Archiv Preußischer Kulturbesitz
ملصق انتخابي للحزب الاشتراكي الديمقراطي
حصلت المرأة على حق التصويت لأول مرة عام 1918، وفي 1919 شاركت لأول مرة في الانتخابات، حيث انتخبت ماري يوشاتس كأول نائبة برلمانية من الحزب الاشتراكي الديموقراطي. وبعد الحرب العالمية الثانية زاد تأثير كارل ماركس على الحزب، وكان الهدف الابتعاد عن الخيار الرأسمالي.
صورة من: jew.:FES
معرض "من الظلام إلى النور"
نظم متحف "تيكنوموزيوم" في مانهايم الألمانية معرضا يعيد رسم ملامح المحطات الأساسية لتطور الحركة النقابية. الصورة التالية تظهر إضراب عاملات الصلب والمعادن في برلين خلال خريف عام 1930، وكان ذلك آخر إضراب كبير في ألمانيا قبل استيلاء النازيين على السلطة.
صورة من: Archiv Preußischer Kulturbesitz
1863: ميلاد الحركة العمالية
في الثالث والعشرين من مايو/ أيار 1863 تم تأسيس الاتحاد العام لعمال ألمانيا (ADAV) في مدينة لايبزيغ، وكان ذلك أول حزب عمالي في تاريخ البلاد، وعُين على رأسه رجل القانون فرديناند لاسال. ووجدت الحركة الاجتماعية والنقابية بمختلف مشاربها في المولود الجديد أداة للتعبير السياسي عن طموحاتها.
صورة من: IISH Amsterdam
1879: دور المرأة في الحركة الاشتراكية
في عام 1879 ظهر كتاب "المرأة والاشتراكية" لمؤلفه أوغست بيبل، والذي عرف نجاحا كبيرا وأصبح في تلك الفترة الكتاب الأكثر انتشارا لدى الحركة العمالية. طبع الكتاب 52 مرة قبل وفاة المؤلف، الذي طالب بمساواة كاملة بين الرجل والمرأة، واعتبر أن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلى في ظل الاشتراكية.
صورة من: TECHNOSEUM
1900: إنشاء الأندية الرياضية العمالية
دأبت أولى الجمعيات الثقافية العمالية منذ البداية على تثقيف العقل والجسم في الوقت نفسه، وفي عام 1921 بلور النادي النسوي لغيرا اونتامهاوس شعارا اشتهر في العشرينيات من القرن الماضي وهو "تعالوا للتمرين البدني".
صورة من: Stadtgeschichtliches Museum Leipzig
1900: كرونومتر العامل والتميز الاجتماعي
في الواجهة الأمامية من ساعة الجيب كُتبت عبارة "عمال العالم اتحدوا للدفاع عن حقوقكم"، وفي الواجهة الخلفية "نطالب بثماني ساعات للعمل، وثماني للتكوين وثماني للراحة". وكانت ساعة الجيب من رموز التميز الاجتماعي للعمال.
صورة من: DASA Dortmund
1904: الكفاح من أجل يوم عمل من عشر ساعات
في عام 1904 ناضل عمال النسيج في كريميتشاو من أجل يوم عمل لا يتعدى عشر ساعات، إضراب لعبت فيه المرأة دورا رئيسيا وشارك فيه ثمانية ألف مُضرب عن العمل.
صورة من: IISH Amsterdam
1933: جبهة العمل الألمانية
عوضت "جبهة العمل الألمانية (DAF) النقابات التي ُحلَت في مايو/ أيار 1933، وضمت العمال وأرباب العمل في الوقت نفسه، وجعلت النازية تخترق المجال الاقتصادي أيضا.
صورة من: TECHNOSEUM
ملصقات من شرق وغرب ألمانيا
"متى نسير جنبا إلى جنب؟"، لم يكد عمال ألمانيا الشرقية يكسرون أغلال النازية، حتى احتواهم النظام الستاليني. أما في الغرب فكان العمال يطالبون بتقاسم ثمار "المعجزة الاقتصادية". وفي عام 1955 بدأت حملة تقليص العمل الأسبوعي، وهو ما تحقق بالفعل عام 1964.
صورة من: Bergbaumuseum Oelsnitz/FES
2011: ثقافة الاحتجاج اليوم
ولا يزال العمال يناضلون إلى اليوم من أجل حقوقهم. في ربيع 2011، طالبت القوى العاملة في أحد مصانع مجموعة KBA لصناعة آلات الطباعة، بـ "عقد اجتماعي جديد". وبعد أسابيع تمكنت من تحقيق هدفها، ما يدل أن الإضراب لا يزال أداة فعالة لتحقيق المطالب العمالية.
صورة من: TECHNOSEUM
10 صورة1 | 10
وقال جون مكدونيل إن أفكار كارل ماركس، مؤسس الفلسفة الشيوعية وأحد مؤلفي كتيب (بيان الحزب الشيوعي) مع صديقه فريدريش انغلز، راجت من جديد، إذ أنها تتيح طريقة حاسمة لتحليل الأسس الرأسمالية في الاقتصاد الغربي الحديث.
وأضاف مكدونيل اليساري المتشدد الذي يؤيد إعادة تأميم البنوك وفرض ضرائب على الثروات لراديو هيئة الإذاعة البريطانية "إذا نظرتم إلى أغلب المؤسسات التي تقوم بتدريس الاقتصاد اليوم سترون أن ماركس عاد للرواج من جديد لأن الناس عادوا لاستخدام تحليله لأساسيات كيفية عمل النظام... إذا نظرتم إلى نظامنا الرأسمالي سترون أن ماركس فعليا هو أحد المحللين الحاسمين لكيفية عمله - ليس ما إذا كان مستهجنا أو صحيحا أو خاطئا بل فقط آليات عمله ومتى تشكل لأول مرة وكيف يمكن تطويره."
وبعد فوز جيريمي كوربين بزعامة حزب العمال وقع اختياره على النقابي العمالي السابق مكدونيل ليصبح وزير ماليته المنتظر في حالة فوزه برئاسة وزراء بريطانيا في الانتخابات.