1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أفلام الرقص و"البلطجة"..ترفيه أم تسفيه للمصريين؟

وفاء البدري١٨ أكتوبر ٢٠١٣

جدل دائر في مصر بين حملات ضد بعض أفلام العيد بحجة أنها تشوه الشخصية المصرية من خلال إقحام دور الراقصة والبلطجي وكأنها شخصيات أساسية في المجتمع المصري، وأخرى ترى في هذا النوع من الأفلام وسيلة للترفيه وانعكاس لثقافة سائدة.

Screenshot der ägyptischen Facebookseite "Boykott unmoralischer Filme". Die Facebookseite gehört zu einer Aktion gegen als unmoralische geltende Filme in Ägypten.

تنافس محموم علي شباك التذاكر بين ثمانية أفلام في دور العرض في ظل الأحداث السياسية؛ اربعة أفلام أنتجت خصيصا للعرض في عيد الأضحى وهي "هاتولي راجل" و" عش البلبل" و" القشاش" و" 8 %"، انضمت إلي قائمة من اربعة أفلام أخرى لم تكن قد حظيت بمشاهدة كبيرة خلال عيد الفطر الماضي بسبب الاضطرابات السياسية في مصر آنذاك، وهي "كلبي دليلي" و" نظرية عمتي" و" البرنسيسة " وأشهرها فيلم " قلب الأسد " للفنان محمد رمضان.

وبالرغم من أن التنافس بين هذه الأفلام مادياً إلا أن نقاشا آخر يدور حول مضمون الأفلام الثمانية، والتي تحمل قاسما مشتركا وهو تركيزها بصفة رئيسة على الأغنية الشعبية والرقص، وهو ما يعتبره البعض تشويهاً للشخصية المصرية. وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حملات لمقاطعة هذه الأفلام التي وصفت بـ"المسفة"، رافعة شعار "مصر ليست راقصة وبلطجي".

تشويه الشخصية المصرية

وتقول مها جعفر، وهي أستاذة بكلية الطب جامعة القاهرة ومنسقة إحدى الحملات المقاطعة لتلك الأفلام على مواقع التواصل الاجتماعي، إنها بدأت تلك الحملة مباشرة بعد مشاهدتها للإعلانات الترويجية لتلك الأفلام على التلفزيون وشعرت "بذعر حقيقي لما تحمله الأفلام من ألفاظ بذيئة ومشاهد إباحية".

شباب يقلدون نجوم الأفلام التي تتناول "البلطجة" (الصورة من حملة مقاطعة أفلام العيد على الفيسبوك)

وتضيف جعفر لـ DWعربية "لقد وجدت أن أبني ذو العشر سنوات يحاول تقليد بعض الحركات والألفاظ من تلك الأفلام فقررت أن أخذ موقفاً ايجابياً وبدأت الحملة لمقاطعتها خاصة وأنها بعد بضعة أشهر تدخل إلى بيوتنا مغصوبين عليها لأنها تعرض في القنوات الفضائية المتخصصة في الدراما".

كما تؤكد أن هذه الأفلام لا تعبر عن مصر وحتى لو وُجِدت تلك الشخصيات في العشوائيات فإبرازها فقط دون غيرها يعد تشويهاً للشخصية المصرية وخاصة أمام العالم الخارجي، وتتابع " على الفن أن يجد حلولا في الأفلام وليس فقط إبراز تلك الشخصيات بفجاجة واستخدام ألفاظ إباحية فهذا ليس فناً لأنه يصيب الناس بالإحباط واليأس".

وتقارن جعفر أفلام العيد بأفلام خالد يوسف التي أبرزت شخصيات مصرية من واقع العشوائيات قائلة إن يوسف استخدمها بطريقة هادفة وصنع قضية من الفيلم، أما أفلام العيد فهي لمجرد الإثارة: " مصر لها جانبا مشرقا لماذا نركز فقط على القبح فيها ونبرزه ؟". وتشير إلى أن هذا بسبب منتجي الأفلام الذين يسعون فقط إلى جمع المال حتى لو كان ذلك على حساب تحطيم الذوق العام للجمهور.

أفلام العيد واقعية

وعلى الجانب الأخر يقول محمود المنفلوطي ( 27 عاما) من سكان منطقة إمبابة بالقاهرة وهي منطقة شعبية، يرى أن تلك الأفلام وتلك الشخصيات هي حقيقية ومن واقع الحارة المصرية. وقال المنفلوطي لـ DWعربية "إنه يحب أن يذهب إلى السينما في العيد لأن تلك الأفلام التي فيها رقص وأغاني تشعره بالفرحة". ويعتبر أن تلك الأفلام هي المتنفس الوحيد للناس للخروج في العيد، وأن فناني هذه الأفلام من نجوم الصف الثاني يجدون هذه فرصة للعمل خاصة بعد وجود أزمة في السينما بسبب تسريب الأفلام على شبكة الانترنت، وعرضها على الفضائيات. لذا يرى أن هذه الأفلام ذات منفعة مزدوجة للمشاهد والفنان.

وقال المنفلوطي " فيلم حين ميسرة كان يجسد شخصيات مصرية شعبية وشارك في صنع الثورة في مصر، فيجب إعطاء الفرصة للفنانين أن يجسدوا تلك الشخصيات من واقع الشارع المصري والتي يرى فيها الناس أنفسهم". وأشار إلى أن المصريين يجب أن يواجهوا أنفسهم بالحقيقة.

نسبة مشاهدة عالية

ويتفق المعارضون والمؤيدون لهذه الأفلام على أنها تحقق نسب مشاهدة عالية. في هذا السياق يقول معتز البطاوي أنه أحيانا يحب مشاهدة الأغنيات والرقص في تلك الأفلام بغض النظر عن مضمون أو قصة الفيلم "على سبيل المثال أغنية لوديع الصافي لم تحصل على أكثر من 30 ألف مشاهدة على اليوتيوب في سنة بينما حصلت نفس الأغنية مقترنة برقصة شعبية علي 2 مليون مشاهدة في أسبوعين مما يدل على أن الكثير من المصريين يحبون هذا الأداء حتى لو لم يشاهدوا الفيلم".

وتعتبر حنان الخولي أن تلك الأفلام نتيجة واضحة "لانفلات الأخلاق بالمجتمع"، وتحقق نسبة مشاهدة عالية نظرا لأنها تقدم للمراهقين حلا سهلا ليكونوا قادرين على الانخراط في مجموعات ذات قوة وهي مجموعات البلطجة والتحرش والتي لا تحتاج إلا لسلاح ابيض و ألفاظ بذيئة، حسب تعبيرها.

"لدينا بقالين وليس منتجين"

من جانبه يعتقد الكاتب مؤمن المحمدي أن السينما فيها مبالغات في القصص المقدمة، لكنها لا تساهم في خلق الواقع. ويدلل على ذلك بأن الكثيرين شاهدوا فيلم الرعب "المنشار" لكنهم لم يخرجوا إلى الشوارع لاختطاف ضحايا وتقطيعهم.

الكاتب مؤمن المحمديصورة من: DW/Eltoukhy

ويقول المحمديلـ DW عربية "إن المشكلة الأكبر هي افتقارنا لمنتجين حقيقيين، فلدينا بقالين. وهذا هو التوصيف الدقيق لهذا النوع من السينما، فالمنتج يأتي بسلعة مرغوب فيها ويقدمها للمستهلك. هو ينتج فقط ما يلبي حاجة الناس، وهذا هو ما تقدمه أفلام الأعياد من رقص وغناء".

ويشير المحمدي إلى أن هناك "أزمة حقيقية في السينما كما هي الأزمة في كل شيء في مصر الآن" وأن عدم انفتاح سوق السينما يمنع بعض الكتاب من تقديم أعمال مميزة فتقتصر الأعمال المقدمة علي منتجين بعينهم، وهم المتحكمون بصناعة السينما. ويرى أنه لو أنفتح سوق السينما أكثر لكان لنفس الكتاب الفرصة في تقديم أعمال أفضل.

وعن حملات مقاطعة هذه الأفلام يقول "إنها بلا جدوى وغير مفهومة" متسائلا "كيف سيتم مقاطعة الأفلام؟ وما هي الآليات؟ وكيف تقنع فئة من الشباب ألا يذهبوا للسينما لرؤية أفلام تمثلهم وتقدم نماذج تشبههم ؟ هذا أمر صعب".

"السينما المستقلة هي الحل"

المخرج السينمائي إسلام بلال يعتقد أنه من الضروري تقديم نماذج سينما تجارية وترفيهية لاستمرار عجلة الإنتاج في صناعة السينما، ويضيف "لكن المقصود بالترفيه هنا هو عدم الإسفاف وعدم استخدام السينما كمصنع لتزييف الوعي لمجرد الحصول على مصدر سريع لاستعادة تكاليف الإنتاج". ويشير بلال في حوار مع DWعربية إلى أن صناع السينما في مصر أصبح أكثر ما يهمهم هو الإيرادات بصرف النظر عن القيمة الإنسانية حتى لو جاء ذلك تشويهاً للشخصية المصرية ولثقافة جيل. ويعتبر بلال، وهو مخرج أفلام مستقلة، أن" سبب الهبوط الفكري الموجود في السينما حالياً هم الكتاب والفنانون وليس المنتجين، فالمنتج لا يجبر الفنان على التمثيل فيها". ويصف بلال الأفلام التي تحشر أدوار الراقصة والبلطجي فيها بـ"أفلام الكباريهات"، ويقول "حاول البعض وأعتقد أنهم نجحوا في أن يجعلوا السينما مجرد ملهى ليلي وليس منبراً ثقافياً". ويستطرد بالقول إن الراقصة والبلطجي ليست شخصيات مقحمة حديثاً في السينما المصرية، مؤكدا أنها موجودة منذ أفلام الثلاثينات، لكن ـ والكلام ما يزال لبلال ـ ما يحدث في السنوات الأخيرة هو تقديم تلك الشخصيات برؤية مختلفة تماماً لها علاقة مباشرة بشباك التذاكر وليس لأهميتها في الفيلم. ويقول"حتى الأفلام التجارية لابد وأن تكون معتدلة أما بعض أفلام العيد ففيها مبالغة في الطبخة التجارية". ويري إسلام بلال أن الحل الآن هو في إنتاج مزيد من الأفلام المستقلة للخروج من عباءة المنتجين وغيرهم من محتكري السينما وصناعتها في مصر.

المخرج إسلام بلالصورة من: privat
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW