1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أكاديمية برلين تدمج الفنانين اللاجئين في عالم الفن الألماني

٣٠ سبتمبر ٢٠١٧

تحتضن أكاديمية برلين للفنون اللاجئين الفنانين المتخرجين بأوطانهم والراغبين بمواصلة مشوارهم الفني بألمانيا، لتأهيلهم وإدماجهم بمجالاتهم المتنوعة: كالموسيقى والتمثيل والإخراج التلفزيوني والمسرحي. DW عربية زارت الأكاديمية.

Deutschland Migration Shahnaz Saleem
صورة من: DW/C. Chebbi

تعد أكاديمية برلين للفنون من أعرق الجامعات الألمانية والأوروبية فقد تأسست في نهاية القرن السابع عشر، وأضحت منذ ذلك الحين قبلة لطلاب الفنون. إدارة الأكاديمية باءت إلا أن تنفتح على الوافدين الجدد، فسارعت -بدعم من الاتحاد الأوروبي- إلى فتح دورات تكوينية لفنانين من اللاجئين حتى تمكنهم من الاندماج السريع في عالم الفن الألماني.

أرضية تتيح للفنان السوري فرصة الإبداع

 " تفضلوا بالدخول"، كانت أول الكلمات التي داعبت مسامعي حينما وددت بالدخول إلى قاعة التدريس. ما أن وطأت قدماي القاعة حتى رأيت على يساري ثلة من الطلبة جالسين على حافة طاولتين طويلتين وُضعتا طولا وعرضا. وعلى الجهة المقابلة يجلس أستاذ على كرسي متحدثا عن ثقافة بابوا غينيا الجديدة. لم يعبأ الأستاذ بوجودنا مواصلا في حديثه عن ميزة ثقافة الشعب البدائي.

لقد كان رواد الحصة من طالبات وطلاب ينظرون إلى أستاذهم بشغف لكن بأريحية كبيرة. يصمتون حينا ويضحكون حينا آخر. وكان نسق التدريس يجري بكل أريحية.

"يتعلق الأمر هنا بدروس تقدمها أكاديمية الفنون ببرلين بالتعاون مع  "كريير كوليج"  لفنانين من اللاجئين"، هكذا أجابتنا السيدة كاثرين روش المعنية بالقسم الإعلامي في هذا المشروع الفتي. وتضيف السيدة روش في مجرى حديثها أن هذا المشروع بُعِثَ إلى الحياة في  شهر نوفمبر من السنة المنصرمة بدعم مالي من الاتحاد الأوربي، من أجل مواصلة تأهيل وتكوين الفنانين من الوافدين الجدد المتخرجين في أوطانهم، مضيفة أن المشروع  مفتوح لكل الفنانين اللاجئين المهنيين في مختلف المجالات الفنية التواجدون في المدينة والراغبين في مواصلة مشوارهم الفني في ألمانيا.

تعد أكاديمية برلين للفنون من أعرق الجامعات الألمانية والأوروبية فقد تأسست في نهاية القرن السابع عشرصورة من: DW/C. Chebbi

 وتابعت السيدة روش تقول إن  "المجموعة التي تزور دورات التكوين لا تتكون من السوريين فحسب، بل تجد فنانين آخرين جاؤوا من إيران وأفغانستان". وبالرغم من التنوع وثراء المجموعة فنيا نظرا لاحتوائها على ثقافات أخرى، إلا أن المجموعة السورية تمثل الأغلبية، وهو أيضاً ما لاحظتُهُ في فضاء القاعة من خلال موسيقى وعذوبة اللهجة السورية التي كانت حاضرة بقوة، ليس من خلال الحوارات الجانبية والفذلكة بين الفنانين السوريين فقط، بل أيضا من خلال مترجم سوري شاب جُلِبَ لهذا الغرض. لقد كان المترجم يترجم ما يقوله الأستاذ من الألمانية إلى العربية بدقة متناهية لم تفته أية صغيرة أو كبيرة إلا وذكرها في ترجماته.

إقبال سوري على دورات التكوين

غالبية الحاضرين في حصة نهار اليوم من السورين من عالم الموسيقى على غرار الشاب رافي غزاني، ذي الأب الفلسطيني والأم السورية. رافي شاب موسيقي مولع بالموسيقى العصرية  له أعمال فنية قبل مجيئه إلى ألمانيا من اليمن قبل أشهر. "لقد نالت دورات التكوين الفني في الأكاديمية إعجابي. أرى فرصة هامة للتعرف على الموسيقى العصرية  في عقر دارها، كما أن  تلاقح الحضارات أمر جيد يجب الاعتناء به  والاستفادة منه".

وهذا ليس بالأمر الغريب لفنان مثل رافي . فقد قام هذا الأخير  في إنتاجياته الموسيقية بمزج موسيقاه بالموسيقى الكردية والبربرية والغربية. ويرى في مزجها سر نجاح أعماله الفنية. كما أن تعطشه وحبه لكل ما هو جديد جعلاه يدخل أكاديمية برلين للفنون من بابها الواسع  للاحتكاك بأفكار جديدة، كما يقول.

يتحدث إلى DW عربية والسيجارة التي قام ببرمها لم تفارق إصبعيه: " أنا متفتح على الثقافات الأخرى، وغايتي من المشاركة في هذه الدورات التعرف على دواليب الموسيقى العصرية ووضع قدمي في المجال الموسيقي الألماني والتعرف على  موسيقيين ألمان"، يقول رافي ذلك ويده اليمنى تداعب لحيته السوداء الكثيفة التي كادت تغطي كل ملامح وجهه.

وكغيره من الفنانين الآخرين من المشاركين في الدروس التكوينية يتمتع رافي بحرية الحوار والتعبير التي يرى فيها أساس الابتكار والإبداع في مختلف الفنون ومضى يقول: "طريقة التدريس هنا أعجبتني كثيرا ليس هنالك شدة ولا "غلاظه" من قبل الأستاذ بل أجواء التدريس مريحة تجعلك مرتاحا في تلقي المعلومات". الدروس التي تقدم هنا هي عبارة عن تبادل التجارب والحوارات بين مختلف المشاركين. ليس هنالك علاقة مدرس وطالب بل يتم اعتبار المشاركين فنانين مهنيين ذوي تجارب عملية في أوطانهم.

سوريون يحلمون بنجاحات كبيرة في عالم الفن الألماني

أخذت السيدة أفلين دبرزالسكي على عاتقها التنسيق بين الفنانين من الوافدين الجدد وطاقم التدريس الذي يسهر على تقديم تجارب نظرية وأخرى  تطبيقية وتتابع السيدة دبرزالسكي في مسار كلامها تقول لـ DW  عربية: "نحن نحتضن هنا فنانين مهنيين من أجل إعطائهم أدوات عمل جديدة تساعدهم في التعرف على اختصاصاتهم الفنية وهذا هو المميز في المشروع، "كما أن إدماج هؤلاء في حقولهم المتنوعة مثل الموسيقى والتمثيل والإخراج التلفزي أو المسرحي يعد من أولويات أهداف المشروع.

 أما المميز في المشروع هو أن الأكاديمية تقدم فضاء لهؤلاء حتى يتمكنوا من مواصلة مسارهم الفني". وتضيف السيدة دبرزالسكي -ذات الأصول البولندية- بروح مرحة حول تفاعل المشاركين في خضم هذا البرنامج الخاص أن "هذا البرنامج يلقى حماسا من قبل المشاركين الذين يستفيدون استفادة كبيرة من خلال المعلومات والتجارب التي يحصلون عليها بدعم من قبل فنانين ألمان".

هذا ما أكدته لـ DW  عربية الممثلة السورية شهناز سليم حيث تقول: "لا شك ان الحصص التي نحصل عليها هنا مفيدة جدا فنحن نتعرف على تجارب الآخرين"، ثم استرسلت تتحدث: "برنامج المشروع لا يقتصر على التدريس فحسب بل يتعدى ذلك بكثير، يقدم المشاركون تجاربهم العملية في هذه القاعة وفي فضاء الأكاديمية عموما مثل الشابة السورية شهناز التي سبق لها أن قامت بأعمال فنية مهنية في المسرح السوري والإنتاج التلفزي في وطنها. تقيم الشابة السورية في برلين منذ وقت قصير بعد أن حصلت على تأشيرة دخول إلى ألمانيا فارة من الوضع الأمني المزري الذي لا يسمح للفنان بالإبداع.

رافي (والده فلسطيني ووالدته سورية) مولع بالموسيقى العصرية وله أعمال موسيقية قبل مجيئه إلى ألمانيا من اليمن قبل أشهر.صورة من: Privat

تقص شهناز على DW  عربية تجاربها في سوريا بفخر واعتزاز وهي المرأة العربية التي غزت أعمالها التلفزية أقطارا في العالم العربي. وتقول الفنانة المسرحية إنها سعيدة بهذه الدورات التكوينية التي هي في واقع الأمر أرضية أولية للتعرف على  تاريخ وحاضر الفن المسرحي الألماني، وتضيف: "يتم معاملتنا هنا كفنانين مهنيين وليس كطلبة لتلقي العلم. الشيء الذي نال إعجابي هو جسر التعارف مع التعرف  على فنانين من مختلف المشارب الفنية. لقدتمكنت من التعرف على ثلة من خيرة الممثلين الألمان عبر هذا المشروع". فقد تمكن المشاركون من التعرف والحديث مع فنانين ألمان.

تريد المسرحية  السورية ذات التجارب العملية في مختلف المجالات الفنية المسرحية والتلفزية وضع قدمها فبصمتها في عالم المسرح الألماني عبر إضافتها للون السوري والعربي في الإنتاج المسرحي الألماني. والدورات التي تزورها في الأكاديمية بانتظام، كما تقول، "تعطيني نفسا جديدا للانطلاق في عالم الفن في بلاد الغربة التي لا تزال بالنسبة لي عالما جديدا لا يعرف القيود". وترى شهناز أن الحرية التي تعيشها وتتمتع بها  في مرحلتها الجديدة أمرا ضروريا من أجل الابتكار والإبداع الفني.

 

شكري الشابي – برلين

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW