أكاديميون يطلقون مبادرة لربط جسور بين لاجئين وهيئات ألمانية
محي الدين حسين
٢ أكتوبر ٢٠١٨
يقوم باحثون سوريون شبان بمبادرة لتسهيل التعاون بين لاجئين وصلوا حديثا إلى ألمانيا وهيئات علمية ألمانية. المبادرة تهدف إلى "ردم الهوة" بين معارف الباحثين المهاجرين والباحثين الألمان.
إعلان
بعد بداية الأزمة السورية، شعر الباحث الألماني-السوري هاني حرب والذين كان يعيش في ألمانيا بضرورة تأسيس كيان يجمع الباحثين السوريين في ألمانيا من أجل مساعدة الأكاديميين والطلاب السوريين الذين يلجأون إليها، ومن هنا بدأت فكرة الجمعية الألمانية السورية للبحث العملي، كما يقول حرب لمهاجر نيوز.
ورغم أن الجمعية بقيت فكرة لعدة سنوات، إلا أنها أصبحت حقيقة مع تسجيلها رسمياً في عام 2016، بعد لجوء أكثر من مليون لاجئ إلى ألمانيا، غالبيتهم سوريون.
يقول د. هاني حرب، أمين سر الجمعية وأحد مؤسسيها، لمهاجر نيوز إن هدفهم من تأسيس الجمعية هو المساهمة في إدماج الباحثين والأكاديميين السوريين بشكل خاص والعرب بشكل عام في المجتمع الألماني عن طريق البحث العلمي، ويضيف: "نسعى أيضاً لبناء شبكة علاقات بين الباحثين الألمان والسوريين من أجل الاستفادة من الخبرات الألمانية، بالإضافة إلى مساعدة الأكاديميين والطلاب السوريين اللاجئين على متابعة مشوارهم العلمي".
إقامة ورشات عمل وتأمين فرص تدريب
وتتضمن نشاطات الجمعية إقامة ورشات عمل للطلاب والأكاديميين من أجل تعليمهم كيفية كتابة رسائلهم البحثية في مراحل الدراسة الجامعية والماجستير والدكتوراه، بالإضافة إلى دورات للباحثين من أجل تطوير مهاراتهم، مثل دورات التكنولوجيا والبرمجة لخريجي الاختصاصات الطبية.
ولا يخفي د.حرب، والذي يعمل حاليا كباحث في جامعة هارفارد الأمريكية، أن هناك "هوة كبيرة" بين معارف الباحثين الأوروبيين والباحثين الذين جاؤوا من البلدان العربية والشرق الأوسط، ويتابع: "نسعى إلى ردم أو تقليص هذه الهوة بين الباحثين الأوروبيين والباحثين السوريين والعرب لتزيد فرصهم في دخول المجال الأكاديمي في أوروبا بشكل عام وألمانيا بشكل خاص".
وتسعى الجمعية لتأهيل الأكاديميين والطلاب السوريين والعرب من أجل مساعدتهم في الحصول على فرص عمل في ألمانيا، حيث تخطط لبدء سلسلة من اللقاءات عن طريق الانترنيت حول كيفية كتابة السيرة الذاتية أو كيفية التحضير لمقابلات العمل.
ويشير د. حرب، صاحب براءتين للاختراع حول أدوية معالجة للربو، إلى أن الجمعية تتواصل مع الباحثين الألمان من أجل تأمين فرص تدريب عندهم للباحثين اللاجئين، ويضيف: "هناك بروفيسوران في جامعة غيسن وواحد في ماربورغ وواحد في روستوك –على سبيل المثال- أبدوا استعدادهم لتدريب باحثين لاجئين لمدة ثلاثة أشهر، وهذا ما قد يشكل خطوة مهمة لهم لدخول مراكز البحث العملي". برنامج أوروبي لدعم الباحثين اللاجئين
وأحد المشاريع "المهمة" بالنسبة للجمعية -كما يقول الباحث صاحب 24 بحث علميّ منشور- هو المشاركة في برنامج أوروبي مشترك بين عشر جامعات أوروبية من أجل دعم الباحثين اللاجئين والقادمين من عدة دول هي سوريا والعراق وتركيا وإيران وأفغانستان، لإعادة تأهليهم في مؤسسات بحثية في أوروبا. ويوضح حرب: "نحن الجمعية الوحيدة في هذا المشروع (بريدج2) ومهمتنا هي الوصول إلى الباحثين القادمين من هذه الدول وتقديم برامج تأهيلية لهم عن طريق الباحثين في الجمعية"، مشيراً إلى أن هناك 40 باحثاً في الجمعية من تخصصات علمية مختلفة.
ورغم أن الجمعية تركز في عملها حالياً على المجالات الطبية، إلا أنها تخطط لتوسيع نطاق نشاطها ليشمل الهندسة والعلوم الإنسانية والاجتماعية أيضاً، بحسب حرب، حيث تخطط حالياً لعقد سلسلة من ورشات العمل حول الهندسة المدنية وهندسة العمارة "من أجل توضيح الفرق بين فن العمارة والبناء بين البلدان التي أتي منها المهندسون وألمانيا".
ويؤكّد حرب على أن جميع ورشات العمل التي ينظمونها مجانية، كما أن جميع المحاضرين أو المدربين متطوّعون، مشيراً إلى أن الشرح في غالبية ورشات العمل يكون باللغة الإنكليزية، وهو ما قد يزيل عائق اللغة أمام الباحثين الذين لا يتقنون الألمانية بعد، كما يقول.
"مشروع من السوريين للسوريين"
أما "المشروع الأكبر" بالنسبة للجمعية، على حد تعبير الباحث الذي يعمل في مشفى بوسطن في أمريكا، هو السعي لتقديم منحة من قبل الباحثين السوريين والمهاجرين القدماء الذين يعيشون في ألمانيا إلى طلاب سوريين لمتابعة دراستهم الجامعية أو دراسة الماجستير والدكتوراه.
يقول حرب: "هذه المنحة قيد التطوير ونرجو أن نستطيع البدء بها مع نهاية العام القادم"، مشيراً إلى أن فكرة هذه المنحة ظهرت في الأساس من بعض أعضاء الجمعية الذين قدموا إلى ألمانيا عن طريق منحة من هيئة التبادل العلمي في ألمانيا، والذين يتبرعون شهرياً بمبلغ من المال من أجل تمويل هذه المنحة. لكن الباحث السوري يؤكّد على حاجة المنحة إلى المزيد من الدعم من قبل المهاجرين السوريين القدامى في ألمانيا وخاصة رجال الأعمال والفنانين.
ورغم أن الجمعية تموّل نشاطاتها عن طريق اشتراكات الأعضاء والتبرعات بشكل رئيسي، إلا أنها تسعى للحصول على الدعم من مؤسسات ألمانية. يقول د. حرب: "هناك عدة مؤسسات أبدت رغبة بالتعاون ولكن ليس لدينا فكرة حتى الآن فيما إذا كانت ستقدم دعماً مادياً لنا أم لا".
ويؤكّد الباحث السوري الألماني -الذي يعيش في أمريكا ويخطط للعودة إلى ألمانيا خلال سنتين- على سعيهم بأن تبقى جمعيتهم "مشروعاً مستداماً" من أجل دعم الباحثين السوريين، مشيراً إلى أنهم يرحّبون بكل شخص يريد المساعدة أو لديه أفكار جديدة من أجل تطوير الجمعية.
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش