ألتراس: مفتاح القضاء على أعمال الشغب في ملاعب بولندا
٢٤ مايو ٢٠١٢ قبل ست أسابيع من انطلاق بطولة كأس الأمم الأوروبية في الثامن من يونيو/ حزيران القادم، قرر القضاء البولندي إبعاد جمهور ليخ بوزنان عن نهائي كأس بولندا، حين استضاف الأخير فريق ليغيا وارسو. وعللت السلطات الأمنية قرارها هذا بتخوفها من مغبة حدوث أعمال شغب خلال اللقاء. بيد أن القرار ألغي قبل دقائق قليلة من انطلاق النهائي، بعد مفاوضات ماراتونية جمعت بين الفريقين والأجهزة الأمنية بحضور أندية المشجعين (ألتراس)، وعلى ضوئها التزم كل من ليخ بوزنان وليغيا وارسو كتابيا باحترام القوانين والحفاظ على "الأمن والهدوء خلال اللقاء".
وبالفعل، أجريت المباراة في ظروف مناسبة وتحت أنظار جمهور الفريقين. ولحسن الحظ لم تشهد الأحداث الدموية ذاتها التي عرفها نهائي الكأس الممتازة موسم 2011، حين هاجم الهولينغز أرض الملعب ودخلوا في مواجهات دامية مع رجال الشرطة، وهو ما أسفر عن جرح العشرات. وأدت تلك الأحداث إلى توجيه أصابع الاتهام إلى بولندا، باعتبار أنها غير جاهزة ولا تستحق من وجهة تنظيمية احتضان بطولة كأس الأمم الأوروبية (إلى جانب أوكرانيا).
وفي أول تحرك رسمي عقب الأحداث، أعلن الاتحاد البولندي لكرة القدم وضعه لخطة تهدف إلى مواجهة العنف وأعمال الشغب في الملاعب، وذلك بالتعاون مع حكومة رئيس الوزراء دونالد توسك.
وفي الأشهر القليلة الماضية تم تطوير تلك الخطوة، لتشمل إجراءات إضافية بما فيها تقديم ما بات يعرف بـ "بطاقة المشجعين" مرفقة بصور بيومترية كشرط للحصول على بطاقات حضور المباريات. كما تم تجهيز الملاعب بأنظمة مراقبة وكاميرات متطورة مع تعزيز عدد الطواقم الأمنية المكلفة بحراسة كل ملعب على حدة.
بيد أن جموع المشجعين سخرت من كل تلك الإجراءات، بل ومن باب السخرية باتت تطلق على ملعب وارسو الجديد اسم "ملعب غوانتانمو"، في إشارة للحل الأمني الذي لا يجدي نفعا من دون الاستعانة بأندية المشجعين، التي تسعى بدورها إلى القضاء على أعمال الشغب في الملاعب.
ولتأكيد صحة هذا الطرح، ساقت تلك الأندية أمثلة تبين نجاح التعاون المشترك بين ألتراس والأجهزة الأمنية. فبعد أن كان ملعب دانسينغ، على سبيل المثال، لا يفتح أبوابه سوى لسبعة آلاف متفرج فقط، شهدت مباراة أقيمت الصيف الماضي في ذات الملعب بعد ترميمه حضور ثلاثين ألف متفرج؛ والفضل في ذلك، من وجهة نظر أندية المشجعين، يعود بالأساس إلى الألتراس التي استطاعت استقطاب عناصر تميل إلى العنف، وفرض قاعدة "من يثير الشغب يبقى خارج الملعب".
الخطاب الرسمي
في المقابل رفضت الحكومة البولندية الاعتماد على الاستعانة بأندية الألتراس أثناء البطولة الأوروبية القادمة. وفي هذا الإطار صرح وزير الداخلية ياشيك شيشوكي أن جهاز الأمن "قادر على حماية سير كل مباراة"، فالأجهزة بمختلف فروعها في "حالة استنفار تام" أثناء البطولة.
وهذا ينطبق أيضا على الملاعب التي تم تجهيزها بنظام التعرف على الهوليغنز لمنعهم من الدخول إلى الملعب. كما أن البرلمان البولندي صادق على قانون لحظر بيع الكحول في الملاعب، وذلك بعدما أعلن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أن المدن الرياضية، التي ستحتضن بطولة كأس الأمم الأوروبية، ستبقى خالية من السجائر والمشروبات الكحولية.
لكن كل تلك التحضيرات المعلن عنها، تبقى عديمة الجدوى في ظل غياب أرشيف شامل لأسماء وصور الهوليغنز من الدول الأوروبية المشاركة في البطولة، إذ ما زالت السلطات البولندية تفتقد إلى برنامج كهذا يعزز من استعدادها لاستقبال الجمهور الأوروبي على أكمل وجه.
إيليزابتا ستاسيك/ وفاق بنكيران
مراجعة: أحمد حسو