في انتخابات ولاية براندنبورغ استغل حزب البديل من أجل ألمانيا - المصنف ببعض الولايات الألمانية كحزب يميني متطرف- البطالة والخوف من المهاجرين وأزمة الهوية في صفوف الشباب، الأمر الذي عزز حضوره في برلمانات ولايات شرق البلاد.
إعلان
بعد الانتصارات في الانتخابات الإقليمية في ولايتي تورينغن وساكسونيا، يواصل حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف تحقيق مكاسب قوية في شرق البلاد. ففي يوم الأحد (22 أيلول/سبتمبر 2024)، حقق حزب البديل من أجل ألمانيا وبفارق ضئيل عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي المركز الثاني في الانتخابات في ولاية براندنبورغ المحيطة بالعاصمة برلين.
وحصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو الحزب السياسي للمستشار أولاف شولتس، على ما يقرب من 31 % من مجموع الأصوات، مقارنةً بما يزيد قليلاً عن 29 % للحزب اليميني المتطرف.
وفي الانتخابات برزت ظاهرة لافتة للنظر: صوّت غالبية الشباب لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا. ويفتخر حزب البديل من أجل ألمانيا بهذا النجاح الكبير. فالحزب يتصدر بسهولة شرائح من تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً وبالمثل بين من تتراوح أعمارهم 25 و34 عاماً، والناخبين الذين تقل أعمارهم عن 60 عاماً.
البديل في المرتبة الثانية في ولاية براندنبورغ
02:24
وفي المقابل اصطف غالبية كبار السن إلى جانب الحزب الاشتراكي الديمقراطي: بين من هم فوق سن السبعين تفوق الحزب الاشتراكي الديمقراطي بوضوح على اليمين المتطرف، حيث حصل على 49 % من مجموع الأصوات مقابل 17 % لحزب البديل من أجل ألمانيا.
خطاب معادٍ للهجرة
وادعى هانس كريستوف بيرندت الذي ترأس جمعية ذات توجهات نازية جديدة قبل أن يصبح زعيماً لحزب البديل من أجل ألمانيا في براندنبورغ أن "هذا التشجيع للشباب يثبت أننا المستقبل". وخلال الحملة الانتخابية تبنى الحزب لهجة عدائية معادية للمهاجرين مع الدعوة إلى ترحيل الملايين.
وقد استهدفت الحركة الشبابية للحزب الشباب على وجه التحديد، ولم تتردد في نشر مقاطع فيديو وأغانٍ عنصرية على شبكات التواصل الاجتماعي.
هذه الرسالة المعادية للهجرة وطالبي اللجوء واللاجئين يحملها كذلك حزب يساري شعبوي جديد هو تحالف سارة فاغنكنيشت الذي حقق هو الأخر نتائج جيدة بين صفوف الشباب.
تيك توك وأخواته
ويُعتبر الفرع الإقليمي لحزب البديل من أجل ألمانيا في براندنبورغ متطرفاً بشكل خاص. وهو يخضع لمراقبة جهاز حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) منذ سنوات. فلماذا يحظى بشعبية كبيرة بين الشباب؟
حسب تقرير حكومي ألماني حول الأطفال والشباب، فإن حزب البديل من أجل ألمانيا يستقطب بشكل خاص الشباب في المناطق الريفية ذات المستويات التعليمية المنخفضة والدخل المنخفض.
وللوصول إليهم فإن حزب البديل من أجل ألمانيا هو الحزب الأكثر حضوراً على شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصةً على موقع تيك توك، حيث يقدم إجابات بسيطة وشعبوية تضليلية للشباب "الضائع" والخائف من المستقبل.
إعلان
البحث عن هوية إقليمية
دفع تفكيك البنى التحتية الاجتماعية، وخيبة الأمل العامة من الأحزاب السياسية، وتوق الشباب لهوية ألمانية شرقية بحتة إلى التصويت لليمين المتطرف.
وفي هذا السياق تبرز حقيقة أن العديد من الناس يغادرون شرق ألمانيا، مما يخلق "إحباطاً بين أولئك الذين بقوا"، كل ذلك في مناخ أصبح فيه خطاب الكراهية وكراهية الأجانب أمراً شائعاً.
ويوضح التقرير الحكومي حول الأطفال والشباب أن الناخبين الشباب الذين يشعرون بأن حزب البديل من أجل ألمانيا يمثلهم سياسياً يرون فيه اعترافاً بهم وفرصة للدفاع عن هويتهم الذاتية وقيمهم.
أعده للعربية: م.أ.م
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)