إيقاف الترحيل بسبب كورونا هل يعني تعليق اتفاقية دبلن؟
٢٨ مارس ٢٠٢٠
يبدو أن أزمة كورونا طالت نظام اللجوء في ألمانيا. فجميع عمليات الترحيل إلى دول الاتحاد الأوروبي، وفقا لاتفاقية دبلن، تم إيقافها على الفور حتى إشعار آخر. سياسيون ألمان يطالبون بوقف الترحيل حتى إلى دول المهاجرين الأصلية!
إعلان
أوقفت وزارة الداخلية الألمانية جميع عمليات الترحيل إلى دول الاتحاد الأوروبي. ولن تستقبل ألمانيا مزيدا من اللاجئين المرحلين إليها من دول أخرى ضمن الاتحاد الأوروبي. هذا ما توصلت إليه تقارير نشرتها مؤسسات إعلامية كقناتي "NDR"و"WDR" بالتعاون مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ".
وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية "قرر وزير الداخلية الاتحادي تعليق ترحيل اللاجئين وفقا لاتفاقية دبلن إلى إشعار أخر" وأضاف المتحدث بالقول "سيتم إبلاغ المفوضية الأوروبية وأعضاء دول الاتحاد الأوروبي بهذا القرار قريبا".
من الناحية العملية أوقف المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (بامف)، المسؤول عن إجراءات اللجوء في ألمانيا، جميع عمليات الترحيل، منذ الأسبوع الماضي. وكان المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين قد أرسل رسالة إلى المحاكم الإدارية، تشير إلى وجود قيود سفر دولية "اتفاقية دبلن لا علاقة لها بهذه القيود، لذلك سيتم تعليق جميع عمليات الترحيل حتى إشعار آخر" وفقا لنص الرسالة التي حصلت الشبكات الإعلامية الألمانية "NDR"و"WDR" و"زود دويشته تسايتونغ" على نسخة منها.
تعليق الترحيل مؤقت!
وأكد المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين (بامف) في رسالته بالقول إن التعليق المؤقت لترحيل المهاجرين، لايعني عدم الالتزام بالاتفاقية، بل إن عمليات الترحيل تم تعليقها مؤقتا.
ومن غير الواضح إن كانت الدول الموقعة على اتفاقية دبلن ستطبق أيضا تعليق وقف الترحيل، أم أنه سيتم تعليق العمل بالاتفاقية مؤقتا، ما يمكن أن يتيح للباحثين عن الحماية تقديم طلب لجوء في في ألمانيا وأن يتم معالجة طلبات لجوئهم في ألمانيا أيضا بغض النظر عن الدولة التابعة للاتحاد الأوروبي التي دخلوا منها إلى ألمانيا.
وتنص اتفاقية دبلن على أنه يحق للدول الموقعة على الاتفاقية، إرجاع طالبي اللجوء إلى الدول الأوروبية الأولى التي دخلوها. وتهدف اتفاقية أخرى خاصة، وقعتها ألمانيا مع اليونان وإسبانيا وإيطاليا والبرتغال إلى تسريع عملية إرجاع طالبي اللجوء وجعلها أكثر فاعلية.
ومنذ (25 فبراير/ شباط) تم تعليق جميع عمليات الترحيل إلى إيطاليا بسبب أزمة كورونا. بينما لم يتم تعليق الترحيل إلى بقية دول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ويذكر أن جدلا سياسيا واسعا حدث في ألمانيا عندما علقت الحكومة الاتحادية تطبيق اتفاقية دبلن في خريف 2015 بسسبب أزمة المهاجرين في المجر. آنذاك اعتبر اللاجئون أن تعليق العمل باتفاقية دبلن بمثابة دعوة لدخول ألمانيا.
"ينبغي تعليق الترحيل حتى إلى دول أخرى"
في عام 2019 تم ترحيل 22.097 مهاجرا من ألمانيا من بينهم 8423 شخصا تم ترحيلهم بموجب اتفاقية دبلن، حسب رد الحكومة الألمانية على طلب إحاطة من الكتلة البرلمانية لحزب اليسار. أما الدول التي تم الترحيل إليها بموجب دبلن فكانت هي إيطاليا وألبانيا وفرنسا وجورجيا وصربيا. بالإضافة إلى أن عمليات الترحيل قد طالت طالبي لجوء قادمين من ألبانيا ونيجيريا وجورجيا.
من جهتها طالبت أوله يلبكه، مسؤولة شؤون السياسة الداخلية في الكتلة البرلمانية للحزب اليسار، إلى جانب منظمة برو أزول المدافعة عن حقوق اللاجئين، بإيقاف عمليات الترحيل "ليس فقط الترحيل بموجب اتفاقية دبلن، بل ينبغي تعليق عمليات الترحيل إلى دول أخرى"، بحسب يلبكه، مشيرة إلى سوء أوضاع الرعاية الصحية في البلدان الأصلية لكثير من المهاجرين.
دالين صلاحية-مهاجر نيوز
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش